سامي النصف

أغمض عينيك وحلّق قليلاً!

لمن تحسر مشكورا على حال «الكويتية»، ولربما على حال الكويت عندما تواترت الأنباء عن صفقات شركة الطيران الخليجية الشقيقة ـ اللهم لا حسد ـ والتي تجاوزت قيمتها مئات الملايين من الدولارات خلال معرض دبي للطيران، عليه أن يغمض عينيه قليلا ويتصور ما كان سيحدث لو أن «الكويتية» أعلنت كحال الأشقاء عن صفقة بمائة مليار أو 50 مليارا أو 10 مليارات أو حتى 5 مليارات دولار، وكمّ التهم والأكاذيب والصراخ الزائف على عملية التحديث تلك!

***

ولنتذكر جيدا ما حدث عام 2007 فور الإعلان عن صفقة تحديث أسطول «الكويتية» المستحق آنذاك، والتدخلات غير الفنية من قبل غير المختصين من ساسة ومسؤولين، والتهم المعلبة الجاهزة التي وجهت لإدارة «الكويتية» في حينه، والتي لم تثبت صحة حتى واحد من مليون مما قيل آنذاك والتي انتهت بإلغاء صفقة التحديث وتكبد المال العام ما يقارب مليار دينار خسائر استخدام الأساطيل القديمة من صيانة واستهلاك وقود وخسارة حصص أسواق خلال السنوات الطوال.

***

وللمعلومة، فان صفقة تحديث أسطول «الكويتية» القادمة بعد فترة قصيرة جدا فور انتهاء بعض الأمور الإجرائية المفروضة على «الكويتية» دون غيرها، والتداخلات غير الفنية، هي واجب مستحق للشعب الكويتي وتحقيق لرغبة القيادة السياسية وحلمها بتحويل الكويت الى مركز مالي وسياحي، ستشمل شراء طائرات «جديدة» من أحدث الطرازات ذات التكنولوجيا المستقبلية المتقدمة.

وإلى حين تسلمها سيتم تأجير كذلك طائرات «جديدة» من المصانع ستصل تباعا بدءا من عام 2014 عدا 5 طائرات لا يزيد عمرها على 5 سنوات شديدة الفخامة ستصل خلال أشهر وتحتاجها «الكويتية» كبديل عن طائرات زاد عمرها على 22 عاما (للمعلومة معدل عمر أسطول الطائرات العربية لا يزيد على 7 سنوات).

***

آخر محطة: لا يمكن لعاقل أو حريص على المال العام أن يرفض توفير عشرات الملايين من الدنانير عبر شراء الطائرات بدلا من تأجيرها.

 

 

 

 

احمد الصراف

وما أدراك ما «البي بي سي»

تعتبر إذاعة البي بي سي BBC الأكثر قوة وانتشارا في العالم، بتعدد ما تبثه من لغات وبتاريخها وخبراتها الطويلة.. وحياديتها النسبية، مقارنة بغيرها، الأمر الذي ساهم في تعزيز وضعها، علما بأنها تكلف دافع الضرائب البريطاني ما يقارب المليار دولار سنويا! وقد تأسست الإذاعة البريطانية عام 1922، اي قبل 91 عاما، واختار لها مؤسسوها منذ اليوم الأول عدم الربحية، لإبعادها عن تأثير المعلن واستقلاليتها! وكانت حتى عام 1973 الإذاعة الوحيدة في بريطانيا، ولكن ما واجهته من منافسة قوية من محطات إذاعية غير قانونية ناطقة بالإنكليزية، تبث من السواحل القريبة، والتي أُسكتت تاليا، دفع الحكومة الى السماح للمحطات التجارية بالعمل بصورة قانونية، وبحرية مطلقة في الأراضي البريطانية. وقد مدت «البي بي سي» خدماتها الى خارج بريطانيا بالإنكليزية عام 1932، ثم تبعتها بالبث بلغات حية اخرى بلغت 27 لغة تغطي العالم أجمع، ومنها العربية التي بدأت عام 1936 في فلسطين في مسعى لشرح والدفاع عن وجهة نظر الحكومة البريطانية، وكرد فعل على ما كانت تبثه وقتها محطة إذاعة إيطالية من دعاية مناهضة لبريطانيا. وقد نقل مقر الإذاعة العربية إلى جزيرة قبرص، بعدها قبل فتح مكتب في القاهرة.
استمع شخصيا إلى «البي بي سي» منذ أربعين عاما، وأعتبرها واحدة من افضل مصادر الأخبار، ولم يتضح لي شخصيا انها كانت في مناسبات كثيرة غير حيادية بتعمد. كما أنني مدين لها بالفضل، فما ذكرته من خبر قيام صدام بإرسال عمر غني، السفير العراقي السابق في الكويت، والذي كانت بيني وبينه، اثناء فترة خدمته في الكويت، عداوة شديدة، دفعني خبرها الى مغادرة الكويت في بداية فترة الاحتلال الصدامي، وربما ساهم ذلك في إنقاذ حياتي، او على الأقل غير مسارها للأفضل!
ولو قارنا بين مواضيع «البي بي سي» العربية، مقارنة بما تبثه قناتها الإنكليزية، للاحظنا بسهولة مدى الفارق بين «منطق» المحطتين، فقد وجدت النسخة العربية نفسها (ربما) مجبرة للنزول بمستواها الى مستوى عقل الإنسان العربي العادي، أما النسخة الإنكليزية فواضح أن مستوى ما تقوم ببثه ونشره يتناسب والمستوى المعرفي، العالي نسبيا، لمستمعيها!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

