احمد الصراف

الإنسان والأسنان

تتزايد معارفنا يوميا، ومع زيادتها يزداد إحساسنا بالجهل، وتقل الأنا أو الذاتية فيها، وتزيد سعادتنا. ومن الأمور التي أدخلت معرفتها السرور لقلبي أخيراً ما اطلعت عليه عن مدى أهمية العناية بصحة الفم، من أسنان ولثة، وكيف أن لهذا الأمر تأثيرا، ليس فقط على المنظر العام لوجه الإنسان، بل وعلى صحة قلبه ونفسيته ومعدته ونضارة وجهه ومدى استمتاعه بالحياة، وليس في هذا أي مبالغة. وللمزيد عن هذا الموضوع يمكن البحث في الإنترنت.
لا توجد اليوم طريقة أكثر فاعلية لتنظيف الأسنان واللثة أكثر من استخدام فرشاة الأسنان، بأشكالها المتعددة، مع معجون جيد ومناسب، واستخدامها لا يغني عن استخدام خيوط التنظيف، لإزالة ما علق بين الأسنان، والذي لا يُزال عادة بالفرشاة. كما أنه يستحسن استخدام مضخات الماء، خصوصاً لمستخدمي مواد تقويم الأسنان.
وقد عرف الإنسان كيفية تنظيف أسنانه منذ القدم، فقد استخدم أغصان الأشجار، المسواك، وريش الطيور واللبان (العلكة)، وعظام الحيوانات. وبينت الآثار أن فراشي الأسنان عرفت في الهند وأفريقيا، وذلك قبل 3600 عام! كما عرف الصينيون واليابانيون تاليا فراشي الأسنان المصنوعة من شعر ذيل الحصان، وكان ذلك قبل 1330 عاما، وانتقل استخدامها منهم لأوروبا خلال القرن الــ17. وكانت بريطانيا، حتى منتصف القرن الماضي تستورد فراشي الأسنان المصنوعة من مسكات عظام ومن شعر ذيل الحصان من الصين. وعرف العالم الفرشاة الحديثة لأول مرة على يد السجين البريطاني وليم أديس والذي أصبح ثريا من وراء صناعتها، بعد خروجه من السجن. كما عرف العالم أول تسجيل لعلامة رسمية لفرشاة في عام 1857، وكان ذلك في أميركا، ولكن لم يبدأ إنتاجها تجاريا حتى عام 1885. وينصح اليوم الأطباء باستخدام النوع الناعم من الفراشي، فالقاسية يمكن أن تؤثر سلبا على لمعان الأسنان، وقد تتسبب في تهيج اللثة.
أما خيوط تنظيف الأسنان Dental floss فقد ابتكرها عام 1815 الأميركي ليفاي سبير، وكان يعمل طبيب أسنان. ونصح باستخدام خيوط الحرير فيها، ولكنها لم تصبح بمتناول المستهلك حتى 1882 عندما أنتجت كودمان وشورلفت خيوط الأسنان غير المشمعة، ولكن استخدام الخيوط في تنظيف الأسنان كان محدودا حتى الحرب العالمية الثانية، عندما قام د. شارلز باس باستخدام خيوط النايلون، التي تفوق خيوط الحرير في مزاياها.
أما أجهزة أو مضخات تنظيف الأسنان بالتدفق، أو الدفع المائي Water jet, waterpik فقد أصبحت منتشرة، وهي مثالية لمستخدمي تقويم الاسنان وغيرهم، وهذه عرفها العالم على نطاق واسع عام 1962. وبسؤال طبيب معروف عن أفضل الوسائل لتنظيف الأسنان تبين أن الفرشاة والمعجون المصاحب لها هما الأفضل، وأن يسبق ذلك تنظيف الأسنان بالخيوط المعالجة بالشمع أو بغيرها، أو بتنظيفها باستخدام الدفع المائي، حسب تركيبة أسنان كل شخص. وعموما يمكن القول إن تنظيف ما بين الأسنان باستخدام الخيوط أفضل من استخدام آلة ضخ الماء، حيث إن الخيط مفيد في كشط جوانب كل سن من المواد التي لا تزال عالقة بها مقارنة بقوة آلة دفع الماء، فهذه قد تكون مفيدة لمنع أمراض اللثة أو إدمائها، ولكنها لا تغنى عن استعمال الفرشاة والخيط. كما يفضل غسل الأسنان، واللسان، قبل وبعد النوم مباشرة، فالكثير من البكتيريا تتجمع على سطح اللسان أثناء الليل، ويتطلب الأمر كشطها. 

