سامي النصف

الحكومة الجديدة والمبادئ القديمة!

تأتي استقالة الحكومة المستحقة بعد التذمر الشعبي من محدودية إنجازها، فالأغلبية البرلمانية في الدول ذات الممارسة الديموقراطية الصحيحة لا تستغني على الإطلاق عن الأغلبية الشعبية التي تمثلها في الكويت الدوواين ومرافق العمل، ونذكر بأن جميع دول الربيع العربي التي قامت بها الاضطرابات والثورات كانت حكوماتها تحظى بأغلبية مريحة في برلماناتها المنتخبة.

***

إن ما يجب أن يسبق تغيير الشخوص، وقد رأينا في الحكومة الحالية وزراء ليسوا بالوزراء ولا يملكون من استحقاقات الوزير الحقيقي شيئا، هو تغيير معادلة أضرت كثيرا بالحكومات المتعاقبة وهي تقديم المحاصصة على الكفاءة، والمراضاة على الأمانة، والتكسب والإثراء الشخصي على حساب التقييد بالأنظمة والقوانين ومحاربة الفساد المستشري الذي هو المتسبب الأول في خنق الناس.

***

إن الشعب الكويتي المحبط لما يراه من إنجاز ومحاربة الفساد لدى الجيران وإخفاق لدينا، يتوقع وزارة غير تقليدية بسبب التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية غير التقليدية المقبلة على الطريق، فالمنطق والحس السياسي السليم يقول ان كان التذمر وغياب الرؤية للمستقبل قائما وأسعار النفط تفوق المائة دولار فماذا سيحدث عندما تصدق توقعات بعض الخبراء ويبدأ الانحدار الشديد والسريع لأسعار النفط؟!

***

إن التحديات الحقيقية المقبلة توجب تغيير طريقة اختيار الوزراء التقليديين، حيث يجب أن يتفق أولا على «خارطة طريق الحكومة الجديدة» ثم يتم اختيار الوزراء الأكفاء والأمناء والأفضل لتحقيق تلك الرؤية وليس العكس كما كان يحدث في الماضي عندما يتم اختيار الأشخاص ثم يبحث لهم عن خطة (!)، ومن الضرورة بمكان الاستعانة بمستودعات عقول وأكاديميين ومختصين لخلق بنك معلومات يحدد أفضل المؤهلين للتوزير.

***

آخر محطة: 1 – يجب تغيير فلسفة الحصول على أغلبية برلمانية لإفشال الاستجوابات الدستورية المستحقة التي توجه للوزراء المقصرين وذلك عبر اختيار وزراء أكفاء منجزين، لن يقبل الشعب الكويتي الواعي بمحاسبتهم وعرقلة خططهم.

2 – الأغلبية البرلمانية يجب أن تستخدم فقط لتمرير المشاريع التنموية وعدم استفزاز النواب عبر محاولة حرمانهم من أدواتهم الرقابية، فضمن خطة وسياسة واضحة وثابتة لن تفقد الحكومة شيئا بخسارة وزير مقصر حيث يمكن لها أن تعوضه فورا بوزير آخر عبر مبدأ «سياسة ثابتة ووزراء متغيرون» بدلا من المبدأ المعمول به وغير المسبوق في الديموقراطيات الأخرى ومضمونه «وزراء ثابتون وسياسات تتغير فقط للحفاظ عليهم».

 

 

 

 

 

 

حسن العيسى

أغمضوا عيونكم وتخيلوا غيابهم

بمناسبة أخبار الصحافة عن استقالة الوزراء أمس الأول، والتوقعات المحتملة عن نتائج حكم الدستورية في الطعون الانتخابية أمس، والتي لا أعرف مصيرها حتى كتابة هذا المقال، فلا أملك موهبة "كاسندرا" ابنة ملك طروادة التي وهبها الإله أبولو قدرة قراءة المستقبل في الأساطير اليونانية، تصادف نشر الخبرين مع قراءتي بالمصادفة لعرض كتاب "الموت وما بعد الحياة" لسامويل شيفلر، فهو يقرر بمثالية متسامية أننا زائلون، والبشر الذين نحبهم سيرحلون في زمن ما، وليس هذا ما يفترض أن يهمنا بقدر ما يجب أن نكترث لاستمرار الحياة الإنسانية الكريمة لمن يأتون بعدنا في مسيرة الزمن، فقيمة وجودنا الحاضرة تستمد معانيها من أمل استمرار الأجيال القادمة، وبين ثنايا هذا الفكر يقرر المؤلف بدهية جميلة، أنه إذا أردت أن تعرف قيمة أمر ما فتخيل غيابه وانظر ماذا يحدث.
بدوري تخيلت بقاء هذه الوزارة، ثم تخيلت غيابها، ومن جديد أغمضت عيني وتذكرت ذهاب وزارات سابقة ثم تشكيلات وزارية مختلفة جاءت بعدها، وتذكرت، أيضاً، برلمانات استمرت قليلاً ثم تم ترحيلها للمجهول، وكان آخر حفلات الحل قد تمثلت في المجلسين السابقين خلال العامين الماضيين، الأول حل بعد حكم الدستورية، ووجدت السلطة ضالتها في حكم المحكمة لتشكل مجلساً آخر يناسب مقاس الانفراد بالهيمنة السلطوية، وجاء مجلس جديد كان "شبه مناسب" لأسرة الحكم، ليحل في ما بعد لبطلان إجرائي – لا يهم معرفة طبيعته – ولن يهم اليوم نتيجة الحكم المحتمل في أي لحظة في ظل معطيات تاريخنا مع سوابق ماضية لم تنهض بمجملها لتأكيد المبادئ الدستورية ممثلة بأن الأمة مصدر السلطات، ومبدأ الفصل بين سلطات الدولة الثلاث، هل تغير شيء؟!
غابت الحكومة وحضرت حكومة، وغاب مجلس وجاء مجلس جديد، ماذا سيحدث؟ لن يحدث شيء، فحضور أو غياب، أي من الحدثين لن يغير من الأمر شيئاً أمام منهج السلطة الواحدة الحاكمة، ماذا يعني أن يستبدل وزير بوزير آخر، وماذا يعني استقالة كل الوزراء وتركيب طقم وزراء جدد، وماذا يعني يغيب هذا النائب، أو ذاك يحل محله… لا شيء.
في تاريخ الدولة السياسي كانت هناك قلة من الوزراء وضعوا بصماتهم في الإصلاح والتطوير خلال فترات عملهم، وطبعاً، التاريخ لم يعد نفسه لهؤلاء الوزراء الاستثنائيين، وإنما عاد بملهاة في ما بعد، ومن نهاية الستينيات يظهر الخط البياني لتدهور واقع الدولة في مجمل قضاياها، من خنق الحريات إلى توطن الفساد بكل صوره… لم يتغير شيء، غياب وزراء وحضور وزراء، غياب مجلس، وحضور مجلس جديد، غيابهم أو حضورهم لن يكونا مجديين، الأمر سيان، نحن راحلون وكذلك من نحبهم اليوم، أما الأجيال القادمة… ماذا أبقوا لهم…؟ لا شيء… أغمضوا عيونكم وتخيلوا عدماً.