«دورك بو فيصل»

قبل البداية: غرقت البلاد كلها مع الأمطار في إشارة واضحة على حجم الفساد الذي ينخر بجسد الدولة، والمفارقة الحقيقية هو أن المناطق السكنية القديمة صمدت بشكل أكبر من المشاريع الحكومية الجديدة، والمفارقة الأخرى هو أن الدول المحترمة تجعل من مبانيها الحكومية ملاجئ عامة في أوقات الكوارث، وفي الكويت أول ما ينهار هو المباني الحكومية، وما زال البعض يردد "إحنا بنعمة الكل حاسدنا عليها". في السنوات الأخيرة من حكم الراحل جابر الأحمد، رحمه الله، ارتفعت أصوات سياسية مطالبة بفصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء لأسباب عدة منها عدم تحصين منصب رئيس الوزراء وعدم إقحام أمير المستقبل بالصراعات السياسية وغيرها من أسباب، وقد تحقق ذلك وتم فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء وقد يكون للظروف الصحية للراحل سعد العبدالله رحمه الله دورٌ في ذلك. فعلياً لم يتغير شيء حينها لظروف ولي العهد الصحية مما أدى إلى غياب الدور السياسي له، أما اليوم فنحن أمام حالة مختلفة عمّا كانت عليه في فترة حكم الراحل جابر الأحمد، فعلى الرغم من استمرار فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء فإن ما هو مختلف أن سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد يتمتع بموفور الصحة والعافية أدامها الله عليه، وهو ما يجعلنا أمام فرصة جيدة لتقويم بعض الأمور السيئة في البلاد إن بادر سموه بتولي بعض الأدوار. فان يتولى ديوان سمو ولي العهد مثلاً وبإشراف مباشر منه متابعة ومراقبة المشاريع الحكومة، فإن الحال سيختلف بكل تأكيد عما هو قائم اليوم، كما أن قرب سموه من المواطنين بحياته اليومية يجعله من أكثر الشخصيات قدرة على تلمس الهموم ومعرفة الخلل والمساهمة في تقويمه عطفاً على القيام بالدور المنشود من أسرة الحكم في أن تكون حكماً في حال الاختلاف بين المواطنين وليسوا طرفاً في هذا الاختلاف. أكرر أن ابتعاد الراحل سعد العبدالله عن الساحة بعد فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء لا يجب أن يكون الحالة العامة لكل ولي عهد، بل أتمنى من سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد أن يقوم ببعض الأدوار كالتي أوردناها في سياق هذا المقال لتصبح عرفاً لكل ولاة العهد في المستقبل يسهمون في تحسين أوضاع المجتمع وحمايته من فساد ينخر كل مؤسساته. وبالطبع، فإن ما أقوله لا يعني بأي شكل من الأشكال أن نكتفي بالمناشدة هذه بل إن الإصلاح الحقيقي يكون بإعادة بناء أخلاقيات المجتمع التي دمرت على مر السنوات الماضية من خلال آليات ووسائل عدة منها تقويم وضع وزارة التربية وتشجيع التفكير الحر والبحث العلمي وإعادة الريادة لمؤسسات المجتمع المدني في شتى المجالات. ولأن الوصول إلى هذا الأمر يتطلب البداية أولاً وأعواماً طويلة من البناء، فإن السعي للحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه لحين الوصول إلى تلك الغاية أمرٌ أتمنى أن يحدث وأن يتجاوب سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد معه. خارج نطاق التغطية: خبر مفاده أن صاعقة ضربت إحدى طائرات الخطوط الكويتية وهي على الأرض، وهنا أطرح تساؤلاً للمختصين أليس من المفترض أن تكون الطائرات مزودة بأدوات تحميها من الصواعق؟

