عادل عبدالله المطيري

معارضة «أم صوتين وأم وجهين»؟

كنا الى وقت قريب، نعلق الآمال الكبيرة على المعارضة السياسية الكويتية لتقوم بطرح رؤية اصلاحية شاملة تتسم بالعقلانية ووضوح الأهداف، ولكن للأسف خاب ظننا فيهم.

لربما كان تبني المعارضة الكويتية ومنذ اللحظة الأولى للحراك لغة سياسة حادة في خطابها، نفر منها الكثير، وأوقعها في المحظور القانوني، حيث صدرت أحكام قضائية ضدهم، مما جعل موقفهم ضعيفا جدا أمام السلطة، وأرغمهم على التفاوض معها على حلول وسط.

بل حتى استخدام المعارضة للشارع لم يكن جيدا، فشعارات أو أناشيد المتظاهرين كانت عنيفة ضد السلطة رغم سلمية سلوك المتظاهرين مما جعل الأمن يتعامل بحزم أكبر معها.

كما أن شباب الحراك لاحظ الغياب المتكرر والمتعمد لرموز المعارضة وأقاربهم عن المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية، وخصوصا عندما تبدأ قوات الأمن بالتعامل مع المتظاهرين أو عند بداية الاعتقالات، كل ما سبق قلل من الحماسة بين صفوف المتظاهرين في الشارع حتى تلاشت كثافة المسيرات واختفت تدريجيا.

كما كان واضحا ومنذ الوهلة الأولى، غياب الأفكار والرؤى مقابل الحضور الطاغي للشعارات والمشاعر والأناشيد والخطب.

حتى وقت قريب كنا نتوقع أن تطرح قوى المعارضة أفكارا سياسية جديدة وتقوم بتسويقها في المجتمع، لأن هذا هو الطريق الوحيد والآمن للاصلاح وان كان طويلا.

يبدو أن المعارضة فشلت فشلا ذريعا في معارضتها، كما أنها لم تعد تتحمل البعد عن مقاعد البرلمان، فقد وصلتنا أخبار عن أن المعارضة ستقبل بأن يعدل مجلس الأمة الحالي قانون الانتخاب ليصبح للناخب صوتان بدلا من صوت، ليرفع الحرج عنها، وعندها ستغير المعارضة موقفها المبدئي والرافض والمقاطعة للانتخابات البرلمانية، وستنزل بكل قوتها في الانتخابات التي ربما سيدعى لها مبكرا عن موعدها.

وعندها سنعلم أن المعارضة ورموزها قد خدعونا بشعاراتهم ومثاليتهم وكل ما روجوا له، والذي راح ضحيته شباب في عمر الزهور غرر بهم ووضعوا في اللوائح السوداء عند أجهزة الأمن، ولن يثق المجتمع بالنهج المعارض مجددا، وعندئذ سيتأخر الحراك السياسي الكويتي لسنوات عديدة، حتى يخرج جيل جديد من القيادات السياسية الاصلاحية والتي ربما يمكنهم أن ينجحوا في بناء جسور الثقة من جديد بينهم وبين المجتمع الكويتي.

هل يحق لنا الآن أن نطالب المعارضة باعلان موقفها مسبقا من مسألة التعديل الجزئي لقانون الانتخاب، والا فسيستحقون وبكل جدارة لقب المعارضة المزيفة «أم صوتين وأم وجهين» اذا صح التعبير، كل حراك وأنتم بخير، وينعاد عليكم بعد عقد من الزمان.

 

سامي النصف

99 % من منضوي «الإخوان».. أبرياء!

حتى لا تتحول بلداننا العربية في تعاملها مع منضوي «الإخوان» الى ما هو أقرب لما كان يحدث في عصور الظلام الأوروبية من عمليات طرد وحرق وشنق للسحرة، ومثلها ما كان يحدث لليهود في ألمانيا النازية والشيوعيين في أميركا المكارثية والعراقيين في العراق الصدامية والليبيين في ليبيا القذافية والسوريين في سورية الأسدية، لذا نذكر ونذّكر بالحقائق التالية:

***

إن أحدا لا يختصم منضوي «الإخوان» عامة وشبابهم خاصة حيث انهم كانوا ومازالوا وبنسب تقارب 99% ضحايا قياداتهم وتنظيماتهم السرية العالمية التي ثبت تاريخيا انها العدو الأول للإخوان وهم من أرسلوا عبر اجتهاداتهم الخاطئة شبابهم للسجون ورجالهم للمشانق ونساءهم للتعذيب كردود أفعال على عمليات الاغتيال والتخريب والإرهاب إحدى وسائلهم للوصول للسلطة بأي ثمن التي لم تتوقف منذ يوم نشأة الجماعة الأولى حتى يومنا هذا.

