احمد الصراف

الأنظمة المنهكة

ليس هناك مثال أفضل من مصر، وقبلها إيران، لما يمكن أن يتسبب به الحكم الديني من خراب، ليس فقط لافتقاد قيادته التقليدية لعلوم ومبادئ الحكم وأصوله وألاعيبه، بل وأيضا لما يحمله الحكم الديني من عوامل ضعف في أساس بنيته، هذا غير ميله الشديد لتفضيل من ينتمون لعقيدته على غيرهم، ولو كانت مصلحة الدولة العليا في مصلحة الأخيرين! وقد رأينا ذلك في مصر عندما فصل أو اقال الرئيس «الإخواني» محمد مرسي جميع الكفاءات الإدارية وعين بدلا عنهم من ينتمي للإخوان المسلمين، بصرف النظر عن كفاءتهم. كما رأينا، قبل أكثر من 30 عاما، كيف أصر الزعيم الإيراني «الخميني» على تضمين الدستور الإيراني مادة لا تسمح لغير المسلم الشيعي الاثنى عشري تولي منصب رئاسة الجمهورية، في دولة يدين اكثر من %70 من شعبها بالمذهب نفسه! وهذا يتناقض مع أبسط حقوق الإنسان، ويتعارض مع تجارب دول أقل أهمية وتعقيدا من إيران، كالسنغال، ذات الأغلبية المسلمة الطاغية، التي لم يتردد شعبها في اختيار المسيحي ليبولد سنغور، ليكون رئيسا للجمهورية لأكثر من دورة، لكفاءته وليس لديانته أو مذهبه!
تعتبر إيران من الدول النادرة في العالم، إضافة للولايات المتحدة ودولة أو اثنتين أخريين، التي تمتلك كل شيء تقريبا. فلديها فائض كبير من المياه، ومساحتها كبيرة، واشتهر شعبها بمثابرته وجلده على العمل والانتاجية. كما لدى إيران مخزون نفطي هائل فوق ما تمتلكه من غاز ومعادن ثمينة أخرى. وأرضها خصبة، وطبيعتها رائعة، وصحاريها غنية بثرواتها الطبيعية وجبالها شاهقة ودرجات حرارتها متعددة، وتنمو فيها افضل أنواع الفواكه والنباتات، وتشتهر بالفستق والزعفران والرز واللوز، المر منه بالذات، والذي يصدر كامل محصوله منذ أكثر من نصف قرن إلى إيطاليا ليصنع منه شراب «الأمريتو» الشهير، ولم يمنع طبعا «تدين» قيادة طهران من استمرار تصديرها للوز بالرغم من علمها بما يستخدم فيه. وكان لإيران شأن تاريخي وحضور دولي، ولكن بعد 34 عاما من «الثورة المباركة» أصبحت إيران، بقيادتها الدينية المتزمتة مصدر قلق ليس لجيرانها والمجتمع الدولي بل وايضا للشعب الإيراني نفسه، والذي طالما اشتهر بعلمائه «الحقيقيين» وأطبائه الحاذقين ومهندسيه العالميين، ولكن كل ذلك اختفى مع اختفاء تنوع الدولة الثقافي والاثني، بعد أن تولى الإمام الخميني الحكم عام 1979، ونجاحه في بث عدم الاطمئنان في قلوب كل الليبراليين والزرادشتيين والأرمن واليهود والبهائيين، وحتى المسلمين السنة، فهرب وهاجر أفضل هؤلاء وغيرهم من الإيرانيين التواقين لحب الحياة والحرية، والمعارضين التاريخيين للحكم الديني، إلى خارج إيران حاملين معهم عقولهم وخبراتهم، تاركين وراءهم كل قبيح! وقد رأينا، من خلال وصول، أو شبه تعيين، أحمدي نجاد ومحمد مرسي النوعية المتواضعة الإمكانات التي تصل عادة للحكم في الأنظمة الدينية، وإلا كيف يمكن أن نصدق أن الشعبين، الإيراني والمصري، بملايينهم المائة والخمسين، لم يجدوا بينهم أفضل من مرسي ونجاد، ليحكماهم، بكل ما مثلاه من فراغ في المعرفة والحنكة، وهما ليسا إلا نتاج حكم ديني متخلف؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الإسكان.. وضياع البوصلة

