«بان كي مون… الأمين العام للأمم المتحدة بشحمه ولحمه موجود معنا في المقهى… يا مرحبا يا مرحبا»…
بحركة مسرحية فكاهية، هتف «المواطن المحترم» وهو يعلق على نقاش يدور بين شلة الأصدقاء في المقهى الشعبي الذي اعتاد الالتقاء فيه بأحبائه كحال الكثير من البحرينيين. كانوا بين ضاحك ومستهزئ ومستنكر ومصدق ومكذب وذكي وغبي وعاقل وجاهل وهم يتناقلون (زهايمر صحافي… وليس خبرًا صحفيًا) مفاده أن «بان كي مون» يشبه إلى حد كبير شخصية «معروف الإسكافي» في روايات ألف ليلة وليلة… ذلك المعتوه الذي يمكن خداعه والضحك عليه وقضاء وقت في التسالي معه.
«يا جماعة… فكونه بس… مصدقين وايد مثل هالكلام… يبه، أصلًا إحنه نعيش في مجتمعات ما تحترم عقول الناس وتعتبرهم بهائم… لا… أحيانًا تتعامل مع البهائم بصورة أفضل بكثير من البشر… انظروا إلى بعض الصور في الصفحات الأخيرة للصحف أو في صفحات المنوعات أو ما إلى ذلك… ستشاهدون صورًا لحيوانات مدللة… أما القارئ، فهو موضع استهزاء وسخرية من الكثير من الصحف العربية اليوم، والتي تديرها مجموعة من الدخلاء على الصحافة ممن لا هوية ولا عقل ولا قدرة على حمل مسئولية الكلمة لديهم… فهذه النوعية من الأخبار، تنطبخ في مطابخ الجهل والتعتيم والظلام، لتعرض على الناس، والناس فيهم من هم متعلمون أعلى بكثير ممن يديرون مثل تلك الصحف المصدرة للجهل والغباء والضحك على العقول».
هدأه أحد أصحابه… «طيب يا بوفلان… هد أعصابك… ترى يا خوي موب كل الناس تصدق تخاريف الجرايد وكتابها… لا حبيبي… اي نعم… الناس اوتعت يا خوي، وتفهم، وتتابع… واذا المسألة مسألة جريدة فاشلة أو تلفزيون هابط أو إذاعة دايخة… فالوسائل اليوم كثيرة ومتعددة… زين، خلنه من ها الموضوع، حبيت أسألك… شصار عن موضوع الخطاب المرفوع لطويل العمر… المشروع شكله بروح علينه والأهالي موب مستفيدين».
وكأنه هنا، أراد فرصةً من أي طرف لينفجر… فز واقفًا وصرخ: «يا حبيبي… هل لك أن تخبرني من الذي يقف إلى صف المواطن؟ من هو المسئول الصادق الذي يتابع هموم الناس واحتياجاتهم ويسعى لتنفيذها؟ وإذا كانت المسألة مقتصرة على تصريحات في الإعلام للاستهلاك، فقد شبعنا منذ سنوات طويلة من عناوين براقة من قبيل أننا من الأوائل في كل المجالات… في كل شيء… حتى تشعر بأن المواطن البحريني يعيش في جنة الخلد! فما هي فائدة الخطابات التي تنتقل من يد عضو بلدي إلى نائب، ومن نائب إلى آخر، ومن آخر إلى مكتب وزير ومن مكتب وزير إلى ديوان… ثم في النهاية، لا تدري أنت حقيقتها هل أوصلوها فعلًا أم أن ما يقولونه مجرد (تشليخ بنوع قديم من الصواريخ)».
المواطن المحترم، لم يكن بمزاج طيب ذلك اليوم! حتى بعد موجة الغضب التي انتابته في المقهى انتهت بأن يغادر هو وصاحبه المكان وكل ذهب إلى بيته… في طريقه، خلا بنفسه في سيارته وهو يقول: «كل يوم تصريح… الرفاهية… المشاريع الكبرى… حققنا تقدمًا على مستوى التنمية… تحسين معيشة المواطن من أعلى الأولويات… وكل مسئول يتفنن في كتابة التصريحات التي تخلو من الاحترام لعقول المواطن وهي في أغلبها ضحك على الذقون وأبر مخدرة… طيب، هؤلاء المسئولون ألا يستحون على وجوههم وهم يترسون جيوب الناس بالكلام الفاضي؟ لماذا لا يحاسبهم النواب؟ أههههههه… النواب، أها… تذكرت… النواب… اممممم… أي نواب؟ عيل يصير خير».
منعطفًا في الطريق الذي يؤدي إلى بيته، استوقفت المواطن المحترم لافتة إعلانية كبيرة في طرف أحد الشوارع فانخرط في الضحك حتى دمعت عيناه وهو يكرر: «بس… وهاذي حياتنا قروض في قروض… أقول: طمبورها».