كتبت سعاد لتقول، معاتبة، إنها لاحظت في السنوات الأخيرة تكرار تهنئتي المسيحيين بعيد الكريسماس، وأني انسى تماما تهنئة المسلمين بأعيادهم؛ وأن علي أن اكون منصفا، ولا أفرق بين أتباع دين وآخر، إن كنت ادعي الليبرالية، أو شيئا من هذا القبيل! وهنا لا انكر ما قالته، ولكن المقارنة بين مسلمي الشرق ومسيحييه مقارنة غير سليمة، فلكي نقارن يجب أن تكون عوامل المقارنة لدى الطرفين متساوية، أو على الأقل متقاربة!
أكتب مقالاتي باللغة العربية، وفي صحيفة محلية، شبه إقليمية، وتقرأ عالميا على الإنترنت، وأعيش في محيط إسلامي مترامي الأطراف، وبالتالي لا أخاطب في تهنئتي مسيحيي العالم الغربي، المتمكنين والآمنين الأقوياء، بقدر ما أخاطب مسيحيي محيطي الذين يعيشون في خلجان صغيرة منه، والذين عرفتهم هذه الأرض منذ ألفي عام، والذين كانوا دوما مصدر نور وإلهام لكثيرين منا، فأنا أكتب لهؤلاء مهنئا لأشعرهم بأن هناك من يفكر بهم، ويتمنى لهم الخير؛ أكتب لهم لأطمئنهم وأحثهم ليبقوا بيننا، بعد أن أنهك الخوف غالبيتهم، إن لم يكن كلهم، نتيجة تآكل أعدادهم بالهجرة، وهؤلاء هم المحظوظون، أو سيئو الحظ الذين حصدهم التعصب وعصف سفاكو الدماء بحياتهم، وشرد الأوغاد أبناءهم، وخرب السفلة بيوتهم وحرقوا كنائسهم وسرقوا وفجروا متاجرهم، فقط لأنهم مسيحيون!
أكتب لمن بقي من هؤلاء بيننا، حيا، مهنئا، فهم بحاجة لسماع صوت المحبة والعقل فينا؛ أما المسلمون، بمحيطهم الكبير، فإنهم في غنى عن تهنئة مني أو من غيري، علما بأن هناك عشرات الآلاف الذين يقومون كل عام بهذه المهمة.
وإن اصررت يا سيدتي على أن اقوم بتهنئة المسلمين بأعيادهم، فعن أية أعياد تتكلمين؟ كيف تصبح أعيادنا أياما سعيدة، إن كنا في الأضحى والفطر، وقبلهما وبعدهما، ننحر رقاب بعضنا بعضا بالسكاكين، نفجر في الأضحى مسجدا في بيشاور، وفي الفطر نفجر حسينية في بغداد، ونقتل عشرات المصلين في هذا المزار ونسفك أرواح غيرهم في مبنى أو مجمع، من دون أي إحساس بالإنسانية؟
نعم، المسلم ليس بحاجة في محيطي لأن أهنئه بأعياده، المبكية، بقدر ما المسيحي القلق بحاجة لتلك التهنئة! وإلى أن تنقشع الغمة، إن انقشعت، فإننا سنستمر في إرسال رسائل المحبة للإخوة والأخوات المسيحيين، متمنين للجميع عاما أقل ألما ودما ودموعا.
أحمد الصراف