احمد الصراف

شعوب لا تقرأ.. شعوب لا تفهم!

كنا في الكويت، وقبل سنوات لا تزيد على الخمسين بكثير، نصاب بهلع كلما أظلمت الدنيا علينا في وضح النهار نتيجة اختفاء الشمس فجأة، خصوصاً عندما يسرع أصحاب المحال وأرباب الحرف إلى إغلاق محالهم والهرولة نحو بيوتهم، وإقفال المدارس لأبوابها، وخلو الشوارع من المارة، فقد كان كسوف الشمس يعني المجهول، وأن مصيبة ستقع، ومؤشراً على دنو يوم القيامة، وبالتالي كانت الدعوات تتعالى والصلوات تقام لفك الشر وإزالة الغمة! ولكن مع الوقت، وزيادة نسبة المتعلمين، أصبح الناس يعتادون تدريجياً على ظاهرة الكسوف، وأنها ليست أكثر من ظاهرة كونية معروفة السبب، وهو لا يعدو أن يكون غير توسط القمر بين منطقة معينة من الأرض والشمس، بحيث تحجبها عنا، فيسود الظلام للحظات في تلك النقطة وليس في غيرها، وتطور الأمر وزال الخوف، بحيث أصبح الكثيرون يسافرون لمسافات طويلة ليحظوا برؤية هذه الظاهرة، ساعة حدوثها، بشكل أفضل وتسجيل لحظاتها على أدق آلات التصوير، بعد أن كان آباؤهم، وربما هم، يتوجسون شراً منها في الماضي!
تذكرت تلك الأيام عندما قرأت إعلاناً قبل أيام عن نية بعض الجهات في الكويت إقامة «صلاة استسقاء» بغية الإسراع في نزول المطر الذي طال انتظاره وتأخر عن موعده. وماء المطر كان وما زال مهماً في مناطق كثيرة من العالم، ولكن هناك كذلك مناطق أخرى لا تعرف المطر أبداً، أو يندر هبوطها فيه، ومع هذا لا تشكو من شيء، ولكن توقف نزول المطر لفترة طويلة يعتبر، لدى مجتمعات كثيرة، من الأمور الخطيرة التي يجب التحسب لها. فتوقفه يعني جفاف المراعي وشح مياه الآبار، وهبوط مستوى الأنهار، وهلاك الماشية، وبالتالي لم يكن أمام مجتمعات كثيرة، في مواسم الجفاف، غير الدعاء والصلاة ابتغاء نزول المطر، ومن هنا لم تكن الدعوة لإقامة صلاة استسقاء بغريبة، حتى تلك التي أقيمت في الكويت قبل أيام، فقد نزل الغيث بعدها بأقل من 24 ساعة!
ولكن، لو سألنا بعض من لبوا دعوة إقامة صلاة الاستسقاء تلك إن كانوا من قراء الصحف أو متتبعي الأرصاد الجوية، لوجدنا أن غالبيتهم لا علاقة لهم لا بهذه ولا بتلك، وبالتالي لم يقرؤوا النشرات الجوية ليوم السبت التي توقعت، بكل وضوح، هطول المطر يوم الأحد! وهذا يعني أن ما تحتاج إليه شعوبنا، ضمن أمور كثيرة أخرى، هو أن تقرأ أكثر وتجادل أقل! وغالباً، لا يعلم هؤلاء أن دولاً عدة كروسيا وأميركا والصين، تقوم اليوم بالتحكم في الأمطار في أكثر من مناسبة، ومنها أيام الاحتفالات الكبرى، بحيث تتخلص من السحب الممطرة، قبلها بيوم ليبقى جو الاحتفال.. من غير مطر!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

