اعتذر الوزير الأذينة عن حادث إزالة بلدية البعارين لموكب عبدالله الرضيع، وأقرّ بخطأ عملها البربري في ذكرى عاشوراء، تلك الإزالة أعطت تصوراً حقيقياً أو وهمياً أن هناك مهووسين طائفيين يسبحون في مجاري الدولة، ويتحيّنون الفرص لقمع الطائفة الأخرى بأي وسيلة كانت، وهؤلاء قد يكونون من الخارجين عن طوع الوزير أو حتى مدير البلدية، ويعملون على طريقة "حارة كل من ايدو الو" لغوار الطوشة، وهم يتمسكون بأي سبب مهما كان واهياً لإظهار تعصبهم المذهبي وفوقية الأكثرية المهيمنة، ويتسترون في ذلك بحكم القانون، وبحنبلية شكلية لتطبيق قرارات الإزالة.
أياً كانت حقيقة الأمر، فالوزير الأذينة "السُّني" اعتذر للشيعة ولنوابهم وسار مع "الماية" لبيان مجلس الوزراء الذي تأسّف لحادث الإزالة وأعرب عن سخطه لما حدث من استفزار لمشاعر "البعض"، وكأن مجلس الوزراء هنا قد ارتدى ثيابَ منظمةٍ من منظمات حقوق الإنسان التي تدين التجاوزات لمبادئ المساواة بالاستهجان الإعلامي ولا تملك أكثر من ذلك، فليس لها سلطة الضبط ولا الربط بالعقاب كالتي تملكها السلطات السيادية في الدولة، ولهذا يصرح مجلس الوزراء ببعضٍ من الخجل أنه لا حول له ولا قوة فيما حدث بالأمس القريب، ولعله يقول لنا أكثر من ذلك، ويخبرنا أن الأمور "فارطة" في الديرة، وأن شقوق جدرانها أكبر من أن يصلحها مجلس الوزراء، رغم العدد الكبير من أسرة الصباح في تشكيل هذا المجلس، فهي دولة الأسرة وأسرة الدولة، بداية ونهاية، بتناقضاتها وتنازعاتها.
لنعد الآن إلى الوزير المعتذر، فقد ظهر من الصحافة أن النائبين الشيعيين التميمي والدويسان في مجلس نواب السمن على العسل السلطوي يصرّان على استجواب الوزير، فلماذا يستجوب وهو الذي تأسف للحادث واعتذر عنه؟ فماذا يريد المستجوبان أكثر من ذلك؟ فهل مثل هذا الاستجواب يضع الأمور في نصابها "الصحيح"؟! فالوزير في النهاية عضو في حكومتهم، أقصد حكومة الشيوخ والنواب معاً، فهل من المعقول أن تُسائل الذاتُ ذاتَها؟! لهذا لا أفهم هذا الاستجواب تحديداً، الذي لا يشبه استجوابات آخرين لرئيس الوزراء التي تثير شكوكاً ووساوس أن "أولاد العم" من الحالمين بالعودة إلى المكانة السامية في الأسرة يقفون وراءها، والتي يختلط فيها الحابل بالنابل، فتضيع الحسبة، ولا نعرف الاستجواب المستحق على سوء إدارة الدولة، من استجواب حروب التصفيات السلطوية، فنضيع "بالحوسة" وتضيع معها أولويات الدولة كالعادة. فهل نفهم من استجواب النائبين للوزير أنه، كما يُفترَض، يراد به إصلاح القضايا السائبة في البلدية ووضع حدٍّ لهوس المهووسين الطائفيين في مؤسسات الدولة، وهذا الاحتمال بعيد، إن لم يكن ضرباً من الخيال، أم يمكن القول إن الغرض من الاستجواب هو امتصاص ردود الفعل الشيعية الغاضبة الآن، والتي، بارك بعضها في زمن مضى، إجراءات السلطة حين قمعت المعارضة وخلقت بالتالي مجلس السمن على العسل الحالي والمجلس الذي سبقه الخاليين من الروح الطائفية على زعم الزاعمين وقتها، بحجة أن كثيراً من المعارضين السابقين كانوا طائفيين في مواقفهم ضد شيعة الكويت؟ الله العالم بالحقيقة، لكن المؤكد أن السياسة في الدولة كلام فارغ، وكلمات المقالات الصحافية والتغريدات هي الأخرى لملء فراغ بـFill in the space وإضاعة وقت لا أكثر، فالديرة "ماشية سماري".