حسن العيسى

جينيه بشاتيلا وبالغوطة

"إن المذابح لم تتم في صمت، وتحت جنح الظلام، فقد كانت الآذان الإسرائيلية، مضاءة بصواريخها المنيرة، مصغية إلى ما يجري في شاتيلا، ذلك من مساء الخميس. يا لها من حفلات ومن مآدب فاخرة تلك التي أقيمت حيث الموت، كان يبدو كأنه يشارك في مسرات الجنود المنتشين بالخمرة والكراهية. ولا شك أنهم كانوا منتشين أيضاً بكونهم نالوا إعجاب الجيش الإسرائيلي الذي كان يستمع وينظر، ويشجع، ويوبّخ المترددين في قتل الأبرياء…". الفقرة السابقة كانت لعملاق الأدب الفرنسي الراحل جان جينيه، يصف فيها مشاهداته الحية لما حدث في مثل هذا اليوم قبل إحدى وثلاثين سنة في صبرا وشاتيلا.
  جان جينيه هو اللص السابق، وابن الحرام، وهو الشاذ الجنسي، ابن الطريق، الذي قال "ولدت في الطريق وسأموت في الطريق". إلا أنه في الوقت ذاته وقف مع المضطهدين والمهمشين، أينما كانوا، من الفهود السود في أميركا الستينيات إلى حركة تمرد ١٩٦٨ 
(ثورة الطلاب) بأوروبا، وظل وفياً للثورة الفلسطينية وللقضية العربية حتى آخر لحظات حياته، مشاركاً معها في السبعينيات حتى "أيلول" الأسود، ثم عاد بعد أكثر من عشر سنوات لينقل لنا أبشع صور مجازر صبرا وشاتيلا في كتابي "شعرية التمرد"، و"مذكرات أسير عاشق"، وكان قد تجاوز السبعين عاماً من العمر الشقي.
    توفي جينيه في منتصف الثمانينيات، ودفن في بلدة صغيرة بالمغرب، وهو البلد الذي عشقه بعنف. ماذا لو كان حياً حتى أيامنا هذه، ورغم أن التاريخ لا يعرف كلمتي "ماذا لو"، فإن لنا أن نتخيل ماذا يمكن لمثل هذا الشاعر الأديب الفرنسي أن يقول عن واقعنا اليوم، وأين سيكون؟ سنراه طبعاً في كل مكان تتعالى فيه أصوات الحرية والنضال نحو السماء. بالتأكيد سيكون في تونس الثورة، وسيكون أول الراثين لمحمد البوعزيزي. بعدها، سيكون في مصر في قلب ثورة يناير ليقف مع الثوار عام ٢٠١١، وسيكون في صنعاء في العام نفسه، وسيكون في رابعة العدوية في يوليو الماضي، متحدياً قوات "الثورة الانقلابية" للنظام العسكري، وسيكون في ريف سورية، وسيزور "الغوطة" ليصف لنا مشاهد الأطفال المختنقين من قذائف بشار الكيماوي المتأسي بعلي الكيماوي بمثل ما وصف لنا مجازر صبرا وشاتيلا. سيرى في جنرالات بشار امتداداً عرقياً وروحياً لثقافة إيلي حبيقة قائد القوات اللبنانية، وقيادات الكتائب وسامي حداد الذين باشروا طقوس الذبح والصلب في شاتيلا حين اتهموا الفلسطينيين بتدبير تفجير سكن بشير الجميل وقتله، رغم الأدلة على أن الجاني كان النظام السوري، وسيقف جينيه مع المشردين السوريين في الداخل والخارج، وسينقل لنا كل مشاهد الجوع والحرمان للكثير منهم، وسيروي لنا عن مساعدات دول الخليج للثوار في سورية وما يرافقها أحياناً من طقوس عقود زواج "الحلال" لصغيرات من اللاجئات السوريات الجميلات من بعض أهل الخير من كهول بني نفط حين أرادوا الستر عليهن، ولتخف عليهن وطأة ضياع الوطن والسكن عبر بوابة إشباع الرغبات الجسدية الآفلة لمن هم في خريف العمر.
 سيحار جان جينيه من أين يبدأ وأين ينتهي في خرابنا العربي، لكني أذكر هنا حين أخبره الكاتب المسرحي السوري الراحل سعدالله ونوس بأن نيكسون سيزور القاهرة، كان رد جان جينيه حاسماً 
وبأسى: "سيظل تاريخكم نزيفاً من الشقاء والدم، حتى ينضب نزيف البترول"، فهل تحققت نبوءة أديب النضال أم لا؟… عندكم الجواب.
احمد الصراف

