احمد الصراف

أينا أكثر أمانة؟

“>تعتبر مجلة الريدرز دايجست، أو المختار بالعربية، المجلة الأميركية العائلية الأقدم والأكثر انتشارا في العالم، حيث صدرت لأول مرة عام 1922 وتطبع بـ21 لغة في 70 دولة، وتوزع أكثر من عشرة ملايين نسخة شهريا. كما تصدر طبعات منها بطريقة بريل والديجيتال وبالصوت، وتطبع منها نسخ بحروف كبيرة. وقد قامت هذه المجلة بإجراء تجربة فريدة وطريفة في الوقت نفسه، في عدد من عواصم العالم، حيث قامت برمي 192 محفظة جيب بداخل كل واحدة مبلغ 50 دولارا ورقم هاتف صاحبها وصورة عائلية، وذلك في أماكن متفرقة من 16 عاصمة، وكانت النتيجة غريبة جدا، فقد تبين أن سكان العاصمة الفنلندية، هلسنكي، الأكثر أمانة في العالم، وهنا طبعا الأمور نسبية، وليست بالمطلق! فقد قام 11 من اصل 12 شخصا، ممن وجدوا المحفظة، بالمبادرة من فورهم بالاتصال بصاحبها وإعادتها له. واحتلت العاصمة البرتغالية القاع! ولكن المفاجأة كانت في احتلال مومبي المدينة الهندية الأكبر والأكثر سكانا، وربما الأكثر فقرا في العالم، المرتبة الثانية، فقد أعاد 9 من أصل 12 ممن وجدوا المحفظة لأصاحبها. وبسؤال عدد منهم عن السر وراء أمانتهم، وكانوا في غالبيتهم من الهندوس متوسطي الحال، ذكرت فيشالي ماسكار بأنها تعلم أولادها دائما أن يتصرفوا بأمانة وهذا ما تعلمته من والديها، وبالتالي من الطبيعي ألا تتصرف عكس ذلك. وقال سيران كوبان، وهو مدرس تحت التدريب، انه وصل للمحفظة في اللحظة نفسها مع صبي، وأنه أصر على اخذها لعدم ثقته بالصبي، الذي وعد بإعادتها لأصحابها. وقال ان السبب في أمانته أن الآخرين يعاملونه بثقة وهو يقابلهم بالمثل، وعليه أن يكون أمينا ليكون جديرا بثقة الاخرين به. وقال عبد بن سالم، انه أعاد المحفظة بعد أن وجد بداخلها صورة أم وابنها، وليس هناك، بنظره، ما هو أهم من مثل هذه الصورة لصاحب المحفظة. 
وبين التحقيق أن بودابست، عاصمة هنغاريا جاءت ثالثا ونيويورك رابعا، حيث أعاد 8 المحفظة من أصل 12، وموسكو وامستردام 7 وبرلين ولوبليانا 6 من أصل 12 ولندن ووارسو 5 من 12، وبوخارست وريو دي جانيرو 4 وزيورخ السويسرية 4 محافظ، وبراغ 3 ومدريد 3، واحتلت لشبونة، عاصمة البرتغال، المرتبة الأخيرة بمحفظة واحدة!
والآن يا ترى ما عدد المحافظ التي ستعاد لأصحابها لو أجريت هذه التجارب في دولنا؟! وتقديري أن الرقم لن يكون غريبا وعجيبا، بل سنكون في الوسط أو ربما اقل قليلا، فلا يزال فينا خير، ولكن الرقم حتما لن يتناسب وحجم الجرعة الدينية التي نتناولها كل يوم مقارنة بما يسمعه سكان اي مدينة أخرى في العالم من أذان ومواعظ من خلال مايكروفونات كل يوم داعية الى الأمانة والصدق!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

