“>في عام 1993 وقعت 162 دولة على اتفاقية دولية ملزمة تمنع إنتاج، أو تخزين، غاز السارين Sarin القاتل، وغيره من الغازات السامة. كما نصت الاتفاقية على ضرورة قيام الموقعين عليها بالتخلص مما لديهم من مخزونهم مع نهاية عام 2007. ولم توقع بعض الدول، ومنها سوريا وكوريا، على الاتفاقية، ولم تلتزم أخرى بها.
يعتبر غاز السارين من الغازات القاتلة والسامة، وهو مخادع حيث لا لون له ولا رائحة، ويستخدم سائلا كسلاح كيماوي وتأثيره خطير على الأعصاب والجهاز التنفسي، وهو مصنف من أسلحة الدمار الشامل، التي طالب المجتمع الدولي مؤخرا سوريا، وبضغط أميركي، بالتخلص أو التخلي عن مخزونها الهائل منه، بعد أن راجت شكوك قوية بأنها استخدمته ضد المدنيين فيها!
اكتشف علماء ألمان غاز السارين عام 1938 بطريق الصدفة، وكان ذلك أثناء بحثهم عن مادة تستخدم كمبيد حشري قوي، ولكن ألمانيا النازية لم تتح لها فرصة استخدامه، قبل ان تهزم في الحرب العالمية الثانية. ولكنه استخدم أكثر من مرة في سوريا مؤخرا، كما سبق أن قام المجرم العراقي صدام حسين، باستخدامه في مارس 1988 ضد مواطنيه الأكراد العزل في قرية حلبجة، ولقي أكثر من خمسة آلاف بريء حتفهم من جراء ذلك، وعاد ذلك الحقير، بعدها بشهر، لاستخدام ذلك السلاح ضد القوات الإيرانية.
وفي مارس 1995 قامت مجموعة يابانية إرهابية، متشددة دينيا، بخمس هجمات متزامنة على مستخدمي قطارات الأنفاق في طوكيو، مستخدمة غاز السارين السام، ونتج عنها وفاة 13 شخصا وإصابة أكثر من ألف آخرين بإصابات خطيرة عدة. وقد استخدم الإرهابيون حاويات القمامة الصغيرة في محطات الأندركراوند لوضع قنابل الغاز قبل تفجيرها. وقد قامت السلطات اليابانية اثر ذلك، وكنوع من اجراءات الحيطة، بإزالة كل حاويات القمامة الصغيرة تلك من كل الأماكن العامة، وحتى من الشوارع الرئيسية والحمامات العمومية ودور المسرح والسينما، ودفعت الشعب الياباني، النظيف بطبيعته، للتأقلم مع الوضع والعيش من دونها. وهذا ما حصل بالفعل حيث أصبح الجميع تقريبا يحمل اية فضلات من علب البلاستيك أو الورق أو المحارم الورقية أو أية فضلات بسيطة أخرى، يحملها في جيبه أو في حقيبة اليد النسائية، والتخلص منها في البيت أو في اي مكان مناسب ومخصص لهذا الغرض. وعندما وجدت السلطات أن الملايين تأقلموا مع الوضع، وتعايشوا مع مدن لا وجود لسلال الزبالة فيها، قررت عدم إعادة استخدامها، وكان ذلك قبل 20 عاما، وبالتالي أصبحت اليابان الدولة الأكثر ندرة بحاويات القمامة، والأكثر نظافة. أما الوضع عندنا فإننا من الدول التي نجد لديها اكبر كم من الحاويات وسلال الزبالة ومع هذا تجدنا الأقل نظافة، فلا يخلو مكان، وخاصة الحمامات مثلا، من أوساخ وأوراق مرمية على الأرض، وسلال الزبالة قربها خالية، فاغرة فاها!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com