وضع عالم اقتصاد أميركي المعادلة التالية لشرح فلسفة الضرائب:
يقوم عشرة اشخاص بتناول البيرة، أو الجعة، في حانة الحي. ويتقاسمون ثمنها بينهم بطريقة دفعهم للضرائب نفسها. وبما ان ثمن ما يتناولونه يوميا يبلغ 100 دولار، فإن أربعة منهم، الأكثر فقرا، لا يدفعون شيئا، والخامس يدفع دولارا، والسادس ثلاثة، والسابع 7 والثامن 12 دولارا والتاسع 18، أما الأغنى فيدفع 59 دولارا من ثمن الفاتورة البالغ 100 دولار. بقي الحال هكذا إلى أن قرر صاحب الحانة منحهم خصما %20 لسدادهم للفاتورة بانتظام، فقرر هؤلاء قسمة المبلغ الجديد بينهم بالمعادلة الضريبية السابقة نفسها، وبالتالي لم يتأثر وضع الأربعة الأول، واستمروا في عدم دفع شيء، أما الخامس، فقد جعله خصم الـ%20 لا يدفع شيئا أيضا. أما السادس فقد اصبح عليه دفع دولارين بدلا من3، والسابع يدفع 5 دولارات بدلا من 7، والثامن 9 بدلا من 12 والتاسع يدفع 14 بدلا من 18، أما الأخير، والأغنى، فعليه دفع 49 دولارا بدلا من 59 دولارا! وهكذا اصبح وضع الجميع أفضل من قبل، كما، مع الأربعة الأول.
ولكنهم اجتمعوا يوما خارج الحانة، واجروا مقارنة بعضهم مع بعض فيما حققوه من توفير نتيجة خصم الـ%20، فاشتكى السادس من أنه لم يحصل على غير دولار سخيف واحد، وقال السابع، إنه وفر دولارا واحدا فقط. وقال الثامن: أنا حصلت على مبلغ ضئيل، وقال التاسع لقد وفرت أنا 4 دولارات فقط، أما أنت، مشيرا للعاشر، فقد حصلت على عشرة دولارات كاملة، أو %50 مما حصلنا عليه جميعا من خصومات! وهنا تعالى صراخهم، وهم يشكون من ضآلة ما حصلوا عليه مقارنة بما حصل عليه العاشر من خصم كبير، وحتى الذين لم يكونوا يدفعون شيئا اصلا شاركوا بالشكوى من أنهم لم ينالوا نصيبهم من الخصم، ورغم اعتراضات العاشر بأنه كان طوال الوقت يدفع أكثر منهم، فإن احتجاجاته لم تلق أذنا صاغية من أحد، وانهالوا عليه ضربا. وفي اليوم التالي تغيب العاشر عن الحانة، فجلس الباقون يحتسون بيرتهم، وعندما جاءت الفاتورة تبين أن ليس لديهم جميعا ما يكفي لدفع ثمن الجعة، فقد كان العاشر يدفع النصف! وهذه هي الطريقة التي يعمل بها نظام الضرائب «العادل»!
وقد ذيل عالم الاقتصاد مقالته القصيرة بالقول إنه من الطبيعي أن يحصل أولئك الذين يدفعون ضرائب أعلى على نسبة خصم أعلى من غيرهم من الضرائب المرتجعة. واضاف أن من فهم فكرته فلا حاجة لشرح أكثر له، ومن لم يفهمها فلا فائدة من الشرح أكثر.
والآن، هل آن أوان فرض الضرائب في الكويت لكي يساهم فرضها في تقويم أخلاق وتصرفات الكثيرين بطريقة فعالة، وترشيد الإنفاق بطريقة أكثر حكمة؟
أحمد الصراف