“>نشرت جامعة ميتشيغن الأميركية استطلاعا للرأي شمل 7 دول إسلامية، تعلق بطريقة ارتداء النساء لملابسهن، وعرضت خلال الاستطلاع 6 نماذج مختلفة من الحجاب، وطُلب من المشاركين اختيار النموذج الذي يفضلونه. وجاء الاستطلاع في إطار بحث موسع عن العلاقات بين الجنسين والسياسة والتسامح الديني في تلك الدول. وتبين منه أن كل مجتمع يفضل نوعا مختلفا من الحجاب، منها ما يغطي رأس المرأة كاملا، أو يغطي جسدها بكامله، أو يظهر العينين فقط، أو لا يغطي الشعر، وهكذا. وركز الاستطلاع على تونس تحديدا، ولكنه أدرج نتائجه عن البلدان الأخرى. وتضمن التقرير أبحاثا أجريت عن وجهات نظر هذه المجتمعات حيال بعض الموضوعات الساخنة، كالعلاقات بين الجنسين والسياسة والتسامح الديني. وفي ما يخص الحجاب طرح السؤال التالي، مصحوبا بصور الحجابات: أي امرأة من هؤلاء النسوة ترتدي ثوبا مناسبا للتجول في الأماكن العامة؟ وتبين أن معظم من شارك وقع اختيارهم على النموذج الرابع للمرأة التي تغطي شعرها وأذنيها وتكشف وجهها، ولكن السعوديين فضّلوا في معظمهم النموذج الثاني للمرأة التي ترتدي نقابا لا يكشف إلا عن العينين. وطبقا للاستطلاع نفسه، فإن النتائج كانت مطابقة لتقاليد ارتداء الحجاب في تلك الدول. فلبنان مثلا تروج سلطاته الإسلامية الدينية، للحجاب الذي يغطي كامل الرأس عدا الوجه، بينما أغلب المشاركين في الاستطلاع من هذا البلد كانوا يفضلون نموذج المرأة التي لا تغطي شعرها. وكان التونسيون الشعب الأكثر تشجيعا للمرأة على ارتداء ما تشاء من الملابس، مقارنة بتركيا (%52) ولبنان (%49) والسعودية (%47) والعراق (%24) وباكستان (%22) ومصر (%14)، الأمر البالغ الأهمية في ذلك الاستطلاع ونتائجه هو ارتباطه بتوجهات ورؤى مواطني تلك الدول حيال قضايا الحرية والقيم الليبرالية. ففي لبنان وتونس وتركيا، حيث السكان أكثر انفتاحا من البلدان الأربعة الأخرى، نجد أن النموذج المفضل للمرأة هو النموذج الأقل تحفظا، وبالتالي أكثر انفتاحا وإنتاجا وإبداعا أيضا، وهذا يعني أن درجة المرونة تجاه ما ترتديه المرأة يعكس بصورة تلقائية تقدم الدولة وتحضر المجتمع. ولم يكن غريبا بالتالي أن يكون شعب تونس، كما كان تاريخيا، الأفضل بين الدول العربية في تعامله مع المرأة، وأن تتوج ثورة «الربيع العربي» التي بدأت فيها بالدستور التونسي الجديد الذي صدر أخيرا، والذي أكد مدنية الدولة، واستقلال القضاء فيها، وهذا ما لم ينص عليه دستور أي دولة عربية أو إسلامية، وربما تكون الدولة الأخرى تركيا.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com