القمة الأفريقية العربية.. لماذا؟

للمرة  الثالثة يجتمع العرب والأفارقة في مؤتمر يحمل شعاراً اقتصادياً تنموياً! واليوم يجتمعون في الكويت تحت شعار شركاء في التنمية والاستثمار، وقد لوحظ أن الصندوق الكويتي للتنمية قد بدأ نشاطه مبكراً قبل جلسة الافتتاح، حيث تم الإعلان عن توقيع عدد من القروض بملايين الدولارات طبعاً للمشاريع التنموية مع عدد من الدول الأفريقية الفقيرة، التي ستعجز لاحقاً عن سداد هذه القروض التي ستتحول اضطراراً إلى ديون معدومة!
شي طيب أن نساهم في تنمية الأشقاء والأصدقاء، والأهداف السياسية ليس لها حدود، ولكن لا بد من حسن الاختيار إن أردنا أن نحقق أهدافنا التنموية لهذه الدول أو حتى السياسية التي نصبو إليها. إن معظم هذه الدول تحكمها أنظمة مستبدة، والفساد فيها – حسب الإحصائيات الأممية – وصل إلى مستوى مخيف! وتحول الحزب الحاكم إلى «بالوعة» لخيرات البلاد على حساب شعبها المحروم من أبسط الحقوق الإنسانية! وقد حدثني أحد المسؤولين: إننا نعطي لهذه الدول ونحن ندرك جيداً أنها أموال معدومة، أي لن تسدد!
إذاً، هي السياسة التي تجعلنا نهتم بهذه الدول، ولكن السؤال: هل نحن في الكويت البلد الصغير والمحاط بدول كبيرة، وبعضها له أطماع في خيراتنا، هل نحن فعلاً في حاجة إلى هذه الدول الأفريقية الفقيرة؟! بمعنى آخر: هل حاجتنا لها أولوية على غيرها من الحاجات لكي أنفق كل هذا الملايين والمليارات؟!
أليست الدول الأوروبية، التي امتصت خيرات هذه الدول التي كانت غنية بالمعادن والثروات الطبيعية حتى أفقرتها، أليست أولى بتنميتها ورعايتها وإنعاشها؟!
أليست الدول العربية الفقيرة أولى بالدعم من هذه الدول التي يدين نصفها بالولاء السياسي لبريطانيا وأميركا، والنصف الآخر توجهه فرنسا وفقاً لهواها؟!
هل سيسمح الأوروبيون لهذه الدول بنقل الألماس والذهب الموجود لديهم إلى الكويت من خلال صفقات تجارية واضحة؟! أم أنها دول لا تملك قرارها!
هل هناك طريقة لتحويل مخرجات هذه القروض إلى مصلحة الشعوب ورفاهيتها أم ستذهب إلى جيوب الطغمة الفاسدة فيها؟!
أسئلة كثيرة تدور في الذهن تبحث عن إجابة مريحة تجعلني أدعو لهذه القمة بالنجاح بدلاً من تمني الفشل!
وقبل الانتقال إلى خاتمة هذا المقال لا بأس من ذكر تخوّف سمعته من أحد الزملاء يقول: إن الثمن المطلوب من الدول الأفريقية لتلقي المنح والعطاءات من دول الخليج هو دعم الانقلاب في مصر والاعتراف به! وبلاش تنمية وبلاش «جح!».
***
في مقابلتي التلفزيونية في قناة اليوم، وضحت اللبس الذي وقع فيه الكثير من المحبين والخصوم في قراءتهم لمقالتي الأخيرة المنشورة بـ القبس بعنوان «رئيس وزراء جديد»، وبدا واضحاً مقدار الاعتراض على ذكري لإمكانات وقدرات سمو رئيس الوزراء، التي لاحظتها لديه في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة! وتذكرت حينها ما كنا نقوله عن سمو الشيخ سعد العبدالله من تواضع قدراته وبعض إمكاناته حتى جاء اليوم الذي ترحمنا عليه!

