محمد الوشيحي

همتكم… بارك الله فيكم!

أيها المسلمون لا تفرحوا، فالمهمة مازالت لم تُنجز بعد. صحيح أننا أنجزنا جزءاً بسيطاً منها بنجاح، لكن مازال على الطاولة بقية، ومازلنا نعمل بكل طاقتنا… انتهينا من نيلسون مانديلا، والحمد لله، واتفقنا أنه نصراني هالك كافر لا يستحق الترحم عليه، وقبله المهاتما غاندي الذي أغلقنا ملفه بأنه هندوسي هالك كافر، والترحم عليه يقوي شوكة الهندوس الهنود ويكسر شوكة المسلمين الهنود. واليوم سنفتح ملف إيزاك نيوتن، أو إسحق نيوتن كما يسميه العرب، وكارير مخترع التكييف، وغراهام بيل مخترع التلفون، وأديسون مخترع الكهرباء، ومخترع البنسلين، ومخترع التخدير الطبي، ومخترع أو مخترعي الطيران، ومخترع التلفزيون، ومخترع الكمبيوتر، ومخترع الفاكس، ومخترع الإنترنت، وعراب شركة "آبل" ستيف جوبز، ومنافسه في مايكروسوفت بيل غيتس، ووو…
ولو رجعنا بالذاكرة لاكتشفنا أننا والحمد لله سبق أن أغلقنا ملف ستيف جوبز، يوم وفاته، عندما انشغل الناس بالبكاء عليه، فقررنا أنه مرتد هالك، ولم ننخدع بإنجازاته، لكننا لم نفتح ملف غريمه بيل غيتس، غفر الله لنا، شغلتنا الحياة وكدنا ننسى، وعسى ألا يخدعنا بجمعيته الخيرية الأكبر على مستوى العالم، وملياراته التي تبرع بها لفقراء إفريقيا والعالم، فقد يكون منافقاً يوهمنا بصلاحه رغم كفره، عليه من اللعنات ما يعادل ثروته ويزيد… أرجو أن نتباحث في أمره.
وكي لا تتكدس أمامنا الملفات، تعالوا نقسّمها ونبوّبها، فنفتح أولاً "ملف السياسيين والثوار"، وبعد أن ننتهي منه نفتح "ملف المخترعين"، ونقسّمه على هيئة أبواب لكبر حجمه، "باب الطب" و"باب المواصلات" و"باب الأجهزة المنزلية"، ووو، وبعد إنجاز هذا الملف كاملاً نفتح "ملف علماء الملاحة"، وهكذا…
على أنه من المهم التأكيد هنا، أن مَن يثبت كفره يجب ألا نترحم عليه ولا نستخدم اختراعاته، بل نستخدم ما كان يستخدمه سلفنا الصالح، فإذا ثبت كفر السيد كارير فسنلعنه ونستغني عن التكييف، ونعود إلى "المهفة"، أو نبلل شراشفنا بالماء البارد، وإذا ثبت كفر مخترع الثلاجة، فسنلعن أسلافه ونستغني عن ثلاجته، وإذا ثبت كفر مخترع التخدير الطبي، فإلى جهنم هو واختراعاته، سيفتح الأطباء بطوننا بلا تخدير، وأجرنا على الله، وإذا ثبت كفر مخترع الطائرات المقاتلة والصواريخ والقنابل والزوارق الحربية ووو، فسنلعنهم ونحارب أعداءنا بالسيوف الهندية الصقيلة، وهي سيوف "تداوي رأس من يشكو الصداعا" كما قال الهالك عنترة العبسي.
تعالوا نفتح الملفات واحداً تلو الآخر، ولنبدأ بالأسهل "ملف السياسيين والثوار"، فهؤلاء لا اختراعات لهم ولا يحزنون… قلنا إن مانديلا نصراني كافر، وغاندي هندوسي كافر ملعون صلايب، والآن ماذا عن تشي غيفارا؟… همتكم معنا يا معشر المسلمين بارك الله فيكم.