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

كنت أتمنى

كنت اتمنى ان يكون تشكيل هذه الحكومة الجديدة مؤشرا على الاستفادة من مطبات تشكيل الحكومات السابقة، عندما كان التشكيل ينزل على مجلس الوزراء بالبراشوت! لكن ما حدث هو ان التشكيل الجديد، وان كان قد صدر من داخل مجلس الوزراء، الا ان شكله تشكيل حكومة مؤقتة!
•••
كنت اتمنى لو ان دور الانعقاد الاول للمجلس الجديد بدأ بداية صحيحة، لكن يبدو اننا في الكويت مكتوب علينا ان نكون آخر دولة تستفيد من تجاربها! صحيح ان على الحكومة ان تعمل كفريق واحد وان اهدافها لا بد ان تكون واضحة ومحددة، لكن ليس من المقبول ان تستمر على النهج الخاطئ نفسه الذي سارت عليه الحكومات السابقة في تعاملها مع مجلس الامة! فمصلحة البلد يجب ان تكون هي الهدف الذي يحدد قرارات الحكومة وتوجهاتها، وليس من مصلحة البلد ان تتعامل الحكومة مع مجلس ضعيف او ادارة ضعيفة للمجلس! فالحكومات السابقة كانت تتعمد ان تضعف مجلس الامة كي تمرر قراراتها من دون محاسبة فاعلة او رقابة حازمة، وكانت تظن انها بذلك تحقق برنامجها من دون عراقيل، الا ان التجارب اثبتت ان المجلس الضعيف يضعف الحكومة مهما بلغت من قوة وأريحية في التعامل مع المجلس، ولعل اقرب مثال على ما نقول هو المجلس «المبطل 2»، حيث لم يكن يعرقل الحكومة أي شيء في طريق عملها، ومع هذا كانت من افشل الحكومات، وكان المجلس من اسوأ المجالس، وما حدث في جلسة الافتتاح ان الحكومة حرصت على ألا يصل الى المناصب الا من يسهل لها تحقيق برنامجها ومن يفرش لها الورود في الطريق! بينما المفروض ان تحرص الحكومة على ان تدعم كل قوي أمين لديه الامكانات لتبصيرها بخطئها ان أخطأت، ويرشدها الى جادة الصواب. ان وظيفة عضو مجلس الامة هي رقابة الحكومة في تنفيذها للقوانين ومحاسبتها ان قصرت في ادائها، وليس موافقتها على الحق والباطل وتأييدها بالطالعة والنازلة! ان ما جعل الحكومات السابقة ضعيفة في ادائها ليس قوة المجلس وممارسته لدوره الرقابي، كما يحاول البعض ان يوحي، بل ان ضعف المجلس في تنوير درب الحكومة وتبصيرها بأخطائها جعل الاخيرة توغل في الخطأ وتتعثر في المسير.
•••
كنت اتمنى ألا تكابر جماعة الصوت الواحد وتمدح مخرجات مرسرم الضرورة، وتغض النظر عن انتشار ظاهرة الرشوة في هذه الانتخابات بشكل غير مسبوق، بل ان الظاهرة الاخطر التي برزت على السطح، وهي ظاهرة «كثرة الممولين»! حيث لاحظنا هذا العام ان اكثر من طرف يمول عددا من المرشحين لشراء ذمم ضعفاء النفوس للوصول الى البرلمان، ومما يحز في النفس ان معظم هؤلاء من علية القوم، الذين يفترض بهم ان يساهموا في ايجاد مجلس يمثل الامة بشكل صحيح لا ان يتعمدوا دمار البلد وخرابه!
•••
كنت اتمنى من الحكومة ان تعيد النظر بقرارها دعم الانقلاب العسكري في مصر، بعد ان استعجلت منذ اليوم الاول للانقلاب وكأنها شريك فيه، مع ما لهذا القرار من تداعيات خطيرة على مستقبل العلاقات الكويتية المصرية، واليوم وبعد ان تخلت معظم دول العالم عن تأييده، فان هناك فرصة للعودة الى الصواب والحكمة، واملنا في وزير المالية الجديد ان يجد المخرج للحكومة للخروج من ورطتها وتوريطها للشعب الكويتي معها!
اخيرا اتمنى ان نفكر جديا، حكومة وشعبا، في موضوع وجودنا كدولة مستقلة في وسط هذه المتغيرات في مراكز القوى الاقليمية والدولية، وألا ننشغل بمشاكلنا الداخلية على حساب ما يحيط بنا من مخاطر تكاد تلتهم وجودنا، مع مراعاة ألا نستغل هذا الاهتمام بالوضع الخارجي في تضييع وضعنا الداخلي! بمعنى لا افراط ولا تفريط، والله خير حافظاً.

سامي النصف

التفاؤل بالرئاسة الحكيمة والمعارضة العاقلة!

الأكيد ان احدا لا يشك في كفاءة واقتدار مرشحي رئاسة مجلس الامة الثلاثة، ونعني الافاضل مرزوق الغانم وعلي الراشد وروضان الروضان، كما لا يشك احد للحظة ان احدا منهم لم يكن ينتوي حرق البلد وخلق الازمات التي تلد ازمات كونه فقط لم يجلس على مقعد الرئاسة الاخضر الذي يعلو قليلا عن كراسي النواب الافاضل الآخرين.

***

ما ذكره النائب الفاضل رياض العدساني من عدم رغبته التصويت لأي من مرشحي الرئاسة يعيد للاذهان ما يعتبره كثيرون خطأ دستوريا فادحا في تاريخنا يحتاج الى اعادة زيارة له وملخصه يكمن في كيفية احتساب صوت من يبقى في الجلسة (ولا يترك القاعة) ليعكس عدم رضاه عن المرشحين عبر وضع ورقة بيضاء في الصندوق، وهل يجوز عقلا ومنطقا ودستورا اعتباره وكأنه لم يحضر الجلسة عند احتساب مجموع الوزراء والنواب الحاضرين بعكس ما هو قائم في جميع الديموقراطيات العريقة التي تفرض الحصول على اغلبية من قام بالتصويت سواء صوت بورقة سوداء او بيضاء أي «More than 50% of the votes cast».

***

ان امام الكويت تحديات جساما قادمة ولم يعد بلدنا وشعبنا الصابر يحتمل عمليات التأزيم مدفوعة الاثمان والاستجوابات الكيدية التي يتلوها حل المجالس التشريعية (أبغض الحلال الدستوري) وتوقف التنمية وهروب رؤوس الاموال والمشاريع للخارج حتى اصبحنا في آخر الركب الخليجي بعد ان كنا في اوله، وبات المتربصون ودعاة الفوضى وخلق ربيع كويتي وخليجي مدمر ينتظرون مزيدا من الاشكالات ليهرب الناس اليهم كهرب المستجير من الرمضاء بـ .. النار!

