قناة الجزيرة تمشي وتبث الرعب في قلوبنا، أو هكذا تتخيل، بطرحها السؤال القاتم الداكن: "كيف ستكون حال دول الخليج بعد نضوب النفط أو بعد العثور على طاقات بديلة؟"، ونحن، عرب الخليج، لا نلتفت إلى مثل هذه التفاهات وهذه المخاوف.
مم نخاف؟ أمامنا خيار من اثنين، إما أن نعود إلى ما كنا عليه قبل اكتشاف النفط، نتقاتل ليستحوذ بعضنا على أملاك بعض، أو أن ننتشر في أصقاع الأرض على هيئة عمالة سائبة رديئة… لا خيار ثالثاً أمامنا، بعد أن تولى أمورنا الفاسدون واللصوص والأغبياء، يساعدهم مشايخ دين وليبراليون وإعلاميون وتجار الثلاث ورقات، وسكتنا نحن خوفاً أو طمعاً.
عن نفسي، أتمنى الحل الأول، التقاتل على المال والماء والأملاك، لكن مشكلة كبيرة ستواجهنا، وهي خروج الأموال إلى الدول المتقدمة، فعلى ماذا نتقاتل؟ إذاً لا خيار أمامنا إلا الانتشار في أصقاع الأرض على شكل عمالة سائبة رديئة. (أقول رديئة لأن التعليم الرديء لا يُخرج كفاءات بالطبع).
ويا الله ما أجمل اللحظات التي ينتشر فيها أنصار السلطة من البسطاء الجهلاء في شوارع الدول المحترمة، يبيعون الفل، ويمسحون زجاج السيارات، ويهربون كلما رأوا شرطياً قادماً من هناك… ويا الله ما أحلى اللحظات التي أشاهد فيها أنصار وعاظ السلاطين جلوساً عند أبواب المساجد والجوامع، يحيط بهم أبناؤهم وبناتهم الصغار، والذباب يشكل غطاءً جوياً فوق رؤوسهم المنكسة، ويتمتمون "إنا كنا ظالمين".
صدقاً، وأقسم على ذلك، أتمنى أن أشاهد وجوه كل من كان يردد مقولة جدتي رحمها الله: "أمن وأمان… الله لا يغير علينا". وإذا كانت جدتي معذورة لأنها لم تحصل على الماجستير في علوم الإدارة، ولم تحصل على الابتدائية، ولا تقرأ ولا تكتب، فإن من كان يقرأ ويتابع ما تكتبه الصحف العالمية، وما تبثه القنوات الفضائية، ويطنش كل ذلك، ويستمر في الدفاع عن الفسدة واللصوص، يستحق أن يهيم على وجهه في الشوارع بحثاً عن خبزة حتى لو لم تكن مدهونة بالزيت، جزاء وفاقاً، بما كان يفعله ويقوله في حق المعارضة التي كانت تدافع عنه ضد الفاسدين.
اللهم أرنا هذا اليوم… قريباً.