احمد الصراف

نحن والقرود الخمسة

سبق أن تطرقت لتجربة عالم من خمسة قرود، وأعود للكتابة عنها مرة أخرى، لعلاقتها بتفسير الكثير من الأحداث التي نعيشها، والسبب وراء كل هذا الجنون حولنا!
وضع عالم خمسة قرود في قفص، وعلّق موزاً من سقفه، ووضع سلّماً في وسط القفص، وما ان قام أكبرهم بمحاولة تسلّق السلّم للوصول إلى الموز، حتى قام برش بقية القردة بماء بارد جداً! بعد فترة حاول قرد آخر الوصول إلى الموز فتكرر رش البقية بالماء البارد، وعندما حاول ثالث القيام بالأمر ذاته رش العالم البقية بالماء البارد، وهنا تولّد لديهم شعور بأن أي محاولة للوصول إلى الموز تعني عقاب الآخرين، وما ان حاول القرد الرابع تسلّق السلّم للوصول إلى الموز حتى منعه الآخرون وضربوه! وبقي الموز في مكانه! قام العالم بعدها باستبدال احد القردة بآخر جديد، فقام هذا من فوره بمحاولة تسلّق السلّم للوصول إلى الموز، فمنعته القردة من ذلك وأوسعته ضربا! قبل المسكين بمصيره دون أن يعرف السبب، بعدها قام العالم بإخراج قرد قديم وأدخل آخر جديدا مكانه، فقام هذا بمحاولة تسلّق السلّم، وهنا قام القرد الأول الجديد، بمشاركة الثلاثة الآخرين في إنزال القرد الجديد الثاني ومنعه من الوصول إلى الموز، علما بأنه لم يكن حاضرا عملية رش البقية بالماء البارد، ولكنه افترض أن صعود السلّم أمر مضرّ، فشارك في الضرب! ثم قام العالم باستبدال قرد ثالث قديم بثالث جديد، وحاول هذا بدوره الوصول إلى الموز، فقام البقية، وبينهم الاثنان الجديدان والجاهلان بقصة الرش، بمهمة ضرب القرد الثالث الجديد ومنعه من الوصول إلى الموز، وذات الشيء حدث مع القرد الخامس الجديد الذي حل محل الخامس الاخير، بحيث اصبحت القردة جميعها جاهلة بتجربة الرش، ولكنها أصبحت، وكأنها توارثت عادات ما قبلها، مقتنعة بترك الموز في مكانه، ولم تشغل بالها بمعرفة السبب، وأصبحت تتصرف كما تصرف من كان قبلها، وفعلت ما فعله الأولون! وهكذا تتم عملية خلق أمة تقوم بأداء أمور دون أن تعرف السبب وراءها!
ولا ننسى هنا تجربة حقيقية أخرى عن سيدة أميركية وضعت قطعة لحم (روستو) في الفرن بعد أن قصّت أطرافها، فسألها زوجها عن السبب، فقالت إنها تقوم بما كانت تقوم به أمها، ولعدم اقتناع الزوج بما قالت قام بالاتصال بأمها لسؤالها عن سبب قص أطراف الروستو فقالت إن أمها، أي جدة زوجته، كانت تفعل ذلك! فاتصل بالجدة لسؤالها، فقالت إنها كانت تقوم بذلك لأن فرنها كان صغيرا، ولم يكن يسع قطعة الروستو دون قص أطرافها!
وهكذا نرث جميعا عادات وتقاليد ونتبعها دون سؤال عن الحكمة من ورائها! وعلى ضوء ذلك يمكن تفسير ما يجري في سوريا والعراق وغيرهما، فغالبية الأطراف تقتل بعضها بعضا لأسباب لم يكونوا أصلا طرفا فيها، ولا يعلمون خلفياتها.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

«الاتجاه غلط»

