اتحاشى قدر الإمكان التعليق على مقالات الكتاب، خاصة ممن يخالفونني الرأي والفكر، لقناعتي أن هذا رأيهم ويحق لهم التعبير عنه بحرية ودون أي إرهاب من الطرف الآخر، واكسر هذه القاعدة “أحيانا” حين يلفت انتباهي مقال يحمل معلومات غير صحيحة أو ما بين سطوره تزوير للحقائق.
وأجد نفسي اليوم أكسر القاعدة للتعقيب على مقال “الجنرال” مبارك الدويلة المنشور اليوم في صحيفة القبس اليوم بعنوان “الفكر العلماني.. وأسباب التخلف”.
يقول السيد مبارك في معرض مقاله – بداية الاقتباس – “انني احمل التيار العلماني واتباعه في الخليج مسؤولية وجودنا في اسفل قائمة الشفافية والنزاهة، فهم من يحاربون المصلحين بمقالاتهم بالطالعة والنازلة، وهم من يشوهون الاعمال الناجحة ان جاء انجازها من المتدينين، وهم من يتسببون باستبعاد هؤلاء من المناصب الحساسة بتشويه سيرتهم وتاريخهم حتى وصل بهم التطرف في التفكير الى المطالبة باجتثاثهم من الحياة العامة!” انتهي الاقتباس.
بنفس هذا المنطق أقول للسيد مبارك أنه من أكثر الكتاب الاسلاميين هجوما على التيار العلماني في الخليج، فلا تكاد تخلو مقالة من انتقادهم، ولا يفرق بين العلماني الاصلاحي والفاسد منهم في هجومه المتواصل عليهم، وهذا الأمر أضعه في اطار الصراع السياسي الفكري بين الطرفين.
ولكن ما استغربه من السيد مبارك تحديدا، اتهامه للتيار العلماني بأنه سبب تذيلنا قائمة الشفافية والنزاهة! واستغرابي ليس من باب الطعن في ذمته المالية – علما أنه من كبار التجار في مجال المكاتب الهندسية وله العديد من المناقصات الحكومية – بل استغرابي أن قائل هذا الكلام هو نفسه من يضع “الشيخه” معيارا لإدارة أحد وزارات الدولة!
يقول الدويله في مقال سابق بعنوان “مصر.. عقدة العلمانيين العرب” – ونلاحظ استمرار الهجوم هنا – يقول التالي “الشيخ محمد الخالد وزير الداخلية… يتهمونه بأن فيه شيخة لا تحتمل! وأقول ان الشيخة احياناً تكون ضرورية لضبط العمل بهذه الوزارة الحساسة شريطة ألا تؤدي الى ظلم لحقوق الاخرين”. انتهي الاقتباس
فأي تقدم وشفافية ونزاهة يتطلع لها الدويله وهو مازال يؤمن بدولة “المشيخة”؟ وأي تطور يتوقع منه – وهو أحد قادة تيار الاسلام السياسي في الكويت – والشيخة في نظره قانونا لضبط وزارة الداخلية!
حكومات المغفور له الشيخ سعد العبدالله كانت حليفة لتيار الاسلام السياسي على مدى عقود طويلة، وأمنت له غطاء برلماني حمته من العديد من المواجهات مع التيار الوطني الاصلاحي، وجميع القوانين ذات الطابع الديني لم توقفها المجالس النيابية ولا الحكومات حتى يومنا هذا! هذا في الكويت .. واترك لكم التعليق على حالنا محليا ..
أما في البحرين، فإن النظام هناك حليف مع تيار الاسلام السياسي السني، ويسيطر نواب الشيعة الاسلاميين على 18 مقعدا من أصل 40 مقعد، علما أنهم تقدموا باستقالاتهم ومقاعدهم شاغره اليوم! والتيار العلماني لا يملك سوى مقعدين أو ثلاثة .. والكل يتابع اليوم حال مملكة البحرين ..
والسعودية طبعا نظامها اسلامي بالكامل، وعلى علاقة وثيقة ومترابطة مع التيار السلفي، ولا مجال أبدا لفكر علماني فيها، وأما قطر فهي الحليف الأقوى لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي، وكنوزها مفتوحه لها .. فهل هناك شفافية ونزاهة في تلك الدولتين؟؟
تبقى الإمارات الدولة الوحيدة التي تتفوق خليجيا في كل شيء، تطور عمراني، نظام اقتصادي، صحة وتعليم، استثمار أجنبي بمليارات الدولارات .. الإمارات نجحت لأنها طبقت مفهوم العلمانية بفصل الدين عن الدولة! فهل وصلت الرسالة سيد مبارك الدويلة؟
آخر مقالات الكاتب:
- رسالة الى مسلم البراك .. الكرة في ملعبك
- سمو الرئيس .. صيته
- سعادة جبل واره .. تجنيت واخطيت
- رسالة الى سعادة جبل واره
- أوراق حدس .. خلط متعمد أم أزمة داخلية!
- لهذه الأسباب .. لن أشارك بمسيرة كرامة وطن!
- رئاسة المستشار المرشد سليمة .. شكرا الحربش!
- اردوغان التركي والصنف الكويتي الغريب!
- بوفيصل .. تأخرت كثيرا!
- برنامج “الائتلاف” واشكالية التطبيق والتنفيذ