أتنمى لو أرى كل الأغلبية السابقة ورموز الحراك السياسي في الكويت يقبعون وراء قضبان السجون، ليس كرها فيهم لا سمح الله، ولكن لأن هذا أقل ما يمكن أن يقدمه السياسي الإصلاحي الذي يدافع عن قضية يعتقد بأنها عادلة، فلم يعد مقبولا أن تظل المعارضة الكويتية (معارضة دواوين وميكروفونات)، تنشط في الشتاء وتنحصر في الصيف حيث لا تتحمل حرارة الجو ناهيك عن تحملها حرارة السلطة.
إلى متى يدور الحراك السياسي حول رموزه كدوران الكواكب حول الشمس، فمع شديد احترامي لتلك الرموز وتقديري لعملها الوطني إلا ان القضية الجوهرية والتي يجب أن يلتقي المجتمعون حولها هي الأفكار الإصلاحية.
لن تحققوا الانتصار على الفساد وأنتم تتعاملون معه في بيئة سياسية لا تمكنكم من تحقيق الإصلاح ووفق قواعد لعبة غير متكافئة.
والحل أن تطرحوا رؤية سياسية شاملة وواضحة يجتمع عليها أغلب المعارضين ومن ثم تقومون بتسويقها للمجتمع بطريقة سلمية وراقية فيها إصرار وليس فيها تحد، وبلغة راقية ملتزمة قانونيا.
لم يعد بإمكاننا إصلاح الواقع الفاسد المنتشر في كل مكان، فالفساد كبير جدا ومتغلغل في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ـ نكاد نصبح فاسدين ـ لأن الفساد مغر جدا وتصعب مقاومة إغرائه، ولن تجدي نفعا الدعوة إلى الإصلاح في كازينو مليء بالمفاسد.
نحن في الكويت بحاجة إلى منديلا كويتي وليس لبوعزيزي كويتي، لرجال يضحون في سبيل الإصلاح وليس لرجال يحرقون كل شيء.
فالزعيم الأفريقي الراحل مانديلا لم يكن مهادنا في مقاومته للفساد، ولكنه تميز عن غيره بإصراره على الإصلاح والتضحية من أجله، وحتى عندما انتصر على خصومه لم ينتقم منهم بل شاركهم السلطة.
خاتمة ـ هذا الخطاب موجه إلى الوطنيين المعارضين ـ من حقكم أن توحدوا جهودكم للإصلاح وتغيير الواقع بالطرق السياسية ولكن لا تجعلوا هدفكم محاربة أشخاص بعينهم لأنكم بذلك تقزمون أهدافكم وتسهلون على أعدائكم تصيد الأخطاء لكم، وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه.