يقول الكاتب والباحث الفلسطيني الإسرائيلي، سلمان مصالحة، ما معناه بأن أولئك الذين يعتقدون، لأسباب دينية، بأنهم يمتلكون كلّ الحقائق وكلّ المعارف، ويتمسكون بمثل هذه المقولات قرنا بعد آخر، هم كالدواب، وتفكيرهم هذا سيبقيهم على تخلفهم. وان العالم العربي، الذي كان فيما مضى رائدا في مجالات كثيرة، لا يُفلح في الخروج من تخلّفه، وتميل شعوبه لتفسير وضعها المُزري بسبب خضوعه للحكم العثماني على مدى قرون. والمُضحك أن الأتراك يعزون تخلفهم في مرحلة ما لتأثير العرب عليهم. كما أنّ العرب ألقوا كذلك بمسؤولية تخلفهم على الاستعمار، واصبحوا منذ 1948 يلومون إسرائيل على وضعهم المزري، ونسوا أن العثمانيين والمستعمرين رحلوا منذ زمن طويل. كما أنهم يعيشون في دول مستقلّة منذ عشرات السنين، وجيوش دولهم أطاحت ملوكاً وأنشأت أنظمة تزينتْ بريش القومية والاشتراكية والديموقراطية والتقدُّم، وما شابه ذلك، فمن منعهم من أن يستثمروا في التعليم والتربية وتطوير الاقتصاد ودفع مجتمعاتهم قدماً؟ هل منعهم العثمانيون أم الاستعمار أم إسرائيل؟ ويقول الكاتب مصالحة إن كلّ الصفات التي أغدقتها الأنظمة العربية على نفسها كانت جوفاء وخاوية من المضمون، فتقارير الأمم المتّحدة حول التطوّر البشري فيها، مقارنة بدول العالم، تكشف أن نسبة الأمية، على سبيل المثال، هي من أعلى النسب في العالم. ونسبة الذين يدخلون المدارس الابتدائية أقل من نسبتهم في الدول النامية. وكلّ غنى النّفط عندهم موجود على الورق، إذ ان الناتج الوطني الخام لجميع الدول العربية سوية لا يُساوي ناتج اسبانيا وحدها. كما أن الاستثمار في الأبحاث والتطوير في العالم العربي، مقارنة بسائر العالم، هو الأدنى. كما ان ثورة المعارف والمعلومات لم تتغلغل إليهم، فهم لا يشاركون في امتلاك المعارف ولا في ترجمتها، ناهيك عن عزوفهم عن المشاركة في إنتاجها. وان كمية الكتب المترجمة سنويا في اسبانيا فقط تساوي كلّ الكتب التي تُرجمت للعربية منذ القدم. وليس من المستغرب إذن انعدام وجود أيّ جامعة عربية أو إسلامية في قائمة أفضل مائة جامعة في العالم، والتي تحتوي على 3 جامعات إسرائيلية. ويروى عن ابن خلدون أنه قال، عندما احتل المسلمون بلاد فارس، ووقعت بين أيديهم كتب الفرس العلمية، ان قائد الحملة طلب إذناً من الخليفة لترجمتها، غير أنّ جواب الخليفة كان «اطرحوها في الماء، فإن يكن ما فيها هدى، فقد هدانا الله تعالى بأهدى منها، وإن يكن ضلالا، فقد كفاناه الله»!
وقال مصالحة إن الحنين للماضي قد أضحى مرضا عضالا لا دواء له، والحل قد يكون فيما قاله المفكر المصري سلامة موسى «إذا كانت الشمس تُشرق من الشرق، فإن النور يأتي إلينا من الغرب». حقًّا، العالم العربي بحاجة إلى ثورة حقيقية تُطلّق وإلى الأبد ذلك الماضي القبلي والعقائدي، وتتجه إلى الغرب، ومن دون ذلك، لن تقوم للعرب قائمة.
أحمد الصراف