نتجه دوماً إلى السياسة لحل مشاكلنا المجتمعية، التعليم سيئ نحاسب الوزير سياسياً، القطاع الصحي متدهور نهدد ونتوعد الوزير، الإسكان أزمة نسن قوانين إضافية للإسكان، وهلم جرا على بقية المجالات وقطاعات الدولة. قد تساهم السياسة في حل بعض المشاكل أو تحريك المياه الراكدة في قطاعات مهمة بالدولة، كما أسهمت سابقا بذلك بقوانين مفيدة أو رقابة حقيقية تهدف إلى إصلاح الوضع، لكن هل السياسة فعلاً هي ما يحل مشاكلنا؟ نشرت الزميلة "القبس" في عددها الصادر أمس الثلاثاء خبراً عن منع عرض موسيقي في كلية العلوم الاجتماعية، وقد جاء هذا المنع على يد جمعية العلوم الاجتماعية، وهي  لمن لا يعلم مؤسسة طلابية ينتخبها طلبة الكلية كل سنة لتمثيلهم، ويتولى قيادتها في هذا العام القائمة الائتلافية (الإخوان المسلمون)، بمعنى أن أغلبية طلبة كلية العلوم الاجتماعية وعبر ممثلهم المنتخب منعوا عرضا موسيقيا لأنه يخالف اعتقادهم، كما اشترط النادي السياسي، التابع للاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع الجامعة (إخوان مسلمون)، وجود محرم للطالبات من أجل قبولهن في رحلة ثقافية طلابية لزيارة مبنى الاتحاد الأوروبي في بلجيكا، وهو أيضا اتحاد منتخب من الطلبة الكويتيين بالجامعة. الحالة السابقة ليست حالة سياسية بل هي عبارة عن فكر مجتمع تنتخب أغلبية أبنائه من يشجع على سيطرة الرأي الواحد ومحاربة أي فكرة تخالفه، بل يحاول أيضا فرض رأيه على بقية الأفكار قسراً، وهنا مربط الفرس، فلنفترض مثلا أن ساستنا اليوم تمكنوا من إقرار أمور تنموية تغير الوضع القائم فأنشؤوا مدنا جديدة وبنوا مطاراً جديداً، ووفروا المستشفيات والمدارس والجامعات والطرق بشكل أفضل، بمعنى أوضح تمكنوا من تحقيق كل ما يرغب به الشعب تنموياً من خلال القرار السياسي، فهل ستزيل هذه التنمية المرجوة التخلف والرجعية في المجتمع؟ هل سيسمح للعرض الموسيقي إن كان في جامعة جديدة على أعلى طراز؟ هل سيتراجع الناس عن السعي إلى فرض الرأي والاعتقاد الواحد على البقية إن أنشئت مدن جديدة أو كان لدينا مستشفيات أكثر؟ طبعا إن هذا الأمر لن يتغير بتغير المباني والمنشآت بل هو بحاجة إلى عقول أفضل. لذلك فأنا أعتقد أننا عند التركيز على السياسة دون غيرها فإننا قطعا نسير باتجاه خطأ لا فائدة منه دون مجتمع واعٍ وعاقل، وهو ما لا نعمل لتحقيقه أبدا للأسف إلا بمحاولات أقل من محدودة، لابد من ترتيب مشاعرنا وغضبنا وسخطنا بشكل أفضل فيكون منع كتاب أو دخول رأي إلى الكويت أشد وطأة وألما على نفوسنا من تصريح وزير أو مرسوم، وأن يكون إسكات الرأي المخالف لآرائنا أشد قسوة علينا من قضية مال عام، هذا هو الاتجاه الصحيح الذي يتوجب علينا التركيز عليه؛ بناء المجتمع قبل المنشآت فالعقل القويم قطعا سيحقق البناء، أما المنشآت فلن تحقق عقلا قويما أبدا.

سامي النصف

ليس بالطائرات وحدها تحيا الشركات!

نبدأ بتعليق طريف أرسله لي أحد الكباتن المخضرمين بعد انتشار صورة طائرة خليجية لم تستطع النزول في احد المطارات الأوروبية فتحولت إلى مطار آخر، حيث تساءل الزميل بسخرية بالغة: هل يتصور احد قط ان يقوم وزير المواصلات الخليجي المعني بايقاف الطيار ورئيس شركة طيرانهم دون معرفة شروط الهبوط الآمن للطائرات؟! كوميديا سوداء أخرى تحدث في بلدنا تفقد كثيرين الأمل في الإصلاح أو الوصول إلى ما وصل اليه الأشقاء الخليجيون من تطور وتقدم قائم على الشفافية ودعم أهل الاختصاص والمعرفة.

***

يقول د.أحمد زويل العالم المصري الشهير والحائز جائزة نوبل، ان الفارق بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة ان في الأولى يتم دعم الفاشل حتى ينجح، أما في الثانية فتتم محاربة الناجح حتى يفشل، ويرى كثيرون أن هذه الظاهرة ومعها ظاهرة مكافحة الكفاءة والأمانة متفشيتان حتى النخاع في البلد، وهما للعلم من أهم أسباب فكرة الهجرة المتفشية بين المخلصين والمحبين للكويت.

