y>زار صديقي فهد معلولا، مسقط رأسه قبل سنوات، وكانت حينها تحتفل بـ«عيد الصليب»، وكان الجميع، من بشر وكنائس واديرة، مسلمين ومسيحيين، سعداء بالمناسبة، وبزوار المكان من حجاج وفضوليين وسياح عابرين، وكان الوقت جميلا، فصيف معلولا رائع في سبتمبر. ويقول فهد إن معلولا التي تركها جده وأبوه قبل نصف قرن وهاجروا إلى العاصمة، لا تزال أرضها تضم رفات أسرته التي يعود تاريخها لقرون، وأنهم لم يتوقفوا يوما عن زيارتها وقضاء بضعة أسابيع فيها كل عام. ولا تنفرد معلولا فقط بدور عبادتها العريقة، واديرتها وكنائسها التاريخية، ولا بلغتها الفريدة التي يتكلم بها المسلمون والمسيحيون، والتي يعود تاريخها إلى ما قبل المسيح، والتي أخذ منها الممثل الاسترالي (ميل جبسون) لغة فيلمه التاريخي عن المسيح، بل ولما اكتسبته آثارها التاريخية، كدير مار سركيس الذي يعود تاريخه إلى ما قبل 1600 سنة، من أهمية عالمية أيضا. كما أن هناك دير «مار تقلا» الذي ترعى زواره، منذ عقود، مجموعة من الراهبات. هذه المعلولا بآثارها وتاريخها الذي يمتد لثلاثة آلاف سنة، وكل جميل ومسالم فيها، دخلها أخيرا، للمرة الثانية، مقاتلو «جبهة النصرة» المختلطو الأعراق والجنسيات، فقتلوا من وجدوه أمامهم من سكانها، وشردوا البقية، ولم يبق فيها إلا الذين لم يستطيعوا الخروج لسبب أو آخر، بعد أن اصبحت أديرتها وكنائسها، وحتى مساجدها وآثارها التاريخية مستباحة، حتى مطارنتها وكهنتها لم يسلموا من الخطف والاغتيال. كما تعرضت أغلى مقدساتها للهدم، وما بقي منها تدنس بأحذية المقاتلين القذرة، وكان بإمكان أولئك الجهلة، وبما يدعونه من اتباع وتطبيق للعقد العمري، تحقيق الكثير من خلال الحفاظ على تراث معلولا الإنساني، ولكن هل يعرف هؤلاء حقا ما تعنيه كلمتا «تراث وإنساني»؟ فهم أتوا للتخريب والكسر والحرق لكل ما يمت للتاريخ والحضارة والإنسانية بصلة، غير مكترثين لتوسلات كبار الكنيسة وبابا الفاتيكان ومناشدات اليونيسكو، وقضوا على كل جميل فيها. ويقول فهد انه يود بالفعل أن يعرف ما جناه أو يجنيه هؤلاء الإرهابيون من أعمالهم هذه؟ وهل ستنتهي مشاكلنا بحرق دور عبادة المسيحيين في هذه الدولة أو تلك؟ وهل سيشفي هذا غليلهم؟ وماذا جنى الدين، اي دين، من القضاء على سكان قرية مسالمة لم يعرف عنهم يوما أنهم أجرموا بحق أحد، ولا تمثل مدينتهم أية اهمية استراتيجية، غير كونها رمزا لدين ربما لا يودون له وجودا بينهم!
ملاحظة: بدأت فرق تفتيش وكالة الطاقة الدولية بتفكيك أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في إيران! وبذلك ضاعت مليارات الدولارات التي صرفت على هذا المشروع، من قوت الشعب الإيراني. ولا يزال المسؤول في منصبه!
أحمد الصراف
www.kalamanas.com