التقارب الأميركي الإيراني والإنذار المبكر

حتى هذه اللحظة لا اشعر ان هناك تخوفا حقيقيا عند أغلب قادة دول مجلس التعاون من التقارب المفاجئ في العلاقات الاميركية ــ الايرانية! وكأن واقع الحال يقول ان كل ما يجري في المنطقة هو برضا وقبول دولها، بل بتنسيق بين اميركا ودول مجلس التعاون! ونحن ندرك جيدا ان اول ضحايا هذا التقارب هو امن واستقرار هذه الدول! وما زلنا نذكر تصريح اوباما بان الولايات المتحدة ستستغني عن نفط الخليج خلال عامين، مما يفسر عدم مراعاة اميركا لمصالح دول الخليج العربية في ترتيبها لاوراق اللعبة السياسية في المنطقة، بل انها أعطت المصالح الايرانية الاولوية على ما سواها! وهذا قد يكون فهما مقبولا اذا عرفنا ان ايران ممكن ان تلعب دور شرطي الخليج من جديد، ولكنه شرطي يلبس العمامة السوداء! ولعل اقرب مثال على ما اقول هو عدم اكتراث اميركا لمطالب ومناشدة دول مجلس التعاون للمجتمع الدولي بالعمل على اسقاط نظام الاسد، خاصة بعد استعماله للاسلحة الكيماوية ضد شعبه، وشاهدنا جميعا كيف نكص اوباما على عقبيه بشكل مفاجئ وكأن أمراً دبّر بليل! فاتضح لنا ان ما كنا نخشاه قد حصل، وهو ان ايران ضحت بشعاراتها ومبادئ ثورتها من اجل المحافظة على مخططها بالتواصل الجغرافي لدول الهلال الشيعي كما يسمى! واعطت لاميركا الضمانات التي تريدها، واهمها ضمان امن اسرائيل وسلمية البرنامج النووي! ولماذا الاستغراب من هذا التفسير؟ فها هو نظام الاسد منذ اربعين عاما لم يطلق رصاصة واحدة على اسرائيل لتحرير الجولان، فكيف ننتظر منه ان يسعى لتحرير فلسطين؟! ويبدو التوافق في النظرة الى مستقبل المنطقة واضحا بين سوريا وايران، ولم لا يكون كذلك والخلفية العقائدية متقاربة؟! ومن اجل ذلك كان ثمن المحافظة على استمرار نظام الاسد هو التنازل عن مبادئ الثورة الخمينية!
ولقد كانت هناك فرصة لدول مجلس التعاون الخليجي لايجاد توازن في ميزان القوى بالمنطقة، عندما نشأ نظام جديد في مصر يدعو الدول العربية والاسلامية الى الاستقلالية التامة عن مراكز القوى الغربية، وارسل عدة اشارات لهذه الدول للتعاون لتحقيق ذلك، الا ان تبعية بعض دول المنطقة لاميركا والغرب حالت دون ذلك، وأفشلت هذا المخطط، بل ومما يؤسف له ان من ساهم في اسقاط هذا النظام الجديد هو بعض دول المنطقة نفسها! وفعلا بعد سقوط نظام مرسي في مصر تبلورت بشكل واضح هذه العلاقة المشبوهة بين اميركا وايران، ولعل هذا ما يفسر مباركة نظام طهران ونظام الاسد لاسقاط نظام مرسي!
اليوم السعودية ترفض عضويتها بمجلس الامن، لانه عجز عن تحقيق اهدافه بفرض الامن والسلم الدوليين في سوريا، والحقيقة ان الذي شل مجلس الامن عن ممارسة دوره هو اميركا التي رأت ان ايجاد علاقة مميزة وجديدة مع ايران، ستكون كلفته اقل بكثير من شن حرب على نظام كان حارسا لامن اسرائيل طيلة عقود من الزمان!
الان.. اما آن للعقل في الخليج ان يستيقظ؟!
متى ستعي دولنا خطورة ما يجري ويخطط لها ولنا؟! هل نتوقع مزيدا من التطمينات الاميركية لدول الخليج بشأن هذا التقارب المشبوه؟! أمازالت الى اليوم عندنا ثقة في وعود اميركا واوروبا؟! ألم يحن اعلان وحدة خليجية تقلل من خطورة تداعيات هذا التقارب المفاجئ؟ ألا تشعرون يا حكوماتنا ان دوام الحال من المحال؟!
أسئلة كبيرة واجابتها موجودة في عقول المعنيين بالاجابة، لكنهم لا يجرؤون عليها خوفا من الصدمة! لكنه الانذار المبكر! فاليوم لدينا الوقت لتدارك الامر وغدا سنردد جميعا.. «اذا فات الفوت ما ينفع الصوت» والله الحافظ.

سامي النصف

لا أسر خليجية حاكمة بعد عام 2014!

جريدة «الغارديان» التي اشترطت الخلود لمن يسكن احدى دولنا الخليجية كما ذكرنا في مقال سابق، أخرجت مؤخرا من أحد صناديق المهملات كتابا ساقطا لكاتب انجليزي ساخط فحواه ومحتواه تهريج مدفوع الأثمان من إحدى الدول الثورية، حال الكاتب كحال جورج غالاوي الذي ظهر اسمه في كوبونات نفط صدام والقذافي، وللعلم مثل تلك التنبؤات قال بمثلها بداية الستينيات كتّاب أكبر منه أمثال فريد هوليداي وصامويل هنتنغتون ومرت عقود وسقطت الأنظمة اليسارية الثورية التي استهدفت الأنظمة والدول الخليجية وبقيت دولنا الخليجية مستقرة وتزداد ازدهارا مع كل يوم يمر.