***

علينا أن نتذكر ان «الكويتية» هي تجربة الخصخصة الأولى في البلد التي يرقبها العالم اجمع وكان الواجب ان تدعم التجربة ـ لا ان تحارب ـ منذ اللحظة الأولى لاعلانها من كل المستويات بالدولة، وان يطعم مجلس ادارتها قبل عام بأفضل شخصيات اقتصادية وقانونية ومختصة بشؤون الطيران بالكويت، ويضاف لهم خبرات اجنبية ومحلية في الجهاز التنفيذي قادرة على منافسة كبرى شركات الطيران في العالم والتي تقع على مسافة دقائق قليلة من الكويت ضمن عالم الاجواء والمنافسة المفتوحة، لذا نقول ان الطائرات الحديثة هي جزء من الحل وليست كل الحل، فكل كرسي خال هو عدو لدود لنجاح اي شركة طيران.

***

آخر محطة: (1) بعد التجربة المرّة الأخيرة التي سنكتشف لاحقا انها قتلت فرصة خصخصة «الكويتية» بعد استحالة تحولها للربحية نظرا للتدخل السافر في قراراتها وتحميلها مليارات الدولارات دون داع، على الدولة ان تسارع بنقل تبعية «الكويتية» للهيئات الاقتصادية المختصة.

(2) للعلم طائرات «ايرباص A350» و«ايرباص A320 Neo» ربما هي أفضل طائرات تعاقدت عليها «الكويتية» في تاريخها الطويل الممتد الى عام 1954 حيث انها تقنيات مستقبلية غير متوافرة في الاسواق حاليا بينما اعتادت «الكويتية» ان تشتري طائرات موجودة بالأسواق منذ زمن طويل، كما انها نوعان فقط كبير وصغير ومن مصنع واحد ما يوفر الكثير من نفقات التشغيل وقطع الغيار بينما كان الأمر المعتاد هو شراء طائرات متعددة الأنواع من مصانع مختلفة.

 

 

 

 

احمد الصراف

العزيز المريض

ما الذي تشعر به عندما تجد نفسك واقفا أمام فراش عزيز كريم، وتراه شبه غائب عن الوعي، يشكو من المرض، وليس بإمكانك فعل شيء، ولا من يقدم له العلاج، بعد أن تقاعس الأطباء واختفت الأدوية؟ ويزداد حزنك مع استفحال المرض، واضمحلال جسد العزيز، واستمرار غياب من يسمع شكواك! لا شك انه موقف مؤلم، وخاصة عندما يكون ذلك العزيز وطنا كالكويت التي أعطتنا كل شيء، فرددنا لها المعروف بنتف ريشها وكسر اقدامها وقلع عينيها وخلع اكتافها ونهش لحمها، لنبيعها بثمن بخس! لا أدري كيف يمكن أن تتحول نسبة كبيرة ومتزايدة من كبار مسؤولي الدولة وصغارهم، وبعض مشرعينا ومتنفذينا، الذين كانوا، حتى الأمس القريب، مثال الأمانة والطيبة والصدق وعفة اليد واللسان، لمجموعة من الراشين والمرتشين؟ وكيف أصبحت الكويت، ونقصد هنا شعبها، على رأس قائمة الدول الأكثر فسادا، منافسين شعوب الهند ومصر والفلبين وبنغلادش ولبنان ونيجيريا وبقية «الأرطة» على المكانة؟ وكيف أصبحت دول قليلة الإمكانات، كثيرة المسؤوليات كالأردن وناميبيا وغانا، أفضل منا، وأقل فسادا؟ وهل هناك كارثة أخلاقية أكبر من هذه؟ وما المستوى الذي سننحدر له عندما تحزم حكومتنا «الرشيدة» أمرها وترسي ما تخطط لتنفيذه من مشاريع بمليارات الدولارات؟ وقتها كيف سنرد على تساؤلات من تبقى بيننا من أصحاب الضمائر الحية والشرفاء عن كيفية التصرف حيال هذا الوضع؟ ومتى ستنهار مقاومتهم، ويلحقون بركب الفسدة والمفسدين؟ وما سبب سكوت أغلب «الكبار» عن كل قصص الفساد، في الوقت الذي ربما يعرف رواد ديوانيات كثيرة ومسؤولو ديوان المحاسبة، وجميع أصحاب المكاتب الاستشارية وأعضاء لجان المناقصات، أسماء من يقف وراء تلك القصص؟ فإن عرف هؤلاء فإن الجهة المعنية أكثر من غيرها بالأمر تعرف أيضا، فلم لا تقوم بفعل شيء؟ ماذا ينقص الكويت لتكون أفضل من غيرها؟ ولماذا أصبح من الصعب أن نجد اليوم مواطنا نظيفا يقبل بترسية عقد توريد أو توقيع مقاولة، أو الإشراف على تنفيذ هذا العقد أو ذلك المشروع، أو تمرير تلك المعاملة أو تأخير إنجازها، دون أن يفكر بمد يده ليقبض من هنا وهناك؟ هل المواطنون فقراء؟ هل يفتقدون الدواء لأمهاتهم، والمدارس لأبنائهم؟ أم أنهم بحاجة لمياه وكهرباء؟
الجواب طبعا «لا» كبيرة جدا، فالسبب لا يعود، كما هي الحال في الدول الفاسدة، للفقر والبيروقراطية المتخلفة وغياب الحريات وفقدان ضروريات الحياة، بل لأن الصغير أصبح يقتدي بالكبير، والكبير بمن هو أكبر منه، وهناك دائما من يرشي ومن يرتشي، فلا عقاب ولا حساب، بحيث اصبحت غالبية مرافق الدولة، المتصلة بالجمهور، أو التي لها ميزانيات كبيرة، كالبلدية والاشغال والصحة والتربية وأقسام الداخلية والشؤون والبيئة والإطفاء والإسكان والموانئ، مراتع فساد شهيرة!
فهل من علاج؟ لا أعتقد، فقد فات الوقت وأصبح المريض في حالة احتضار!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

