أحد أمراض الادارة الكويتية المزمنة التي تسببت في عرقلة كل شيء في البلد، مما جعلنا نتخلف عن الجيران أصحاب القرار السريع بعشرات السنين، هو ظاهرة «الأيدي المرتعشة» التي ترتعب من التوقيع على القرار الصحيح خوفا من المساءلة ضمن مبدأ مدمر فحواه ان عدم اتخاذ القرار يعني عدم الخطأ ومن ثم.. عدم المحاسبة.
***
وهناك سبب آخر للتردد أحيانا في اتخاذ القرار هو ضعف محتوى القرار ذاته كونه لم يعدّ من كوادر شديدة الاحتراف والمهنية قادرة على تبريره والدفاع عنه، وقد يكون الحل في القضايا الكبرى ان تتم الاستعانة بكوادر استشارية أجنبية شديدة الاحتراف تساعد على اتخاذ القرار الصحيح مع تطعيمها بكوادر كويتية كفؤة (وما أكثرها) قادرة على الاطلاع والتعلم السريع للوصول الى مناهجية الممارسة الفضلى (Best Practice) لكل قطاع من قطاعات الدولة بعد أن ابتعدنا لسنوات طوال عن الممارسات المثلى القائمة في الدول المتقدمة.
***
إشكال ثالث يخلق ظاهرة «الأيدي المرتعشة» المدمرة هو تعيين المسؤول دون دعمه فيشعر بأنه مكشوف وعليه أن يخلق الدعم لنفسه عبر وسائل الترضية الخارجة على النظم المتبعة، والواجب أن تتضافر الجهود لدعم المسؤولين وعدم تركهم في العراء مع خلق «مراكز دعم القرار» فاعلة تزوده بالمعلومات اللازمة وحتى بالكوادر المؤهلة.
***
وتكثر في بلدنا دون دول العالم عمليات تهديد المسؤولين على أمور صغيرة تافهة لا تستحق مثل ذلك الوعيد، أحد المنتجات الخافية لذلك النهج هو خلق ظاهرة «الأيدي المرتعشة»، ومثل ذلك المحاسبة على القرار الاجتهادي الذي قد يكون سبب خطئه هو تغيير الظروف المستقبلية التي لا يستطيع أن يعلم بها أحد وفي المقابل عدم محاسبة من يرتعش فيعطل القرارات سنوات وسنوات دون سبب عدا خوفه من المحاسبة عند اتخاذه القرار الصحيح في حينه.
***
آخر محطة (1): وضع الرجل المناسب في المكان المناسب هو محاربة مباشرة لظاهرة «الأيدي المرتعشة»، وإطلاق يد المسؤول في تفعيل سياسة «العصا والجزرة» هو كذلك محاربة لظاهرة «الأيدي المرتعشة» التي قد يكون أحد أسباب ارتعاشها عدم القدرة على مكافأة المجد أو.. معاقبة المسيء!
(2) أمانة المسؤول وعدم تلوث يده بالحرام يقويان من قدرته على اتخاذ القرار الحازم والصحيح، والعكس من ذلك يسبب.. ارتعاش اليد!