«ناطر بيت».. تجمّع شبابي كويتي يهدف إلى الاستعجال في حل مشكلة السكن عن طريق الضغط على الحكومة لوضع حل جذري وناجع لهذه المشكلة الأزلية. وقد نجح التجمع حتى الآن في إرغام الحكومة على إعطاء القضية الإسكانية أولوية خاصة وعقدت لها اجتماعا استثنائيا!
كل ما تم جميل، وفي الطريق الصحيح.. لكن!
لن نتمكن من حل مشكلة السكن إلا إذا عرفنا مكمن العلة. والعلة كانت سابقا في توفير الارض فقط، اما اليوم فالعلة مع الاسف في القانون! نعم، قانون الشركات المساهمة، الذي يلزم الحكومة ببناء المدن الاسكانية وفقا لاجراءات تعجيزية! حيث يتطلب إنشاء شركة مساهمة عامة تتولى بناء المدن واستثمارها على أسس تجارية! وقد طرحت فعلا بعض المشاريع وفقا لهذا القانون، وأذكر منها مشروع «مدينة منخفضة التكاليف» كبديل لبيوت الصليبية وتيماء، وقد تمت دراسة كراسة المواصفات، وبعد انتهاء مدة تقديم العطاءات.. لم يتقدم أحد! وكان السبب واضحا، وهو أن قانون الشركات يجعل من المشروع غير ذي جدوى اقتصادية. لذلك، لم يخاطر أحد بالتقدم للمشاركة. ثم تم إقناع الحكومة والمجلس بأهمية تعديل القانون ليكون مجدياً اقتصادياً لمن يريد أن يضع ملايينه لعدة سنوات في التراب، فتم تعديل فقرة واحدة بشأن تحمّل الحكومة تكاليف البنية التحتية، وعندما طرح المشروع مرة ثانية لم تتقدّم إلا شركة واحدة، فاضطرت الوزارة إلى إعلانها فائزة، وكانت المفاجأة أن هذه الشركة اعتذرت عن استكمال إجراءات الترسية لظروف المشروع!
أذكر جيدا عندما تقدم السيد أحمد السعدون باقتراح هذا القانون كان الهدف منه مزيدا من الشفافية في إجراءات الطرح والترسية والإشراف على المشاريع الإسكانية، وهي أهداف لا شك في سموها وأهميتها، خصوصاً ان الممارسة السابقة لم تكن مشجعة وقد تم تسجيل عدة ملاحظات على المشاريع الاسكانية من قبل لجنة الميزانيات في مجلس الامة وديوان المحاسبة، لكن المشرع غفل -مع الأسف- عن إمكانية تنفيذ القانون ومواءمته للواقع، مما جعل القانون يصدر قبل سبع سنوات والى اليوم لم يتم تنفيذ مدينة سكنية واحدة!
باختصار، حل المشكلة يكمن في تعديل القانون والسماح للمؤسسة العامة للرعاية السكنية ببناء المدن الإسكانية وطرح القطع الاستثمارية والتجارية والحرفية للقطاع الخاص، وهذا سيقلل من تكاليف المشروع على الحكومة. تتبقى مشكلة توفير الارض الصالحة للسكن، وهذا يحتاج إلى قرار حازم من مجلس الوزراء يلزم شركة نفط الكويت التنازل عن بعض الأراضي الفضاء التي لها امتياز عليها مع اتباع الطرق الفنية الحديثة لاستخراج النفط! وثالث العناصر التي كانت معوقة لحل أزمة السكن هو توافر الميزانية اللازمة للمشاريع، وأعتقد لن تمر علينا وفرة مالية كالتي نعيشها اليوم في اسواق النفط. لذلك، حري بنا ان ننفق هذه الاموال على انشاء المدن افضل الف مرة من ان ننفقها على مجموعة إرهابيين انقلبوا على الشرعية في بلادهم وأخذوا يقتلون شعوبهم جهارا نهارا!

***
شكراً «للحكومة»
لئن سمحنا لأنفسنا بانتقاد بعض المسؤولين في أقوالهم وأفعالهم، فمن باب أولى أن نذكر لهم بعضاً من محاسنهم، ولقد انتقدنا كثيراً دعم الكويت للانقلاب في مصر، واتسعت صدور من انتقدناهم وتحمّلونا، ولكن التصرف الحكيم للحكومة أخيراً في تأجيل بعض المناسبات واللقاءات دليل على حكمة الحكومة في رفع الحرج عن الكويت وأهلها، ودليل كذلك على أن الكويت بلد عزة وكرامة، ولن تقبل بتجاهل أي طرف لها مهما كانت منزلته، فكيف بمن تولى السلطة، منقلباً على الشرعية! شكراً كبيرة للحكومة، ولعلها بداية لعهد جديد من السياسات المميزة في المنطقة والأكثر استقلالية.

سامي النصف

لآلئ وإضاءات

في وقت ننشغل فيه بلعن الظلام كلما قرأنا موقع بلدنا في تسلسل مؤشرات وإحصاءات المنظمات الدولية، تظل هناك شموع وإضاءات تتلألأ وتضيء الطريق لمستقبل مشرق للكويت غير عابئة بما يفعله الجاحدون والجاهلون ،ومن تلك الاشراقات التي أوردت الصحف بالأمس أخبارها:

٭ قيام الرئيس القبرصي بتقليد قنصل عام قبرص فهد المعجل وسام المساهمة المتميزة تقديرا لجهده على مدى 5 عقود لتعزيز العلاقات الثنائية بين الكويت وجمهورية قبرص الصديقة كما أتى في جريدة «الأنباء» أمس.

٭ م.منار الحشاش تم تقدير مساهمتها في نشر الثقافة الإلكترونية وتسخير أدوات تكنولوجيا الاتصال بما يعود بالنفع على المجتمع، فتمت دعوتها كمتحدثة رئيسية في ملتقى «المرأة ووسائل الاتصال الاجتماعي» الذي عقد في البحرين برئاسة حرم عاهل البحرين سمو الأميرة سبيكة آل خليفة كما أتى في جريدة «الكويتية».