اللعب ضد ميسي بلا مدافعين!

أشهر نظرية في الصحافة تقول "من الغباء أن تكتب عن كلبٍ عض إنساناً، فليس في هذا الخبر جديد ولا غريب، الغريب والجديد عندما يعض الإنسان كلباً. هذا هو الخبر. هذا هو المانشيت"، وأشهر نظرية عند الكاتبجي الوشيحي تقول: "من الغباء أن تكتب عن تراجع الكويت، فليس هنا جديد ولا غريب. الغريب والجديد الذي لا يمكن تصديقه هو: الكويت تتقدم".
وعندما نقرأ تقرير مؤشر مدركات الفساد، فنحن لا نبحث عن تقدم الكويت، لا يا عزيزي، نحن نبحث عن ترتيب الكويت مقارنة بترتيب جيبوتي والصومال وبقية الدول التي تنام بلا عشاء. نحن كالطالب الواثق من رسوبه، لكنه يقرأ لوحة النتائج ليعرف كم مادة دراسية رسب فيها. وهل تفوق على ابن عمه الغبي، أم تفوق ابن عمه عليه. 
لكن هذا لا يعني أننا لا نتفوق في أيٍ من المجالات، لا، الحق يقال، نحن نتفوق، أو بالأصح، حكومتنا تتفوق على نظيراتها بالتصريحات والشعارات والوعود التي تُحرج اليابان والدول الصناعية الكبرى! نحن نتفوق بالكذب، نتفوق بالحسد، نتفوق بالتشرذم والفرقة، نتفوق بالقرف الشامل، سيداتي سادتي.
واليوم تنتشر الحملات التبشيرية بـ"الإعفاء من الرقابة المسبقة"، وعلي اليمين أن تهوي الكويت، لو تم هذا الأمر، إلى أسفل سافلين وأقعر قاعرين، فيتفوق علينا العراق، الذي يحتاج إلى شركات تنقيب للبحث عن مركزه وترتيبه في مؤشر مدركات الفساد.
كل هذه الأذرع الرقابية ومع ذا استطاع الفساد التلاعب بالمدافعين بسهولة، كما يفعل الأرجنتيني ميسي بدفاع الخصوم، وتأتي الآن لتطلب إلغاء الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة؟ أي أن تلعب ضد ميسي بلا مدافعين وتتوقع الفوز! يا حبيبي يا ابني.
سامي النصف

بين توقيع وتوقيع الفارق مليار!

أمران مهمان ارتبطا بصفقة تحديث أسطول الكويتية أولهما توفيرنا للأموال العامة عبر خفض عدد الطائرات من 35 طائرة كما هو مقترح من المصنعين إلى 25 طائرة كرقم مبدئي مرتبط بالأمر الثاني وهو عدم التوقيع إلا بعد انتهاء خطة عمل شركة «الاياتا» وعرضها على مجلس الإدارة والأهم على الهيئة العامة للاستثمار لأخذ موافقتها كونها الممول للصفقة.

