يقول الصديق فؤاد، تعليقاً على فيلم وثائقي أرسلته اليه: إن ما أصبح التطور العلمي قادراً عليه يفوق قدراتنا على فهمه، فكيف بالعمل به أو منافسته؟! فقد اصبح بالإمكان قطع الشفرات الوراثية عن طريق الإنترنت عن بعد، وتركيبها معاً، أو أخذ جينات حبّار وزرعها في كائنات أخرى لصناعة الشفائف القزحية، أو عن إمكانية إنتاج خميرة تحول السكر لديزل لاستخدامه وقود سيارات، أو صنع بكتيريا إيكولاي تشع في الظلام باستعارة جينات قنديل البحر، أو المقدرة على حقن خلايا معينة في الدماغ بمادة من خلايا الطحالب لجعلها حساسة للضوء، هذا غير ما توصل إليه العلم من قدرة على تفكيك وإعادة تركيب وبرمجة الأحياء كيفما يشاء الإنسان! ويستطرد قائلا إن التطورات التي تحدث في المجال الطبي، وهو ميدان عمله، متسارعة ومخيفة حتى للعلماء أنفسهم، وقد تم التوصل الى وسيلة جديدة في مجال معالجة الأورام الخبيثة، بأن جعلها متاحة للجميع تقريبا، بعد أن كانت مقتصرة على مراكز علاج محدودة، بسبب كلفتها العالية، فقد تم تخفيض كلفة صناعة جهاز العلاج الإشعاعي، الذي يتميز بقدرته على استهداف الخلايا السرطانية – فقط – من دون أن يؤذي الخلايا السليمة، من 450 مليون دولار للجهاز الواحد، إلى 15 مليون دولار فقط. ويقول كذلك إن التطور الطبي المذهل الآخر كان في إنتاج قلب صناعي قادر على ضخ الدم في الشرايين بواسطة توربينات ضخ تعمل بشكل متواصل وغير متقطع، كما هي الحال في القلب الطبيعي، وهذا التقطع أو الخفقان هو الذي نسميه بنبض الإنسان. كما أن القلب الصناعي لا صوت له ولا نبض، ومع هذا تتعدى كفاءته عمل القلب العادي بأكثر من %30!
يسكت فؤاد قليلاً ويتنهد، ثم يستطرد قائلا إن رجل دين في الأردن توصل إلى فتوى أخيرا، مفادها أن المرأة – ويقصد هنا السورية – لها أن تصبح أمة للرجل الذي يوافق على إيوائها وإطعامها! وأنه توصل لفتواه تلك بعد دراسات مستفيضة في أمهات الكتب الدينية!
وينهي فؤاد حكاياته عن «العلوم في بلادنا»، مقارنة بغيرنا، بقصة قيام إدارة جامعة عربية بدعوة كامل هيئة التدريس في كلية الهندسة لرحلة بالطائرة فوق العاصمة!
وقبل غلق الأبواب قيل لهم إن الطائرة قديمة، وإن طلاب كلية «العلوم الهندسية» قاموا بإصلاحها! هنا هرع الجميع نحو باب الطائرة يريدون الخروج منها والنجاة بأنفسهم، ولكن أحد الأساتذة، الذي كان يشغل كرسيا في الصف الأمامي، رفض الخروج من الطائرة، وعندما سأله أحدهم عن سبب ثقته الكبيرة بما قام به طلبته، أجاب بثقة: إنهم تلاميذي. فسأله آخر: هل أنت واثق بأنك درستهم جيدا؟
رد في هدوء: لا، ولكني على يقين بأن هذه الطائرة لن تطير، هذا إذا اشتغلت أصلا!
أحمد الصراف