٭ حقق فريق الخطوط الجوية الكويتية بطولة العالم لشركات الطيران في لندن بعد تغلبه في التصفيات النهائية التي شارك فيها اكثر من 50 شركة طيران عالمية على البريتش ايروايز 3/4 ليضيف أبطال الكويت بقيادة المبدع عادل الغريب إنجازا غير مسبوق بتحقيق البطولة للعام الثالث على التوالي ولا شك ان حصد الجوائز الدولية هو إضافة حقيقية لسمعة الكويت.

٭ قامت سيدات كويتيات فاضلات يشكلن لجنة «حياة» التابعة لمبرة رقية القطامي ببدء حملة خيرية تطوعية لمكافحة سرطان الثدي وستتضمن الفعاليات مأدبة عشاء خيري تقام مساء 23 /10 في فندق ميسوني كما اتى في جريدة «الجريدة»، العمل الخيري يجب ألا يقتصر على توجه سياسي معين بل يجب أن ينتشر ويساهم فيه الجميع.

***

آخر محطة: من الإضاءات المشرقة خارج الكويت: (1) ما اكده المرجع الديني الأعلى آية الله السيد علي السيستاني من ان سب أصحاب النبي وقراباته امر مدان ومستنكر وهو توجه خيّر سار على هديه السيد نوري المالكي والسيد مقتدى الصدر كما اتى في جريدة «الوطن».

(2) فازت الناشطة الباكستانية ملالا يوسف، البالغة من العمر 16 عاما بجائزة «سخاروف» لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوروبي، كما أصبحت ملالا اصغر مرشحة في التاريخ لجائزة نوبل للسلام التي حصدت جائزتها امس منظمة حظر الأسلحة الكيماوية كما اتى بتصرف في جريدة «الراي».

 

 

احمد الصراف

كيف نحكم ونحكم؟

هناك مخاض دستوري تشهده مصر وتونس وليبيا، وستتبعها سوريا، عاجلا أم آجلا. ويبدو أن جهات تدفع لأن تكون الصبغة الإسلامية هي الغالبة على مواد هذه الدساتير، والسعي لتثبيت ما يشبه المادة الثانية من الدستور الكويتي أو رفعها، كما هو في الدستور التركي، أو تخفيفها، وكما هو في الدستور التونسي القديم، وبالتالي ستتأثر حياة شعوب هذه الدول سلبا أو إيجابا، تبعا لما ينتهي إليه ذلك المخاض، وهذه ضريبة على الشعوب الجاهلة في عمومها، دفعتها إلى أن تعرف أن الفكر الديني لا يقبل بالديموقراطية ولا بالتعددية في مفهومهما الحديث، وبالتالي فلا مناص من القبول بدستور علماني عصري يغطي بعدالته الجميع، فبديل ذلك تطبيق الحدود على الكفرة والمشركين، من مواطنين وغيرهم، وما يتطلبه ذلك من حكم فردي دكتاتوري ديني مطلق لا يسمح فيه لأحد بالاحتجاج ولا حتى بهمس السؤال. والغريب أن لا أحد من الإخوان المسلمين، ولا من مناوئيهم من السلف، على استعداد للاعتراف بوجود تناقض بين الديموقراطية التي يدعون إليها جهرا، ومفهومها وفلسفتها اللذين يتعارضان مع فكرهم! فهذه الجماعات تصرّ على وجود «مرجعية دينية» ذات سلطات واسعة، كما هي الحال في إيران مثلا، علما أن الديموقراطية لا تقبل بوجود أي نوع من المرجعية، فوجودها مناقض لروح الدولة العصرية. ويُذكر أن كلمة دولة لم يرد ذكرها في أي من كتب التراث، وبالتالي ليس غريبا أن الفكر الإسلامي لم يتطرق إلى نظام الحكم الأمثل المطلوب اتباعه، وما وجدناه في التاريخ الإسلامي لم يكن غير أنظمة حكم تتالت على المسلمين منذ اليوم الأول، وحتى انهيار دولة الخلافة العثمانية، كان السيف فيها هو الفيصل والحكم لمن غلب! وعيب مثل هذا النوع من أنظمة الحكم أنها غالباً تنتهي بموت «القائد المرشد» أو فناء سلالته، فلا انتخابات ولا تبادل سلطة ولا رقابة لأعمال الحاكم، ولا شفافية ولا حساب ولا عقاب، ولا آلية تشريع غير كلمة الحاكم أو المرشد الأعلى. ومعروف أن أيا من الخلفاء الراشدين لم يضع نظاما موحّدا لاختيار من يأتي بعده، فقد كانت لكل منهم طريقته في الحكم وظروف عصره، فقد حصر الخليفة عمر الخلافة في قريش، بعد رفع السيف في السقيفة، لتبقى بينهم لأكثر من ستمائة عام. واختار الخليفة أبو بكر أن يعين، كتابة: عمر خليفة من بعده! وقام عمر، وهو يصارع الموت، بتعيين لجنة من ستة من الصحابة ليختاروا من بينهم من يكون خليفته، فاختاروا عثمان، ولكن هذا قُتل قبل أن يختار من يخلفه، فاختارت فئة علي خليفة، فنازعه معاوية في الخلافة، فارتفعت سيوف الطرفين في صفين، وتفرّق المبشرون بالجنة، هذا في طرف وذلك في الطرف الآخر، لتبدأ نار الفتنة الكبرى، التي لا تزال متقدة إلى اليوم، وليبدأ بعدها الحكم الوراثي في الأسر الحاكمة من أموية وعباسية وفاطمية وعثمانية وغيرها!
والسؤال هنا للسادة تجّار الدين في زماننا: أي نظام إسلامي قديم سيتبعونه إن استولوا على السلطة: طريقة أبي بكر أم طريقة عمر أم طريقة عثمان أم طريقة علي، أم من جاء بعدهم من أمويين وعباسيين وغيرهم؟ وحيث إنه لا أحد بإمكانه القول بأفضلية طريقة على أخرى، فإننا نجد أن الحل هو في الديموقراطية الغربية، التي لا يمكن أن تطبَّق بطريقة سليمة بغير علمانية، تتيح للجميع الدرجة نفسها من المساواة أمام القانون، وأي كلام خلاف ذلك يعني استمرار الاقتتال والتخلّف والتشرّد.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