***

وقد انتظرنا لخمسة أشهر كي تنتهي خطة العمل (BUSINESS PLAN) التي أظهرت الحاجة لـ 22 (لا 25 طائرة) كبيرة ومتوسطة و10 طائرات صغيرة كندية أو برازيلية كي يمكن للخطة أن تنجح وتتحول «الكويتية» للربحية خلال السنوات القادمة ومن ثم على الجمعية العمومية للشركة إما القبول بـ 22 طائرة أو أقل ومن ثم تحويل ثمن الطائرات الثلاث لشراء 10 طائرات صغيرة وهي للعلم تكفي وتزيد.

***

العجيب أنه إذا كان المختصون في مجلس الإدارة قد انتظروا 5 أشهر دون توقيع انتظارا لخطة العمل، فإن غير المختصين سارعوا بالتوقيع على عجل قبل مناقشة خطة العمل مع الجهات المعنية المتكفلة بالصرف على عملية تحديث أسطول الكويتية، وما لا يقل عن ذلك أهمية انهم لم يفصحوا عن أسباب إلغاء صفقة الطائرات الخمس والبدائل المتاحة وكلفتها وأصحابها حيث لا يمكن لمشروع خصخصة الكويتية أن ينجح وأن تتحول للربحية لتشجيع دخول المستثمرين إذا ما تمت إضافة مليار دولار ثمن إيجار جديد.

***

آخر محطة: (1): الساعة العاشرة مساء اليوم سأكون ضيفا على قناة الوطن بلس للحديث حول ما يجري وتأثيره المدمر على مستقبل «الكويتية» المملوكة للشعب الكويتي وأدعو وزير المواصلات ليكون الطرف الثاني في اللقاء، ومن يعتقد أنه على حق لا يخشى مواجهة أحد.

(2) كيف لمن قال إنه سيأخذ صفقة تحديث أسطول الكويتية إلى الجهات الرقابية ودراسة الجدوى الاقتصادية أن يصدر خلال يومين أمرا بالشراء؟ فهل تمت كل تلك الأمور التي اشترطها خلال يومين أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

(3) «الكويتية» شركة الطيران الوحيدة في العالم التي لا تشتري ولا تؤجر إلا جديدا رغم الكلفة الباهظة؟ وكيف لمستثمر أن يدخل لشركة تُفرض عليها قرارات انفعالية كلفتها مئات الملايين من غير المختصين؟!

 

 

 

 

حسن العيسى

نقطة فرح مضيئة

لم أقرأ حتى الآن أسباب حكم البراءة في قضية "دخول" المجلس للسبعين مواطناً المتهمين، ومن بينهم بعض الرموز من نواب سابقين. استعملت كلمة "دخول" المجلس كما يستعملها كل مؤيدي البراءة، وهي تعني رفضاً لمفردة "اقتحام" بمعنى استعمال العنف والقوة المادية. وذلك اللفظ "العنفي" درج على تكراره معظم جم اعات حزب السلطة التي ثارت ثائرتها وحميتها على حكم القانون حين صورت عبر وسائل الإعلام أن ما حدث يعد انتهاكاً صارخاً لحكم القانون تمثل في الاعتداء على مرفق عام، وشغب شعبوي لا يصح أن يحدث في دولة يحكمها دستور وقانون، وبهذا يضحي مبنى المجلس، عند تلك الجماعة، من المقدسات التي لا يصح المساس بها، لكنّ ما بجوف ذلك المجلس من "نواب" (إن صحت التسمية) يصح تبديلهم وتغييرهم وربما "قلعهم" بما يلائم مصلحة السلطة المتطابقة مع مصالحهم الشخصية. 
بهذا يصبح هؤلاء فقهاء الحق في أثينا الكويت ودعاة حكم القانون، وكأنهم أبناء سقراط حين تجرع السم رافضاً مخالفة حكمه الجائر، بينما في الحقيقة هم آخر من يكترث لحكم القانون حين يتحول الحديث إلى معنى الشرعية الدستورية، والعطلة الدائمة لقوانين محاربة الفساد بشقيها السياسي والمالي.
قضية دخول المجلس في نوفمبر 2011 تعد معلماً لحركة وقتية متألقة لوعي شعبي استطاع في ذلك الوقت أن يفرض رؤيته على السلطة الحاكمة في لحظة ما، إثر قضية الإيداعات المليونية التي صبت في جيوب بعض نواب مجلس الأمة في ذلك الزمن، وتم بعدها تغيير الحكومة ورئيس الوزراء، لكن واقعة "الدخول" لم تنتهِ فصولها، ولم يكتمل مشوار الإصلاح والرفض الشعبي لجمود وفساد الوضع السياسي في الدولة، وسرعان ما جاءت ردود الفعل العنيفة من السلطة، والتي تمثلت في ملاحقات أمنية وقضائية لكثير من المعارضين، ورافقتها جهود حثيثة للانتقام للكرامات السلطوية وهيبتها المزعومة عبر نهج العصا والجزرة، وتم الثأر السلطوي للكرامات المشيخية، وانتهت الأمور في ما بعد بانتكاسة ما يسمى مرسوم الصوت الواحد، وتشتتت في المقابل كتل المعارضة السياسية لضعف متمثل في تركيبتها الذاتية وعجزها عن استقطاب جماعات عديدة من المجتمع خشيت وتشككت من الطرح القبلي- الطائفي المغالي في محافظته وتزمته، وهو ما تمثل في طرحها عدداً من مشاريع القوانين آنذاك.
حكم البراءة الأخير نقطة مضيئة في التاريخ الكويتي، ويبقى مشوار الإصلاح طويلاً وشاقاً، ومازال في بداياته ينهض ويكبو، فلننتظر…
احمد الصراف

