يقول نجيب صعب إن «إدغار شويري، الفيزيائي في جامعة برينستون الأميركية، تساءل كيف يمكن للعرب أن يصيروا شركاء كاملين ومتساوين مع أولئك الذين يرسمون اقتصاد العالم وأمنه ومستقبله، اذا بقوا مجرد مستهلكين للعلوم والتكنولوجيا؟ وردّ على الذين يتبجحون بالمساهمات الكبيرة التي قدمتها الحضارات العربية القديمة للعلوم الفيزيائية والأحيائية والرياضيات والفلك، ان ذلك يعود الى تاريخ قديم، وانه منذ القرن 12وهيمنة الفكر المناهض للعلم والعقل، حيث بدأ الإرث العربي العلمي بالانهيار، حتى صار وضعه محزناً، وأصبح العرب يقدرون المنجمين أكثر من علماء الفلك مثلا، الذين لا يعرفهم أحد على الرغم من منجزاتهم، ولكنهم يؤمنون بالمشعوذين وبالمنجمين أمثال حايك والشارني وقباني وليلى عبداللطيف، الذين يبيعونهم الأمنيات والأوهام، أكثر من اهتمامهم بعلم فلك حقيقي».
ويقول صعب ايضا إن الحقائق موجعة، ففي خلال 20 عاما صدرت 370 براءة اختراع لباحثين عرب مقابل 16 ألف براءة اختراع لكوريا الجنوبية، التي يبلغ عدد سكانها عُشر عدد سكان العالم العربي، في حين تجاوز عدد الهواتف المحمولة في العالم العربي 400 مليون، لا يتجاوز عدد الذين يقرأون كتاباً واحداً في السنة، عدا الكتب المدرسية، %5 من العرب. وقد كتب الشاعر يوسف الخال بحسرة وألم منذ 50 عاماً «أن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون»! فوفق تقرير التنمية الثقافية، الذي تصدره مؤسسة الفكر العربي، يبلغ معدل قراءة الكتب 6 دقائق سنوياً، في مقابل 200 ساعة في الغرب. وفي حين يقرأ كل 20 عربياً كتاباً واحداً في السنة، يبلغ معدل قراءة الأميركي 11كتاباً والبريطاني 7 كتب، والقراءة من الإنترنت مقاسة في عالمنا، حيث أن أرقام تنزيل الكتب عبره مخجلة جدا، ولو ألقينا نظرة على النقاشات العربية، عبر المدونات ووسائل التواصل الإجتماعي، لاكتشفنا ضحالتها! فأين العرب من عصر يحكمه العلم؟ ماذا فعلوا لمجابهة تحديات تأمين المياه العذبة وإنتاج الغذاء والطاقة المتجددة؟ ولماذا لايزالون يمارسون استيراد التكنولوجيات والآلات، مع الفنيين لتشغيلها وصيانتها. وإذا كان ممكناً استيراد البطاطا، فلا يمكن استيراد العلم، لأن هذا لا يؤدي إلا إلى تعميم البلادة الفكرية والعقم العقلي. كما أن تعلُّم كتابة لائحة العقاقير لا يكفي لصناعة طبيب، فلقب «دكتور» لا يصنع عالماً. ذلك أن العلم الذي لا يساهم في دفع البشرية إلى الأمام هو علم لا ينفع، ويتساوى في ذلك مع الجهل الذي لا يضرّ. ويكشف العدد الأخير من مجلة البيئة والتنمية فضيحة كيف استحصل آلاف العرب على شهادات مزيفة من جامعات وهمية، تمنح لقب دكتور لقاء مبالغ بسيطة.
أحمد الصراف