***

الغريب ان الكاتب د.كريستفرسون ديفيدسن هو أول من يكذب ويهدم نظرية سقوط الانظمة الخليجية التي تنبأ بها وانتشرت على الفضائيات ومواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي المعادية لدول الخليج ما أوجب الرد عليها، فالكاتب يقر حتى قرب نهاية الكتاب المكون من 320 صفحة بحجم رفاه ورضا المواطن الخليجي، وان الرفاه امتد للمقيم الذي لا يدفع ضرائب ويحصل على دخل وخدمات لا يحصل عليها في بلده، كما يقر بذكاء وحكمة وتأثير سياسة «القوة الخليجية الناعمة» التي وصلت لدول العالم الثالث عبر المساعدات السخية والسمعة الطيبة، وإلى دول العالم الأول عبر الاستثمارات المدروسة التي امتدت لمراكز الأبحاث والجامعات والأندية الرياضية المتصلة بقطاع الشباب وحتى الى الاجزاء الأكثر فقرا وتخلفا في تلك الدول المتقدمة كحال مانشستر وضواحي باريس.. الخ، حتى انتهى الأمر بخلق مصالح مشتركة تدفع دول الشرق والغرب معا للدفاع عن الدول والأنظمة الخليجية كما ترجم ذلك إبان احتلال الكويت عام 90 ـ 91.

***

آخر محطة: (1) يقول مثل خليجي شائع ما معناه «ينولك من الكاذب صدق قليل» ومن ذلك ضرورة الانتباه لما قاله ديفيدسون المختص في علوم الاقتصاد من خطورة التزايد السكاني الخليجي الذي هو الأعلى في العالم ويزيد من تآكل الموارد الاقتصادية، وكذلك خطورة تعاظم استهلاك النفط «الناضب» لسد حاجيات الداخل من كهرباء وماء مدعومين.

(2) شخصيا وبعيدا عن الهراء والكذب الذي ذكره الكاتب الذي هو نسخة غربية عن محمد سعيد الصحاف عن تساقط الأنظمة، أرى جزما ان هناك اشكالات وصعوبات اقتصادية قادمة سريعا في الطريق للخليج نتيجة لانخفاض كبير غير متوقع لأسعار النفط ستبدأ معه محاولات مغرضة لخلق حالات عدم استقرار سياسي وأمني لبعض دولنا وليس جميعها.

 

احمد الصراف

قراءات متفرقة

كانوا أربعة أصدقاء، وكانوا في السنة الجامعية الأولى، وكانوا يشتركون في طباع وهوايات متقاربة، حتى درجاتهم الدراسية كانت قريبة من بعضها. وكانوا أكثر طلاب الصف تميزاً. وقبل امتحان نهاية السنة بيومين، ومن منطلق ثقتهم بقدراتهم، قرروا قضاء عطلة نهاية الأسبوع على أحد الشواطئ بدلاً من قضاء الوقت في المذاكرة. سهرهم فوّت عليهم فرصة العودة في صباح اليوم التالي، ولم يتمكنوا من أداء الامتحان في موعده! ذهبوا إلى أستاذ المادة وشرحوا الأمر له، بعد أن اتفقوا على أن سبب تأخرهم هو تعرض دولاب سيارتهم للعطل! ونظراً لسمعتهم الجيدة وسابق درجاتهم المميزة، وافق هذا على أن يعيد الامتحان لهم! وفي يوم الامتحان قال لهم إنهم سيؤدون الامتحان في غرف منفصلة عن بعضهم بعضا. وعندما بدأ الاختبار وجدوا أن الإجابة عن السؤال الأول سهلة جداً، وكانت العلامة عليه 5 درجات فقط، ولكنهم فوجئوا بنص السؤال الثاني والأخير، وعليه 95 درجة، حيث كان: أي إطار في السيارة تعرض للعطل؟
***
عندما عجز عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين عن شرح نظرية النسبية لمجموعة من زواره، قام بوضعها في قالب أكثر بساطة، حيث قال إن كل شيء في الحياة نسبي، فلو جلسنا مع من نحب لفترة ساعة لهالنا مرور الوقت بسرعة! ولكن لو طلب منا الجلوس على سطح ساخن جداً للحظة فقط لشعرنا بأن الدقيقة أطول من ساعة! تذكرت هذه النظرية وأنا أقرأ نصاً يقول إننا عندما نقوم من النوم في السادسة صباحاً مثلاً، ونقرر أن الوقت ما زال مبكراً، وأن بالإمكان أخذ غفوة لخمس دقائق، فإننا غالباً ما نصحو ونجد أن الساعة قد جاوزت السابعة بكثير! ولو كنا في العمل، وقررنا في الساعة 1.30 ظهراً مثلاً، وبعد إصابتنا بالملل من بطء مرور الوقت، أن نأخذ غفوة لخمس دقائق، فإننا غالباً ما نصحو ونجد أن الوقت قد أصبح الواحدة و31 دقيقة فقط!
وأخيراً، عندما نسمع من أحد رأياً بأن المال أهم شيء في الحياة، فمن المتوقع أن هذا الشخص على استعداد لأن يفعل «أي شيء» ليحصل عليه!
وقد تعلمت، أخيراً، فقط أن الجدال مع أحمق ينتج عنه عادة أحمقان!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