مذكرات مواطن «محترم» (4)

 

منذ أن خرج المواطن المحترم من بيته في ذلك الصباح وهو يشعر بأن يومه لن يكون طيباً على الإطلاق! مشياً على الأقدام وصل إلى الشارع العمومي منتظراً في محطة النقل العام أية وسيلة تقله إلى مقصده بعد أن عانى الويل من سيارته المقعدة في ورشة التصليح منذ عدة أيام، وفي الوقت ذاته، لا يستطيع شراء قطع الغيار المطلوبة فثمنها يفرض عليه أن ينتظر المعاش.

توقفت سيارة نقل صغيرة «بيك أب» فصعد حاشراً نفسه مع بعض الآسيويين. أعجبه الموضوع الذي كان يسمعه من المذياع فتحدث مع السائق قائلاً: «اللخو، خوش موضوع يناقشونه… أي والله يا الشيخ ترى الناس صارت تهتك أعراض بعضها بعض. بيوت تتهدم بسبب هالشغلة وأسر تضيع. لا والكل والبعض يعطيك مبررات على ما يفعله من فعل محرم. استغفر الله ربي وأتوب إليه. عطه صوت يا الحجي خل نسمع شوي».

كان البرنامج الإذاعي مخصصاً لموقف الدين الإسلامي من انتهاك الأعراض بالقول أو بالفعل، أو بالتآمر وتعمد تشويه سمعة الناس، حتى أن سائق الأجرة تحدث عن الجزء الماضي من البرنامج الذي لم يلحق عليه المواطن المحترم: «تصدق يا خوي… قبل شوي كانوا يتكلمون عن انتهاك الأعراض في الجاهلية. يقول لك، في ذلك الأوان، كان الساقطين من الناس يستعينيون ببعض الشعراء الساقطين، فيقوم الأول بمنح مبلغ من المال للثاني، الشاعر، ليكتب قصيدة يهجو فيها عرض غريمه. والثاني، ألا وهو الشاعر، كان يمشي ويردد تلك القصيدة حتى تنتشر بين الناس في القبائل. لا وأزيدك… شايف شلون بعض المنتديات الإلكترونية وشاكلتها؟ في الجاهلية كان هناك ما يشابهها تماماً! فيجتمع بعض الساقطين المتفقين على خراب بيوت الناس وينالون من الأعراض بكل تفاخر واعتزاز. وكلما استطاع الساقط أن ينال من عرض فلان أو علان أكثر كلما دفع له الساقط الذي استخدمه أكثر وأكثر».

المواطن المحترم بدا متأثراً جداً! حتى أنه وجه كلامه إلى السائق معبراً عن استيائه ممن ينسبون أنفسهم إلى الدين الإسلامي الحنيف، ويخوضون في أعراض الناس ويشهرون بهم ويشوهون سمعتهم، لكنه فجأة غضب بشدة وهو يقول: «يا أخي هناك بشر لا يخافون الله؟ هل تعلم بأن أحدهم ممن اشتهر بانتهاك أعراض الناس والنيل منهم في المنتديات وفي وسائل التواصل التي انتشرت في الآونة الأخيرة من فيس بوك وتويتر وانستغرام وغيرها.. كان يبرر لنفسه ما يفعل من سوء ومن أفكار شيطانية؟ كان يستخدم كلمات من قبيل – أعزكم الله – أولاد المتعة وأبناء الزنا ليصف من يخالفه في المذهب من الناس! بل ويزداد في عناده وإصراره ليصل الأمر به إلى أن يقول (أصلاً هم كفار) وكل ما نقوله عنهم جائز! والأخطر من ذلك يا أخي، أن هناك نفر من الساقطين مما يدعون أنهم أهل دين وخطابة ومنبر، ويدعون بأنهم من الموحدين، يجاهرون بشتمهم للأعراض والفرح والسرور بما يسمعونه من مثل هذا العمل القبيح. لا.. وتعال عاد روح اشتك على خطيب أو إمام جمعة شتم إنسان أو طائفة أو تجاوز حدوده، تقول (مقري عليه هالزفت)، قضيتك ستكون حبيسة الأدراج.. حسبي الله ونعم الوكيل عليهم».