***

واجزم واعلم ان المعارضة هذه المرة هي معارضة وطنية عاقلة رصينة ما دامت على شاكلة الرئيس علي الراشد وصحبه من النواب الافاضل، لن تحاول هز المركب او اغراقه بل العودة لنهج الآباء المؤسسين ممن كانوا يعارضون بحكمة ولا يعرقلون مسيرة البوم الكويتي، فوصلت الكويت الى ما وصلت اليه آنذاك من رفعة وسؤدد وتقدم في كل مجالات الحياة، لذا يأمل الشعب الكويتي قاطبة لأن يعمل الجميع هذه المرة لأجل مجلس امة وحكومة انجاز يستمر عملهم لاربع سنوات كاملة، ومن يخفق من الوزراء لا يستحق ان يضحى بحكومة او مجلس او مصلحة شعب بأكمله لأجله، بل يجب دفعه للاستقالة او الاقالة او اعفاؤه وعزله عبر استجوابات حكومية ووزارية لا.. نيابية!

***

آخر محطة: 1 ـ مقترحات تستحق النظر فيها: في تعديل لعام 2007 في مجلس العموم البريطاني العريق، تم فرض دعم 12 نائبا لأي من يريد الترشح لرئاسة مجلس العموم قبل اعتماد ترشحه منعا للاحراج من النواب الآخرين.

2 ـ بودنا ان يتم تعديل مثيل في مجلس الامة الكويتي، ومثله تعديل آخر لفرض عدد ادنى لمن يقدم استجوابا «كرنفاليا» كيديا مدفوع الاثمان، حيث لا يقبل العقل والمنطق ومفهوم سيادة الاكثرية التي تقوم عليها اللعبة الديموقراطية ان يقوم نائب واحد يمثل 2% من اعضاء المجلس وما يقارب 1 على مليون من الشعب الكويتي ان يجعل الكويت واللعبة السياسية عرضة لرغباته وتهديداته الشخصية.

3 ـ أكبر انجاز تاريخي سيحسب لهذا المجلس بعد ان يهدأ ويستقر وينجز هو ان يتفق الاعضاء من موالاة ومعارضة وحكومة على اجراء تعديلات مستحقة على الدستور بعد نصف قرن من العمل به في قضايا، اما لا علاقة لها بالحريات مثل زيادة الاعضاء او للمزيد من الحريات.

سعيد محمد سعيد

مشاهد «الرحمة» الرائعة

 

هي بضع مشاهد، نعيش مثلها جميعاً، وتبقى في ذاكرتنا، ولربما، كانت سبباً في تغيير سلوك سيئ أو نظرة خاطئة، إلا أن أهم ما في المشاهد الطيبة هي أنها تشعرنا بالاعتزاز بنموذج من البشر يستحقون الاحترام. لدي بضع مشاهد هنا:

* المشهد الأول: جزاهم الله خير الجزاء أولئك المواطنين والمقيمين الأخيار الذين يسارعون لنشر الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تدعو الناس للتوجه إلى بنك الدم المركزي بمجمع السلمانية الطبي للتبرع لأحد المرضى، فمثل هذه الرسائل تنتشر بشكل كبير متضمنةً اسم المريض ورقمه السكاني وفصيلة الدم المطلوبة، لكن الأجمل أن يسارع المواطنون من الجنسين، وخصوصاً فئة الشباب، للقيام بهذا الواجب الإنساني والديني المقدس. لا أحد في قاعة الانتظار ببنك الدم يسأل عن دين المرضى أو مذهبهم، إنّما هذه النوعية من البشر الكرماء، هم من يملأون حياتنا بهجةً وأملاً وتفاؤلاً، بلا طائفية ولا أضغان ولا أحقاد ولا سموم تبثها الأفاعي الممسوخة بالتناحر والعداء.

* المشهد الثاني: حتى الفترة التي سبقت حلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا جميعاً بالخير واليمن والبركات، وخلاله وفي لياليه الأخيرة، كانت الجمعيات المعنية برعاية الأيتام ولجانها تعمل بطيب خاطر لتوفير احتياجات الأرامل والأيتام والأسر المعوزة، ولعل الكثير من القراء الكرام لا يعلمون بأن هناك من المواطنين والمقيمين، من فئة ذوي الدخل المحدود، جزاهم الله خيراً، يخصصون في منازلهم حصالات يشارك فيها أفراد الأسرة بما تيسر من مصروفهم، ثم يقدّمونها للأيتام من الجيران أو الأسر التي ترعى أيتاماً فتبعث البهجة في نفوسهم. وبالمناسبة، نشرت في انستغرامي الصورة الشهيرة للطفل اليتيم الذي يبكي على قبر أمه أو والدته وعلى ظهره حقيبته المدرسية، وكتبت عبارة: «يا وجوه الخير أطلبكم طلب فيه النعيم. وحق هالشهر الكريم، يلله نمسح يالربع دمعة يتيم»، فوجدت الكثير من المعارف والأصدقاء والمتابعين وغيرهم يتفاعلون وبعضهم أخبرني شاكراً، بأن تلك العبارة أثرت في نفسه معترفاً بأنه من الناس الذي لم يلتفتوا للمساهمة في البرامج والمساعدات والأنشطة الموجهة للأيتام، وأفاض عليه الشهر الكريم شعوراً بالمساهمة بما تجود به يده الكريمة، فحيا الله تلك المشاعر الطيبة.