متخلِّفون.. حتى في لغة الإشارة!

شاهدت فيلماً هندياً قصيراً يقوم فيه أب بتسليم ابنته البكماء هدية عيد ميلادها، وتبين لها عند فتح العلبة أن بها هاتفاً نقالا! نظرت الفتاة الى أبيها بحزن وكأنها تعاتبه، فكيف لم يفكر في إعاقتها؟! ولكن الأب أعطاها إشارة تعني أنه ليس من أرسل الهدية! ما هي إلا لحظات حتى بدأ ذلك الهاتف الذكي بالاهتزاز، فرفعته الفتاة، ونظرت الى شاشته فإذا بصورة حبيبها، الذي لديه إعاقتها نفسها، يخاطبها بلغة الإشارة ليخبرها بأنه الذي أرسل الهدية، وأن بإمكانهما الآن التحدث مع بعضهما، عن بُعد، عن طريقه! وهذه من «ن.عم» التكنولوجيا علينا!
كنت أظن، قبل مشاهدة هذا الفيلم المؤثر، أن لغة الإشارة عالمية، ولكن تبين من ملاحظة صديق أن صفة عالمية غير دقيقة إلا في بعض الإشارات! فلكل دولة – وربما مجتمع – إشاراته الخاصة التي عادة ما تكون ترجمة لحروف لغة تلك الدولة أو المجتمع، وبالتالي ليس غريبا أن نجد تقدم الدول الغربية في هذا المجال أكثر من غيرها، خاصة تلك الناطقة باللغة الإنكليزية، التي تشترك جميعها تقريبا في لغة إشارة واحدة. كما أن هناك قواميس تترجم الإشارات من لغة الى أخرى، إضافة الى جداول توضيحية لشرح لغة الجسد وبقية إشارات الأيدي.
وبالبحث أكثر، تبين أن تاريخ توثيق لغة الإشارة بدأ عام 1620 في اسبانيا، وذلك عندما نشر جوان بابلو بونيت مقالة تحت عنوان «اختصار الرسائل والفن.ّ لتعليم البكم الكلام»، فاعتبر عمله أول محاولة جادة للتعامل مع علم الأصوات ومعالجة صعوبات النطق. كما أنها أصبحت وسيلةً للتعليم الشفهي.ّ للأطفال الصم.ّ بحركات الأيدي، التي تمثل أشكال الأحرف الأبجدية، لتسهيل التواصل مع الآخرين. ومن خلال أبجديات بونيت، بدأت محاولة لتعليم أطفال صم في مدرسة فرنسية على مهارة استعارة تلك الأحرف وتكييفها، وكانت تلك نواة «دليل الأبجدية الفرنسية للصم.ّ»، الذي نشر في القرن الــ 18 وبقي منذ تاريخه من دون تغيير. ولقد استُخدمت لغة الإشارة الموحّدة في تعليم الصُّم.ّ في إيطاليا وغيرها بعد ذلك.
وتبين من البحث – كذلك – أن مشكلة العرب مع لغة الإشارة ليست ببعيدة عن مشاكل تخلُّفهم في بقية المجالات الأخرى، فهناك قواميس لغة مصرية وأردنية وإماراتية وليبية وتونسية، ولكن على الرغم من تعددها فإن أحد الباحثين في هذا المجال وجد أنها لا تحتوي على ما يكفي من الإشارات، وبينها اختلافات كبيرة، (حتى هنا؟)، ولا ترتقي الى المستوى المطلوب لقلة ما بها من مفاهيم ومحدوديتها، مما يعيق عمليتي التواصل والتخاطب بشكل سلس.

