اليوم: 24 نوفمبر، 2013
الخلط بين الطائرات.. والسيارات!
هناك 3 خيارات لا رابع لها أمام «الكويتية»، أولها خيار «التخلص» من الشركة على حالها وهو خيار مجرب منذ عام 2008 ولم يأت أحد للشراء وتحمل الخسائر ولن يأتي، الإشكال هو انه إذا ما استمر الأخذ بهذا الخيار أي لا تحديث ولا تطوير، فعدا عن إشكالات السلامة والتأمين وتضاعف الخسائر على المال العام، فسيعني الاستمرار فيه أن تباع «الكويتية» كحال شركة TMA اللبنانية التي اشتراها الرئيس سعد الحريري قبل أشهر قليلة بـ «دولار» واحد على أن يصرف هو على تطويرها، بينما دفع ـ للعلم ـ الرئيس نجيب ميقاتي «مئات ملايين الدولارات» ثمن حصة صغيرة من «الملكية الأردنية» بعد تطويرها وتحديث أساطيلها وتحولها للربحية قبل عرضها للبيع.
***
الخيار الثاني هو الإيجار الكامل للأساطيل كي لا يفرض على المستثمر القادم نوع محدد من الطائرات، وهنا يأتي الجهل التام بعالم الطيران، حيث ان التخلص من الطائرات المستأجرة أصعب وأكثر كلفة كثيرا من التخلص من الطائرات المشتراة ، حيث ان تأجير الطائرات بأسعار معقولة تساعد على الربحية في غياب معرفة متى سيدخل المستثمر ولتشجيعه على الدخول يفرض تأجيرها كحالة عامة معتادة في عالم الطيران لسنوات طوال 8 – 12 عاما، ولو حاول المستثمر التخلص من ذلك الاتفاق لوجب عليه دفع ثمن السنوات السبع اللاحقة، عدا وجود اشتراطات في تأجير طائرات غير موجودة في تأجير السيارات مثل دفع مبالغ شهرية ضخمة للصيانة الاحتياطية وشروط قاسية للحالة التي ستعود بها الطائرات بعد الإيجار دون أن تكون لها قيمة مالية مضافة للشركة بحكم استئجارها بدلا من شرائها.
***
يتبقى خيار الشراء ومرة أخرى يتم الخلط بين عالمي الطائرات والسيارات، فشراء السيارات يعني دفع أثمانها كاملة وتسلمها على الفور ومن ثم تكون فرضت هذا الخيار على المستثمر، في عالم الطيران يختلف الوضع كلية، فعند توقيع عقد الشراء تقوم بدفع مبلغ زهيد جدا لا يكاد يذكر، وتبدأ دفعات الشراء تتصاعد بعد سنوات من التوقيع، وتزداد مع اقتراب موعد التسليم الذي يأتي عادة بعد سنوات طوال من تاريخ التوقيع لوجود آلاف الطلبات المقدمة والتي تنتظر دورها من مصنعين لا ينتجان إلا عشرات الطائرات كل شهر بعكس وجود مئات المصانع للسيارات التي تنتج ملايين السيارات كل عام، لذا فلو رفض المستثمر ما تم شراؤه بعد أن أعطي دوره في طابور الانتظار الطويل وهو أمر نادر الحدوث، فما عليه إلا أن يتفاوض مع الشركات الصانعة والشركات الراغبة في الشراء للحصول على دوره المبكر، وقد ينتهي الأمر ليس فقط بالحصول على المبلغ المقدم المدفوع بل ما يفوقه عند تسليم دوره للشركات الأخرى.
***
ما يزيد من احتمالية عدم حدوث خيار إلغاء الشراء هو أن اللجنة الفنية والمالية المختصة بشراء الطائرات بـ«الكويتية» اختارت النوع الأكثر ملاءمة لشبكة الخطوط الحالية والمستقبلية وهو الخيار الأفضل والأرخص شراء أو تأجيرا أو تشغيلا، كما أننا تحفظنا وقلصنا عدد الطائرات من 35 طائرة كما عرضتها الشركتان المصنعتان حسب حاجة «الكويتية» لـ 25 سنة مقبلة الى 25 طائرة ووضعنا 10 طائرات على قائمة الاختيار (Option) يمكن لاحقا تفعيله أو إلغاؤه دون كلفة، كما يعني الالغاء الاصطفاف مجددا في قوائم وطوابير الانتظار الطويلة، خاصة بعد صفقات معرض دبي الأخيرة وهي الأكبر في تاريخ الطيران والتي أصبحت مقدمة بالطبع على أي طلبات جديدة.
