احمد الصراف

جائزة سموه وجائزتنا

يعتبر سمو الشيخ ناصر المحمد، (74 سنة في ديسمبر المقبل)، من بين الأفضل تعليماً من أبناء الأسرة الكريمة، فقد درس في الكويت وأكمل في بريطانيا، وحصل على دبلوم لغة فرنسية، ونال بكالوريوس السياسة والاقتصاد من جنيف. كما راكم خلال مسيرته خبرات دبلوماسية وإدارية ووزارية متعددة، قبل أن يكلف في بداية 2006 بتشكيل الوزارة. ثم كلف بتشكيل وزارة ثانية في يوليو، وثالثة في مارس 2007 ورابعة في مايو 2008، وخامسة في يناير 2011، وسادسة في مايو، وبعدها بسنة شكّل آخر وزارة قبل أن يستقيل نهائياً! خلال تلك الوزارات تعاقب على حقيبة وزارة التعليم في وزاراته وزراء عدة. وفي الكلمة التي ألقاها سموه في حفل منحه وساماً رفيعاً من جامعة بولونيا، ومن منطلق اعتزازه بوطنه، قال إن الكويت تنفق على التعليم والبحث العلمي %14 من ميزانيتها، وإن تلك النسبة قليلة و«يسعى» إلى زيادتها! ولا أدري ما الذي منع سموه من ذلك خلال فترة هيمنته على كل أمور الحكومة والدولة، ولكن هذه قضية أخرى. ما لم يعرفه أغلبية من استمع إلى كلمة سموه أن ما يصرف على التعليم في الكويت، بالرغم من ضخامته، فإنه لا يعني شيئاً في نهاية الأمر، فأغلبيته يذهب رواتب إلى جيش متعب من المعلمين الذي يفتقد معظمهم أبسط مهارات التعليم في ظل مناهج متخلفة ومترهلة، والشاهد واضح في المخرجات! وبالتالي، فليس مهماً ما يصرف على التعليم، بل أين يصرف وكيف؟ كانت فنلندا، طوال تاريخها، دولة زراعية أوروبية منسية. ولكن اكتشف قادتها قبل 40 عاماً فقط أن مستقبل العالم يكمن في التكنولوجيا، وأن المستقبل يكمن في التحضير لها، وهذا لا يمكن تحقيقه بغير تغيير نمط التعليم. وهكذا قامت بتغيير سياسة التعليم، ورفع شأن المعلم، اجتماعياً ومادياً، ليساوي الطبيب والمحامي، وأصبح المدرسون من ذكور وإناث «يختارون» من العشرة المئة الأفضل من خريجي الجامعات، وفرضت عليهم جميعاً الحصول على درجة الماجستير. وحسّنت مناخ التعليم ووسعت الصفوف، ووضعت في كل فصل ثلاثة مدرسين، وخلال جيل نجحت في خلق شعب متعلم، يتحدث كل فرد فيه لغتين عالميتين على الأقل غير لغته، وأصبح الطالب الفنلندي الأول عالمياً في الرياضيات والعلوم، وتحوّلت فنلندا بفضل مخرجات النظام التعليمي الجديد إلى دولة تكنولوجية من الدرجة الأولى!
في الكويت، علمنا قبل 75 عاماً أننا سنكون دولة نفطية، وحتى اليوم لا يوجد لدينا معهد بترول يستحق الإشادة به، ولا ما يكفي من مهندسين، وحتى فنيون، لإدارة هذا القطاع الذي نعتمد عليه بنسبة %93 في معيشتنا. أما أوضاع مدارسنا، التي قام الوزير المليفي، قبل استقالته، بإلغاء كل المواد العلمية من مناهج مراحلها الابتدائية واستبدلها بمواد دينية، فحدث ولا حرج. فأغلبية مبانيها متهالكة، وصفوفها مكتظة، وتفتقد كل وسائل الترفيه والراحة، وأغلبية مرافقها ليست بالمستوى المطلوب. وبالتالي، ما كان يجب الاعتزاز بما يصرف على التعليم بل بمخرجاته، وهذه معيبة وتفشل.

• ملاحظة:
نبارك للدكتور هلال الساير اختياره رئيساً للهلال الأحمر. ونهنئ الدكتور إبراهيم الرشدان على فوز اختراعه باعتراف الاتحاد الأوروبي.

أحمد الصراف