لا أعتقد أن ممثلا خليجيا، أو عربيا، أضحكني، وأغرقني بدموع الفرح، مرات ومرات على مدى نصف قرن من دون توقف، كما فعل الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا. ولا أعتقد أنني حالة استثنائية. فقد ذاع صيت هذا الفنان وأصبح ملازما لاسم الكويت. ولا أنسى صديقي جاك ماكسيان، المليونير الأرمني السوري، الذي يعيش منذ سنوات طويلة في هونغ كونغ، وإلحاحه، كلما قررت زيارته، على أن أجلب له آخر أعمال عبدالحسين، فقد عاش جاك في الكويت، ولا يزال يحن اليها، ولحلوياتها، وخاصة الرهش ومسرحيات عبدالحسين بالذات. ولا أذكر أنني سافرت لدولة والتقيت بمن عرف الكويت أو سمع بها، من لم يستمتع يوما بأعمال هذا الفنان الكبير الذي أمتع أجيالا واجيالا بفنه الرفيع، وبقدرته الفائقة على ارتجال المواقف على المسرح. وبالرغم من كل ما تعرض له من ضغوط وإرهاب وسوء تقدير، بقي عبدالحسين وفيا لفنه، فقد أُرهب فكريا وحورب ماديا، وهددوا حياته وخربوا ممتلكاته، في أكثر من حادثة شهيرة، ولكنه رفض تغيير نهجه وطريقته، لا تزال مسرحياته ومسلسلاته الأشهر في الخليج مثل: درب الزلق، وباي باي لندن، وعزوبي السالمية، وسيف العرب، وفرسان المناخ، وعلى هامان يا فرعون، وعشرات الأعمال الفنية الأخرى، لا تزال رائجة بالرغم من مرور عشرات السنين عليها. كما قام بكتابة عدد من المسلسلات ولحن وألف وغنى للمسرح والتلفزيون. ولكن المؤسف، بعد كل هذه السيرة الطيبة والطويلة التي بدأت، كما أذكر منذ منتصف الستينات، والتي أعطى فيها الكثير، بعمره المديد الذي بلغ الـ75، بقي من دون تكريم حقيقي في وطنه، وبالذات من أولئك الذين طالما «قطع خواصرهم» ضحكا، فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟ وكيف ينسى الوطن تكريم شخص مثله؟ وهل علينا أن ننتظر إلى أن يفوت الأوان لنكرمه بعدها بإطلاق اسمه على سكة سد؟.
أحمد الصراف