محمد الوشيحي

قوة الوجه…

ماشي، دع كل هذه الأمور على الرف، وتعال معي نبحث عن مصدر "قوة الوجه" لبعض هذه العينات من البشر. وقوة الوجه، لمن لا يتحدث حديثنا ولا يكذب كذبنا، هي البجاحة بلغة المصريين، وهي الصفاقة بلغة العدنانيين، وهي "أن تكذب عمداً، وتعلم أن الناس يعلمون أنك تكذب ولا تبالي".
ولم أرَ "قوة وجه" في طول الأرض وعرضها، كما رأيتها في بعض السياسيين في الكويت، ممن نسميهم هنا "بتوع الباشا"، ويسميهم عباس الشعبي "الانبطاحيين".
أعضاء هذا الفريق كانوا يرفعون شعار "نبيها هيبة"، كلما أراد نائب استجواب وزير من أسرة الصباح الحاكمة،  قبل أن يرفعوا السقف لخيالهم، ويتهموه بما هو أبعد من ذلك وأشد وأنكى، فيستيقظ النائب من نومه ليجد نفسه متهماً بالتخابر مع قطر وإسرائيل وبوركينا فاسو، بهدف قلب نظام الحكم على جانبه الأيسر… واليوم، يطالب أعضاء هذا الفريق، بكل "قوة وجه"، باستجواب أقرب وزير، ويركزون على استجواب الوزراء الشيوخ المنتمين إلى أسرة الحكم!
وكانوا يتهمون كل من تسول له نفسه تقديم استجواب لأحد من أعضاء الحكومة بأنه "مؤزم"، يضع العصا في العجلة، ويستخدم الخازوق في أماكن أخرى في جسم التنمية، واليوم، لا تكاد تمضي دقيقة في حال سبيلها، إلا وفيها استجواب هنا، وتهديد باستجواب هناك.
كان أعضاء فريق "قوة الوجه" يمسكون بالاستجواب، ثم يلوحون به، كما يفعل أطفال الحجارة، ويلوحون ويلوحون ويلوحون، ثم يرمونه إلى أبعد مدى، فيصطدم بالجدار فيتفتت، وقد يشطبونه، ويغسلون المكان من بعده بالديتول… واليوم، وبكل قوة وجه، يتباكون على شطب "محاور" استجواب! وهو أمر نوافقهم عليه، لولا تاريخهم وأرشيفهم.
هو فريق يضم، فيمن يضم، نواباً، وشيوخ قبائل، وعمداء عوائل، وديوانيات يجتمع فيها ذاك وذياك، وكانت "بياناتهم" تنهمر على رؤوس الناس، قبل أن تتجمع قطراتها وتشكل سيلاً عرمرماً عظمظماً يقتلع الاستجوابات والأشجار والأحجار والوطنية وصفاء النية… واليوم، ورغم كل هذه الاستجوابات، جفت غيومهم، وأمحلت أراضيهم، فلا بيان، ولا إعلان، ولا قطرة، ولا مطرة. والحمد لله أنهم لم يصدروا بيانات تنادي باستجواب الوزراء، والوزراء الشيوخ تحديداً.
كانوا يندبون ويلطمون ويحثون التراب على وجوههم حزناً عقب كل مسيرة قامت لأهداف وطنية، واليوم ينظمون مسيرة لأسباب طائفية قحة، دون أن تسقط من وجوههم قطرة عرق واحدة! وكانوا يمزقون هدومهم إذا خرجت مسيرة لنا أثناء وجود ضيوف لسمو الأمير، واليوم يرتبون صفوف المسيرات، وكأن ضيوف المؤتمر الحالي أتوا لشراء سيارات مستعملة من "سوق الحراج"! ويا للهول وأبي الهول.
حسن العيسى

