هكذا، بيني وبين نفسي، قرّرت العودة إلى شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2010… لعنك الله يا إبليس! خزاك الله يا شيطان يا رجيم! على أية حال، لعنت الشيطان واطلعت على نماذج من الكلام الذي قيل آنذاك قبل أيام وجيزة من موعد الانتخابات البرلمانية على ألسنة بعض المترشحين، ممن صاروا فيما بعد نواباً، لكن (شلخهم) ما زال يلاحقهم قطعاً.
نضحك على أنفسنا كثيراً حين ننفخ في بالون التحولات الديمقراطية والمؤسسات والقانون والتطور والرفاهية، فهي تأتي من قبيل تجاهل البيانات والإحصائيات والدراسات المحكمة للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ونكتفي بترديد عبارات الإنشاء والنفاق! ويصبح أول من يشيد ويمدح مع شديد الأسف، هو من يفترض فيه أن يكون ممثلاً للشعب فتحوّل بقدرة قادر إلى ممثل للحكومة!
عجبًا! فواحد من أكثر الطائفيين كان يقول في تصريحاته الرنانة آنذاك: «هنالك من يتعمد أن يفرق بين الشعب من الداخل ويحاول أن يقلل من ولائه»، فمثل هذه العبارة الرنانة التي أطلقها ذلك المترشح الذي صار نائباً، ليست سوى للاستهلاك المقزز، لكنكم تعلمون بأن من السهل أن يملأ البعض المكتبات بكتب من تأليفهم أو من تأليف غيرهم… نصوص في نصوص في حبر على ورق، لكنها تخلو تماماً من الصدق والحقيقة. وكم كانت عروض تشغيل بعض «الصحافيين» نشطة ليقوموا بدور البوق لبعض المترشّحين، يكتبون لهم تصريحاتهم وكلماتهم وعباراتهم وبرامجهم وتشليخهم… عادي!
في صفحة من صفحات صحفنا المحلية في ذلك العام، ما بدا وكأنه «ديوان مظالم» لكثرة ما قال بعض المترشحين يومها أنهم لا ولم ولن وليس وما ومهما ولو.. قطعوا رقابهم لن يتخلوا عن حقوق المواطن البحريني في العيش مطمئناً على أمنه ولقمة عيشه وحقوقه مهما كان مذهبه، فيما زبد آخر على ما يبدو وهو يصرخ: «الوطن أمانة.. ودورنا أن نحافظ على الوطن! لا تهمنا المجاملات. لن نكون أداةً في يد الحكومة! الحكومة إن أحسنت سنشكرها وإن أساءت سنستخدم أدواتنا النيابية»! أقول بس استريح.. معظم أوقاتك في البرلمان (سايلنت).
أما آخر فكان في الحقيقة يعبّر عمّا في أنفسنا كمواطنين حين تحدّث عن السعي الحثيث لزيادة الرواتب والأجور والامتيازات. بل وحدّد ثلاث أو أربع فئات من الأسر المعوزة التي تستحق الدعم المالي، وغير ذلك، كان مصراً حينها على ألا يستمر العبث في المال العام وفي الثروات وفي توزيعها العادل. وذلك العادل لم نر منه إلا الغزوات! ولربما كانت له بضع مواقف لا بأس بها فيما مضى من السنين، إلا أنه سوّد صفحته بأدائه النيابي المخجل القائم فقط على التصريحات النارية الفارغة.
ولعل ما فجّره أحدهم يمثل في تاريخ البحرين القديم والحديث تحولاً لم تعرفه أية ديمقراطية في العالم حينما قال أنه سيضرب بيدٍ من حديد على المفسدين والفاسدين، وأهل الفساد وفساد الفساد، وكم أعجب الناس ذلك الكلام لا سيما حين يقول كلامه في الصحافة مرفقةً بصورة (عينه حمراء)… يا ولد.
فاز ودخل المجلس وأصبح يلعلع في غالب لعلعته ضد أية خطوةٍ في صالح المواطن!
وكم كسرت خاطري شعوب موزمبيق وتشاد ودول القرن الأفريقي وأنا أستمع لذلك المترشح الذي تظاهر بعبوسه وحزنه على «معاشات» البحرينيين المثقلين بالأقساط والالتزامات المالية، وكما كان شديداً قوياً حازماً حينما رفع صوته وسبابته (تتتلوح يميناً وشمالاً) معلناً أنه لن يتهاون مع الحكومة، ولا مع أي مسئول يتمتع هو وجماعته فيما المواطن المستحق يضيع في سيل المحسوبيات والفساد وغياب تكافؤ الفرص… يعني صدقني!
لكن الحقيقة، كان أحد المترشحين، وهو الآن يقوم بواجبه في المجلس النيابي، وجدت له تصريحاً مؤرخاً في الثالث من شهر أكتوبر 2011 تحدّث فيه عن أهل الرشا والرشاوي، خصوصاً أولئك الذين يدّعون الفضيلة والشفافية، وهذا ما وجدناه من الرجل ومعه أسماء قليلة من النواب «القلة الصادقة» الموصوفين اليوم بالمشاكسين لا يتجاوزون خمسة أو ستة نواب. يسمّيهم غالبية المواطنين بأنهم: صوت صادق، أما من يزعجه كلامهم فيعتبرهم: (ميانين)… لكن الذي ملأ رؤوس الناس بالتشليخ والكلام السخيف، فهو عندهم: مخلص محب للوطن! فيا جماعة (شلخ..يُشلخ.. تشليخاً)… كل شيء مسجّل عليكم فرداً فرداً، وكلمةً كلمة يا أصحاب السعادة!