لا يمكننا أن نتصور ان كل البرلمانات السابقة كانت على خطأ بينما وحدها الحكومة هي التي على حق منذ مجلس الأمة المبطل الأول حيث كانت المعارضة تسيطر على أغلبية مقاعد البرلمان وكانت متعاونة إلى أقصى مدى مع الحكومة بل منسجمة تماما معها ـ حيث كانت الأغلبية توفر الحماية للحكومة وخصوصا رئيسها مقابل تحقيق برنامج عمل الأغلبية الإصلاحي على حد وصفهم. ماذا حدث للأغلبية بعد بضعة اشهر؟ تم ابطال البرلمان وتغير قانون الانتخابات وخسرت الحكومة الأغلبية البرلمانية التي تحولت إلى معارضة شرسة خارج البرلمان بعد مقاطعتها للانتخابات.
جاء المجلس المبطل الثاني بعد الانتخابات الجديدة التي جرت على أساس الصوت الواحد ـ نجحت كتلة شيعية كبيرة مكونة من 17 نائبا بعد مقاطعة أغلب الكتلة السياسية والاجتماعية للانتخابات ـ وكانت الكتلة الشيعية سعيدة بهذا العدد الهائل من النواب، ودعمت الحكومة من أجل بقاء البرلمان مدة طويلة لتحقيق مكاسب للكتلة ـ وكذلك فعل النائب علي الراشد حين دافع عن الحكومة في أضعف حالتها عندما واجه معارضة شعبية هائلة لقانون الصوت الواحد، ماذا فعلت الحكومة بحلفائها الجدد ـ تم حل البرلمان الجديد ايضا بعد بضعة اشهر وتقلصت الكتلة الشيعية بشكل كبير جدا ـ وخسر النائب علي الراشد مقعد رئاسة مجلس الأمة التي كافأته الحكومة فيه مؤقتا.
من الواضح جدا أن الحكومة وبسياساتها المتغيرة جدا ـ سرعان ما تنقلب على حلفائها وبدون أسباب مقنعة، حتى في مجلس الأمة الحالي خسرت الحكومة فيه مجموعة كانت إلى وقت قريب تدافع عنها ـ مثل النائب صفاء الهاشم التي فضلت هي ورهط من النواب الاستقالة من البرلمان وربما يستمر مسلسل الاستقالات النيابية.
ختاما ـ من الصعب جدا على أي حكومة في العالم أن تتحمل نتائج 3 انتخابات برلمانية في عام واحد ـ نتج عنها 3 مجالس مختلفة من حيث التركيبة السياسية ـ مما اظهر الحكومة بتعاملها مع البرلمانات الثلاثة بمظهر المتناقض ـ فلكل برلمان تحالفاته وظروفه ولكل انتخابات ضحاياها ـ كما ان قصر عمر البرلمانات لم يعط مجالا للحكومة لتوطيد علاقاتها مع النواب ـ كل ما سبق أنتج حالة من عدم الاستقرار السياسي بدت فيه الحكومة وكأنها «الشمس» تحرق كل من يقترب منها دون تمييز بين موال او معارض.
الخلاصة: الخطأ ليس من الحكومة الحالية ولا من المعارضة وحتما ليس من الموالاة، فالجميع وضعوا في مأزق لا يستطيعون ان ينجحوا فيه.