كلاكيت ألف… فراش البلدية هو المسؤول

هذه المرة يمكن تغيير "كليشيه" المقولات الرائجة في سوق السياسة الكويتية، فبدلاً من ترديد عبارة "شيوخ يستجوبون شيوخاً"، والحكومة تستجوب الحكومة، يصح شرعاً أن نقول الآن، وبعد حادثة إزالة موكب (كشك، كيربي، خيام…!) عبدالله الرضيع في ذكرى عاشوراء، براحة تامة، إن الحكومة تدين الحكومة، كما جاء في خبر موقع الآن الإلكتروني، فقد استمع مجلس الوزراء بالأمس "… إلى تقرير قدمه وزير الدولة لشؤون الإسكان وزير الدولة لشؤون البلدية سالم الأذينة عن الأحداث التي صاحبت قيام بعض العاملين في بلدية الكويت مؤخراً بتصرفات مستنكرة تنطوي على استفزاز غير مبرر لمشاعر إحدى شرائح المجتمع الكويتي، وذلك في إطار تنفيذ إزالة الأكشاك التي تمت إقامتها في ذكرى عاشوراء…"! ما هذا؟ حكومة تستنكر عملاً حكومياً قامت به إدارة حكومية وتصفه بأنه استفزازي لمشاعر "إحدى شرائح المجتمع"، الحكومة هنا لم تنتظر رأي لجنة التحقيق التي شكلت كما كتبت هذه الجريدة، بل سارعت وأصدرت حكمها "بعبثية" إجراءات البلدية في قرار الإزالة… لا يهم هذا، فعشوائية القرارات والقوانين في هذه الدولة، التي تستعصي على الفهم، في عهد هذه الحكومة ومعظم الحكومات التي سبقتها، ليس بالسابقة الأولى، وليست بالأمر الغريب، فلنترك هذا جانباً الآن، فالضرب في الميت حرام، وقد أسمعت لو ناديت حياً لكن…
على الساحل الحكومي المضحك الآخر، نجد أن هناك اتهامات متبادلة بين مدير البلدية "الصبيح" والوزير "الأذينة" في تحمل مسؤولية قرار الإزالة، والعسف في تطبيق القانون (إن كان لدينا قانون بمعنى صفاته، كالعدل، والثبات واليقين، والعمومية والحياد)، وكأن الاثنين، الوزير والمدير، يتحدثان من معسكرين متخاصمين، أين الهرمية القانونية وتدرج سلم السلطات في إصدار القرارات، وأين تبدأ سلطات أي مسؤول في هذه الدولة وأين تنتهي؟ ومن سنصدق الآن الوزير أم مدير البلدية؟
بتلك الصورة المعيبة، تسير الأمور في البلد، بهذه الفوضى السياسية والإدارية تدار الدولة، ورغم كل التكرار لا يظهر أن هناك من يتعلم، ولا يبدو أن هناك من يستفيد من بدهيات التجربة والخطأ كي لا يعاد تكرار الخطأ نفسه… أما أصبحت مثل هذه المواضيع في الكتابة مكررة لدرجة السماجة في حظائر "المسموح الصحافي" فلم يعد هناك جدوى من التكرار؟ فجلود المسؤولين أضحت ثخينة لا ينفع معها هذا النقد المدجن، وبطبيعة الحال، لن تهزها تلك الرقابة الشكلية لنواب السلطة التابعين، ويبقى سؤال واحد لابد أن يجد "بخصاء" الدولة إجابته، وهو، كيف يمكن لتلك العقليات البسيطة التي تمسك بزمام الأمور في الدولة أن تحل قضايا وتحديات سياسية واقتصادية عويصة قادمة دون شك؟ ماذا ستفعل غداً إذا وقعت الكارثة؟ هل ستقول حينئذٍ إن فراش البلدية كان هو المسؤول…؟ شر البلية ما يضحك.
سامي النصف

أيها السادة.. كي لا تتحول الكويت إلى غابة!

أحد أبرز أوجه الفساد التشريعي الاستخدام الكيدي والخاطئ لأداة الاستجواب الخيرة التي قصد منها اصلاح الاعوجاج وحصد العنب، لا الدوس عليه وتخريبه سعيا لقتل الناطور المجد وغض النظر كما حدث مرارا وتكرارا في الماضي عن الناطور السيئ.