«بس.. بس.. وقف هني ياللخو.. هني بنزل».. وكان نزوله من سيارة الأجرة بداية تحقق شعوره بأن يومه لن يكون طيباً. ثلاثة من الشباب يمشون ببطء في سيارتهم وهم يتحرشون بعاملة منزل آسيوية، لكن ما أغضبه فعلاً، هو أنه في الجوار، وبالقرب من أحد الدكاكين، كان بعض الرجال يجلسون وهم يشاهدون المنظر وكأنهم يستمتعون به. صرخ في الشبان الثلاثة: «شفيكم… ما تستحون على وجوهكم؟ ما عندكم دين؟ ما عندكم أهل تخافون عليهم؟ عيب يبه عيب. ما تعرفون السنع. ما تعرفون الحلال والحرام. ما تعرفون الأخلاق؟ خلوها هالمسكينة تروح في حال سبيلها». وما هي إلا لحظات بعد كلماته تلك حتى نزل إليه اثنان وحاولوا الاعتداء عليه، لكن ما منعهم هو عبور سيارة فيها بعض الرجال الذين توقفوا ليتبينوا ما يحدث: «صلوا على النبي يا جماعة. استهدوا بالله، شصاير؟ قال المواطن المحترم: هؤلاء كانوا يتحرّشون بعاملة منزل آسيوية. مسكينة كانت خايفة وترتجف وهي تمشي. هاذي موب أخلاق أهل البحرين يبه.

وهنا ركب الشباب السيارة ومضوا خوفاً من أن ينالهم من الجماعة ما ينالهم، أما المواطن المحترم فقد توجه للرجال الجالسين بالقرب من الدكان وعاتبهم: «يا جماعة… يا وجوه الخير، تشاهدون هذه المسكينة في هذا الموقف ولا تردعون هؤلاء؟ ما تبغون الثواب؟ ترى هي امرأة، وهي عرض… حتى لو لم تكن مسلمة. لكن لسان الجميع كان معقوداً عدا أحدهم الذي قال: «ما نبغي مشاكل يا اللخو». ردّ عليه: «طيب.. هل ترضاها على أهلك لا سمح الله؟». هذه مسئولية يا أخي العزيز أمام الله ورسوله وأمام الناس… لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

في تلك الليلة، كان المواطن المحترم يحكي القصة لشلته في المقهى، لكن يبدو أن هذا النوع من الحوادث أصبح مكرراً لدرجة التحول إلى الممل! شعر بذلك فقال مخاطباً نفسه: «الحمد لله أن أولاد الحلال كثيرون. حتى وإن سعى أولاد إبليس لتشويه سمعة بنات الناس وانتهكوا أعراضهم أياً ما كان مبررهم الشيطاني الخسيس، فإن أولاد الحلال موجودون. ألا يعلم أولئك أن من يعتدي على أعراض الناس سيأتي اليوم الذي ينال فيه الشياطين ممن هم على شاكلته من عرضه. ألا يخافون الحوبة؟». عاد إلى منزله وهو يسأل الله أن يستر على بناته وعلى بنات خلق الله من أولئك الخبثاء… أهل الجاهلية.

عادل عبدالله المطيري

سمو الرئيس والأقطاب

الاختلاف من طبيعة البشر، وخاصة في السياسة حيث لابد من الخصومة، فالوزراء هم في حقيقة الأمر ـ صانعو سياسة عامة ـ وقد يراها البعض سياسة ناجحة ويراها البعض الآخر عكس ذلك، ومن هنا ينشأ الاختلاف السياسي الموضوعي بين هذا السياسي والآخرين (نواب وناقدين سياسيين وإعلاميين).

ويجب أن يكون الخلاف حول السياسة المتبعة من ذلك الحكومي، ولابد أن يلتزم المختلفون بالأسلوب النقاشي الراقي القائم على الحجج والبراهين لإثبات وجهة النظر، ومن الضروري أن يقتصر النقاش على السياسة ذاتها ولا يصل إلى ذات السياسي.

مؤخرا لفت انتباهي انقضاض الجميع على الحكومة بكل وزرائها وبطريقة مريبة جدا وبأسلوب فيه الكثير من الشخصانية والعدائية، بل ان حلفاء الحكومة التقليديين وممن احترفوا الدفاع عنها حتى استحقوا لقب (الحكوميين) اصبحوا يتصيدون عليها الأخطاء ويهددون رئيسها ووزراءه.

لا يخفى على المتابعين للشأن السياسي المحلي هوية من يقف وراء تلك الحملة التي تواجهها الحكومة، فبمجرد إلقاء نظرة واحدة على بعض السياسيين أو الاطلاع على عناوين بعض وسائل الإعلام، ستعرف أن تلك الحملة وراءها اقطاب بدأوا حربهم ضد الحكومة ووزرائها.

