قبل البداية: غرقت البلاد كلها مع الأمطار في إشارة واضحة على حجم الفساد الذي ينخر بجسد الدولة، والمفارقة الحقيقية هو أن المناطق السكنية القديمة صمدت بشكل أكبر من المشاريع الحكومية الجديدة، والمفارقة الأخرى هو أن الدول المحترمة تجعل من مبانيها الحكومية ملاجئ عامة في أوقات الكوارث، وفي الكويت أول ما ينهار هو المباني الحكومية، وما زال البعض يردد "إحنا بنعمة الكل حاسدنا عليها". في السنوات الأخيرة من حكم الراحل جابر الأحمد، رحمه الله، ارتفعت أصوات سياسية مطالبة بفصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء لأسباب عدة منها عدم تحصين منصب رئيس الوزراء وعدم إقحام أمير المستقبل بالصراعات السياسية وغيرها من أسباب، وقد تحقق ذلك وتم فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء وقد يكون للظروف الصحية للراحل سعد العبدالله رحمه الله دورٌ في ذلك. فعلياً لم يتغير شيء حينها لظروف ولي العهد الصحية مما أدى إلى غياب الدور السياسي له، أما اليوم فنحن أمام حالة مختلفة عمّا كانت عليه في فترة حكم الراحل جابر الأحمد، فعلى الرغم من استمرار فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء فإن ما هو مختلف أن سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد يتمتع بموفور الصحة والعافية أدامها الله عليه، وهو ما يجعلنا أمام فرصة جيدة لتقويم بعض الأمور السيئة في البلاد إن بادر سموه بتولي بعض الأدوار. فان يتولى ديوان سمو ولي العهد مثلاً وبإشراف مباشر منه متابعة ومراقبة المشاريع الحكومة، فإن الحال سيختلف بكل تأكيد عما هو قائم اليوم، كما أن قرب سموه من المواطنين بحياته اليومية يجعله من أكثر الشخصيات قدرة على تلمس الهموم ومعرفة الخلل والمساهمة في تقويمه عطفاً على القيام بالدور المنشود من أسرة الحكم في أن تكون حكماً في حال الاختلاف بين المواطنين وليسوا طرفاً في هذا الاختلاف. أكرر أن ابتعاد الراحل سعد العبدالله عن الساحة بعد فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء لا يجب أن يكون الحالة العامة لكل ولي عهد، بل أتمنى من سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد أن يقوم ببعض الأدوار كالتي أوردناها في سياق هذا المقال لتصبح عرفاً لكل ولاة العهد في المستقبل يسهمون في تحسين أوضاع المجتمع وحمايته من فساد ينخر كل مؤسساته. وبالطبع، فإن ما أقوله لا يعني بأي شكل من الأشكال أن نكتفي بالمناشدة هذه بل إن الإصلاح الحقيقي يكون بإعادة بناء أخلاقيات المجتمع التي دمرت على مر السنوات الماضية من خلال آليات ووسائل عدة منها تقويم وضع وزارة التربية وتشجيع التفكير الحر والبحث العلمي وإعادة الريادة لمؤسسات المجتمع المدني في شتى المجالات. ولأن الوصول إلى هذا الأمر يتطلب البداية أولاً وأعواماً طويلة من البناء، فإن السعي للحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه لحين الوصول إلى تلك الغاية أمرٌ أتمنى أن يحدث وأن يتجاوب سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد معه. خارج نطاق التغطية: خبر مفاده أن صاعقة ضربت إحدى طائرات الخطوط الكويتية وهي على الأرض، وهنا أطرح تساؤلاً للمختصين أليس من المفترض أن تكون الطائرات مزودة بأدوات تحميها من الصواعق؟