* المشهد الثالث: ونحن نعيش أيام عيد الفطر المبارك، أود التعبير عن اعتزازي بكل مواطن ومقيم قدّم للعمال الوافدين هدايا طيبة، فالبعض قدم لهم ملابس جديدة والبعض الآخر كان يحرص على دعوة الجيران أو من يعملون بالقرب من منزله أو من العمال الذين يعملون لديه لتناول طعام الإفطار، وهذه المشاهد نجدها في كل جوامع ومساجد ومآتم ومجالس البحرين. وقد لفت نظري أثناء أداء صلاة المغرب في أحد مساجد العاصمة، مواطن بحريني يجيد لغة الأوردو وهو يتنقل من عامل إلى آخر ويذكرهم بأن الإفطار في الليلة القابلة لديهم في المسجد، وهذه السجايا هي من طبائع أهل البحرين الكريمة، قلوبهم رحيمة ملأى بالخير، وهذه الصورة نراها كثيراً في القرى بدرجة أعلى، فهم يعتبرون أولئك الناس جزءاً من المجتمع، ليس في شهر رمضان المبارك فحسب، بل طيلة العام.

* المشهد الرابع: كل الشكر والتقدير لأهالي قرية المعامير، وللشباب القائمين على القرية التراثية، وأخص بالذكر الزميل الإعلامي والصديق الكريم عمار المختار. فقد كانت أمسية رمضانية جميلة تلك التي دعا فيها عدداً من الزملاء المصورين، من المحترفين والهواة، الذين زاروا القرية التراثية وتعرفوا على مرافقها، وعلى الرغم من محدودية الإمكانيات، إلا أن فكرة القرية تستحق الإشادة بحق، وكم هو جميل أن يلتقي الزملاء على مائدة إفطار في منزل عائلة المختار، والمشاعر الطيبة تملأ قلوب الجميع… عساكم من العايدين.

* المشهد الخامس: هل صادفتم مواطناً أو مقيماً تعطلت سيارته في أشد أوقات الظهيرة حرارةً ورطوبةً طيلة أيام الشهر الفضيل؟ بلا شك، سنشاهد حول ذلك المنظر من يستخدم مزمار السيارة بغضب، وآخر يلعلع بصراخه متذمراً من تعطل حركة السير، وثالث يحاول القفز على رصيف هنا ومخرج فرعي هناك ليصل سريعاً إلى وسادته أو مسجده أو عبادته. لكن، هناك رابع وخامس وسادس وعاشر من الطيبين الذين ينتهزون كل فرصة لنيل الثواب في شهر الله بمساعدة الناس، وكما نقول بالعامية: «كم تسوى كلمة رحم الله والديك؟». لكل وجوه الخير، رحم الله والديكم وعساكم من العايدين والسعيدين… وكل عام والجميع بخير.

عادل عبدالله المطيري

حكومة وبرلمان جديدان

 الكل يطمح الى ان يصاحب تشكيل الحكومة الجديدة ومجلس الأمة الجديد رؤية سياسية جديدة، تخرجنا من مأزقنا السياسي والاقتصادي والتنموي بل حتى الدستوري الذي وضعنا فيه رغما عنا جميعا.

من الملاحظ ان التغيير في تركيبة مجلس الأمة كان كبيرا جدا وصل إلى أكثر من النصف، وبالرغم من الجدل والخلاف حول آلية الانتخاب إلا أن غالبية شرائح المجتمع الكويتي متواجدة تحت قبة عبدالله السالم، وكأن الكويتيين وبدلا من أن يطالبوا بحكومة وحدة وطنية كما في البلاد الأخرى، أنشأوا برلمانا للوحدة الوطنية، وسيكون لقراراته بعد شعبي كبير وخصوصا عندما يتناول تعديل قانون الانتخاب كما أن تشكيل الحكومة، هو الآخر ، طرأ عليه تغيير جوهري، فقد أخذ بالاعتبار عامل الكفاءة والخبرة في حقائب وزارية مهمة، كالداخلية والدفاع والمالية، حيث تولاها اكثر أبناء الأسرة الحاكمة خبرة ودراية في مجال تلك الوزارات السيادية.

الجميع يأمل ان تعمل السلطتان التشريعية والتنفيذية وفق مبدأ التعاون والتوافق، كما جاء في النطق السامي لسمو الأمير حفظه الله، فالتحديات الأمنية والسياسية التي تمر فيها المنطقة خطيرة جدا، كما أن المواطن الكويتي أحبط كثيرا من ممارسات الحكومة والمجلس على حدا سواء، وبات ينشد الاهتمام بقضاياه المعيشية العادلة والبسيطة كالصحة والتعليم والسكن فهل هذا كثير على «الكويتي» الذي تحمل كل الضجيج السياسي مؤخرا.