يبدو أن الهدف الرئيسي من تحرك الأقطاب هو عرقلة جهود الحكومة وكشف ظهرها أمام المعارضة الحقيقية المتواجدة خارج البرلمان، للإطاحة بسمو رئيس الحكومة.

ربما كان خروج المعارضة الحقيقية من البرلمان والتي سبق لها أن نجحت في كبح الجهود الإقصائية لهؤلاء الأقطاب تجاه سمو الرئيس وحكومته، قد ساهم في تقوية تأثير الأقطاب على الحكومة التي باتت أكثر ضعفا، مما لا يجعل أمامها إلا الإسراع في إقرار قانون الصوتين من أجل أن تعود المعارضة الحقيقية للبرلمان فيعود معها التوازن السياسي المفقود ، لتتمكن الحكومة من العمل بكل أريحية.

ختاما ـ الحسد السياسي لا يبني دولة، كما ان الانتقام السياسي لا يعيد منصبا فقد ـ بل ينشر الدمار والخراب في كل مكان ربما أصابت بعض رماح الأقطاب (جمل الحكومة) سمو الرئيس، ولكنها لم ولن تسقطه أرضا.

بشار الصايغ

من هو المغرد / المغردة الكويتية؟

من هو المغرد / المغردة الكويتية؟

المغرد الكويتي يستطيع ان يناقشك في السياسة وجميع مدارسها الفكرية، وبامكانه في الوقت نفسه ان يضع لك دراسة جدوى اقتصادية لانشاء دولة متكاملة ناجحة متطورة بعمرانها وقطاراتها ومطاراتها.

المغرد الكويتي لديه القدرة على تحليل مواقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، والعلاقات الدولية من الصين الى الولايات المتحدة، وهو لابس “مكسر وفانيله” على سريره، ولا يحتاج أن يلبس بدله ويحضر اجتماعات الأمم المتحدة. متابعة قراءة من هو المغرد / المغردة الكويتية؟

سامي النصف

لا شعبية للحكومة الشعبية!

في البدء.. هناك تعميم بألا ينسب تصريح أو يكتب شيء عن سمو الأمير دون إذن مسبق من الديوان الأميري، الصورة كما يقول المثل الصيني بألف كلمة يضاف لها القدرة هذه الأيام وبسهولة بالغة على التلاعب بالصور عن طريق «الفوتوشوب»، لذا فالواجب ألا يسمح بنشر صور القيادات السياسية دون إذن مسبق من الديوان الاميري.

***

العائلات الحاكمة في الخليج مستمرة في الحكم منذ قرون عدة خلقت خلالها اعرافا لا يمكن اختراقها او تجاوزها ومن ذلك يجب ألا يصدق أحد بأن هناك أسرا خليجية حاكمة تستهدف أسرا خليجية حاكمة أخرى بقصد إضعافها أو إسقاطها لبديهة ان إضعاف أو إسقاط أسرة حاكمة خليجية واحدة يعني تساقط وإضعاف الأسر الأخرى طبقا لنظرية «الدمنو» السياسية المعروفة، فكل ما يكتب عن ذلك التآمر هو كذب بواح يقصد منه ضرب الدول الخليجية بعضها ببعض حتى يتم الاستفراد بها الواحدة تلو الأخرى.

ويجب ألا يصدق أحد أن هناك أدنى شعبية لمطلب الحكومة الشعبية في الخليج الذي لو تحقق لمهد لحروب أهلية وتنازعات فئوية وقبلية وطائفية تروم اقتسام كعكة موارد الدولة ولشهدنا استباحة تامة لموارد الدول من مناصب وثروات.

***

كل القطاعات المكونة للدول في الخليج تلتقي بشكل دوري على مستوى القيادات السياسية والوزراء والوكلاء.. الخ، نقترح ان نشهد لقاءات دورية لوزراء الدواوين الملكية والسلطانية والأميرية في دول مجلس التعاون للتعاون والاستفادة من تجارب بعضهم البعض، وخلق اعراف مشتركة وفتح قنوات تفاهم وتواصل بين الأسر الحاكمة توثق العلاقة بين الدول.

***

آخر محطة: (1) ان صلاة الجمعة لدينا كمسلمين في المساجد يقابلها على سبيل المثال قداس الأحد لدى المسيحيين في الكنائس، هل شاهد احد قط سيارات امام كنائسهم وقد ركبت الارصفة وداست على الزرع وسدت على الآخرين بحجة حضور الصلاة؟ وهل تسمح دوريات مرورهم بمثل تلك المخالفات المرورية الصارخة؟!