مذكرات مواطن محترم (5)

 

لم يتمكن المواطن المحترم من إخفاء غيظه وغضبه من ذلك الخطيب الذي كان يلعلع بأعلى صوته مادحاً ومثنياً وذاكراً مناقب فلان وعلان، حتى أنه بعد انتهاء الصلاة لحقه إلى سيارته وقال له: «جزاك الله خير الجزاء يا شيخنا الفاضل، والله أنك من أهل الحق ومن المدافعين عن الحق وممن يخافون الله ويقولون الحق ولا يخشون في الله لومة لائم».

ويبدو أن ذلك الخطيب لم يصدق كلام المواطن المحترم، وشعر بأنه يسخر منه! فالخطيب، يعرف نفسه أنه ما قال الحق يوماً! ويدرك أكثر وأكثر إنما هو لا يقول إلا ما يملأ جيوبه بالفضة والذهب… صمت برهة ثم نظر إلى المواطن المحترم نظرة استغراب وأردف «ماذا تقصد؟ ماذا وراءك؟ ما الذي تريده؟»… في تلك اللحظات، تجمهر بعض الناس حولهما فإذا بالمواطن المحترم يقول: «ألا تمل من الشيكات يا هذا؟ هل تشعر بالفرح والسعادة والفخر وأنت تملأ عقول هؤلاء، ومعظمهم من الآسيويين الذين لا يفقهون أصلاً ماذا تقول، ومعهم قلة من المواطنين والعرب الذين هم أيضاً لا يستطيعون أن يردوا كلامك المليء بالنفاق والباطل والتحريض والتهريج؟ تمدح فلان وعلان وتجعل من المواطن المسكين وكأنه بهيمة الأنعام؟ ألا تستحي على وجهك؟ أليس لديك الجرأة لأن تتحدث عن حال المواطن الذي يعاني الويلات في حياته؟ هل هذه مسئوليتك أمام الله والناس؟ ثم تعال… متى ستكبر ويكبر المخ الذي يقع داخل هذا الرأس الكبير؟ ما عندك إلا فتنة وتأليب وشتائم، وإذا وصلت إلى خط هذا المسئول أو ذاك صرت كالنعجة؟.

حوقل الخطيب واستغفر وركب سيارته والمواطن المحترم يلاحقه بكلماته: «أي نعم حوقل واستغفر وقص علينه… تعال لا تروح ما خلصت كلامي… تعال اطلع فيك وفي أشكالك الحرة… يللي ما تستحون… أي دين تعرفون؟ شاطرين في الضحك على عقول الناس، والقهر أن بعض الناس يصدق كلامكم الغبي… تعال».

غادر ذلك الخطيب مسرعاً بسيارته فيما كان بعض الحاضرين يحاول تهدئة المواطن المحترم: «صلِ على النبي يا خوي… تعوذ من الشيطان… هدئ أعصابك واكسر الشر»، فيما آخرين كانوا من جوقة الخطيب تصدوا له واسمعوه كلاماً قاسياً: «ترى الشيخ تاج راسك… من أنت حتى تقف أمام هذا الأسد… نعم هو أسد الحق على أهل الباطل»… وبالطبع كان المواطن المحترم يستمع لهم ويضحك بصوت عالٍ لأنه يدرك أنهم من مجموعته الذين يحصلون على فتات موائده ويدهن سيرهم وهم دائماً على أهبة الاستعداد لأن يدافعوا عنهم مهما كان نوع دهان السير، لكن المواطن المحترم لم يسكت لهم وأسمعهم هو الآخر كلاماً لم يعجبهم: «أنت لستم سوى دمى… تصدقون نعيق هؤلاء الذين وجدوا فيكم مجموعة من الأغبياء الذين يصفقون لكل شيء… مطالب معيشية يصدحون بها وتذهب أدراج الرياح وأنتم تصفقون… عرايض ومواقف وتهديد ووعيد وأنتم تصدقون… سيطردون السفير الفلاني والعلاني وسيقفون أمام بيته كالأسود ثم يصبحون كالخرفان وأنتم تصفقون… دائماً تصفقون لأن التصفيق لديكم مدفوع الثمن… اغربوا عن وجهي».