احمد الصراف

نحن واليهود والكاثوليك

أحمد الصراف
لا أؤمن بمقولة سيطرة «اليهود أو الصهيونية» على الإعلام الغربي، من صحافة وتلفزيون ووكالات أنباء، وحتى سينما! ومرد ذلك ليس سخف هذه المقولة، التي قد تكون حقيقية، بل لأن أحداً لم يمنعنا، مع كل ما نمتلك من ثروات وما لدينا من أثرياء، عقلاء وسفهاء، من تملك حصص مؤثرة في أي منها، والتي تكرر عرض الكثير منها للبيع على مدى نصف القرن الماضي، والتي يمكن الاستحواذ على أغلبيتها من خلال شراء أسهمها! كما أن عدم إيماني يعود إلى حقيقة أن الأمر لا يتعلق فقط بعزوفنا عن الاستثمار في هذه الوسائل، وإصرارنا على التذمر من سيطرة اليهود عليها، بل وأيضاً لأننا غير جديرين بتملكها أصلاً، حتى لو أردنا ذلك! فالاستثمار في الصحافة العالمية مثلاً ليس كالاستثمار في صناعة الملابس أو في شركة نفطية، والاعتماد على إدارة المصنع لتحقيق النجاح المالي، بل يتطلب تملك صحيفة أو قناة إخبارية عالمية توافر قدر هائل من حرية القول والنشر المطلقة لدى المشتري، إضافة الى عامل الإبداع! فليس من المجدي أن تملك أي دولة عربية وسيلة إعلام دولية إن لم تكن هي التي تديرها وتوجهها لمصلحتها، وبما أن كل دولنا تفتقد حرية القول والنشر، وتفتقد عامل الإبداع في مثل هذه المجالات، فعليها بالتالي التوقف عن وصف هذه الوسائل الإعلامية بالصهيونية العالمية، فاليهود أبدعوا ودفعوا ونالوا، ولم يمنعوا أحداً من أن يدفع وينال ملكية هذه الوسائل ويبدع فيها!
كان لا بد من هذه المقدمة الطويلة قبل الدخول في موضوع هذا المقال، والمتعلّق بنظرية «سيطرة اليهود على الصحافة الغربية وغيرها»، ومنها الـ «نيويورك تايمز»، التي تتهم دائماً بمحاباة إسرائيل ومناصرة قضايا اليهود، والترويج لفكرهم على حساب قضايا العرب، وهذا ليس صحيحاً بالمطلق. فقد كان لهذه الصحيفة، التي تصدر في معقل الكاثوليكية واليهودية الأميركية، دور كبير في فضح جرائم الاعتداءات الجنسية من قبل كبار رجال الكنيسة الكاثوليكية، ومنهم من كاد أن يصبح بابا، على أطفال الكنيسة. علماً بأن الاعتداءات طالت عشرات آلاف الأطفال على مدى عقود طويلة، وما زالت عملية الكشف على جرائم القساوسة والكرادلة المتطورين، والتغطية عليهم، مستمرة بين الكنيسة ووسائل الإعلام الغربية الحرة! وكان لافتاً للنظر قيام الـ «نيويورك تايمز» بتاريخ 22 يوليو بنشر مقال لفرانك بروني FRANK BRUNI، ذكر فيه أن القادة الروحيين الذين أنيطت بهم مهمة رعاية الأطفال وتعليمهم، وبيان طريق الصواب لهم في الحياة، قاموا باستغلال مراكزهم وتأثيرهم القوي على هؤلاء الأطفال واعتدوا عليهم جنسياً، وأن المعتدين استفادوا من عمليات التغطية على جرائمهم من رجال دين أرفع مرتبة، وساعدهم هؤلاء في التشكيك في «ادعاءات» الأطفال، المعتدى عليهم جنسياً من قبل آبائهم الروحيين من رجال الدين! والتغطية تمت ليس فقط خوفاً من الفضيحة، بل لكي لا تتوقف تبرعات «المحسنين»، وأن المسؤولين عن التحقيق في الجريمة فضلوا التغطية عليها، واتهام الأطفال بالكذب على أن يشمت أعداؤهم بهم!
الفقرة أعلاه لا تخص، كالعادة، فضائح كنسية، بل تتعلق باليهود الأورثوذوكس، الفرقة الأكثر تشدداً! ويقول الكاتب إنه يكتب مقاله لأن الصحافة امتلأت في العقدين الأخيرين بفضائح رجال الكنيسة، والآن جاء دور فضح رجال الدين اليهود.
المقال طويل، ويحتوي على معلومات مرعبة، وتعود لجرائم الأربعين سنة الماضية. وللمزيد يمكن الرجوع لأرشيف الـ «نيويورك تايمز».
والآن، من دون محاولة دفن الرؤوس في الرمال، هل نمتلك شجاعتهم، أم أننا غير؟

***
• ملاحظة: تعليقاً على مقال «مجلس عبدالحميد»، قال الزميل عدنان حسين: الأحزاب الشيعية لدينا في العراق تبرر استحواذها على السلطة منذ 10سنوات، بحجة استرداد حقوق الشيعة المغتصبة منذ 14 قرناً! ولكن شيعة اليوم أسوأ حالاً من ذي قبل، بسبب سكوتهم عن هضم حقوقهم من حكامهم الشيعة..

[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

نكرر «السيستم غلط»