***
آخر محطة: (1) عمليات تحديث أساطيل «الكويتية» مستحقة ومطلوبة من الشعب الكويتي قاطبة والقيادة السياسية، وقد تمت بمعايير فنية غير مسبوقة في تاريخ الكويتية منذ نشأتها وبشفافية تامة وأسعار تفضيلية، وتلك الطائرات لن تصف كحال السيارات أمام بيوتنا، بل هي ذاهبة لإسعاد المواطنين ولتحقيق الربحية وتحقيق حلم المركز المالي، ولولا ذلك لأبقينا الحال كما هو عليه وما أسهل ذلك الخيار وارتحنا من صداع الرأس وحروب أصحاب المصالح المعلنة والأهم.. الخفية!
(2) للتذكير.. الطائرات المشتراة والمستأجرة جميعها جديدة عدا 5 طائرات «ايرباص» فاخرة جدا واستخدامها لا يزيد على 5 سنوات قمنا بتحويل إيجارها الى شراء لما في ذلك من وفر بعشرات الملايين من الدنانير للمال العام، فهل هذا أمر يستحق الشكر والثناء أم التذرع به لإعاقة وإلغاء صفقة التحديث؟ وهل القسم الدستوري ينص على الحفاظ على الأموال العامة أم تبديدها؟!
أمور تحدث فقط بالكويت!
ماشية «سماري»
رئيسهم ورئيسنا
تعتبر النرويج واحدة من أكثر دول العالم تقدما، وتشبه الكويت في قلة مواردها الطبيعية، وثرائها النفطي، وكان من المفترض أن نتعلم منها، وهي التي لم تتردد في التعلم من تجربتنا الرائدة في استثمار الفوائض المالية، وليس في هذا مبالغة، ولكننا نجحنا بجدارة في ان نخيب آمالها فينا وفي انفسنا. ومناسبة الحديث عن النرويج يتعلق أولا بما قام به مؤخرا رئيس وزرائها، عندما قام بالتخفي كسائق تاكسي، للاطلاع عن كثب على آراء المواطنين فيما يقوم به! ولكن ما الذي سيطلع عليه ويعرفه «سمو» رئيس وزراء الكويت، لو حاول تقليد زميله النرويجي، والتخفي في صورة ضابط أمن، وزار اي مركز حدودي أو ميناء بحري أو جوي، أو مخفر في منطقة ليست بالبعيدة؟ لا شك أنه سيجد العجب، فبإمكاني القول ان لا أحد تقريبا ممن سيلتقي بهم يقوم بمهمته بطريقة سليمة. ولو زار المطار لصدم من الطريقة التي يقوم بها جهاز الأمن بمهمته، فالكل غالباً منشغل تماما إما باللعب بهاتفه الأكثر ذكاء منه، أو ترك الحقائب تمر دون مراقبة محتوياتها، أو قابع في زاوية يدخن سيجارته في مكان ممنوع.
أما ان قام سموه بالتخفي في صورة مخلص معاملات في الموانئ أو الشؤون أو الهجرة، فلا أعتقد أنه سينام ليلتها مطمئنا على أحوال «الرعية» في دولته الريعية! وهكذا الحال في كل مناحي الدولة ودوائرها وهيئاتها، دون حصر الأمر بجهات كأسلمة القوانين أو وسطية الأوقاف!
ومناسبة هذا الكلام ايضا ما قام به الشيخ محمد بن راشد، فور اكتشافه لخرير مياه الأمطار لسقف معرض دبي الجوي، من إحالة لجميع القائمين على تنفيذ المشروع من مكتب هندسي ومقاولين ومشرفين إلى النيابة العامة، ووقف جميع أنشطتهم، وتجميد اموالهم المنقولة وغير المنقولة، إلى حين انتهاء التحقيق!
ولو طبق سمو رئيسنا هذا الأمر في الكويت، لكان في ذلك حل سريع لمشكلة المرور، حيث ستخلو الشوارع من عشرات الآلاف الذين سيودعون السجون نتيجة ما تسببوا فيه من خراب سابق وحالي في جميع مشاريع الحكومة تقريبا، والأمثلة أمامنا، وهي أكثر من أن تحصى. وربما، أكرر ربما، يعود سبب الإهمال لدينا لقلة رواتب العاملين في الحكومة، ومطلوب بالتالي زيادتها بنسبة %50 أخرى، لكي… تتعدل الأمور!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com