انتهى المشهد ولايزال المواطن المحترم في حنقه وغيظه… كان يستذكر العديد من المشاهد التي أصبحت موضة لدى بعض الخطباء والنواب والمتسلقين والمصفقين والمطبلين كلهم يلهثون وراء الهبات والأعطيات ويرجون من الممدوحين ما لا يرجو غيرهم، وعندما وصل إلى بيته وجد ثلاثة أشخاص ينتظرونه وعلى وجوههم ملامح المتوحشين… لم ينظر لهم ولم يسلم عليهم وعندها هم بدخول منزله وقف أحدهم أمامه نافخاً صدره وقال: «هذه أول وآخر مرة تخاطب فيها فضيلة الشيخ بهذه الطريقة… هل سمعت؟ وإلا سترى ما لا يسرك… يجب أن تعلم أن فضيلة الشيخ رجل لا يقول إلا الحق وهو يواجه أهل الباطل والمنكر ويقارع الخونة والمتآمرين ويحذر البلاد والعباد منهم»… بالطبع، لم يمتلك المواطن المحترم الشجاعة لأن يواجه ثلاثة أشخاص مدفوعي الأجر، إلا أنه حاول أن يتمالك نفسه ويظهر في مظهر الشجاع فقال: «هل جئتم لتضربونني مثلاً؟ إن ذلك الرجل الذي تجعلونه في مقام الأنبياء إنما هو يضحك عليكم ويخدعكم وأنت تعلمون ذلك، وتعلمون أيضاً أن أمثال هؤلاء لا تهمهم قضايا الناس ومصلحة الناس ومعيشة الناس، إنما يهمهم جيبهم فقط… لكن على أية حال، أعدكم بأنني لن أكررها… وعد… أي والله وعد… وما راح أطب أصلاً المسجد الذي يصلي فيه أسدكم، فأنا أفضل الصلاة مع بني البشر».

سامي النصف

بلطجة تحتاج إلى محاربة!

يشبه البعض الاستثمار في بعض دول عالمنا الثالث ومنها دولنا العربية، بقصة الفأر الذي وجد فتحة في ثمرة جوز الهند فدخل وأكل وشرب، إلا أنه لم يستطع الخروج إلا بعد إفضاء جوفه من كل ما أكله، يضاف الى ذلك حقيقة ان أحد جوانب الربيع العربي إظهاره مخاطر الاستثمار في البلدان غير المستقرة سياسيا ومن ثم ضرورة حل إشكالات الاستثمار كي لا تنهار دولنا العربية اقتصاديا.

* * *

العم حمد مساعد الصالح هو أحد المؤمنين الكبار بوحدة المصير العربي، لذا كان أحد أوائل المستثمرين في مصر العروبة منذ الخمسينيات، ولما كان أحد أوجه استثماراته في العقار لذا لم يستفد شيئا من تلك الاستثمارات بسبب القوانين الاشتراكية التي صدرت أوائل الستينيات وأبقت الإيجارات القديمة على حالها، حتى أتت الفرصة أخيرا عندما تم إخلاء العقار الخاص به وحان وقت تجديده وتطويره وإعادة بنائه.

* * *

ما حدث بعد ذلك والذي يثبت بشكل فعلي أن هناك من يروم بسبق إصرار وترصد الاضرار بمصر وسمعتها هو قيام مجاميع بلطجية بـ «احتلال» العمارة وفرض سياسة الأمر الواقع ورفض إخلائها، والواجب على الحكومة المصرية الشقيقة العمل فورا على إنهاء ذلك الإشكال، فهناك آلاف الخليجيين الذين يستثمرون ويملكون العقارات في مصر وأي تهاون أو تساهل في هذه القضية سيعني انتشارها وتفشيها ومن ثم عملية هروب جماعية – خاصة وحكومية – من الاستثمار في أرض النيل.. ومنا للقيادة المصرية الشرعية والحكيمة ممثلة بالرئيس القاضي الجليل عدلي منصور ورئيس الوزراء الاقتصادي د.حازم الببلاوي لحسم وحل ذلك الإشكال.

