قام طلاب من جامعة الكويت، تابعون لحزب الإخوان المسلمين، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان العالمي، بإيقاف فعالية غنائية في الجامعة، بحجة حرمة استخدام آلات موسيقية، علما بأن الفقرة الفنية موافق عليها ضمن أنشطة أسبوع «أنا إنسان» في الجامعة! وفي السياق نفسه، طلب غيرهم، ومن الحزب نفسه، من إدارة الجامعة منع طالبات من السفر في رحلة ثقافية لمركز الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لعدم وجود «محرم» معهن! ورضخت الجامعة لمطالبهم. وربما سيقوم زميل بالإشادة بـ«منجزات» هؤلاء الطلبة في مقال له، فهذه هي الانتصارات الوهمية الوحيدة التي برع فيها الإخوان في الثمانين سنة الماضية! ومن الطبيعي هنا الاستنتاج أن إدارة الجامعة التعبانة ما كان بإمكانها الوقوف في وجه بضعة طلبة، لو لم تكن تشعر بأن معظم مفاصل الدولة الأخرى هي بيد كبارهم، ومن الممكن أن يقلبوا الدنيا عليها! ومن الطبيعي كذلك الافتراض أن الحكومة الرشيدة عاجزة عن التصدي لما حدث، بسبب قوة الإخوان وتغلغلهم، أو أنها راضية بأفعالهم. وكان من الممكن القبول بذلك طالما أن هذا قرارها! ولكن في كلتا الحالتين يعتبر تصرفها مستغربا ومتعارضا مع ما قامت به تجاه مصر في الفترة الأخيرة، فقد وضعت الكويت كل «ثقلها» السياسي والمالي خلف السيسي، ودعمت انقلابه، أو ثورته، على الإخوان، الذين كانوا سيحولون مصر لعزبة خاصة بهم. وبذلت الكويت الكثير في سبيل ذلك، مما يعني أنها كانت ضد الإخوان بطريقة صارمة وواضحة لا لبس فيها، ولم تتدخل في الشأن المصري لولا شعورها بما كان يمثله استمرارهم في الحكم من خطر عليها بالذات، وعلى مستقبل مصر والمنطقة برمتها! فإن كان الوضع هكذا، وهو حتما كذلك، فما سبب سكوتها عن إخوان الكويت وهم الممولون الرئيسيون لإخوان مصر، وقوتهم المالية والسياسية الخطيرة هنا لا تقل عما كانت عليه في مصر. فأصابع وأيادي وخراطيم الإخوان المالية والسياسية امتدت، على مدى اربعين عاما تقريبا، وطالت كل مرفق ومفصل في الدولة، ويبدو هذا واضحا من شبكة ممتلكاتهم من المؤسسات المالية والجمعيات والمبرات، إضافة إلى سيطرة محازبيهم على أهم مناصب الدولة وأكثرها خطورة.
وإن كانت الكويت قد دفعت المليارات لمصر لكي تمكنها من التخلص من الإخوان، فلم لا تصرف أقل من ذلك بكثير للتخلص منهم هنا؟ علما بأنهم الآن المعارضون الأساسيون للسلطة؟.
أحمد الصراف