السير مع فيليب

“>
قررت وأم طارق، وصديقنا فيليب السفر إلى ماربيا للالتحاق بمعهد صحي رياضي بغية التخلص مما تراكم لدينا، على مدى سنين من أوزان زائدة، وذلك استعدادا لحفل كبير نزمع القيام به. ظروف خاصة دفعت أم طارق للاعتذار عن مصاحبتنا، ربما من بينها رشاقتها، مقارنة بوضعينا، فانطلقت وفيليب للمعهد الذي وقع الاختيار عليه، بين عدة معاهد صحية، وهناك تبين لنا أننا سنكون كالمساجين بين اسواره، كما أن شروط المعهد تتطلب خضوعنا لجلسات علاج نفسية مع «طبيب نفسيكي» أو Shrink بمعدل جلستين إلى 3 اسبوعيا، لمساعدتنا في معرفة سبب «سمنتنا المفرطة»، وتحضيرنا «نفسيكيا» لعدم العودة لها بعد فقدها! كما أن المبلغ المطلوب منا دفعه للمعهد، إضافة إلى ضرورة اعترافنا باختلالنا عقليا، سد نفوسنا من الإقدام على التجربة، وفتح شهيتنا اكثر للطعام، وكل هذا دفعنا لأن نسأل انفسنا قائلين: إن تخفيض الوزن بحاجة لإرادة قوية للامتناع عن عادات تناول طعام وكسل اعتاد عليها طوال عقود من الزمن، فإن كانت تلك الإرادة موجودة لدينا فما الفرق بين المكوث داخل «أسوار» المعهد الصحي أو في الخارج؟ وهل نحن بحاجة فعلا لكل هذه المعاناة وهذا الصرف؟ ولم لا نعتمد على أنفسنا؟ وهكذا كان، حيث قمنا بترتيب امورنا على السكن منفصلين، وخارج محيط الفنادق، لكي لا نشجع بعضنا بعضا على الأكل أو الضعف أمام خدمة الغرف. كما قمنا بشراء كميات بسيطة من الأطعمة ذات السعرات الحرارية المنخفضة، وتعاهدنا على أن نأكل القليل ونمارس الرياضة أكثر… وبدأت رحلة التحدي مع النفس ورفض المشهيات والمغريات من أطعمة و… مشروبات! ولم يكن الأمر سهلا في البداية، ولكن بعد اليوم الثالث اصبح السير يوميا لمسافة تزيد على العشرين كيلومترا أمرا عاديا، ونجحنا مع نهاية الأسبوع في قطع مسافة تزيد قليلا على الثلاثين كلم في يوم واحد، وإن على فترات متقطعة! ولكن المتاعب سرعان ما بدأت بظهور التهابات ما بين أصابع القدمين تبعها تشقق الكعبين، وآخرها «أبو زليغه»، وبالتالي تكررت زياراتنا للصيدلية القريبة! وبعد معاناة وصبر وتعب تبين لنا أن مسألة التخلص من الشحوم التي تراكمت على منطقة الوسط، وما أدراك ما الوسط، على مدى نصف قرن، عملية ليست هينة، ودونها الجبال الرواسي، وأن السير لعشرين أو لاربعين كيلومترا في اليوم لا تعني شيئا للجسم، الذي يقوم في هذه الحالة بتحويل الشحوم لعضلات، فالجسم يرفض أن يفقد وزنه، إن لم تحرمه مما اعتاد على تلقيه من كمية طعام. وهكذا دخلنا في مرحلة حرمان أكثر وعرق اكثر وتعب أكثر وأكثر! وفي النهاية، وبعد معارك شرسة مع النفس، وقطع مئات الكيلومترات سيرا، أصبحنا نشعر بأننا أفضل صحيا، واقل وزنا، وأفضل نوما وأقوى عزيمة على الاستمرار في ممارسة الرياضة. ووصلنا لقمة صغيرة غير عالية، ولقناعة بأن «التزحلق» عنها سهل متى ما تناسينا ما تعاهدنا عليه من ضبط النفس، وهنا مكمن الصعوبة والتحدي الحقيقي. ننهي المقال بالقول ان ممارسة الرياضة اكثر من مهمة لاي شخص وفي اي سن، والأهم من ذلك مراقبة ما نضع في جوفنا من طعام، كما وكيفا!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

«دين برقبتي»

