كنا الى وقت قريب، نعلق الآمال الكبيرة على المعارضة السياسية الكويتية لتقوم بطرح رؤية اصلاحية شاملة تتسم بالعقلانية ووضوح الأهداف، ولكن للأسف خاب ظننا فيهم.
لربما كان تبني المعارضة الكويتية ومنذ اللحظة الأولى للحراك لغة سياسة حادة في خطابها، نفر منها الكثير، وأوقعها في المحظور القانوني، حيث صدرت أحكام قضائية ضدهم، مما جعل موقفهم ضعيفا جدا أمام السلطة، وأرغمهم على التفاوض معها على حلول وسط.
بل حتى استخدام المعارضة للشارع لم يكن جيدا، فشعارات أو أناشيد المتظاهرين كانت عنيفة ضد السلطة رغم سلمية سلوك المتظاهرين مما جعل الأمن يتعامل بحزم أكبر معها.
كما أن شباب الحراك لاحظ الغياب المتكرر والمتعمد لرموز المعارضة وأقاربهم عن المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية، وخصوصا عندما تبدأ قوات الأمن بالتعامل مع المتظاهرين أو عند بداية الاعتقالات، كل ما سبق قلل من الحماسة بين صفوف المتظاهرين في الشارع حتى تلاشت كثافة المسيرات واختفت تدريجيا.
كما كان واضحا ومنذ الوهلة الأولى، غياب الأفكار والرؤى مقابل الحضور الطاغي للشعارات والمشاعر والأناشيد والخطب.
حتى وقت قريب كنا نتوقع أن تطرح قوى المعارضة أفكارا سياسية جديدة وتقوم بتسويقها في المجتمع، لأن هذا هو الطريق الوحيد والآمن للاصلاح وان كان طويلا.
يبدو أن المعارضة فشلت فشلا ذريعا في معارضتها، كما أنها لم تعد تتحمل البعد عن مقاعد البرلمان، فقد وصلتنا أخبار عن أن المعارضة ستقبل بأن يعدل مجلس الأمة الحالي قانون الانتخاب ليصبح للناخب صوتان بدلا من صوت، ليرفع الحرج عنها، وعندها ستغير المعارضة موقفها المبدئي والرافض والمقاطعة للانتخابات البرلمانية، وستنزل بكل قوتها في الانتخابات التي ربما سيدعى لها مبكرا عن موعدها.
وعندها سنعلم أن المعارضة ورموزها قد خدعونا بشعاراتهم ومثاليتهم وكل ما روجوا له، والذي راح ضحيته شباب في عمر الزهور غرر بهم ووضعوا في اللوائح السوداء عند أجهزة الأمن، ولن يثق المجتمع بالنهج المعارض مجددا، وعندئذ سيتأخر الحراك السياسي الكويتي لسنوات عديدة، حتى يخرج جيل جديد من القيادات السياسية الاصلاحية والتي ربما يمكنهم أن ينجحوا في بناء جسور الثقة من جديد بينهم وبين المجتمع الكويتي.
هل يحق لنا الآن أن نطالب المعارضة باعلان موقفها مسبقا من مسألة التعديل الجزئي لقانون الانتخاب، والا فسيستحقون وبكل جدارة لقب المعارضة المزيفة «أم صوتين وأم وجهين» اذا صح التعبير، كل حراك وأنتم بخير، وينعاد عليكم بعد عقد من الزمان.