* * *

آخر محطة:

1 – لن أستغرب على الإطلاق لو علمنا أن هؤلاء البلطجية مرسلون من قبل بعض التوجهات السياسية المتشددة التي تروم تطفيش الاستثمار كي تنهار مصر اقتصاديا فـ… تسقط سياسيا، خيب الله مسعاهم!

2 – العزاء الحار الى آل الخطيب الكرام على وفاة الراحل الكبير العم عقاب الخطيب، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

سامي النصف

إعدام كبش كبير!

لو دخلت على موقع اليوتيوب ووضعت جملة «Grey Wolf Documentary» لشاهدت فيلما عرضته أشهر قناة وثائقية في العالم هي قناة «هيستوري»، وأعده دكاترة وباحثون مختصون من جامعة كونتكت الأميركية الشهيرة يثبت ان هتلر لم ينتحر عام 1945 بل هرب بالطائرة الى إسبانيا بلد حليفه الجنرال فرانكو، ومنها بالغواصات الى الأرجنتين بلد حليفه الآخر الجنرال بيرون وان DNA ما قيل انها جمجمته هي في الواقع جمجمة امرأة صغيرة السن.

****

ولو وضعت جملة «Hitler in Argintina» لشاهدت لقاءات حية مع من التقوه أو خدموه إبان إقامته في فندق «عدن» في مقاطعة قرطبة الأرجنتينية الذي كان يملكه اثنان من حلفائه الأثرياء وكان المنتجع الأجمل في العالم في حينه قبل انتقاله الى مقاطعة «باتغونيا» الساحرة الشبيهة بمقاطعة بافاريا الألمانية والتي يقطنها العديد من ذوي الأصول الألمانية، وان «الذئب الرمادي» وهو اللقب الذي يطلق على هتلر قد عاش هناك حتى وفاته منتصف الستينيات.

****

في مثل هذه الأيام قبل 7 سنوات وفي أول أيام عيد الأضحى المبارك، شاهدنا صورا ملتقطة من كاميرا تلفون واحدة «ماذا حدث لبقية التلفونات وكاميراتها؟» وكأنها معلقة في رقبة قرد يتنطط، لصدام وقد أحاط به رجال ملثمون قد يكونون من أعدائه أو أتباعه وحول رقبته لفة سوداء لا يعلم أحد ما تحتها، وقد توقف الفيلم عند لحظة سقوط صدام من الكوة، ويدعي محاميه الشهير خليل الدليمي في أحد لقاءاته ان حبل المشنقة لم يكن مثبتا أو مشدودا من أعلى، لذا سقط الحبل معه«أي انه لم يشنق!» ويضيف ان موكله قد قتل رفسا وضربا بـ «الشلوت» ويا لها من موتة.. مقرفة!

****

آخر محطة: الخوف ان نقرأ بعد عقود طوال ان «الكلب الأجرب» صدام قد عاش في إحدى الدول الجميلة مثل بيلاروسيا حتى مماته خاصة ان هناك من يدعي ان ضريحه في تكريت لا يحتوي على جثمانه كون أقارب رئيس مخابراته الأسبق د.فاضل البراك الذي مزقت الكلاب المتوحشة جثته بعد إعدامه، قاموا بالفعل ذاته مع صدام، حيث أخرجوا جثمانه غير الطاهر وأطعموه للكلاب أو ربما للضباع التي تعيش على الجيف.. ويا لها من نهاية.. سعيدة!

حسن العيسى

ثورة ربيع «القهاوي»