الوسط الديمقراطي مدرسة أدين لها بالفضل الكبير في صقل شخصيتي وتوعيتي بالواجبات الوطنية بشكل أفضل مما كنت عليه قبل انضمامي إلى تلك القائمة في فترة الدراسة الجامعية.
ولأنني مدين لهذه القائمة وسأظل كذلك طوال حياتي، فإنني أجد أن من الواجب عليّ أن أقدم لأعضائها اليوم ما أراه حول حال هذا الكيان الجميل الراقي، بل المدرسة التي ساهمت في تخريج أجيال مميزة من أبناء وبنات الكويت ساهموا ومازالوا يساهمون في بناء هذا الوطن.
لأبدأ بكيف أرى الوسط الديمقراطي ككيان بمعزل عن متغيرات السنين، فأنا أجد أن هذه القائمة النموذج الذي يجب أن تحتذي به كل الكويت في سبيل الوصول إلى واقع أفضل، فهي قائمة مدنية تحارب أي شكل من أشكال التعصب والتمييز، وتقدم طرحاً مدنياً راقياً يرفض أن يتم فرض معتقد أو دين على العمل الجماعي في الكويت بأي شكل من الأشكال، كما أنها تتخذ ما تراه صائباً من مواقف بتجرد من أي ظروف قد تساهم في تقليل فرص نجاحها، وهو ما حدث في أكثر من مناسبة، كالمطالبة الطويلة بإقرار الحق السياسي للمرأة رغم تخوين المنافسين لهم، إلا أن المحصلة كانت خضوع المنافسين لموقف الوسط الديمقراطي قبيل تحقيقه، كما أن صلابة موقفها في مسألة المساواة بين الجنسين في التعليم والدعوة الدائمة للتعليم المشترك أثبتت الأيام أنها الدعوة السليمة، ففصل التعليم، كما طالب المنافسون، عرقل المسيرة التعليمية بشكل واضح، عطفاً على موقفهم الرائع في محاربة سراق المال العام في الوقت الذي ارتمى فيه المنافس الأساسي في أحضان اللصوص. هكذا أرى مدرسة الوسط الديمقراطي بتجرد من المتغيرات التي تسير عليها القائمة اليوم كما أتابع.
فقد اختفت هوية الوسط الحقيقية للأسف، وبات الأعضاء يفاخرون بالتاريخ الجميل للوسط الديمقراطي دون السعي إلى استمرار صنع التاريخ من خلال المواقف الصلبة والإبداع في إيصال رسالتهم للطلبة، كما أن تكرار الجمل الانهزامية النمطية ("مو مهم الفوز"، "يكفينا فخراً بعدد محدود من الأصوات المقتنعة"، إلخ ) قتل طموح النجاح لدى الأعضاء للأسف، فباتوا أسرى لتلك العبارات التي تجعل القائمة تضعف سنة تلو الأخرى في ظل تصاعد أرقام المتنافسين، فضلاً عن بعض اعتبارات التخوف من الهجوم قبل اتخاذ أي موقف، وهو ما لم يكن له وجود في الماضي، كما دللت بمثال المطالبة بالحق السياسي للمرأة والدعوة إلى التعليم المشترك، ومحاربة سراق المال العام وغيرها.
لابد لنا اليوم من إعادة إحياء الوسط الديمقراطي، كما كان سابقاً، كياناً حر جريئاً واضحاً يستقرئ الأحداث، ويبني المواقف دون خوف أو تردد، لا يجامل ولا يداري حقيقته، يفاخر بمدنيته، يحارب إقحام الدين أو العائلة أو القبيلة في العمل الجماعي، ويدافع بشراسة عن حرية التعبير بكل الأشكال ضمن إطار الدولة والدستور.
كما ذكرت في بداية المقال تظل قائمة الوسط الديمقراطي إحدى أهم المدارس التي دخلتها، ولأنني مدين لها، فإنني لن أتردد في أي محاولة لتقويم المسار، فإن استمر الوضع القائم فلا جدوى أبداً من الاستمرار في التغزل بالماضي الجميل دون عمل بالحاضر.

خارج نطاق التغطية:
لا أخفي إعجابي الشديد بتبني النائب راكان النصف لملف الإسكان، إذ عكست أولويات المواطنين في الاستبيان أخيراً أنه يعتلي هرم الأولويات، وأنا متفائل جداً بأن راكان سيكون أحد المفاتيح الحقيقية للمساهمة في حل هذه الأزمة.

سامي النصف

جنون الكرة عربي لا.. برازيلي!

حضرت في ملعب ماركانا في ريو مباراة فريقي فلامنغو وسانتوس الشهيرين والفريق الأخير من لاعبيه السابقين بيليه ونيمار، وقد سبق أن لعب في الكويت وتعادل مع نادي القادسية إبان عصره الذهبي، وقد زرت ملعبه ومتحفه الواقع على بعد ساعتين من سان باولو قبل أسبوع تقريبا، الحقيقة أنني لم أشهد في تلك المباراة المهمة التي حضرها ما يقارب مائة ألف متفرج ما يحدث في مباريات فرقنا العربية من رمي للحجارة وإيقاف للعب ورفض للنتيجة وغيرها من تصرفات خارجة على الروح الرياضية التي يجب أن يتميز بها اللاعب ومن يشجع الرياضة.