(2) ظهر امس الأربعاء وأنا قادم من العمل عصرا في منطقة اليرموك وأمام المخفر وجدت سيارة لاندكروز رمادية تدخل بشكل خاطئ لفتحة «u-Turn» وتتجه سريعا بشكل معاكس للسير نحوي فبدأت بالتشهد إلا أن سائقها انحرف لليسار و.. توقف أمام المسجد للصلاة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

حسن العيسى

هل انتهت المعارضة؟

 خمد الحراك السياسي المعارض في الكويت – أو أخذ إجازة مفتوحة – في وقت متزامن مع خمود ثورات الربيع العربي وانتكاساتها بفضل بركات المال النفطي وغياب قيادة واضحة الرؤية وذات منهج ثابت ينطلق من تراث أكيد لقوى المجتمع المدني. فإذا كانت نيران المعارضة الكويتية وتجمعاتها واعتصاماتها السلمية التي أطلقت شرارتها، وتأججت نيرانها، قبل عامين إثر فضيحة "الإيداعات المليونية"، وهو العنوان المهذب لرشا كاملة الدسم من السلطة الثرية لعدد من نواب مجلس ٢٠٠٩، انتهت بحفظ التحقيق فيها للقصور التشريعي كما جاء في مذكرة النيابة، فإن الحراك المعارض الذي كان يهز شوارع العاصمة والضواحي السكنية في تلك الأيام الجميلة يقف اليوم منتظراً دوره للتحقيق عند غرف النيابة العامة، أو يبحث رموز ذلك التيار عن أسمائهم في رول القضايا الجزائية المتداولة أمام غرف المحاكم بقصر العدل.
 لماذا انتهى الحال بالمعارضة إلى هذه الصورة البائسة التي تمنتها وعملت من أجلها مجاميع الحلقات الانتهازية التي تدور في فلك السلطة، مع ما رافق تلك الأمنيات الخائبة من عمليات قمع شديدة على يد السلطة وملاحقات قضائية لا تكلّ ولا تهدأ! لا جديد في الجواب السريع المتمثل في غياب الرؤية الموحدة لرموز المعارضة واختلافاتها في تحديد مطالبها وما صاحب ذلك من سياسة العصا والجزرة للسلطة في خنق المعارضة، فنجد، مثلاً، أن بعض شيوخ القبائل – والكويت دولة قبلية من ألفها إلى يائها رغم مرور أكثر من خمسين سنة منذ حصولها على لقب "دولة" بدستور ديكوري- لم يجدوا حرجاً في التراجع عن مواقف متشددة صلبة ضد ممارسات السلطة وانقلب حالهم، سريعاً، مع "جزرة" السلطة، وأضحوا أقرب المقربين إليها بين عشية وضحاها، وعاصر ذلك أيضاً هدايا وعطايا بإعفاءات ومنح مالية لعموم الشعب، بينما كانت "عصي" القوات الخاصة تهرول خلف تجمعات المعارضين وعصا التشريعات الاستبدادية تقتفي آثار أقدامهم، تحاسبهم (حسب القانون) على ما تحدثوا وصرحوا به، وما تحتمله ألفاظهم من تفاسير تدين أصحابها وتودعهم زنازين الدولة إلى أجل غير معلوم.
 هل يمكن عزل ما حدث في الكويت عن الدائرة العربية الأوسع والأكثر حراكاً وقمعاً في الوقت ذاته؟ يسأل الباحثان ميلاني كاميت وإسحاق ديوان في شهرية "لوموند دبلوماتيك" عدد أكتوبر: لماذا بدأ الربيع العربي في ٢٠١٠؟ ويقرران أن "الاستياء الشعبي الذي أدى إلى الانتفاضات يمكن إرجاعه إلى عنصرين رئيسيين، تراجع دولة الرفاه، وتوطيد العلاقات الوثيقة بين الدولة وعناصر معينة من نخبة رجال الأعمال". ويمضي الباحثان في تحليل ظواهر "جمال وعلاء مبارك، وعائلة زين العابدين والطرابلسي" وعوالم المحسوبية والفساد حين يختلط الحكم والتجارة، وتلتحم أنظمة الحكم مع أصحاب البيزنس.
 إذا كانت هذه هي الأسباب المباشرة للربيع العربي، فهي الأسباب ذاتها التي تساهم اليوم في إخماد جذوة هذا الربيع وتحقق بعض الانتصارات هنا وهناك، ورافق تلك الأسباب أمراض مستعصية في الجسد العربي القبلي، مثل انكشاف واقع غياب الهوية الجامعة للشعوب العربية بمعنى شعور الانتماء إلى الدولة الأمة ووحدة الدولة العربية، وصاحَب ذلك بعث جديد لروح القبلية والطائفية الدينية، ففي مصر، رغم أنها دولة لا يخشى عليها التفتت بسبب عمق الهوية المصرية تاريخياً، فإنها وقعت مع بعض أخطاء اجتهادات "الإخوان" فريسة لقوى الدولة العميقة الضاربة في الفساد، وكان هناك أيضاً المال المتدفق من الخارج لقلب مركز التغيير للعالم العربي، وكان انقلاب مصر الأخير.
وخارج مصر كان التغيير الرجعي والتراجع عن الربيع يتجسدان في تقرير الفشل للدولة الليبية وتفتتها مناطقياً تحت إمرة عصابات مسلحة ادّعت شرف الإطاحة بالعقيد، وفي العراق تفتت الدولة أولاً بنظام المحاصصة والمحسوبيات الطائفية، وثانياً بالتفجيرات الانتحارية، وأضحت الدولة مجالس عزاء دائمة، ثم هناك سورية، وتشرذم المقاومة السورية، كنتيجة حتمية لانكشاف تشرذم المجتمع السوري ذاته، وضياع أولويتَي الكرامة والحرية للشعب السوري بإحلال دولة الخلافة في الأرض السورية مكانهما، وإزاحة واقع اللاجئين المأساوي جانباً.
 الطريق إلى التغيير مازال طويلاً، واحتمالات إعادة تشكيل الدول العربية بحدود ودول جديدة يطرح نفسه بشدة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يبقى أن يقر حكام اليوم، الذين لم تهزهم رياح "الربيع"، ويقتنعوا تماماً بأن موت أي معارضة سلمية في أي دولة لا يعني غير إعلان وفاة الدولة ذاتها، فلننتظر القادم من الأيام.