***

وقد ذكر احد المسؤولين السابقين ذات مرة ان تجربته السياسية قد اثبتت له ان للسؤال البرلماني ثمنا وللاستجواب ثمنا اكبر، ولو لم تمس تلك المقولة كبد الحقيقة لما بقيت متداولة بين الناس، وهو ما يطرح سؤالا مستحقا لدى الناس، وهو هل مازالت اللعبة السياسية او البعض منها قائم على ذلك المعطى؟! وهل يجوز ان يدمر حاضر الكويت ومستقبل لاجل مصالح واجندات داخلية.. وخارجية؟!

***

وقد بلغ الجهل بمبادئ الدستور واصول واعراف العمل السياسي الصحيح المعمول به في العالم اجمع، الى حد بلغ فيه معدل الانحراف ما يقارب 180 درجة، والا فكيف اصبح «التعاون» المطلوب والذي لا غنى عنه بين الحكومة والمجلس يعتبر «تهاونا»؟!

***

وكيف تصور البعض ان موافقة اغلبية المجلس على مشاريع الحكومة هي مؤانسة وخطأ لا يغتفر وكان الأصل هو مخالفة ومعارضة وافشال النواب لكل ما يأتي من الحكومة؟

ان «جميع» المجالس التشريعية في العالم من الصين والهند واميركا واوروبا الى اصغر الممالك والجمهوريات هي مجالس مؤيدة وداعمة وموافقة وممررة لمشاريع حكوماتها كي يمكن للحكومات ان تعمل وتنجز او تخفق فيصبح للمجالس انذاك محاسبتها.

***

آخر محطة: (1) الأمن والأمان اللذان ننعم بهما اشبه بالصحة التي لا يشعر باهميتها.. إلا من يفتقدها.. فلنحافظ عليها.

(2) محبتي للشعب الليبي تجعلني اتابع عن كثب اوضاعه التي بدأت تتحول سريعا الى ما هو اقرب لغابة متوحشة حيث بدأ كالعراق الشقيق باستقصاد رجال الأمن بالتفجيرات والقتل حال ممارستهم لعملهم في المدن والضواحي ثم ملاحقتهم بعمليات الاغتيال في المنازل والشوارع حتى تسبب انعدام الامن في اختطاف رئيس الوزراء من الفندق الذي يسكن به دون ان يستطيع احد الدفاع عنه.

(3) هناك بعض القيادات السياسية المنحرفة في الكويت التي تريد بقصد او جهالة، وعبر ضربها لهيبة السلطة، ان تصل احوالنا الامنية الى ما وصلت اليه بعض دول ربيع الخراب العربي.

 

 

 