***

وحتى في أحياء وساحات منطقة سلفادور البرازيلية الشعبية والفقيرة التي غنى فيها المطرب مايكل جاكسون اغنيته الشهيرة «إنهم لا يهتمون بنا» ويقصد بالطبع الفقراء والأطفال، تابعت كيف يتابع البرازيليون مباراة منتخبهم الوطني، فلم أر صراخا أو زعيقا، بل إن امرأة عريضة المنكبين وقفت تكلم زوجها وسدت نصف شاشة التلفاز في مقهى شعبي مطل على الساحة الرئيسية، فلم يتطاير عليها الشتم والسباب أو تقذف بما تلبسه الأرجل بل انتبه الجرسون لما يحدث فطلب منها بهدوء التحرك، ولنا أن نتصور لو أن أمرا كهذا حدث في احدى دولنا العربية.

***

ويتكلم البعض عن حرب قامت بين السلفادور وهندوراس بسبب مباراة كرة قدم كانت في الواقع لأسباب أخرى كامنة وقد مضى على تلك الواقعة أربعة عقود ولم نسمع بتكرارها، أما في دولنا العربية فهناك ما هو أكثر من الحروب ونعني ما يحدث حتى اليوم بين الشعوب العربية بعد المباريات من قطيعة وعداء واستقصاد المصالح التجارية الرسمية والشعبية للبلدان المتبارية أو تحديدا المتحاربة وما مباريات مصر والجزائر منا ببعيدة.

احمد الصراف

نحن وآباؤنا الأولون

“>
عندما نمرض فإن ايمان الغالبية بقوة العلم والطب الحديثين لا يتزعزع، ونمتلئ أملا بأن من يشرفون على علاجنا، وخاصة ان كانوا غربيين، لديهم ما يكفي من المعرفة والمهارة لتحقيق الشفاء لنا من خلال معارفهم، ونضع كامل ثقتنا بهم، ونسلمهم اجسادنا ليقطعوا ويوصلوا بها كما يشاؤون من دون احتجاج او تذمر. كما نركب طائراتهم وقطاراتهم السريعة من دون خوف تقريبا، وكلنا ثقة بان العلم الحديث جعلها أكثر امانا من الخيل والجمال. وأحيانا تضطرنا الظروف لوضع ايدينا وحتى رقابنا أو كامل أجسادنا داخل أجهزة مخيفة، ونحن على ثقة بأن من صممها، جعلها آمنة بما يكفي. ولكن الغريب أنه عندما يحدثنا هؤلاء انفسهم، الذين وقفوا وراء كل هذه العلوم والاختراعات، التي طالما آمنّا بقدراتها، ويبدأون بالتحدث بما يخالف البعض من أفكارنا، فاننا سرعان ما تصيبنا حالة من الهياج، ويتقمصنا «الانكار» ونرفض ما يقولونه، ولو كان مدعوما بالعلم! وسبب ذلك أننا لا نرحب بمن يكلمنا فيما يخالف ما تعارفنا عليه، او التطرق للمسكوت عنه.
يقول العلم، وهو العلم نفسه الذي قبلنا بأن ينقلنا من خلال جسم معدني طائر على ارتفاع أكثر من 40 الف قدم، وبسرعة تقارب سرعة الصوت، يقول في بحث حديث بأن كل ذكر يمكن تتبع أصوله لذكر محدد، هو الأصل، ويمكن تتبع الأنثى بحيث نصل لأول امرأة على هذا الكوكب، وأن وجود الانسان الأول، الذي هو على شاكلتنا الحالية تماما، يعود لـ 135 ألف عام فقط. وورد في البحث الذي نشر قبل ايام في journal Science، ومن واقع أكثر التحليلات دقة لكروموسوم الانسان، عن وجود فارق زمني فصل بين وجود الرجل ووجود المرأة، وانهما لم يتواجدا في المكان نفسه، دع عنك تزاوجهما! وبالتالي يعتقد انه لم يعرف أحدهما بوجود الآخر، الا بعد فترة. ويؤمن العلماء الباحثون في اصل الانسان أن الرجل العصري، الذي سبقه بشر مختلفون عنه في الهيئة والمعرفة، ترك أفريقيا قبل 60 الفاً الى 200 ألف سنة. وأن الأنثى تركتها من مكان مختلف. وورد في البحث أن خلية الانسان تحتوي على 46 كروموسوما، كما هو معرف، وأن كروموسوم Y في الرجل، تم توارثه من جيل لآخر من دون تغيير، يمكن تتبعه حتى الأب الأول. اما في حالة الأنثى فانه يمكن تتبع جذورها من خلال الـ«دي ان أي» DNA، الذي تنفرد به لوجوده في البويضة، والذي تقوم المرأة فقط بتمريره من جيل لآخر، والطاقة المحفوظة داخل هذا الـ«دي ان أي» هي التي توصلنا للأم الأولى لجميع اناث البشرية!
البحث شيق ومكثف ويتضمن الكثير من التفاصيل الدقيقة التي لا يمكن اختصارها في هذا الحيز الضيق، ويمكن قراءة المزيد عنه بالنقر على الرابط التالي:
http://www.ancient-origins.net/news-evolution-human-origins/genetic-adam-eve-study-links-all-men-man-who-lived-135000-years-ago
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