في يناير الماضي كتبت مقالاً تناولت فيه مشكلة أساسية أجدها المعرقل الأكبر للمسيرة، وكنت أعتقد بأن القناعة التي باتت راسخة لدى الكثير من أبناء الكويت وصلت أخيراً إلى رئيس الوزراء خصوصاً أنه كان أكثر من أومأ مؤيداً لخطاب عبدالله بوفتين أمام سمو الأمير قبل أشهر، وكونه أحد الموقعين على وثيقة شباب الأسرة في مطلع التسعينيات اعتراضا على أسلوب إدارة الدولة، إلا أن حكومته الجديدة تبين ألا حياة لمن ننادي وأن التشكيل حافظ على نهج الفشل الدائم… أترككم مع ما كتبت في يناير. جهة تحكيم وليست طرف صراع، إذا فُهم هذا النظام وطُبّق فستكون الأمور أفضل حتماً، وأنا أقصد هنا دور أسرة الحكم في التعاطي مع الأمور في الكويت. هذا هو الهدف الأساسي أصلاً من دستور الدولة، وقد تعاطى معه المغفور له عبدالله السالم بهذا الشكل منذ نشأة الدستور، فهو لم يتدخل أو يعدّل على دستور الدولة، بل صدّقه فور استلامه للنسخة النهائية منه، لكن طوال الخمسين عاماً الماضية لم يتشرّب معظم أبناء الأسرة، وتحديداً أصحاب المناصب التنفيذية هذا الأمر إما بسبب قلة الوعي أحياناً، وإما بسبب الرفض السلوكي لدستور الدولة في أحيان أخرى. الوضع الطبيعي للدولة في ظل الدستور هو أن تكون شؤون حياتهم وبلدهم بأيديهم، يحاولون بناء وطنهم في إطار الدستور، ويسنّون القوانين المنظمة له، ومتى اختلفوا أو ابتعدوا عن إطار الدستور يكن رئيس الدولة هو الحكم، ويمتلك أدوات عدة للتحكيم كردّ القوانين أو حل المجلس ليكون الشعب هو الفيصل في الاختلاف، ويرجح كفة على الأخرى. هذا النموذج هو ما يجب أن يسود في كل موقع يتولاه أحد أفراد الأسرة في الاقتصاد أو الرياضة أو البيئة أو أي شأن آخر، ويجب ألا يكون أبناء الأسرة إطلاقا طرفاً في أي مجال تنافسي خلافي أصلاً، والعرف الحميد القائم على عدم ترشح أبناء الأسرة لانتخابات مجلس الأمة يجب أن يعمم على كل المجالات، لأن هذا العرف يقف اليوم وحيداً في تطبيق معاني الدستور المشددة على النأي بأسرة الحكم عن أي استقطابات. اليوم بل منذ سنوات طويلة ونحن نعيش بخلاف هذا النظام، وهو ما يزيد حدة صراعاتنا ومشاكلنا، لأن أسرة الحكم تشارك في العمل الجماعي التنافسي، وهو ما يولّد الخلاف بلا أدنى شك، والخلاف قد يجعل بعضهم يستخدم نفوذه في سبيل ترجيح كفته، وهو ما يجعل ميزان العدالة وتكافؤ الفرص يختل رغماً عنه. أمثلة أخرى لا تحصى ولكل منكم قصته التي يراها يومياً في كيفية تأثير أبناء الأسرة سلباً على أي مجال تنافسي يخوضونه، ولا مجال لحصرها في المقال لقلة الاطلاع، أو كي لا يطول المقال أكثر. الدستور جاء صريحاً، ومخصصات أبناء الأسرة التي تفوق مخصصات بقية المواطنين أكثر صراحة في سبيل تأكيد عزلهم عن ساحة الاختلاف والصراع، وإلا فلا يوجد أي مبرر لأن تتميز مخصصاتهم المالية عن بقية المواطنين إن كانوا راغبين في منافسة بقية المواطنين في المجالات المختلفة. لا بد من العودة إلى نقطة البداية وأصل "السيستم" لفهم أن أسرة الحكم هي جهة تحكيم وليست طرفاً في الصراع أبداً، ومن هذا الأساس المغيّب يمكننا العودة إلى جادة الإصلاح الفعلي وتطوير الأمور. خارج نطاق التغطية: عيدكم مبارك وعساكم من عواده.

سامي النصف

خلجنة الإخوان لا أخونة الخليج!

نتذكر، ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى الغزو الصدامي (لا العراقي) للكويت وتهديده لأمن السعودية وبقية الدول الخليجية، موقف الإخوان المسلمين وتنظيمهم العالمي المشبوه آنذاك من مشروع تحرير الكويت الذي وقفوا ضده وحاولوا تحريك الشارع السعودي لإفشاله فأفشل الله مسعاهم ورمى قادتهم في السجون حتى عادوا لرشدهم، وهذا ديدنهم في كل زمان ومكان مع كل الأنظمة، حيث يدعون الولاء لها ثم ينتظرون أقرب فرصة للانقلاب عليها وطعنها في الظهر.

***

ويتذكر أهل الكويت وأهل الخليج معهم الموقف التاريخي للرئيس محمد حسني مبارك وإرساله الجيش المصري للمشاركة في رد التهديد الصدامي على المملكة ثم مشاركته الفاعلة في تحرير الكويت، فهل يجوز لمن لديه ذرة وطنية في الكويت او باقي دولنا الخليجية ان يقوم بعمل لا وطني «مزدوج»، اي الوقوف مع عملية اسقاط حليفنا في مصر ثم الاصطفاف مع عدو الخليج د.محمد مرسي الذي كان يخطط لخلق محور مصري ـ ايراني ـ تركي يستهدف استقرار الدول الخليجية، ثم عمل جاهدا لضرب استقرار الكويت والإمارات والسعودية عبر محاولة بدء ربيع خليجي مدمر فيها وقد شهدنا في الكويت عملية الخروج على الدستور ومحاولة الانقلاب على النظام من قبل الإخوان عبر إنزال الشباب المغرر بهم للشوارع ومطالبات بالحكومة الشعبية غير الدستورية؟!

***

ويظهر التاريخ الحديث ان الكويت والسعودية والإمارات هي التي خلقت الملاذ الآمن للإخوان إبان احداث اعوام 54 و65 في مصر و82 في سورية، والتي للحق كانوا هم المعتدين فيها على أمن بلدانهم وأنظمتها القائمة، لقد كان جزاء دولنا الخليجية التآمر علينا من قبل تنظيمهم العالمي المشبوه المرة تلو الأخرى، ابتدأت بمحاولات دعم غزو بلداننا عام 90 وانتهت بتشجيع الفوضى والثورة في شوارعنا هذه الأيام.

***

آخر محطة: (1) انشق كثيرون في مصر عن الإخوان وتنظيمهم العالمي المشبوه الساعي لسفك دماء الشعب المصري واستخدام النساء والأطفال الأيتام كدروع بشرية لإرجاع المخلوع مرسي للكرسي وتفتيت بلدهم وإدخاله في مشروع بلقنة دول المنطقة الهادف لإشغالها بنفسها لعقود وقرون طويلة قادمة.

