بدون مقدمات ومن دون أي تجميل للمفردات، أخاطبك لأنك المسؤول الأول عن وزارة الإعلام الكويتية ومن يدير قطاعات الإعلام ليسوا سوى منفذين لتوجهاتك وأفكارك، وعلى الرغم من أن تلفزيون الكويت الرسمي بقنواته المختلفة لم يعد مشاهداً كما كان في السابق بسبب سياسة من سبقوك في الوزارة واستمرارك بهذه السياسة دون أي تغيير يذكر، فإن ما أقدمت عليه الوزارة عبر تلفزيون دولة الكويت فيما يتعلق بتسويق الاتفاقية الأمنية الخليجية لا أجد مصطلحاً أفضل من وقاحة إعلامية للتعبير عنه. فأن تهيمن حكومة دولة الكويت على وزارة الإعلام لا يعني بأي شكل من الأشكال ألا يقدم هذا التلفزيون سوى الرأي الرسمي للحكومة، فوسيلة إعلامية كتلفزيون الكويت لا يليق بها أبداً اتخاذ أسلوب الرأي الواحد والإعلام الموجه ذي الرسالة الواحدة دون طرح الآراء كافة وتداولها، والمشاهد هو من يتبنى ما يناسبه من تلك الآراء، أما تحويل تلك الوسيلة ذات التاريخ الطويل إلى أداة لا تقدم إلا معلومة واحدة وكأنها صحيح مطلق وبقية الآراء هامشية باطلة لا تستحق تقديمها، فذلك لا يفسر سوى تعمد إهانة الكويت كدولة تميزت بتنوع الآراء وكمؤسسة إعلامية كانت سباقة في تقديم الرأي المعارض للحكومة قبل المؤيد لها منذ نشأة التلفزيون، لأن القائمين على التلفزيون سابقاً كانوا يعلمون جيداً أن إدارة الحكومة للتلفزيون لا تعني هيمنة رأي الحكومة عليه وإلغاء كل مخالف. ما الذي تسعى إليه يا شيخ سلمان بهذا الأسلوب الغريب؟ هل بهذه الطريقة سيتغير مفهومنا عن الاتفاقية الأمنية التعيسة أم بهذا الأسلوب سيقتنع الناس في ظل وسائل الإعلام المتنوعة والأكثر انتشاراً من تلفزيون الكويت؟ من الأفضل لك أن تقوّم رداءة وسائلنا الإعلامية المنضوية تحت لواء الوزارة بدلاً من هذا الأسلوب العقيم المتبع، فهل تعلم يا وزير الإعلام أن تلفزيوننا، الذي تفوق سنوات بثه سنوات عمرك، اعتذر عن نقل الأنشطة الرياضية في شهر فبراير لأنه لا يملك كاميرات وسيارات نقل تلفزيوني كافية لتغطية تلك الأنشطة؟ وهل تعلم عن رداءة الصورة والصوت في قنوات التلفزيون المختلفة؟ وهل تعلم عن أرشيف التلفزيون المسروق من بعض القنوات الخاصة؟ وهل تعلم عن هروب الكفاءات من وزارة الإعلام بسبب المحسوبية؟ وهل تعلم عن مستوى الكثير من مذيعي الوزارة ممن لا يجيدون القراءة أو التعبير أصلاً؟ تلك المهازل التي تحدث في وزارة الإعلام أهم من أسلوب محمد سعيد الصحاف المنتهج في التعاطي مع الاتفاقية الأمنية، والاهتمام بتقديم الأفضل للوزارة من خلال تقديم الأفكار والآراء المتنوعة وتشجيع الإبداع والتفكير بدلاً من الأسلوب السخيف المتبع حالياً. خارج نطاق التغطية: قرارات سريعة دون تعقيد من وزيرة الشؤون تجاه أصحاب المشروعات الصغيرة، فبعيداً عن اللجان الطويلة والتفاصيل المملة اتخذت الوزيرة قراراً يساعد أصحاب المشاريع الصغيرة في رفع جودة مشاريعهم وتسهيل إجراءاتهم، هذا كل ما نحتاجه من الوزراء دون "مط" أو تطويل.
