في كل برلمانات العالم توجد معارضة سياسية للحكومات ـ وذلك ناشئ من طبيعة المنافسة الحزبية هناك، فالمعارضة في نهاية الأمر ـ لا تعدو كونها نوعا من المنافسة، ولكن بطرق دستورية راقية، ومن فوائد تلك المعارضة هو ترشيد قرارات الحكومة التي ستعمل وعينها على المعارضة التي بدورها تتصيد الأخطاء عليها لتحل محلها.
أما في الكويت فإن المتتبع لتاريخ المعارضة الوطنية ومطالباتها، فسيجد أن تشكيلاتها كانت من جميع أطياف المجتمع (الشيعي والسني، الإسلامي والليبرالي، القبلي والحضري).
كما كانت المعارضة التقليدية تسعى دائما للمطالبة بالمزيد من الإصلاح والحريات ومكافحة الفساد، وحتى وإن عجزت عن القضاء على الفساد، فإنها حتما نجحت في التخفيف من حدته وبشاعته، ربما وفي حالات خاصة جدا ونادرة – ساومت المعارضة الحكومة على فسادها لتمرير بعض المصالح العامة، وهذا بالطبع لا ينفي عنها وطنيتها ولا نزاهتها.
أما المعارضة الكويتية الجديدة – أو ما يسمى «النيو معارضة» والمتواجدة بقوة في مجلس الأمة الحالي والمجلس الذي سبقه، فلا ينطبق عليها بالتأكيد لقب المعارضة التقليدي، حيث إنها لا تتكون من أطياف مجتمعية مختلفة، بل تكاد تكون بلون سياسي واحد.
ولم تتبن مطالب إصلاحية عامة تدافع عنها وتسأل الحكومة عنها، بل إنها اكتفت ببعض المطالب الفئوية، كما لا تستهدف «النيو معارضة» البحث عن الفساد للقضاء عليه، بل هدفها الأساسي استخدامه للإطاحة «بالرئاستين» وأقصد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة.
وتختلف الـ«نيو معارضة» عن المعارضة التقليدية بأن الأولى – أداة طيعة بيد أقطاب السياسة يحركونها لمصالحهم الضيقة، بعكس المعارضة التقليدية التي كانت تستفيد من الصراعات السياسية للحصول على المزيد من الإصلاح والشواهد التاريخية كثيرة.
مؤسف جدا، ما وصلت إليه الحياة السياسية الكويتية من انحدار، فلم يعد يجدي معها – لا صوت ولا اثنان ولا حتى أربعة أصوات للناخب، من كانوا يتباكون من استخدام الاستجوابات ويطالبون بعد الاستعجال فيها، يجهزون الآن استجواباتهم الفئوية والضعيفة للحكومة قبل أن ينعقد مجلس الأمة الجديد، بل ويهددون باستجواب سمو رئيس مجلس الوزراء مباشرة وهذا الأمر وبالتحديد ما كانوا يرفضونه وبشدة سابقا.
في الختام: يبدو أن الـ«نيو معارضة» قد حددت هدفها مسبقا لها، وتبحث فقط عن المبررات، فهم يسعون جاهدين للانتقام ـ بالوكالةـ من «الرئاستين» والإطاحة بهم عن طريق افتعال الأزمات لحل مجلس الأمة فربما تتغير عندئذ الرئاسة في مجلس الوزراء والبرلمان.