«الأوقاف» والتغيير المطلوب

“>الحملة الشعواء التي تشنها وسائل الاعلام الحكومية والاهلية على التيار الاسلامي في الخليج منذ تداعيات «الربيع العربي»، لم تكن نتائجها كما كان يتوقع التيار العلماني الذي تبنى هذه الحملة، ورعتها له بعض الحكومات الخليجية، فقد جاءت عكسية في كثير من الاحيان، فها هي حقيقة ما يؤمن به العلمانيون تظهر على السطح، وتنكشف للناس وتتساقط أوراق التوت التي كانت تغطي سوءاتهم طوال سنين من الكذب والدجل على الشعوب العربية، ولعل تأييدهم للانقلاب الدموي في أرض الكنانة خير مثال على ما نقول! ومن نتائج الحملة الظالمة على التيار الاسلامي ردات الفعل العكسية من الشارع الخليجي والعربي بتأييده للطرح الاسلامي ودعمه للفكرة الاسلامية، بل ورفضه للمشروع اللاديني الذي يراد له ان يكون البديل عن واقع الامة المحافظ! وأقرب مثال انتخابات اتحاد الطلبة في جامعة الكويت، التي جدد التيار الاسلامي فيها اكتساح الساحة الطلابية! وقد راهن البعض على فك الارتباط بين قطبي العمل الاسلامي «حدس والسلف» في هذه الانتخابات، ولكن باؤوا بغضب على غضب من قبل جموع الطلبة، وفشل ذريع مخيب لآمالهم وطموحاتهم!
وبمناسبة الحديث عن التيارات الاسلامية في الكويت والرهان على الخلافات بينها، استناداً على ما يحدث في وزارة الاوقاف، نؤكد ان للوزير الحق في اجراء أي تعديل يراه مناسبا لمصلحة العمل في وزارته، ولكن مع مراعاة الامور التالية:
ــ إن المناصب في الوزارة ليست حكرا على تيارات محددة، بل ان فيها من الكفاءات المستقلة وغير المنتمية من هو أحق بالاحلال من بعض المنتمين.
ــ ان التعيينات في المناصب يجب ألا تتم بقرار من الوزير، بل وفقا للاجراءات الادارية المتبعة بهذا الخصوص، ووفق المعايير المعتمدة من مجلس الخدمة المدنية.
ــ إن التغيير بسبب الانتماء فقط امر غير مقبول، فكم من منتمٍ فكرياً او سياسياً يستحق منصبه لكفاءته التي اظهرها طوال سنين عمله في هذا المنصب!
ونقول للاخ وزير الاوقاف: ولن يرضى عنك العلمانيون حتى تتبع ملتهم، فمهما «اجتثثت» من قيادات ورموز في الوزارة محسوبة على تيار الاصلاح، واستبدلتهم بكفاءات اخرى من تيار السلف، فان عين الرضا عنك ستظل كليلة الى ان تحقق لها ما تريد من تحجيم للعمل الاسلامي والدعوي، بتحويل المنابر الى مآتم، وتحويل المساجد الى مراكز للدروشة! فانتبه بارك الله فيك.
***
• جريدتان يوميتان تخصصتا في تشويه تيار سياسي معين، وهو تيار الحركة الدستورية الاسلامية، وكيل التهم له بالحق والباطل، ولعل آخر فناتقهما ما ذكرته احداهما من ان الاخوان تدخلوا لتغيير بلاط أرصفة الشوارع الاحمر بنوع آخر من الطابوق الرملي، الذي ممكن استخدامه في التظاهرات لضرب القوات الخاصة به! والمشكلة ان الخبر نشر في الصفحة الاولى كسبق صحفي!
***
• تعازينا القلبية الى اسرة الطالب الضابط عبدالله زامل الشمري، الذي توفي في بداية مسيرته بالحياة العسكرية، ناويا ان يكون جنديا مخلصا للوطن ومنافحا عنه مستكملا مسيرة والده، غفر الله له ورحمه رحمة واسعة وألهم والديه الصبر والسلوان.

