بدأ الاهتمام الجدي بأهمية الضحك، كعامل مساعد في التخفيف من الأوجاع وعلاج الأمراض النفسية، في عام 1980، عندما نشر الدكتور نورمان كسنز كتابه «تشريح المرض»، وبين فيه كيف أن مشاهدة أفلام فكاهية، وقراءة مواد وكتب مسلية ساعدتاه في الشفاء من مرض كان يهدد حياته. وقال إنه جعل من الضحك عدة مرات يومياً أمراً مفروغاً منه في حياته. واضاف أن الضحك في ساعات مرضه الخطير كان يخفف من آلامه ويعطيه ساعات نوم عميقة. ونتيجة لتجربته الموثقة قامت مراكز علاجية متخصصة باستخدام الضحك لتخفيف آلام الأمراض، أو للمساعدة في الشفاء منها والتقليل من تناول الأدوية. ولاحظ الأطباء أن العلاج بالفكاهة ساهم بشكل كبير في صرف نظر المرضى عن آلامهم أو أمراضهم، وبالتالي شكاواهم. كما بينت دراسة جادة أخرى أن المرضى الذين اعطوا «جرعة» ضحك، بعد الجراحة أو قبل أخذ علاج مؤلم، كانت آلامهم اقل بكثير مقارنة بأولئك الذين لم يتلقوا جرعة مماثلة. كما بينت دراسة ثالثة أن الفتيات المصابات بدرجة متقدمة من الحروق، واللواتي كن يشاهدن أفلام الكرتون، أثناء تلقي العلاج المؤلم، كانت آلامهم أقل بكثير من مثيلاتهن ممن لم يشاهدن اي أفلام كرتون. وتقول نظرية طبية إن الضحك يخفف الآلام، لأنه يحفز على إفراز مادة الـ endorphin في المخ، والتي تساعدنا في الشعور بالراحة والسرور. وبينت دراسة أخرى نشرت في New England Journal of Medicine المجلة الطبية الرصينة أن %85 من الأمراض البشرية يمكن التخلص منها بما لدى الجسم البشري من طاقة على العلاج، وذلك من خلال بناء موقف إيجابي من الحياة، وهذا يتضمن جرعة منتظمة من الضحك، والذي سيكون له دور فعال في أن يقوم الجسم بما هو مطلوب منه. كما أن الضحك يبعد عنا الأفكار السوداء والقلق والكآبة. وبناء على قول د. وليم فري، من جامعة ستانفورد، فإن دقيقة من الضحك تساوي عشر دقائق في قارب تجديف، وأنه يشبه «الركض من الداخل». كما أن دموع الضحك تقوم بإزالة المخلفات السامة التي عادة ما تتراكم في الجسم نتيجة ما نتعرض له من ضغوط نفسية.
ولو عدنا الى عالمنا المغم لاكتشفنا أن الضحك، خصوصا بصوت عال، غير مستساغ في مجتمعاتنا، وتصرف معيب ويتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا، وهو عكس الوقار، الذي يفضل الكثيرون ان يوصفوا به. والغريب أننا كثيراً ما نتبع الضحك الكثير بالدعاء بأن تنتهي الأمور على خير، فهو في عرف البعض شؤم، وقد يجلب النحس لمن يضحك كثيراً. كما أننا عندما نود وصف شخص ما بالفكه نقول إنه «خفيف طينة»، وربما المقصود أنه «خفيف عقل»!
أحمد الصراف