احمد الصراف

لا شك أننا شعوب مريضة

كتبت لي قارئة تلومني، وبحدة، على أسلوبي الجاف في توجيه النقد، للحكومة وللغير، في مقالاتي! وطالبتني، بحزم، أن أكون اكثر حكمة في المخاطبة، وأن أخذ بيد المخالفين وأدلهم على الطريق الصواب! والحقيقة أنني وجدتها على حق! ولكن تبين لي أن أسلوبها في مخاطبتي و«إرشادي» لم يقل في جفائه عن الأسلوب الذي تطالبني بالتخلي عنه.
أكتب هذا المقال لسببين، أولا: من وحي حادثة الاعتداء البشعة التي تعرض لها قبل ايام موظف أجنبي في العراق لرفضه تعليق شعارات دينية على مبنى يعمل فيه، وكاد أن يقتل لمجرد «تهمة»، فلا تحقيق ولا محاكمة ولا قضاء! وثانيا للتعقيب على التعليقات التي وردتني على ما سبق وكتبته قبل أيام عن حاجتنا لعدم الخجل من مراجعة الأطباء النفسيين! فلا شك أن الكثيرين منا، ولا استثني نفسي، لديهم مشاكل نفسية عميقة وبحاجة الى استشارة طبية، ولكن ما يمنع المراجعة، او حتى الاعتراف بوجود حاجة لها، ذلك الانطباع الذي تكون لدى الكثيرين من أن من يراجع طبيبا نفسيا فهو مجنون! وبالتالي نجد الكثيرين الذين لديهم عجز أو شعور بالنقص أو فوبيا من الظلام أو الأماكن المغلقة أو تسلق السلالم او لرؤية صرصار او فأر، يترددون كثيرا في الإقرار بحاجتهم للعلاج! ومقابل القول الذي يفيد بأن الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراه إلا المرضى، هناك قول آخر نصه: إن المريض نفسيا يراه الآخرون كذلك، ولكنه لا يرى نفسه! فلو عاد أي دكتاتور مختل، كصدام أو مبارك أو القذافي أو بن علي، لحكم دولهم لما اختلف أسلوب حكمهم عن السابق، دون أن يدرك من بقي منهم على قيد الحياة، أن ما أصاب شعوبهم من كوارث بعدهم يعود سببه لطريقة حكمهم! وعلى الرغم من هذه الحقيقة، فإننا اصبحنا نرى أعدادا متزايدة من شعوب هؤلاء الزعماء يحنون لعهودهم، رافضين الاعتراف بأن ما يعيشه العراق أو تعانيه سوريا أو تشكو منه ليبيا وغيرها اليوم يعود سببه لعقود طويلة من القمع والاضطهاد والفشل في تحويل الدولة الدكتاتورية لدولة مدنية ديموقراطية!
ويقال، لو كان الكرم شائعا بين قوم حاتم الطائي وفي زمنه، وحتى من بعده، لما كان هناك سبب لضرب المثل بكرمه! ولو كانت الديموقراطية أمرا مسلما به بيننا لما كان هناك سبب لضرب المثل بديموقراطية الرئيس السوداني، «سوار الذهب»، الذي سلم الحكم طوعا لقيادة مدنية منتخبة، وذهب لبيته لينام آمنا! ولو لم نكن مرضى نفسيين، في غالبيتنا، لما كنا بمثل هذه الدكتاتورية، التي يعود سببها أساسا للأنا المتضخمة فينا، كوننا خير أمة، ولما كانت حوادث الشجار التي تقع في اسواقنا، بمثل هذا الكم، ولا لكل تلك الأسباب التافهة.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بين بحريتين وفئتين…

البحرية الأميركية تحذر من عاصفة جوية قوية، وبحرية الصباحية تقول إن العاصفة القادمة ليست في الجو بل على الأرض.
البحرية الأميركية تنذر بأن الأمطار الغزيرة جداً قد تتحول إلى سيول تشكل خطراً على الكائنات والأملاك، وبحرية الصباحية ترفع سبابتها منذرة "اقطعوا رؤوس العاصفة الطائفية قبل أن تتفاقم وتقضي على الأخضر والأصفر".
البحرية الأميركية تشرح: "العاصفة مدتها ثلاثة أيام"، وبحرية الصباحية توضح: "العاصفة الطائفية لن تتوقف قبل زوال آخر كائن في هذا الوطن المعطاء والأرض الغراء".
وبعد البحث والتمحيص، تبين أن البحرية الأميركية لم تقل ذلك، وأن الوشاة استغلوها وظلموها، وأن العاصفة الجوية ليست بهذه الدرجة من الخطورة، واتضح أن الشائعات هي التي نفختها… لكن بحرية الصباحية تؤكد خبرها، ومستعدة للرهان على صدقيته.
ويصر نواب الشيعة على التصعيد ضد الوزير، ويعلن نواب العوازم التحدي دفاعاً عن ابن عمهم الوزير، ويساند الشيعة "الفريق المهزوم في انتخابات رئاسة البرلمان"، ويساند العوازم "الفريق الرابح وبعض النواب السنة"، وسيفشل استجواب الوزير العازمي، إذا ما تم، وسيتقدم النواب الشيعة بالاستقالة، إذا صدقت تهديداتهم، وستطغى هذه العاصفة على سواها، وستنطلق الشرارة، وستعجز فرق الإطفاء عن التعامل معها.
وليس أجمل من عواصف كهذه لتغطية السرقات والنهبات والهبشات، بحسب ما جاء في نشرة بحرية الصباحية، والله أعلم.