استكمالاً للمقالتين السابقتين عن العلامات التي سأضعها على ظهور وعاظ السلاطين، المتاجرين بالدين، ليسهل كشفهم وتعريتهم ونبذهم…
– من أبرز علاماتهم رضى الحكام الظالمين عنهم، ومنحهم المناصب الدينية الحساسة، واستدعاؤهم للمناسبات التي يحضرها السلاطين، وتخصيص المقاعد الأمامية لهم، في حين يتجاهل السلاطين علماء الدين الأحرار الزهاد، ويحاربونهم، وقد يسجنونهم ويعزرونهم.
– يتبادل وعاظ السلاطين مع سلاطينهم الظالمين "معاهدات الحماية"؛ أنت تغطيني بالدرع الدينية، وأنا أغطيك بالقوة العسكرية والقوانين والقضاء وأسخّر مؤسسات الدولة لخدمتك وحمايتك وتنفيعك.
– وعاظ السلاطين هم الذين يدربون تلاميذهم على الرد على منتقديهم بـ: "لحوم العلماء مسمومة"، وكأن لحوم بقية البشر مدهونة بالزيت والليمون، جاهزة للتقطيع والأكل، كما يُفهم ضمناً.
– وعاظ السلاطين يتدخلون في العلوم الدنيوية الحديثة بكل ثقة وبجاحة، فبقدرة قادر، ومن دون أي دراسة، ففي الفيزياء، هم علماء ومكتشفون، يخسي أجدعها فيزيائي في العالم ينافسهم، وفي الكيمياء يميزون بين الغازات باللمس، وبين السوائل بالعض بالأسنان المجردة، وفي كرة القدم يدربون ميسي ورونالدو، وفي الفلك يتفضلون على "ناسا" بالدروس الخصوصية، وفي الجيولوجيا وعلوم التربة تتقزم أمامهم شركات التنقيب عن النفط، وفي الاقتصاد تتضاءل أمامهم قيادات البنك الفدرالي الأميركي… يا عمي عن ماذا تتحدث؟ أنت أمام مكتبات ومختبرات على هيئة بشر، ويا ويلك ويا سواد ليلك، إن احتججت على معلومة لهم أو فكرة حتى لو كانت في مجال تخصصك أو في الشأن العام، فأنت "تهرف بما لا تعرف"، من أنت قياساً بوعاظ السلاطين العارفين الهارفين؟ احترم نفسك واخرس.
– وعاظ السلاطين لابد أن يذكّروك بـ"الأمن والأمان"، ثم يتركوك تفهم وحدك من دون أن يقولوا لك صراحة الجملة التي تليها "إذا اعترضت على قرارات السلطان الظالمة فلا أمن لك ولا أمان"، وهم يعرفون قبل غيرهم أنك لا تأمن على مالك ولا على أرضك من السلطان أو أبنائه، ولا تأمن على حياتك إن أنت عبرت عن رأيك بصراحة، أو حتى بتلميح.
يا صاحبي… العلامات التي تكشف وعاظ السلاطين كثيرة جداً، سقت لك بعضها، وبالتأكيد هناك غيرها، فركز وقارن ولا تنطلِ عليك حيلهم، حتى لو تبوأوا أعلى المناصب الدينية، أو رُزقوا عذوبةَ صوت وطلاقة حديث، أو حُسن مظهر. فقط ركز وحرك عقلك.