محمد الوشيحي

إلى القولون طوالي…

كما قلت سابقاً: "حكوماتنا المتعاقبة متشابهة… الفرق في السيريال نمبر الملصق على ظهر الكرتون"، هي هي، وبعض الوزراء يتسلم حقيبة وزارة، فيبدّل أرقام الحقيبة ويشفطها شفطاً جماً، ويترك الوزارة بعد رحيله منطقة سياحية للبوم النعاق.
ومحمد العبدالله أحد أبناء الأسرة الحاكمة الفاعلين، ووزير لأكثر من وزارة، ومع ذا يشتكي البيروقراطية والدورة المستندية، ويكاد يبكي لتعطيل حال البلد! يقول ما قاله وهو ابن النظام، وابن الحكومات المتعاقبة، حتى قبل أن يتولى المناصب الوزارية.
ويثبت محمد العبدالله كلامه بالأدلة "تصليح الحمامات في المستشفيات يستغرق من شهرين إلى ثلاثة"، ويكاد يفتح فمه دهشة، ونكاد نموت نحن قهراً. ويشتكي العبدالله حفظه الله ورعاه ضيق ذات اليد، ويبين لنا أن وزارته، وزارة الصحة، تعتمد على المتبرعين والمحسنين، فنتخيل وزارته تجلس عند باب الجامع بعد صلاة الجمعة، والكرتون المفتوح في حضنها، وطفلها يجري ويلعب حولها.
ما علينا… أمر واحد يشغل ذهني: إذا كان كل هذا الفشل في إدارة الدولة في ظل وجود كل هذه الفوائض المليارية المتناثرة على الطاولة، فكيف سيكون حالنا لو كنا في بلد فقير؟
وكما قال السوداني بعد أن استوى مزاجه: "أنا متأكد أن القهوة ما تنزل للبطن أبداً، دي تروح للدماغ طوالي"، وأقول معه: "أنا متأكد أن تصريحات وزرائنا وتصرفاتهم ما تدخل العقل أبداً، دي تروح للقولون طوالي".

