فولتير – هو مفكر واديب فرنسي – من اشهر رموز الليبرالية واكثرها جدلا خصوصا آراءه ضد الدين والديموقراطية، وبالتأكيد لن أتحدث هنا – عن فولتير الفرنسي فالجميع يعرفه ـ بل عن نسخته الكويتية المقلدة ـ واقصد بذلك «الليبرالي الكويتي» الذي يسخر دائما من تخلف المحافظين ويحاول جاهدا مصادرة خياراتهم المتمثلة في إلزام انفسهم بمعتقداتهم الدينية ـ وفي المقابل تجد فولتير الكويتي يستميت دفاعا عن الحريات الخاصة كما يفهمها هو ـ ويحاول فرضها على المجتمع ككل.
فولتير الكويتي هو كل شخص يرى وجوب مشاركته في عملية اتخاذ القرار السياسي دون ان يقوم بواجباته المالية اتجاه المجتمع ـ وبخلاف ما هو معمول به في الديموقراطيات الليبرالية حيث يتحكم دافعو الضرائب في القرار السياسي
بإمكان النسخة الليبرالية الكويتية ان تغض النظر عن كل المشاريع ولا تعتبرها هدرا للمال، بينما تعارض وبشدة علاوة ببضعة دنانير للموظفين كزيادة علاوة الأبناء لأنها برأيهم ستأتي بكارثة اقتصادية
الليبرالي الكويتي لا يعرف من مبادئ الليبرالية إلا الشكليات والسلوكيات الشخصية ـ أما الحريات العامة فلا تعني له شيئا ـ لذلك يمكنه ان يتقبل تقليص عدد أصوات الناخبين وبلا جدال، ولا يتقبل منع اقامة حفل غنائي او كتابا مثيرا للجدل.
بالرغم من الأجواء السياسية المشحونة التي مرت بها البلاد ومازالت ـ وطرح اغلب التيارات رؤيتها للاصلاح السياسي بما فيها التيارات الاسلامية ـ يبقى الليبراليون بلا صوت او بصوت خافت جدا عند الحديث عن الاصلاح والديموقراطية.
يبدو ان مشكلة الليبراليين في الكويت تكمن في ان «قادة الليبرال» هم من كبار التجار ـ وبالتأكيد بعض هؤلاء لا يهمهم ان تكون القوانين الجديدة متجهة نحو مزيد من الحريات او العكس ـ بقدر ما ان تكون محملة بمزيد من الاموال الى جيوبهم.
وربما شكل المنبر الديموقراطي الاستثناء الوحيد من القاعدة حيث لاتزال ليبراليتهم نقية ولم تتلوث، وباتوا هم الملاذ الاخير لليبرالية الحقة في الكويت.
ختاما – كان الليبراليون من أمثال الخطيب والربعي والقطامي في اوائل صفوف المطالبين بالمزيد من الحريات وكانوا اكثر السياسيين شراسة في الدفاع عن الدستور ولم يغيبوا أبدا عن اي حراك سياسي كويتي ان لم يقودوه – بينما الجيل الحالي من الليبراليين هم في الصفوف الاخيرة للحراك السياسي هذا ان اهتموا أصلا او حضروا، اخيرا عندما نتحدث عن الليبرالية ليس اعجابا بها، بل مجرد نقد لمن يدعيها.