اليوم: 19 فبراير، 2014
المسألة المصرية وخيبة الأمل التاريخية!
مصر أمة عظيمة إلا أنها مصابة بسوء طالع شديد في تاريخها الحديث بشكل لم تتعرض له أمة عريقة أخرى من قبل، ففي عام 1882 التفت افئدة الأمة حول القائد أحمد عرابي وشعار «مصر للمصريين» الا ان الأمر انتهى بكارثة هزيمة التل الكبير التي قامت على خداع عرابي عبر توجيه انظاره للغرب، حيث الاسكندرية، ثم غزوة من الشرق عبر القنال، وهرب القائد الى القاهرة حيث حوكم وتم نفيه، واتهمه المؤرخون بأنه سبب غزو مصر واحتلالها، لذا هاجمه الزعيم مصطفى كامل في خطبه ومقالاته بجريدة «اللواء»، وهجاه شوقي في شعره، وضربه شاب متحمس من الحزب الوطني بعد عودته من المنفى، فدخل داره ولم يخرج حتى وفاته.
***
تولى المسألة الزعيم مصطفى كامل الا انه مات صغيرا، وتلاه الزعيم الوطني الكبير محمد فريد إلا أنه خيب الآمال بهربه من مصر إثر صدور حكم بسجنه لاشهر قليلة، وهو ما قضى على الحزب الوطني الذي يرأسه، وتسلم الراية الزعيم سعد زغلول فقاد الوفد الى باريس حيث بقي هناك لعام ونصف العام دون ان يلتقي احدا ويحقق شيئا من شعاره الشهير «الاستقلال التام او الموت الزؤام» ولم يغادر الحياة الا بعد ان ارسل شتيمة للشعب الذي احبه ورفعه على الاكتاف حين قال جملته الشهيرة.. «ما فيش فايدة»!
***
واستبشر الشعب المصري خيرا بتولي الملك الشاب فاروق الحكم بعد طغيان والده فؤاد، فانتهى الأمر به إلى إدمان القمار وممارسته في نادي السيارات من السادسة مساء حتى السادسة صباحا ثم النوم باقي اليوم حتى انقلب عليه جيشه، كما خاب امل الشعب المصري في الزعيم مصطفى النحاس عندما تولى رئاسة الوزارة تحت رايات الانجليز في حادثة 4 فبراير 42، كما خاب ظنه بحركة الاخوان وزعيمها حسن البنا عندما تحولت للاغتيالات والتفجيرات، ومثل ذلك تأييد زعيم مصر الفتاة الزعيم احمد حسين الذي.. أحرق القاهرة عام 1952.
***
وأتت حركة الجيش المباركة في 23/7/1952 وارتفعت الآمال بالرئيس نجيب وبعده عبدالناصر الا انه تسبب في الهزائم العسكرية الكوارثية والقمع وفتح المعتقلات وتدمير الاقتصاد وفقدان السودان وسورية وغزة وسيناء (مرتين)، وتلاه الرئيس السادات الذي وعد الشعب المصري بكل شيء ولم يعطه شيئا حتى اغتيل، ثم أتى الرئيس حسني مبارك الذي كان مبهرا في سنواته العشر الأولى الا انه استمر وسلم المسؤوليات للبطانة الفاسدة، فانتهى الامر بثورة شعبية غير مسبوقة في 25/1/2011 ارتفعت خلالها الآمال، الا انها وكالعادة خيبت الظنون، فقامت ثورة في 30/6 على من اتى من خلال بوابة الثورة الأولى، وبدأت هذه الأيام الآمال تنتعش بالدستور الجديد والانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.. والله يستر!
***
آخر محطة: عدم ترشح الاخواني أبوالفتوح حركة ذكية يقصد منها التركيز على حمدين صباحي، لعل وعسى يستطيع ان يحقق مفاجأة الفوز على السيسي، وأرى بعكس ما يقال، فكل الاحتمالات مفتوحة!