حسن العيسى

لا توجد خارطة طريق

تشتد هذه الأيام معارك فكر وقلم شديدة لدى الكتاب الغربيين عن موقف الرئيس أوباما حول المأساة السورية، والانقلاب العسكري المصري (أو ثورة ٣٠ يونيو كما يصنفها ليبراليو الوهم). هذه المعارك الصحافية الفكرية لا تحدد مواقعها باليمين واليسار، أو بين المحافظين الجدد أو "نيوليبرال واليساريين الليبراليين كما قد يتصور، بل هي مرتبطة تحديداً بموقف الرئيس الأميركي  وسياساته الشرق أوسطية، ولهذه المعارك صورتها الأخرى متمثلة في مواقف أعضاء الكونغرس الأميركي المتباينة بين الناقد "لسلبية" الإدارة الأميركية بعدم معاقبة النظام السوري، أو الثناء على حكمة هذه الإدارة حين تجنبت تكرار المأزقين العراقي والأفغاني، فمثلاً لم يتردد كاتب مثل "نيكولاس كريستوف" الذي يعد بصفة عامة، وكما أتابعه، قريباً لليسار والمواقف الإنسانية وقضايا التحرير العربية في "نيويورك تايمز" في الانحياز إلى ضرورة ضرب النظام السوري  بحجة "التدخل الإنساني"، فعند هذا الكاتب مثلما هناك عقدة العراق وأفغانستان هناك ما يقابلهما كان فيها تدخل "نيتو" عامل حسم لإنهاء معاناة بشر في سيراليون وساحل العاج وكوسوفو والبوسنة. وبمثل فكر هذا الكاتب تتكرر نماذج عديدة متباينة عند أصحاب الرأي.
  لم يتردد نائب تحرير صفحة الرأي في "واشنغتون بوست" جاكسون ديل في نقد الرئيس الأميركي، وأنه ابتدع عقيدة اللاتدخل واللاكتراث الأميركية حين عارض إنفاق بعض رأسماله السياسي في أزمات الشرق الأوسط (تعبير ديل)، فهذا الرئيس وقف حائراً متردداً في انقلاب مصر، ولم يحسم مسألة المساعدات الأميركية للنظام المصري الجديد، الذي ضرب المتظاهرين السلميين في رابعة العدوية، وألقى المعارضة الإخوانية بالسجون بعدما اختلق لها التهم المعلبة مثل الإخلال بالأمن الاجتماعي وغيرها من جرائم تضج بها تشريعات القهر العروبية، والآن أعلن الأحكام العرفية ليعود بمصر إلى أسوأ من أيام مبارك وليلتهم "الثور الأسود" الليبرالي الذي شجع بكل غباء الانقلاب العسكري (العبارات الأخيرة من عندي وليست من جاكسون).
 إذن قلب أوباما الوضع، من عقائد التدخل والمحافظة على السطوة الأميركية في العالم من عقيدة مونرو، ثم تي دي روزفلت ثم ترومان… وتطور تلك العقائد السياسية فيما بعد إلى عقيدة ريغان لاحتواء الاتحاد السوفياتي، إلى اليوم في سياسة أوباما التي تريد أن تسير تحت الظلال الآمنة. مثل هذه السياسة لن تنتهي بالأمن المطلوب مهما كانت مبررات الإدارة الأميركية، فإذا كان هدف تلك السياسة الناعمة غلق صندوق بندورا الجهادي في سورية، فهناك من يرى العكس تماماً، فسلبية الموقف الأميركي وعدم دعم المعارضة المعتدلة فتح أبواب رفاق القاعدة لجبهة النصرة وجيش العراق والشام في سورية، ويمكن أن نقيس على ما سبق أن موقف الإدارة الأميركية المهادن للنظام العسكري  المصري سيعود لفتح أبواب العمل الجهادي الإرهابي من جديد في مصر، وسيدفع المضطهدين إلى التطرف في معارضتهم للنظام الحاكم.
  أين تذهب دولنا العربية اليوم! حروب قبلية مرعبة بقناعيها الديني والطائفي تشتعل في المنطقة من سورية إلى لبنان والعراق  وستمتد قريباً إلينا… مما يغذي، بالجهة المقابلة، بقاء الأنظمة المستبدة في المنطقة على حالها واستمرار قوتها حين تحيا ويمتد بها العمر مرتوية من أسن مستنقع القلق الوجودي والخوف من المستقبل عند شعوبها… فهل نقول لا عزاء لثكلى الربيع العربي، أم نقول إننا مازلنا في بداية مشوار طويل للنكبات والنهوض… لننتظر.

