هو "باكيج" كامل، تعتبره الدول المتقدمة من الأساسيات، وتراه الدول العربية الجميلة الغبية من "أدوات الزينة" التي توضع في الديوان ليراها الضيوف. باكيج يضم الديمقراطية ومعرض الكتاب والمنتديات والمؤتمرات ووو…
ويتزاحم الناس في معرض الكتاب في الكويت، ونزاحمهم، فإذا جزء كبير من الكتب "عامل زحمة والشارع فاضي"، وإذا "أشرس الكتب"، وأكثرها شجاعة، لا يجرؤ على نشر ما تحتويه مجلات الأطفال من أفكار في دول الغرب والشرق.
هنا كل شيء حرام يا صديقي، هنا كتاب "أشواق الحرية" للكاتب السعودي الرائع نواف القديمي ممنوع لا يُعرض! ليش؟ لأنه يتحدث عن مقاربة السلف للديمقراطية، لكنه في معرض الكتاب في الرياض موجود وحلال زلال. أي أن لجنة الكتاب في الكويت تزايد على سلفية لجنة الكتاب في السعودية. وآه يا لاللي، كما يقول سيد درويش.
هنا يحرّمون رواية "مدى" للأديبة الكويتية الرائعة رانيا السعد، ويلعنون شاريها وبائعها وقارئها، ويرجمون كاتبها، لكن الرواية معروضة في معرض الشارقة للكتاب، حلال لا شية فيها… خنقوا "مدى" لأنها مرت على سيرة المعارض الأبرز في الكويت مسلم البراك وخطابه الشهير، وهم بخنقهم هذا يظنون أنهم خنقوا الرواية والخطاب!
هذان الكتابان سقتهما لضرب الأمثلة على قفاها، وهناك المئات غيرهما، محرمة في الكويت محللة في دول الخليج.
لذلك، ولغير ذلك، قررت ألا أكون مثل "قطة بيت راشد"، التي أظن صادقاً أنها تتعاطى المخدرات، وإلا فكيف اختارت بيت راشد من بين كل البيوت في المنطقة، وهي تعلم أن هذا البيت لا لحماً يطبخ ولا دجاجاً، إلا بمقادير موزونة، وكميات معلومة، ومواقيت محددة، لحرص راشد، كما يزعم، على الغذاء الصحي المدروس، ولا يفيض للقطة إلا "نصف ربطة فجل" أو "ربع ربطة خس" أو ما تعافه النفس… ولو كنت مكان القطة لخطوت خطوتين إلى المنزل المجاور، وعلي اليمين أن تنفجر لشدة التخمة، وأن تفكر في تصدير الفائض من اللحم والدجاج.
لذا، هجرت "بيت راشد"، أو معرض الكتاب المملوء بالفراغ والفجل والخس، ولجأت إلى المواقع الإلكترونية التي توفر لي أفضل الكتب وأطايب اللحم، بعيداً عن بيت راشد وشارع الزينة، ما لم أضطر للذهاب مجاملة للكاتب فلان أو الأديب فلان.