لا يهم أن يعتصم عدد من المواطنين في الجهراء القديمة ليعلنوا الحرب الدينية على المقاهي هناك بذريعة أنها تشيع الفاحشة والدعارة وتنتهك شرع الله الذي يتم تكييفه بما يناسب اجتهادهم وفقههم المنغلق، وحقهم أن يقولوا ما يشاؤون عن تلك المطاعم أو المقاهي "المختلطة" التي تثير حفيظتهم، حيث يختلط فيها الزوج مع زوجته أو قريبته على طاولة الطعام، أو ان تستفز مشاعر المعتصمين لمجرد أن بعض رواد تلك المقاهي يدخنون الشيشة، وهنا يذكروننا بمزاعم الإخوان قبيل موقعة الجهراء -صدفة المكان التاريخية- في بداية عشرينيات القرن الماضي، واتهامهم أهل الكويت بالكفر لأنهم يدخنون السجائر، فيبدو أن الزمن يقف في الجهراء، والتاريخ يعيد نفسه بملهاة من بعد ملهاة، وليس بمأساة تعيد نفسها كملهاة كما قال ماركس.
وأيضاً ليس من المهم أن يلتم شمل عدد من المتكلمين من أعضاء مجلس التابعين ليوم الدين في الاعتصام مرتدين بدل المحاربين المدافعين عن الدين والعادات المظلومة، ويهددوا الحكومة بالمساءلة السياسية، ويضرب المناضل النائب عسكر العنزي أجلاً لوزير الداخلية أو لرئيس الحكومة لإغلاق كل المطاعم المختلطة في كل أرجاء الدولة الكويتية، لاحظوا أن تحذير هذا النائب بتاريخه الموالي الأبدي للسلطة يشمل الولايات المتحدة الكويتية بكل مقاطعاتها وليس مقاطعة الجهراء فقط. فمن حق هذا النائب ومن حق رفاقه، كذلك، من نواب الموالاة أن يبحثوا لهم عن مكان يثيروا فيه معاركهم الشعبوية ضد الحكومة، عل وعسى أن تخف عنهم وطأة الاتهام بالمولاة للسلطة، ويكسبوا بعض العطف من الغاضبين على غياب الشرعية الدستورية عن هذا المجلس.
وكذلك قد نتقبل بمضض أن يصطف مع الأبناء البررة للسلطة بعض رموز المعارضة المحافظة من سلف أو إخوان حين وحدهم هدف كسب التعاطف المحافظ في دولة ومنطقة تجرى فيها سباقات محمومة على أرض المزايدات الدينية والمحافظة بعد تغييب الشرعيات الديمقراطية والتنمية الحقيقية القائمة على الإنسان ووعيه الحضاري.
لا يهم كل ما سبق في التعبير الحر عن ثورة الأخلاق الكبرى بعد أن رسمت تخومها في المطاعم و"القهاوي"، بعد أن كسب المحافظون أرضها في التعليم العالي، وامتدت انتصاراتهم لكل معالم هذه الدولة السائرة بحفظ الله ورعايته نحو الرمز الطالباني سابقاً أو دويلة الشباب الإسلامي في أجزاء مفتتة في الصومال أو ليبيا أو سورية السائرة بهذا الطريق المرعب. ما يهم آخر الأمر هو موقف السلطة اليوم من "تحديات" ربعها وبعض القلة من جماعات المعارضة. فما يثير الريبة أن السلطة شمرت عن سواعدها وبعصي وقنابل القوات الخاصة لتأديب البدون في اعتصاماتهم السلمية، بينما وقفت على "الحياد" متفرجة على اعتصامات "القهاوي"، كأنها تقول لهم "اشغلوا أنفسكم" بتلك الحروب الجانبية، ودعونا نرتب البيت الكويتي كيفما نريد دون معارضة واعية لا تنبش في الهم الكويتي الكبير، فلكم همكم في مطاعم الاختلاط، ولنا فرحتنا الكبرى بضياع الأولويات الوطنية.
سامي النصف

من يقف خلف تنظيم القاعدة؟!

منذ أن ولدت أرحام المخابرات الدولية تنظيم القاعدة وهو وبال على الاسلام والمسلمين، فقد بدأ أعماله بتفجيرات واغتيالات وقطع رقاب استهدف اتباع شعوب الارض جمعاء كي يجعلهم يكرهون ويحنقون على الاسلام والمسلمين، ومن ثم لا يمانعون بما يحدث لهم من قتل وتجويع وترويع (رفع شعار: ان يقتل بعضهم بعضا خير من ان يقتلونا)، وقد يكون هذا هو السبب الرئيسي لتبلد الشعور العالمي تجاه ما يحدث في المنطقة من سفك للدماء وجرائم ضد الانسانية منذ عدة سنوات.

****

ثم قام تنظيم القاعدة هذه الايام وعبر مسمياته المختلفة ومنها مسمى «داعش» الذي معناه الحقيقي «دا عنف وشر» بالعمل على الاستمرار في هدر دماء المسلمين وتقسيم اوطانهم، فقد استفردوا عبر منهاجية الرعب والعنف بالسيطرة على غرب العراق وشرق سورية بقصد خلق امارة طلبانية ارهابية متخلفة لتشويه صورة الاسلام «من ثاني» ثم تلاها الهجوم على اتباع الاديان والطوائف والاعراق الاخرى (مسيحيين، اكرادا، شيعة، علويين.. الخ) المتعايشين منذ آلاف السنين مع الآخرين، بقصد دفعهم قسرا للانفصال وانشاء دويلات خاصة بهم تنشغل لعقود ولربما لقرون قادمة بالتقاتل فيما بينها.