احمد الصراف

بيت هنا وبيت هناك

بيّن بحث طريف أن دول المنطقة التي تستقدم القوى العاملة من الخارج، لحاجتها الماسة لها للقيام بأداء مختلف الأعمال، من صناعية وفنية وخدمية، تفضل الفلبينيين مقارنة بغيرهم. ويبلغ عدد الفلبينيين الذين يعملون خارج وطنهم، أو يقيمون هناك بصورة دائمة، أكثر من 10 ملايين، منتشرين في أكثر من 45 دولة، بينها الهند واندونيسيا، وهما دولتان مصدرتان للعمالة أصلا! وسبب أفضلية الفلبينيين على غيرهم عائد لعوامل عدة، منها دماثة أخلاقهم ومعرفتهم باللغة الإنكليزية، مقارنة بغيرهم، وتوافر مهارات لدى نسبة كبيرة منهم بسبب ما سبق ان تلقوه من تدريب تقني في وطنهم. ويشكل وجود هذا العدد الكبير من العمالة في الخارج ثروة قومية لاقتصاد بلادهم، حيث تبلغ تحويلات الفلبينيين السنوية اكثر من 22 مليار دولار. والطريف أن اليونان، التي تعاني من أكبر ضائقة مالية ضمن الاتحاد الأوروبي، يوجد فيها رسميا 40 ألف فلبيني! كما يعيش ويعمل في الهند اكثر من ألف فلبيني، وفي إيطاليا 250 ألفاً، وفي اليابان 370 ألفاً، وقرابة المليون في أندونيسيا. وفي المكسيك وبعض دول أميركا الجنوبية يعيش ويعمل 250 ألفا، وهناك مليونا فلبيني في دول الشرق الأوسط، و175 ألفا في سنغافورة، وما يقارب ذلك في كوريا! وبالرغم من أن جميع دول العالم تشجع مواطنيها على الاتجاه للعمل في الخارج، إلا أن المصادر المعروفة للقوى العاملة غالبا ما تأتي لمنطقتنا من الهند وبنغلادش وسريلانكا واندونيسيا ونيبال، إضافة إلى الفلبين، وهذه الأخيرة مع الهند توفران شروط عمل افضل لمواطنيهما مقارنة بالدول الأخرى، وتسعيان لدى الحكومات المعنية لحفظ حقوقهما.
ويمكن القول، بشكل عام، ان من يتغرب للعمل في الخارج، وبالذات في وظائف متواضعة، فإنه يهدف لتحقيق أغراض ثلاثة، اولها خلق دخل يعيل به اسرته. توفير مساحة عيش أكبر لعائلته، عندما يتركها ليعيش في الخارج، وتقليل عدد الأفواه التي تطلب طعاما كل يوم، لانتقال مسؤولية الإيواء من أهله لصاحب العمل الجديد. وحيث ان من استخدم هذا الشخص ميسور أكثر منه، فمن الطبيعي الافتراض بأنه سيوفر له مساحة سكن أكبر وطعاما أفضل، ومعيشة أكثر إنسانية ممن كان يحصل عليه في وطنه، ولكن يحدث في أحيان كثيرة عكس ذلك تماما، وبالتالي نسمع بحالات الانتحار التي يقدم عليها عامل أو خادمة، أو إقدام بعضهم على الانتقام، بالقتل وغيره، من مخدوميهم، كما حدث لدينا وفي دول مجاورة، وغالبا نتيجة سوء المعاملة غير الإنسانية التي يتلقاها هؤلاء. وقد نشر خبر في القبس، (9/7) يتعلق بإقدام وافد آسيوي على الانتحار شنقا في الزريبة (الجاخور) التي كان يعمل بها في منطقة الجهراء، وهو لم يتجاوز الـ28 من عمره!! وبالرغم من تكرار وقوع مثل هذه الجرائم الإنسانية، إلا أن ايا من «أساتذة» جامعة الكويت، من الاجتماعيين، لم يحاول يوما دراسة سبب تكرار حالات انتحار هؤلاء، والسبب الذي يدفع إنسان لترك وطنه لضيق معيشته وقلة طعامه، ليأتي لمكان اعتقد أنه سيجد فيه مكانا يخلد فيه للنوم وطعاما يتناوله، واجرا يتقاضاه، فلم يجد غير ظروف تدفعه للتخلص من حياته هربا من عذابه! فما هذا الظلم الذي جعل من حياة عامل بسيط في دولة متخمة بالمكان والطعام والمال، لأن تكون جحيما؟
ومع كل ما يقترفه البعض من جرائم إنسانية بحق هؤلاء يوميا، إلا أن عدد دور العبادة عندنا في ازدياد، ومستوى اخلاقنا يتجه عكس ذلك!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سامي النصف

اللعب على أن يخسر الفريقان!

رغم طرفة مقولة بعض المعلقين الرياضيين «نتمنى فوز الفريقين»، وهو امر مستحيل، كون اللعبة الرياضية تنتهي دائما اما بفوز احد الفريقين او بالطبع التعادل الايجابي حيث يتبادل الفريقان تسجيل الاهداف في مرمى بعضهما البعض، او السلبي حين يذهب جهد الفريقين سدى دون تسجيل اي هدف.

***

قواعد اللعبة السياسية تختلف عن اللعبة الرياضية، حيث يعمد بعض المتنفذين ومعهم احيانا بعض الحكام الى خسارة الفريقين المتباريين او المتحاربين معا، وهو امر جرب بوضوح ابان الحرب العراقية ـ الايرانية والحرب الاهلية اللبنانية عندما كان يتم تسليح كل الاطراف ويتم اضعاف القوى وتقوية الضعيف حتى تستمر الحرب وتبقى الاطراف في حالة اعتراك واحتراب حتى لا يبقى في ديار المتحاربين.. حجر فوق حجر!

***

الوضع هذه الايام في سورية ومصر وتونس والعراق واليمن وليبيا وغيرها من دول ربيع الدمار العربي يتم لعبه على مبدأ «خسارة الفريقين» معا، لذا لا يصدق احد اكاذيب وشائعات ان هذا الطرف او ذاك سيحسم الامر قريبا، فمازالت المباريات السياسية العربية ـ رغم كل ما يقال ـ في دقائقها الاولى ومازلت اذكر ان الحرب الاهلية اللبنانية سميت في سنواتها الاولى «الاحداث اللبنانية» املا ان تنتهي خلال ايام.. فاستمرت 17 عاما!

***

آخر محطة: قلنا ونقول ان العرب هم آخر الهنود الحمر، لذا فهم امة ستبقى في حالة احتراب متواصل حتى تقول ام آخر عربي هندي احمر لابنها: ابك كالنساء على بلدان زاهرة لم تحافظ عليها كالرجال.