لو أقسمت لي سبعة أيام بلياليها أن منتخب الكويت تصدر قائمة الفرق، متجاوزاً منتخبات البرازيل وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والأرجنتين… لن أصدقك إلا إذا كنت أنا ساذجاً فاقد الأهلية والعقلية.
ولو قلت لي إن حكومة الكويت ستنجز خلال عامين مشروعها الخاص بإطلاق قمر صناعي شيدته أيدٍ كويتية، يضم أحدث التقنيات، وآخر ما توصلت إليه المختبرات والبحوث… قد أصفعك وأمثل أمام المحكمة بكل سرور.
ولو زعمت، أنت، أن حكومة الكويت أحالت إلى النيابة كل الفاسدين السارقين المارقين، استناداً إلى تقارير ديوان المحاسبة المتراكمة، وأن الحكومة حرصت على أن يكون ملف الإحالة مملوءاً بما لذ وطاب من الأدلة والوثائق والمستندات… أجزم أنني حين ذاك سأفتش جيوبك بحثاً عن الحشيش والكوكايين والهيروين.
لكن في المقابل، لو أنك أخبرتني أن منتخب الكويت تراجع تصنيفه ثلاثين درجة في عام واحد، سأصدقك في التو واللحظة، من دون تردد. ولو ذكرتَ لي أنت أن الكويت تعاقدت مع إحدى الشركات العالمية على صناعة قمر صناعي، وقام المسؤولون الكويتيون وملّاك الشركة العالمية بسرقة المشروع وإفشاله، فسأتقبل المعلومة "المنطقية" وأنا أحسبل وأحوقل. ولو بيّنت لي حضرتك أن اللصوص المعروفين بالأسماء والأطوال والأوزان تسلموا حقائب وزارية، وأصبحوا هم أصحاب القرار في البلد، ستكون إجابتي "طبعاً، وما هو الغريب في الأمر؟".
الناس تعرف ماذا تصدق وماذا تكذّب، فأن يتلاعب وزير صحة، في إحدى الدول، بمستقبل طبيبة طبقت القانون، حماية لنفسه، وكسباً لود بعض النواب، وتغضب الطبيبة ويغضب زملاؤها، فتتشكل لجنة تحقيق، يرأسها نائب يهيم في هوى الحكومة ووزرائها، ووو… هنا، أنت في الوضع العادي والطبيعي! غير الطبيعي هو أن تتم محاسبة الوزير وتقريعه، في مؤتمر صحافي، قبل أن تتم إحالته إلى النيابة، والاعتذار إلى الطبيبة والأطباء.
لهذا أقول: الناس تعرف حدود توقعاتها، البسطاء وحدهم في هذا البلد، مازالوا يأملون، بعد أن تحول الأمل إلى غباء فاقع اللون. هكذا تربى الشعب على يد حكوماته المتعاقبة.