(2) لذا، لماذا لا يعلن قادة او منضوو الإخوان في الكويت والخليج عن حركات إصلاحية وتصحيحية حقيقية هذه المرة وليس كما حدث بعد تحرير الكويت، تروم الانفصال الحاد عن المشاريع التآمرية والانقلابية التي يمثلها التنظيم العالمي للإخوان ودعوته لأخونة الكويت والخليج بمشروع وطني يمنع ازدواجية الولاء الذي هو المسمى الآخر للخيانة، ويعلن عن كوتنة وخلجنة حركات الإخوان في بلداننا ومنطقتنا، فهل نسمع هذه الأيام بصرخة إخوانية خليجية عالية ترد المعروف لأوطاننا وشعوبنا التي اجزلت لها العطاء بتقديم الولاء والإخلاص لها على الولاء والتبعية والعبودية لتنظيمات الخارج التدميرية؟! نرجو ونتوقع ذلك قريبا.

احمد الصراف

مجلس عبدالحميد الأعلى

دعا النائب المبطل عبدالحميد دشتي إلى إنشاء مجلس شيعي أعلى! وطلب من الأكاديميين والمختصين إعداد قواعد الأمانة العامة للمجلس، لحين دعوة العلماء، بكل مرجعياتهم، والوزراء والنواب السابقين والحاليين والأسر الشيعية، ليشكل «مناديبهم» (يقصد مندوبيهم) المجلس الأعلى، وفق موقف موحّد! وقال إن الوقت قد حان ليكون للشيعة كامل حقوقهم الدستورية! وإن شعار الشيعة كان دائماً «هيهات منا الذلة»!
وبصرف النظر عن هلامية الطريقة التي اقترحها لتأسيس هذا المجلس، وما اكتنفها من غموض، فإنه من الصعب التفكير فيها خارج سياق المصلحة الشخصية لمن فكر بها، في غياب أي آلية واضحة لطريقة اختيار مثل هذا المجلس الطائفي، خصوصاً أن أصحاب النفوذ السياسي والمال، أو أولئك الأكثر حدة في تطرفهم الطائفي، ستكون لهم الكلمة العليا في تسيير شؤون مثل هذا المجلس! وعلى ضوء ما شاهدناه من استقطابات طائفية وقبلية وعشائرية كريهة في الانتخابات الماضية، التي يتوقع أن تكون أكثر تطرفاً في القادم منها، فإننا بالتالي بغير حاجة إلى خلق استقطاب مذهبي آخر يكون عامل تفريق جديداً! كما أنه من الصعب تخيل اتفاق الجهات التي ذكرها، خصوصاً مندوبي الأسر، على صيغة موحّدة، أو من الذي سيحدد عدد الأسر المشاركة، علماً بأن مثل هذا المجلس، إن تم إنشاؤه، سيكون له دور خطير في تزكية من يفوز ومن يخسر في أي انتخابات نيابية أو بلدية مقبلة. كما سيسعى المسيطرون عليه لفرض مرشحيهم للحكومة، وكل هذا سيصبّ في نهاية الأمر في زيادة حدة الاحتقان والتطرف الطائفي، وزيادة تحكم أفراد محددين في قرارات وعقول وتصرفات الأغلبية ودفعها إلى التصويت أو لاختيار أشخاص قد لا يكونون أفضل من غيرهم، بل فقط لأن المجلس الأعلى رأى ذلك! وقد رأينا في التجارب القبلية المشابهة كيف أن اختيارات القبيلة، أو الجمعية الثقافية، لم تكن في الغالب تصبّ نحو اختيار الأفضل، بل لمن كان الأقرب فكرياً لها!
أما قضية أن الشيعة بحاجة إلى مجلس أعلى لكي يسترد «كامل حقوقهم الدستورية»، فهو أمر مثير للاستغراب! فإن كانت حقوق الشيعة غير كاملة، فلماذا سكت حضرته، وهو المحامي(!)، عن تكملتها، خصوصاً أنه وصل إلى البرلمان مرتين ولم نسمع عنه سعيه لاسترجاع المسلوب من حقوق جماعته؟ أما عن ادعائه بأن شعار الشيعة «هيهات منا الذلة»، فهو أمر يدعو إلى الاستغراب أيضاً، ويصبّ في التأجيج الطائفي الكريه، فهل يعني بكلامه أن «هيهات منا الذلة» لا يخص غيرهم، وأن الآخرين شعارهم «أهلاً أهلاً بالذلة»؟ وعلى افتراض أن ما ذكره صحيح، فهل جعل هذا من الشيعة قوماً أفضل من غيرهم إنتاجاً أو إنسانية مثلاً؟ ألسنا جميعاً مواطنين متساوين بشكل عام في مجتمع متخلف؟ وهل خصائص فئة منه أفضل من غيرها؟ وماذا فعل بهم عدم قبولهم للذلة، وهل كان له أدنى تأثير على وجودنا في المرتبة الـ38 في ترتيب دول العالم من ناحية مستوى المعيشة؟ لهذا ولغير ذلك من الأسباب نتمنى على عقلاء الوطن أجمع وأد فكرة إنشاء مجلس شيعي أعلى في مهدها، فلسنا بحاجة إلى استقطابات وصراعات أكثر.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

من يزوِّر التاريخ؟!