احمد الصراف

«فهموني يا جماعة»

يقول القارئ «م. العجيري» (وبتصرف منا) ان ما يحدث في سوريا أمر مثير للعجب وغير مسبوق في التاريخ الحديث، فقد تمكنت جهات، او التقت جماعات متخلفة متطرفة، سواء بأجندات خاصة أو تلك التي تعمل لمصلحة دول معادية للنظام السوري او حتى تلك التي لها، وفق قناعاته، أجندات لا علاقة لها بالثورة السورية، بل يصب وجودها في مصلحة النظام، التقت جميعها لتشريد وقتل الشعب السوري المنكوب، أو لخلط الأوراق، وجعل مسألة فهم ما يجري من المستحيلات، مع «مكائن» إعلامية موجهة من جهات مختلفة، تبدو أحيانا متناقضة وفاقدة للمصداقية، بما فيها وسائل الاعلام الغربية، وأحيانا أخرى صادقة بصورة مثيرة للشك. كما ساعد تشرذم وتشتت ما يسمى بالمعارضة في زيادة الطين بلة، وجعل تناقض المواقف الدولية، وانتقالها من وضع لآخر مناقضا له تماما وأمرا عاديا جدا، وجعل فهم ما يجري أكثر صعوبة حتى على أكثر العالمين بأسرار السياسات ومخترقي جدران الكواليس! ويستطرد صديقنا قائلا: ان موقف وزير الخارجية الأميركي، جوني كيري الأخير الذي «أشاد» فيه بتعاون النظام السوري في تدمير ترسانته من الأسلحة الكيماوية دليل آخر على عدم اهتمام أي طرف بدماء الشعب السوري، طالما أن كل ما يجري في سوريا لن يؤثر بنهاية الأمر في سلام وأمن جارتها إسرائيل!
ويعتقد العجيري أن ضمان أمن إسرائيل من الجانب السوري هو الورقة الرابحة التي لعب بها «بشار الأسد» ليدفع الأميركيين لأن يغضوا النظر عن أفعاله، وربما حتى الموافقة على إمكانية تمديد فترة بقائه في السلطة حتى الانتخابات الرئاسية السورية القادمة في 2014، على الأقل، والتي لا يعرف أحد كيف يمكن أن تقام في ظل كل هذه الفوضى، دع عنك نزاهتها!
المزعج في الأمر ما اعتقده أو شعر به البعض أو استنتجه من كتاباتنا، من أن مجرد انتقادنا لتصرفات بعض الفصائل المتطرفة المشاركة في الحرب الأهلية في سوريا يعني بصورة تلقائية تأييدنا للنظام، وهذا ما لم يرد قط على بالنا، ولم نفكر فيه او نسعى له. فقد كنا من أوائل من كتبوا منتقدين النظام لما يجري في سوريا، فالمسؤولية الأولى والأخيرة لما جرى ويجري في مصر وفي تونس وليبيا، لا تقع المسؤولية فيه على الاستعمار العالمي وقوى التخلف والرجعية ولا على الصهيونية العالمية، ولا القاعدة وأذنابها، بل على النظام الحاكم فيها الذي تشبث بالسلطة لعقود عدة دون محاولة، أو حتى مجرد التفكير في تمهيد الطريق لتسليم السلطة، عبر انتخابات نزيهة وحرة، لجهة اخرى! هذا ما سبق وان كتبناه أكثر من مرة ولا نزال نصر عليه.
يعود صديقنا ليقول انها ربما المرة الأولى في التاريخ التي تتعاون فيه مجموعة غريبة من جماعات ودول متناقضة المصالح والاهداف والتطلعات والسياسات في إحداث كل هذا الدمار والقتل والتشريد لشعب ما دون ذنب جناه، فما الذي جمع روسيا وإيران والصين وحزب الله والنظام السوري في جهة ضد أميركا(!!) والدول الغربية وقطر والسعودية والقاعدة وتركيا وغيرها في الجانب الآخر، هذا غير مرتزقة الطرفين؟
ما يحدث في سوريا امر محير حقا، ولا أعتقد أن أحدا، على الأقل من بين عشرات المحللين والمعلقين الذين استمعت أو قرأت لهم، استطاع أن يقنعني بأنه يعرف ما يجري هناك!

أحمد الصراف