بعد كل إجازة رسمية من الدولة قصيرة كانت أو طويلة تطالعنا الصحف بأعداد مغادري البلاد من مختلف المنافذ، وتتراوح أعدادهم في السنوات الأخيرة ما بين 150 إلى 200 ألف مواطن ومقيم، وهو العدد الذي أتوقعه في إجازة عيد الأضحى إن لم يكن أكثر.
ومع بحث بسيط عن أسعار تذاكر السفر لأكثر البلدان استقطاباً للسياح في الآونة الأخيرة أجد أن سعر تذكرة الشخص الواحد لا تقل عن الـ200 دينار كويتي، وتكلفة السكن في الفنادق لسبعة أيام لا تقل عن 500 دينار كويتي إضافة إلى مصروفات السفر التي لا تقل عن 300 دينار كويتي في أسبوع، فهذا يعني أن الحد الأدنى لما يصرفه قاطنو الكويت في إجازة العيد هو 1000 دينار للفرد الواحد.
بمعنى أنه لو افترضنا أن عدد المسافرين يقدر بـ150 ألفاً فقط فإن هذا يعني أن ما يقدر بـ150 مليون دينار كويتي من الأموال الكويتية صرفت في الخارج خلال أسبوع واحد فقط، وهو رقم أقوله بتحفظ جداً لأنني أتكلم عن الحد الأدنى من المبالغ خصوصاً بالنسبة إلى أسعار التذاكر والإقامة.
أنا هنا لا ألوم من يسافر على سفره بل له ألف عذر في ذلك، فهو لا يجد المتنفس المناسب له في الكويت وبكل المجالات فلا أنشطة ترويحية سياحية محفزة، إذ إن آخر مشروع سياحي قدمته الدولة هو متنزه الخيران في منتصف الثمانينيات، ولا مسرح يقدم فناً راقياً يبهج النفوس، فمسرح الكبار عبارة عن ديوانية تتسع لـ300 شخص يتفرج فيها الناس على سخرية ممثلين من بعضهم بعضاً، ومسرح الطفل عبارة عن ارتداء أزياء شخصيات مشهورة وقفز على المسرح، وسينما أرهقها مقص الرقيب، لم يعد هناك ترويح سوى المطاعم في الكويت، حتى إن قبل المواطن والمقيم بما هو موجود أرهقته الطرقات بزحمتها.
لو قارنا الوضع مع أي بلد محترم لوجدنا أن المواطن في تلك البلدان يتمكن من قضاء إجازته في بلده بالشكل الذي يريد أيا كانت ميوله، وسيجد أكثر من مئة حدث رياضي متنوع ليرضي ميوله والعديد من العروض الموسيقية أو الفنية ومدن الملاهي والأسواق، وهو ما يجعله يستمتع في قضاء إجازته دون تكاليف ترهقه، بل إن تلك الأنشطة ستستقطب الناس من البلدان المختلفة لزيارة هذا البلد فينتعش اقتصاده ويعود بالفائدة على المواطن هناك.
أنا هنا أتكلم فقط عن الأنشطة القابلة للتحقيق في البلدان المختلفة بغض النظر عن الظروف المناخية أو حتى ما لا يمكن عمله بسبب العادات والتقاليد أو الآداب العامة، وهي نفس الأنشطة التي تخلق فرص عمل ومشاريع متعددة ورخاء اقتصاديا ومكانة دولية مهمة، فمجرد فتح أبواب الترفيه المختلفة من شأنها صنع واقع أفضل وأقل تغيير ممكن أن يحققه فتح تلك الأبواب هو أن تصرف الـ150 مليون دينار داخل الكويت.