قامت الإذاعة، بعد تحرير الكويت من حكم صدام بفترة، بإجراء مقابلة مع رجل الدين عجيل النشمي، الذي له انتماءات مع الإخوان المسلمين، وقد استمعت له بنفسي، وهو يرد على سؤال يتعلق بمدى حرمة خروج المرأة من بيتها لكي تقاوم الاحتلال، فقال بكل وضوح، انه يحرم على المرأة الخروج للقتال وحمل السلاح ومقاومة المحتل، فمكانها بيتها، مع زوجها واطفالها! وهنا يجب الاعتراف بأن إجابته كانت منسجمة مع فهمه الأقرب للصحة لما يقوله الشرع في هذه المسألة! والمشكلة بالتالي ليست معه، بل مع جماعته الآخرين، من إخوان مصر وغيرهم، الذين طالما شاركوه في المناداة بـ «احترام كرامة» بسترها، وتغطية شعرها خوفا من الفتنة، وإبقائها في البيت، والذود عن كرامتها بمنعها من الاختلاء بالغير، وتحريم اختلاطها، أو العمل مع المحرمين عليها في مكاتب مغلقة أو حتى مفتوحة، وتعريض سمعتها، وسمعة أهلها للسوء، فهي «عورة»، صوتا وشكلا ومظهرا وتصرفا، ويجب أن تبقى كذلك!
كل هذا كان مقبولا من البعض لانسجامه مع نصوص دينية محددة! ولكن فجأة ظهر فهم جديد للموقف من المرأة، ومن مسألة مشاركتها في القتال والكفاح والتظاهر والغناء والكذب والتهريب، بعد أن وجد «إخوان مصر» أن الموقف الجديد من المرأة، ولو مرحليا، سينفعهم سياسيا ويغنيهم تجاريا، فخروج المرأة من البيت أصبح فجأة مباحا، ومشاركتها في التظاهرات، دفاعا عن «شرعية مرسي» حلالا وواجبا مستحقا عليها أداءه، ويأتي حتى قبل واجبها نحو الزوج والعناية بالأبناء و إكمال الدراسة أو حتى عملها الذي تتقاضى راتبا عنه! وتوقف حكم صوت المرأة عورة، فالحاجة لصوتها في التظاهرات أصبح واجبا، ولو لعلعت نبراته في السموات السبع! كما اصبح وجهها السافر، وهي تتقدم الصفوف، حاملة راية الإخوان، امرا مرحبا به، وحملها السلاح زينة لها وواجب مقدس، وتعرضها للضرب بهراوات رجال الأمن مقبولا، لأنها تخدم قضية حزبها ولعودة رجاله لكرسي الحكم ليعيدوها بعدها الى بيتها صاغرة ذليلة!
كل هذا التغيير الجذري حدث لأن الحزب الخائب فشل في الاحتفاظ بكرسي حكم مصر، ويريد العودة له بأي ثمن، ولو كان على حساب كل «المبادئ» التي سبق أن طوشوا آذاننا بها! آه، يا له من حزب أفاق وقيادة وصولية فاشلة.
أحمد الصراف