ورد في القبس أن مسؤولين في الشؤون عقدوا اجتماعا مع السفارة الأميركية لمناقشة موضوع جمع التبرعات لسوريا، وأن الاجتماع جاء بعد اكتشاف مخالفات تخص عملية الجمع ووجود «دخلاء» من غير المنتمين لجمعية أو مبرة، ممن جمعوا أموالا ولا أحد يعرف أين ذهبت تلك الأموال! وهنا لا أعتقد أن السفارة الأميركية معنية بوجود دخلاء على العمل الخيري بقدر اهتمامها بموضوع لمن ترسل تلك الأموال، وهذا ما لم يرد ذكره في الخبر. أما وجود دخلاء في العمل الخيري من عدمه فلم يكن يوما سببا في مخالفات الجمعيات والمبرات، فغالبية تلك السرقات أو المخالفات حدثت من قبل جهات معروفة لها، وصاحبها استغلال سيىء لأموال التبرعات التي لا صاحب لها، وسجلات الوزارة تمتلئ بقصص النصب والاحتيال من قبل منتمين لتلك الجمعيات ومحاسبين فيها وشاغلي كبار المناصب فيها. كما يعيش بيننا الكثيرون ممن يطلق عليهم اسم قادة حزبيين، وهم معروفون بانتماءاتهم الدينية، ومنهم كتاب ودعاة، ممن سمنت لحوم أكتافهم من استغلالهم الطويل للدين وأمواله في الإثراء غير المشروع، من خلال عقود حكومية ضخمة، التي ما كانوا ليحصلوا عليها لو لم يكونوا «حزبيين دينيين! ولا ننسى هنا الإشارة للخلاف الشهير الذي دب بين رفاق الأمس من السلف على أموال شركتهم الاستثمارية، والتي أكدت للمرة الألف أن «تعاونهم» لم يكن لخير الجماعة والدين، أو طلبا للثواب بقدر ما كان لجمع مال الدنيا والاستمتاع بمتاعها. وكذلك القضية التي قام فيها الراعي باقتطاع مبالغ كبيرة لنفسه منها، لكونه من «القائمين عليها» لا تزال في بداياتها، وأخبارها ستزكم الأنوف قريبا! وطبعا هناك عشرات المشاريع التي بدأت وانتهت، أو لا تزال أطلالها قائمة، كمشروع آخر كان «الإخاء الديني» غطاء له، ولكن فساد الوسائل التي اتبعت في إنجاز ما تم من المشروع أضاع أموال الكثيرين من الذين وضعوا ثقتهم في المشرفين على المشروع، الذي كان يغص بالمخالفات منذ يومه الأول!
إن العمل الخيري الحقيقي لا غني عنه، ولكنه بحاجة الى غربلة كاملة، وأساس علته تكمن في «حق» من يقوم بجمع التبرعات في استقطاع نسبة %20 مما يجمع لنفسه، إضافة لضعف أجهزة الرقابة عليه، والتي يجب أن تتصف بجدية وحرفية كبيرة، من هيئة رقابة أهلية أو مختلطة مستقلة، وليس ترك أمر مراقبة جمع مئات الملايين بيد إدارة ضعيفة في وزارة كثيرة المسؤوليات.
أحمد الصراف