خراب البوسنة ليس البصرة
“>يقول المثل الصيني، أو العالمي، لا تطعمني سمكة، بل علمني كيف أصطادها!
مرت ثلاثة عقود أو أكثر على بدء الجمعيات، المسماة بالخيرية، وبالذات السعودية والكويتية، بنقل أنشطتها «الخيرية» إلى الخارج. وتزامن هذا النقل مع زيادة أموال شراء الأجر، وتنامي عدد هذه الجمعيات التي نمت كالفطر البري. وقد اختار غالبية مجالس إداراتها العمل الدعوي والخيري في الخارج بحجة قلة من هم بحاجة لمساعداتها داخليا، ووجود حاجة أكبر في الخارج، وبالذات في الدول الإسلامية الفقيرة. ولكن، كما هو معروف، فإن ضعف الرقابة على هذه الأنشطة، أو انعدامها، شجع نفوسا مريضة كثيرة على التلاعب بأموال تلك الجمعيات وتحقيق الملايين لأنفسهم، وسبق أن فضحنا الكثيرين منهم على مدى عشرين عاما. وبالتالي يمكن القول ان السبب الأهم وراء نقل الأنشطة للخارج هو صعوبة المتابعة والتحقق مما تدعي معظم تلك الجمعيات إنجازه، فلا مجال لمعرفة كم بئرا حفرت او كتابا طبعت أو مسجدا بنت! علما بأن غالبية هذه الأنشطة لا معنى ولا مردود حقيقيا فعالا لها على من قدمت لهم، فالمسألة لا تتعلق بحفر بئر، بل بتعليمه بكيفية حفرها وتوزيع مياهها، وتشغيل الآخرين بمشاريعها، ولكن الجماعة لم يهتموا يوما لا ببناء المصانع ولا بتوفير الوظائف والأعمال لملايين العاطلين عن العمل! وبالتالي فإن ما نراه اليوم من اضطراب امني وهيجان شعبي في البوسنة مثلا، هذا غير بقية بؤر الاضطراب الإسلامية الأخرى، سببه فشل هذه الجمعيات المسماة بالخيرية، وضياع ما انفقته وحكوماتها من مئات الملايين في خلق فرص عمل حقيقية، فقد ضاع ما لم يسرق من تلك الأموال!
وبعد وقوع الاضطرابات الأمنية الأخيرة في مدن البوسنة، والتي من المنتظر أن تتسع وتشتعل أكثر، قام دبلوماسي كويتي، سابق، بالاتصال بي ليخبرني أنه قام اثناء عمله بإرسال عشرات التقارير لحكومته يحذرها من زيادة وتيرة قدوم بعض «رجال الجمعيات الدينية» المؤدلجين لدول البلقان، وخطورة أنشطتهم الدعوية، وصرفهم أموالا طائلة على الدعوة لأفكارهم الدينية، بدل مساعدة المسلمين وبناء المشاريع لهم. وقال انه اكتشف أن غالبية من قدم لتلك المنطقة من الخليجيين، كانوا غير مخلصين في عملهم، واستثمر البعض أموال جمعياتهم لمصالحهم الخاصة، ومنها مشروع إسكاني تعرض مؤخرا لانزلاقات ارضية خطيرة. وقال ان تبرعات بناء دور العبادة لن تجدي نفعا، فهي هدر للأموال هناك، ولا تصب في مصلحة غير من قام ببنائها، وان من الأجدى التركيز على المشاريع الصغيرة وخلق فرص عمل لأبناء المسلمين!
ولكن، كالعادة، لا حياة لمن تنادي، فلا الجمعيات تود سماع مثل هذا الكلام المنطقي والتحذير الخطير، ولا الخارجية بقادرة على فرض آرائها على الجمعيات، وبالتالي ستتعرض تلك المنطقة لأخطار جديدة، وستعود الأوضاع فيها لنقطة الصفر، لتبدأ مرحلة نصب واحتيال أخرى.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com