الشهر: أكتوبر 2013
سر صمود الطغاة
كنت اشاهد ابان الحرب العراقية ـ الايرانية صدام اثناء لقاءاته مع الرسميين او المواطنين وأستغرب من رباطة جأشه ونكاته وضحكه مع زائريه رغم ان ايران في تلك المرحلة كانت هي المنتصرة وتقوم تباعا باحتلال جنوب وشمال العراق وهي في طريقها لإسقاط نظام البعث القمعي في بغداد، كما كانت ترفض وقف اطلاق النار او القبول بقرارات الامم المتحدة الداعية لذلك.
***
كان واضحا آنذاك ان هناك سرا، وان الامر
لا يعكس على الاطلاق شجاعة صدام، فجميع الطغاة وعبر التاريخ جبناء ويخفون ذلك الجبن خلف الاستقواء على الضعفاء الابرياء من اطفال ونساء، وان الطاغية صدام لا ينطبق عليه قطعا ما قاله المتنبي في علوي العقيدة الامير سيف الدولة الحمداني ونصه:
وقفت وما في الموت من شك لواقف
كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الابطال كلمى هزيمة
ووجهك وضاح وثغرك باسم
وقد اكتشفنا لاحقا ان ثبات صدام مرده انه كان يعلم ومنذ وقت مبكر ان هناك قوى متنفذة بالعالم لن تسمح بهزيمته وانها ستعطيه حين يجدّ الجد وتبدو رايات الهزيمة الحقيقية في الافق اسلحة الدمار الشامل وحق استخدامها ضد الاعداء في الخارج والداخل دون ان يعترض احد.
***
آخر محطة: 1 ـ أتى في تقارير الصحف الاجنبية ان الرئيس السوري كان بالمثل يتبادل النكات والضحك مع الوفد اليمني الزائر، مما يعني ان هناك وعودا مماثلة اعطيت له بأنه لن يعزل (بن علي) أو يقتل (القذافي) أو يسجن (مبارك) بل سيستبدل له صداع حكم كل سورية، براحة حكم جزء من سورية موال له بالكامل.
2 ـ هل يعقل إبان ضرب المجرم صدام للايرانيين في الفاو والاكراد في حلبجة بالكيماوي، ان يقال ان الايرانيين والاكراد هم من ضربوا انفسهم بأسلحة الدمار الشامل لتوريط صدام؟! كلّم العاقل بما يعقل!
شيخ وشيخ
نقلت شاشات قنوات تلفزيونية مصرية والكثير من صحفها خبر استقبال الفريق عبدالفتاح السيسي، اقوى رجل في مصر، لوفد كويتي برئاسة «شيخ»! بالتمعن أكثر في الأسماء والصفات والصور نجد أن «الوفد الكويتي» تكون من شخصين، أحدهما يوسف العميري، أحد ممولي إنتاج فيلم «ذئاب لا تأكل اللحم»، والذي اعتبره أسوأ فيلم كويتي مصري في التاريخ، والذي سبق أن عين نفسه «رئيسا» لبيت الكويت للأعمال الوطنية، وهي جهة غير قانونية ولا وجود لها اصلا! أما صفة «الشيخ» التي اطلقتها الصحف عليه، فهي لا تنطبق عليه، لا دينيا ولا انتماء لأسرة الصباح!
قمت فور اطلاعي على الخبر بالاتصال بسعادة السفير المصري، الصديق عبدالكريم، لسؤاله عن مضمون الخبر وكيف تمكن «الوفد»، الذي لا صفة له ولا يمثل أحدا، من مقابلة السيسي، فنفى علمه بالأمر، فقمت بالاتصال بسفيرنا السابق في مصر، لسؤاله عن خلفيات الخبر، وعن الكيفية التي وصل بها ذلك «الوفد الكويتي» لمقابلة السيسي، فنفى أيضا علمه بالخبر ووعد بالاتصال بالقائم بالأعمال في سفارتنا في القاهرة لسؤاله، وعاد ليقول إن السفارة ليس لها علاقة باللقاء الغريب ولا تعرف عنه شيئا، وكنت سأقوم بالاتصال بآخرين في وزارة الخارجية لسؤالهم عن الخبر، وربما بعدها برئيس الوزراء الذي سبق أن أمر «باستمرار» استفادة عضو الوفد من وجود «بيت الكويت للأعمال»، ولكني لم أفعل، لشعوري بأن الجميع سينفي علاقته بذلك الوفد الغريب!
***
وبالأمس تذكرت قصة مواطن آخر، وهو «غازي ص.»، الذي اختار البقاء بعيدا عن وطنه بعد تراكم القضايا عليه، والذي يمكن اعتباره الكويتي الوحيد الذي استطاع خداع اللبنانيين بطريقة فريدة. فقد بدأ نشاطه في لبنان، بعد الطفرة التي واكبت توقيع آخر اتفاقية سلام بين الأطراف المتحاربة، بشراء أراض استثمارية لبناء شقق سكنية عليها، ونجح في استغلال «سمعته كشيخ» وطريقة معيشته الباذخة في الترويج لمشاريعه قبل البدء بها، وهكذا نجح في بيع جميع وحدات مشاريعه، وتسلم الدفعات الأولى، ليختفي بعدها من على شاشة الرادار، من دون ان ينهي شيئا من مشاريعه! وخلال فترة «النصب» تلك تصادف وجودي معه، مرتين، في الدرجة نفسها على الطائرة المتجهة الى بيروت، وفي الحالتين استخدم «الاستراتيجية الدعائية» نفسها! فما ان وصلت الطائرة ارض المطار، وانتهى المضيف من سرد المعلومات الضرورية، ومنها الطلب من الركاب التزام مقاعدهم، حتى رفع صوته راجيا من «الشيخ غازي ص.»، التقدم إلى الأمام، حيث تنتظره الليموزين عند سلم الطائرة!
وحيث انني كنت المسافر الآخر في الدرجة نفسها، وكان هو يجلس في الصف الأول، فقد استنكرت تصرف المضيف في المرة الأولى، وسألته عن السبب فتذرع، مبتسما بخبث، بأنه يتبع التعليمات! ولم أهتم في المرة الثانية بالسؤال، بعد أن عرفت أن هذا أسلوب اتبعه ذلك الرجل للترويج لنفسه في مجتمع لا يعرف كيف يفرق بين الشيخ وبين منتحل الصفة!
أحمد الصراف