****

السؤال المهم هو: من اين يأتي تنظيم القاعدة بالمليارات اللازمة سنويا لشراء الاسلحة «ومن اين؟!»، وتجنيد الاتباع والتخطيط للعمليات الاجرامية والارهابية في كل اصقاع الارض؟! اذا علمنا الاجابة عن هذا السؤال المهم عرفنا بالضبط ما يخطط للمنطقة وما سيحدث بها، وانتظروا الأسوأ لما هو قادم للمنطقة ما دمنا سذجا خدجا نصدق ما نسمع ونكذب ما نرى..!

****

آخر محطة: استطاع تنظيم القاعدة بما يملكه من موارد مالية غير محدودة وقدرات تقنية ولوجستية لا تصدق ان يمد اعماله التخريبية لمصر قلب العروبة النابض وأحد قلاع الاسلام الرئيسية بقصد تفتيتها الى 5 ـ 6 دول في سيناء ومرسى مطروح والنوبة والصعيد والقاهرة ومحافظاتها والاسكندرية وجنوبها الشرقي، ولا يقف امام مخطط القاعدة الجهنمي الا جيش العروبة والاسلام المصري الذي يعمل البعض على «شيطنته» واستهدافه بالتفجيرات والاغتيالات وتصنيفه على انه جيش احتلال لمصر يحل العمل على تحريرها منه، وكل ذلك من قبل قوى تدعي.. يا للعجب.. العروبة والاسلام، وارجع للسطر الاخير من.. الفقرة السابقة!

سامي النصف

تسيل الدماء ولا تهدم الأوطان

الكلمة او الحكمة السابقة قالها الفريق احمد شفيق تعليقا على فض تجمعات النهضة ورابعة العدوية، وأضاف شفيق أنه يعلن تأييده التام لترشح الفريق السيسي الذي يعتقد كثيرون أنه سيحصل بشكل شبه مؤكد على كرسي الرئاسة، بدلالة ان الفريق شفيق خسرها بنسبة لا تذكر رغم تكتل الإسلاميين بجميع شرائحهم والناصريين والليبراليين وأهل اليسار ضده.

***

وما نراه في مسألة ترشح السيسي انه الأفضل تأهلا وحسما ودعما من قبل الشعب المصري، إلا أننا ضد ذلك الترشح كوننا نعتقد جازمين بأن من أدخل مصر في نفق الاضطرابات والاغتيالات والتفجيرات التي كنا قد تنبأنا بحدوثها في مقال سابق ـ وحدثت هذه الأيام ـ سيجد في ترشح السيسي واكتساحه المتوقع لنتائج الانتخابات العذر في إبقاء دائرة العنف بحجة الرغبة في محاربة تزوير تلك الانتخابات.

وودنا للفريق السيسي يفرض علينا نصحه بألا يترشح للرئاسة كي لا يلام لاحقا على الدمار الذي سيحدث، والدماء التي ستراق بعد فوزه ولسنوات طوال قادمة، فقد شبعنا في المنطقة من حرفة ومهنة.. صناعة البطل ثم الانقلاب عليه وتحميله كل الكوارث.

***

ان مصلحة العزيزة مصر، ووجوب سحب بساط الذرائع والأعذار من المخربين والمدمرين والمتشددين والمتطرفين تفرض بقاء الفريق السيسي في موقعه وزيرا للدفاع للسنوات الأربع المقبلة حتى تهدأ الأوضاع وله بعد ذلك الترشح للرئاسة من عدمه، علما أن صانع الملوك قد يكون أحيانا أهم من الملك الذي صنعه. ان الوضع الأمثل هو الانتهاء سريعا من المرحلة الانتقالية وبدء الانتخابات الرئاسية والنيابية التي يجب ان يترشح لها وجوه مصرية وسطية معتدلة من التوجهات كافة .

***

آخر محطة: (1) ان كان خدمة الدين الاسلامي هو الهدف فلماذا لا تعلن القيادات الدولية المخفية للاخوان عن دعم ترشح شخصية مصرية سلفية او ازهرية معتدلة لرئاسة مصر؟!

(2) واضح لأي متابع عاقل للشأن المصري ان مواقف القيادات الاخوانية المتشددة ومطالب الاستحالة التي تنادي بها هي خروج تام عن فكر الشهيد حسن البنا وبها أكبر الضرر على تاريخ الاخوان المعاصر ومصالح الأتباع الذين بدأوا يعودون للسجون.

(3) نأمل أن يكون تعليق المعونات العسكرية والاقتصادية الأميركية لمصر أمرا مؤقتا ينتهي سريعا مع بدء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المصرية الحرة القادمة، بقاء تلك المعونات معلقة حتى بعد تلك الانتخابات في منطقة تحكم عقولها «نظرية المؤامرة» ليس في مصلحة الأميركان ولا.. الاخوان!