تضع بعض العقائد الدينية المرأة في مكانة متدنية إنسانيا، مع تفاوت في المكانة بين عقيدة وأخرى! ولكن الجميع تقريبا استطاع، مع الوقت، الإفلات من هذا الإرث بعد ان تبين له، من خلال وقائع وتجارب وحقائق علمية، خطأ هذا الاعتقاد، وأن مسألة إنسانية المرأة، دعك عن أي أمر آخر، أمر مفروغ منه، وبالتالي على الرجل اعتبار المرأة ندا له بقدراتها العقلية والمهنية، وهي ليست فقط زميلة في الإنسانية، بل وشريكة حياة وأم وأخت وخالة وخبيرة وقائدة ومعلمة وفنانة وسياسية ومخترعة ورائدة فضاء، وأيضا المعيلة الوحيدة لمئات ملايين الأسر! وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن المرأة، أو بالأحرى مخها، لا يشكو من أي نقص، مقارنة بمخ الرجل، بل ويمتاز عنه، كما ثبت علميا مؤخرا، بقدرته على القيام بعدة مهام في وقت واحد، وهو ما يعجز عنه غالبية الرجال! فقد بينت صور رنين مغناطيسي mri أجريت لعدد كبير من الشباب من الجنسين، أن تصميم مخ الرجل يناسب تنفيذ مهمة منفردة واحدة، مثل قراءة جريدة أو إيقاف سيارة في موقف ضيق، أو إعداد وجبة طعام، حيث ينجح في ذلك بتميز، ولكنه يفشل عندما يتطلب الأمر منه الانتباه لمهام متعددة في وقت واحد، كالرد على الهاتف، ومراقبة قدر الطبخ وملاحظة طفل! والسبب أن كثرة العقد العصبية في مقدمة ومؤخرة مخ الرجل تعطيه القدرة على فهم المعلومات بسرعة واستخدامها في تنفيذ مهمة معقدة. أما مخ المرأة فإنه أفضل في مهام تحتاج لربط أكثر من أمر للوصول لنتيجة، كتذكر حادثة ما أو وجه شخص مثلا، فعملية التذكر هذه تتطلب من المخ القيام بالعديد من الاتصالات بين أجزائه. وتقول د. راجيني فيرما، من جامعة بنسلفانيا، التي أشرفت على دراسة علمية «بالطبع يوجد لكل قاعدة شواذ، ولكننا اذا قمنا بإعطاء 1000 رجل وامرأة مهمة يتطلب تنفيذها تفكيرا منطقيا وحدسيا، مع تحليل للنتائج بطريقة احصائية، فسوف نجد أن المرأة أقدر من الرجل على القيام بهذه المهام، حيث ان الجزء الأيمن من مخها يرتبط بشكل أفضل بجانبه الأيسر، مقارنة بالرجل، بسبب الترابط بين جميع أجزائه. بينما نجد أن النشاط المكثف للمخيخ عند الرجل يجعله أفضل في تعلم أمر محدد، أو القيام به بصورة افضل. وقالت د. فيرما ان هذه الاختلافات تزداد مع العمر.
وقد يرى البعض أن نتائج هذا البحث لا تنطبق على من يعرفون من نساء، وأنهن بالفعل أقل قدرة من الرجل عقليا! ولكن إن صح ذلك، فهو يعود للطريقة التي تلقت بها المرأة تربيتها، وإقناعها بأنها أقل من الرجل، وبالتالي تصرفت كذلك وصدق من حولها هذا النقص، فالمستوى العقلي للشخص هو في النهاية نتاج ثقافة مجتمع، فالمرأة ليست اقل من الرجل في قدراتها متى ما توافرت لها التربية والبيئة الصحية، والأدلة على ذلك لا تحصى! وبالتالي فإن من يعتقد بأن المرأة ناقصة عقل، فهو يتكلم عما يعرف من بيئته، ولا ينطبق ذلك الاعتقاد بالضرورة على غيرهن.
أحمد الصراف