تطرّقنا
في المقال الماضي الى تعمّد البعض تشويه تاريخ التيار الإسلامي ومواقفه، وتساءلنا عن السبب في محاسبة هذا التيار عن مواقف بعض الجماعات الاسلامية من غزو صدام للكويت وعدم محاسبة التيار القومي الكويتي ذي التوجه اليساري عن مواقف الكثير من الاحزاب الرفيقة في لبنان والاردن وسوريا وغيرها، والتي أيدت الغزو ودعمته! مع ان الاسلاميين بالكويت اتخذوا موقفا واضحا وقويا من الجماعة التي كانوا يرتبطون بها، وذلك بالانفصال وتغيير الانتماء! ولعل آخر محاولات التشويه تمثلت في التساؤل الذي طرحه بعض هؤلاء تعليقاً على ادعائي بأن بياناً لجماعة الاخوان المسلمين تُلي في مؤتمر جدة يدعم عودة الشرعية وخروج المحتل من دون شروط، حيث طالبني هذا البعض بالدليل على وجود البيان! وجوابي ان اكثر من ألفي كويتي حضروا مؤتمر جدة، وكلهم استمعوا لهذا البيان، وانا لست أرشيفاً للمؤتمر حتى أحتفظ بنسخة منه!
لقد حاول البعض تشويه تاريخ التيار الاسلامي بقصد ومن دون قصد، وابرز هذه المحاولات ما ذكره الشيخ سعود الناصر -غفر الله له- من ادعاءات باطلة في حق بعض الشخصيات المحسوبة على تيار جمعية الاصلاح، وقد دافع هؤلاء عن مواقفهم المشرّفة، ووصلوا الى المحاكم للاقتصاص ممن حاول تزوير التاريخ، وكانت النتيجة صدور احكام نهائية لمصلحتهم، سواء في موضوع طلب الخمسين مليون دولار، ام في موضوع حضور مؤتمر اسلام اباد!
ومن المجالات التي خاض فيها الخصوم للولوغ اكثر في وحل التشويه الجائر، هو مجال العمل الخيري، لأنه ملعب لا يجيد فنه إلا الاسلاميون، أما هم فقد حرمهم الله من اعمال الخير، لذلك لا حرج عندهم من استعمال كل وسائل التزوير والافتراء المتاحة ضد خصومهم! ومع ان معظم الجهات التي حققت وتابعت ودققت في مصاريف أموال العمل الخيري في الكويت وبالذات الجهات التابعة لجمعيتي الإصلاح والتراث قد أكدت سلامته ونقاوته ووضوحه، ولعل أهمها وزارة الخزانة الأميركية، الا ان اللمز والغمز في هذه القناة ما زالا ديدن البعض، وكلنا يذكر في منتصف التسعينات ما أثاره النائب آنذاك طلال السعيد من اتهامات لبيت الزكاة بتمويل حملات انتخابية لبعض المرشحين الاسلاميين، وكيف ان تقرير لجنة التحقيق التي شكّلها مجلس الامة اصبح وساماً على صدر كل عامل في بيت الزكاة! حتى ان محرر جريدتنا العزيزة القبس سار على الدرب نفسه، ولمز بهذه الجهات عندما تحدث عن أهمية توزير شريدة المعوشرجي للأوقاف حتى لا يستغل الاخوان اموال الوقف وغيرها لتمويل حكومات او مشاريع الربيع العربي!
طوال السنين الماضية كان أداء العمل الخيري مميزا، وكانت الكويت رائدة في هذا المجال، وكل يوم كانت ثقة اهل الخير بالقائمين عليه تزداد الى ان بدأ البعض ممن حرمهم الله من عمل الخير بتشويه هذا الصرح العظيم، واستغلوا كل وسائل الاعلام المتاحة وما أكثرها لتغيير رأي الناس فيه، وفعلا حققوا أهدافهم في جانب وخاب ظنهم في جوانب أخرى!
إن محاولات تزوير تاريخ العمل الاسلامي ما زالت مستمرة، وأستغرب من بعض المثقفين الذين يرددون معلومات مزورة تاريخياً وهم يعلمون ذلك، ولعل اقرب مثال الادعاء بأن الاسلاميين في الكويت كانوا مسيطرين على وزارتي التربية والاعلام لعقود طويلة! وهو ما أثبتنا بالادلة القاطعة بطلانه في مقالات سابقة! ونظرة سريعة الى اشد خصوم التيار من الاعلاميين تدرك للوهلة الاولى ان هذا التيار على الحق!
اليوم.. وبعد أحداث الربيع العربي وخوف البعض من ان تقتلعه رياحها، بدأنا نسمع نغمة جديدة لا تدل الا على الغباء، وهي ان الاسلاميين في الخليج يسعون الى قلب انظمة الحكم! وقد اخذ الخصوم بترديدها مع الاسف، مع انهم يدركون جيدا بطلان هذه الادعاءات، وقد أكدنا مرارا وتكرارا ان استقرار الانظمة الخليجية عنصر رئيسي لانتشار الدعوة الاسلامية، وان الشعوب الخليجية لن ترضى بغير الأسر الحاكمة اليوم، مهما اختلفوا معها في طريقة ادارة شؤون البلاد. نقول لزملائنا الخصوم، كفاية ممارسة اساليب التشويه والافتراء والتزوير لتاريخ التيارات الاسلامية، وتقبّلوا برحابة صدر وجودنا في الواقع الذي نشارككم العيش فيه، وتحمّلوا اختلاف الآراء وتنوعها، فهذه الديموقراطية التي ندعو لها جميعا، تجاوبوا مع نتائجها حلوها ومرّها، وتميزوا عن الرفقاء من التيارات المشابهة في بعض الدول، التي فضحتها تجربة الانقلاب العسكري في مصر وبينت زيف ادعاءاتها ومبادئها!