أحمد الصراف

سامي النصف

البديل الخفي والمناظرة العلنية!

للمعلومة، طائرات الايرباص 300 التي تملك «الكويتية» 5 طائرات منها عمرها يقارب 22 عاما توقفت مصانع الايرباص عن تصنيعها منذ عدة سنوات ولم يتبق منها في العالم إلا القليل، وكان البديل الذي قبلناه هو طائرات الايرباص 330 الحديثة التي يوجد منها ألف طائرة تحلق في أجواء العالم هذه الايام، كما يوجد منها 1285 طائرة تحت الطلب في المصانع التي لا تنتج منها إلا أعدادا قليلة كل شهر، مما يعني أنها ستبقى مطلوبة بشدة لسنوات قادمة.

***

ومن المؤسف جدا أن نقرأ على لسان المسؤول المعني ما نشرته إحدى الزميلات ونصه «هناك مفاجأة أخرى تدعو للشك والريبة، حيث غير النصف نظام لجنة شراء الطائرات المعمول به منذ 25 عاما، ليضع هذه اللجنة تحت رئاسته» انتهى، والحقيقة ان هناك من نسي أنني كنت عضو مجلس إدارة أعوام 2005 – 2007 إبان عملية تحديث الاسطول 2007 وكانت لجنة الشراء آنذاك برئاسة رئيس مجلس الادارة ـ العضو المنتدب، والحال كذلك إبان عملية شراء الطائرات عام 1992 حيث كانت برئاسة رئيس مجلس الادارة ـ العضو المنتدب، وهل يصح عقلا ومنطقا أن عملية بحجم تحديث الأساطيل نوعا وعددا والتي تؤثر بشكل أساسي على مستقبل الشركة ويسأل عنها بالدرجة الأولى الرئيس تتم دون أن يعلم عنها شيئا؟

***

أوضحنا في مقال سابق أن كلفة شراء طائرات «جت ايرويز» هي صفر على المال العام، بل على الأرجح ستنتج عنها أرباح عند بيعها مع وصول الطائرات الجديدة بعد حوالي 5 أعوام، السؤال المهم جدا الذي مازلنا نطرحه دون أن يجرؤ أحد على إجابته هو عن البديل لطائرات الجت ايرويز الملغاة والذي يفترض أن تصل خلال شهرين وكم كلفة البديل على المال العام ومن أصحاب تلك الطائرات البديلة مادمنا وعبر الشفافية علمنا بأصحاب الطائرات الخمس الملغاة والتي أعلنا سعرها والتي ذهبت خلال دقائق الى شركة أخرى؟

***

وتحديدا، هل البديل هو بقاء الخمس طائرات الايرباص 300 التي تحدثت المذكرة التفسيرية لمرسوم «الكويتية» عن مشاكلها مع شركات التأمين والمطارات الأوروبية؟ وهل هذا الخيار في مصلحة الشعب الكويتي وفي مصلحة «الكويتية» خاصة أن تكلفة تشغيل وصيانة تلك الطائرات ضخمة على الأموال العامة؟!

أم البديل هو «تأجير» طائرات مماثلة لثماني سنوات كلفتها تقارب المليار دولار بينما الحاجة لها لا تزيد على أربع سنوات تصل بعدها طائرات الايرباص 350 الشديدة التطور والمختصة بتوفير الوقود وتقليل كلفة الصيانة؟

***

آخر محطة: (1) نرجو الإسراع في تشكيل لجنة تحقيق قضائية أو برلمانية في شراء، والأهم، إلغاء صفقة الطائرات الخمس وحقيقة ما حدث وأسبابه وكلفته على الأموال العامة والمخاطر المصاحبة لذلك الإلغاء.

(2) لماذا لا يقبل وزير المواصلات دعوات المناظرة التي قبلناها منذ اللحظة الاولى لإظهار الحقائق أمام الشعب الكويتي قاطبة وتحت أضواء الكاميرات، فصاحب الحق لا يخشى الدفاع عن حقه، ولا ينزوي في الظلام إلا من لديهم ما يخشون الإفصاح عنه.