استمتعت بمشاهدة برنامج «توك شوك» على قناة «اليوم» للمذيع المعارض محمد الوشيحي، وضيفه السياسي المعارض أيضا النائب السابق عبدالرحمن العنجري، والذي كان صريحا جدا خاصة عند تطرقه لموضوع الخلافات العميقة في صفوف المعارضة الكويتية، مما حرضني لكتابة هذا المقال «النصيحة» لمن أحبهم وأختلف معهم، وأقصد «المعارضة الكويتية» بالتأكيد.
بالفعل ـ ربما يعود أكثر الخلاف بين صفوف المعارضة إلى انهم كأشخاص مختلفون فكريا واجتماعيا بدرجة كبيرة جدا ـ حيث ستجد الليبرالي والسلفي، الإخواني والشعبي، وحتى على المستوى العمري لأشخاصهم ستجد الشباب والشيب جنبا إلى جنب ـ وكذلك التوزيع الجغرافي للمعارضة متنوع وممتد من الجهراء غربا إلى الضاحية شرقا ومن الأحمدي جنوبا إلى الصليبخات شمالا.
ربما يعتقد البعض أن هذا التنوع في المعارضة الكويتية صفة محمودة فيها، ويحسب لها لا عليها ـ وهذا بالطبع تصور خطأ، فهذا التجمع الكبير ربما يستطيع أن يسقط حكومات وقد أسقطها بالفعل سابقا، ومن الممكن أن يضغط من جهة الرقابة البرلمانية الصارمة على أعمال الحكومة وقد فعل سابقا ـ ولكن لا يمكن ويستحيل أن يتفق كل هؤلاء على «دستور» جديد.
الخطأ الرئيسي الذي وقعت فيه المعارضة السياسية وبعد أن قاطعت الانتخابات الأخيرة والتي رفضتها لأنها جرت على أساس قانون الصوت الانتخابي الواحد والتي عدل بطريقة غير دستورية كما ترى المعارضة ـ أنها حاولت أن تضع تصورا شاملا للإصلاح السياسي والدستوري وان تصدر ما يسمي بوثيقة «ائتلاف قوى المعارضة»، والتي وعدت أن تصدرها بمنتصف الشهر الماضي ولم تنشرها حتى الآن، ولن تنشرها مستقبلا ـ لأنهم بالحقيقة يختلفون حول أهم الأفكار «إشهار الأحزاب السياسية والحكومة المنتخبة وموقف الشريعة الإسلامية من كل هذه التعديلات».
يجب أن تتخلى المعارضة السياسية عن التفكير بطريقة حل كل المشكلات مرة واحدة وبوثيقة واحدة لأنهم بحقيقة الأمر سيفشلون في ذلك ـ لأنهم في نهاية الأمر مختلفون فكريا وأيديولوجيا.
ومن المفروض أن تقتصر وثيقتهم الإصلاحية على ماهو متفق عليه من الجميع (كتعديل قانون الانتخاب، وإعطاء الثقة للحكومة الجديدة قبل مباشرة أعمالها، طرق حل البرلمان، تسهيل عملية تعديل مواد الدستور، وقانون استقلال القضاء)، فتلك الأفكار يمكن أن تجتمع حولها قوى المعارضة ومن الممكن أن تسوقها وبسهولة في الشارع الكويتي، وبالتأكيد ستكون مدخلا للإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي، أما استمرار المعارضة في مناقشة كل التفاصيل في وثيقة قوى الائتلاف فإنها ستحطم المعارضة أكثر مما هي محطمة، ولا ننسى «أن الشيطان يكمن في التفاصيل»، ختاما ـ أتمنى النجاح لكل جهد إصلاحي وتنموي سواء أتى من الحكومة أو المعارضة ـ فالكويت والكويتيون متعطشون إلى التقدم والازدهار والتنمية.