احمد الصراف

تحدثوا عن نسائكم

تضع بعض العقائد الدينية المرأة في مكانة متدنية إنسانيا، مع تفاوت في المكانة بين عقيدة وأخرى! ولكن الجميع تقريبا استطاع، مع الوقت، الإفلات من هذا الإرث بعد ان تبين له، من خلال وقائع وتجارب وحقائق علمية، خطأ هذا الاعتقاد، وأن مسألة إنسانية المرأة، دعك عن أي أمر آخر، أمر مفروغ منه، وبالتالي على الرجل اعتبار المرأة ندا له بقدراتها العقلية والمهنية، وهي ليست فقط زميلة في الإنسانية، بل وشريكة حياة وأم وأخت وخالة وخبيرة وقائدة ومعلمة وفنانة وسياسية ومخترعة ورائدة فضاء، وأيضا المعيلة الوحيدة لمئات ملايين الأسر! وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن المرأة، أو بالأحرى مخها، لا يشكو من أي نقص، مقارنة بمخ الرجل، بل ويمتاز عنه، كما ثبت علميا مؤخرا، بقدرته على القيام بعدة مهام في وقت واحد، وهو ما يعجز عنه غالبية الرجال! فقد بينت صور رنين مغناطيسي mri أجريت لعدد كبير من الشباب من الجنسين، أن تصميم مخ الرجل يناسب تنفيذ مهمة منفردة واحدة، مثل قراءة جريدة أو إيقاف سيارة في موقف ضيق، أو إعداد وجبة طعام، حيث ينجح في ذلك بتميز، ولكنه يفشل عندما يتطلب الأمر منه الانتباه لمهام متعددة في وقت واحد، كالرد على الهاتف، ومراقبة قدر الطبخ وملاحظة طفل! والسبب أن كثرة العقد العصبية في مقدمة ومؤخرة مخ الرجل تعطيه القدرة على فهم المعلومات بسرعة واستخدامها في تنفيذ مهمة معقدة. أما مخ المرأة فإنه أفضل في مهام تحتاج لربط أكثر من أمر للوصول لنتيجة، كتذكر حادثة ما أو وجه شخص مثلا، فعملية التذكر هذه تتطلب من المخ القيام بالعديد من الاتصالات بين أجزائه. وتقول د. راجيني فيرما، من جامعة بنسلفانيا، التي أشرفت على دراسة علمية «بالطبع يوجد لكل قاعدة شواذ، ولكننا اذا قمنا بإعطاء 1000 رجل وامرأة مهمة يتطلب تنفيذها تفكيرا منطقيا وحدسيا، مع تحليل للنتائج بطريقة احصائية، فسوف نجد أن المرأة أقدر من الرجل على القيام بهذه المهام، حيث ان الجزء الأيمن من مخها يرتبط بشكل أفضل بجانبه الأيسر، مقارنة بالرجل، بسبب الترابط بين جميع أجزائه. بينما نجد أن النشاط المكثف للمخيخ عند الرجل يجعله أفضل في تعلم أمر محدد، أو القيام به بصورة افضل. وقالت د. فيرما ان هذه الاختلافات تزداد مع العمر.
وقد يرى البعض أن نتائج هذا البحث لا تنطبق على من يعرفون من نساء، وأنهن بالفعل أقل قدرة من الرجل عقليا! ولكن إن صح ذلك، فهو يعود للطريقة التي تلقت بها المرأة تربيتها، وإقناعها بأنها أقل من الرجل، وبالتالي تصرفت كذلك وصدق من حولها هذا النقص، فالمستوى العقلي للشخص هو في النهاية نتاج ثقافة مجتمع، فالمرأة ليست اقل من الرجل في قدراتها متى ما توافرت لها التربية والبيئة الصحية، والأدلة على ذلك لا تحصى! وبالتالي فإن من يعتقد بأن المرأة ناقصة عقل، فهو يتكلم عما يعرف من بيئته، ولا ينطبق ذلك الاعتقاد بالضرورة على غيرهن.

أحمد الصراف