***

فمنذ الأيام الأولى لنشأة الجماعة وتحديدا نظامها الخاص والشبهات الشديدة تحوم حول أعماله ونواياه، فقد قام باغتيال رئيسي الوزراء السعديين احمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي باشا لا لمصلحة الملك فاروق حليف الحزب السعدي الموالي للألمان بل لمصلحة الإنجليز حيث كان الاثنان من القوى الوطنية التي اتهمت باغتيال حاكم السودان الإنجليزي السير لي ستاك، وفي 19/10/1954 وقع الإنجليز اتفاقية الجلاء مع عبدالناصر وفي 26/10/1954 حاول الإخوان اغتيال عبدالناصر في ميدان المنشية، وفيما بعد ردوا على عدائه السافر للغرب في الستينيات بمحاولة نسف القطار الذي يقله للإسكندرية عام 1965، والحال كذلك في ردهم على محاولات الرئيس حافظ الأسد التصدي لكامب ديفيد وإفشال اتفاقية الرئيس امين الجميل مع اسرائيل عام 82 بإدخال شباب الإخوان في معركة غير متكافئة مع النظام مما تسبب بمقتل عشرات الآلاف ممن بطش بهم النظام الأسدي ورسخ حكمه بالتالي للثلاثين عاما اللاحقة.

***

وبعد ان تسبب التنظيم العالمي للإخوان بخطأ فادح إبان حكمهم لمصر عبر احتكارهم السلطة ومعاداة جميع شرائح المجتمع المصري من قضاة وإعلام وجيش وشرطة وقوى وطنية وقوى سلفية، انتهى أمرهم بخطأ أفدح «بالمعارضة» عندما تشددوا ورفضوا المصالحة وأعطوا لأنفسهم حق إغلاق المناطق والشوارع والتعدي على رجال الأمن ومهاجمة مواقع الجيش ومواصلة عملية التدمير الشديد للاقتصاد المصري توازيا مع ضرب هيبة الدولة الذي سيساعد على تفتيتها وبلقنتها.

***

آخر محطة: (1) في سبتمبر 2005 تم انتخاب الرئيس محمد حسني مبارك في أول انتخابات تعددية مباشرة حرة منذ عام 52 حيث نافسه 7 مرشحين آخرين وكانت فترة رئاسته تنتهي في سبتمبر 2011 ولم يعلن مبارك رغبته في التجديد كما لم يرغب في ترشيح ابنه جمال، بعكس ما يقال، لذلك المنصب كما يروي احد أقرب مقربيه ونعني وزير خارجيته أحمد أبوالغيط في كتاب مذكراته.

(2) لذا يفرض العقل والمنطق اما اعتبار ما حدث في 25/1/2011 ومثله ما حدث في 30/6/2013 ثورتين شعبيتين تجبان وتسقطان أمامهما الشرعية الدستورية ممثلة في حكم الرئيسين محمد حسني مبارك ومحمد مرسي العياط ومن ثم يصح خلعهما وعزلهما قبل اكتمال مدة ولايتيهما، أو بالمقابل اعتبار ما حدث في التاريخين المذكورين انقلابا عسكريا «غير شرعي» تسلم السلطة فيه المشير حسين طنطاوي في الحالة الأولى، وعبدالفتاح السيسي في الحالة الثانية، وعليه يجب إعادة الرئيس محمد حسني مبارك ـ لا محمد مرسي ـ من الزنزانة الى سدة الرئاسة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال الأشهر القليلة اللاحقة.

(3) إن أي مقارنة منصفة بين الثورتين أو الانقلابين تصب بقوة لصالح الرئيس مبارك على حساب الرئيس مرسي نظرا لوفرة إنجاز الأول ووفرة إخفاق الثاني، وقيام الأول بالاستماع لطلبات الشعب عبر عزل رئيس وزرائه وإحالة رجال أعمال حزبه وعلى رأسهم أحمد عز الى النيابة العامة وتسليم السلطة طواعية للمشير طنطاوي حقنا للدماء وإخلاء للشوارع من المتظاهرين حفاظا على الاقتصاد والأمن والجيش المصري، بينما أصر مرسي على العناد والغرور والجهل وتنفيذ مخططات التنظيم السري العالمي للإخوان الذي قد يسره ـ رغم كل ما يقال ـ ما يجري حاليا في مصر من فوضى وإرهاب وعنف، حيث لا يعرف احد.. حقيقة مقاصد ذلك التنظيم ودوره في إعادة رسم خرائط دول المنطقة.

(4) بعد ما أعلنه المرشد الإخواني محمد بديع من ان عزل الرئيس محمد مرسي يفوق «هدم الكعبة»، هدد الوزير البعثي اللبناني السابق فايز شكر «بهدم الكعبة على من فيها» إذا ما تم تهديد أمن الرئيس بشار الأسد، الكعبة المشرفة ليست بيتا من الرمال لا والي له يتسابق العملاء على هدمه، الكعبة المشرفة هي قدس أقداس 1.5 مليار مسلم وللبيت رب يحميه من تخرصات المتخرصين ومن قرامطة العصر.

احمد الصراف

تساؤلات محيرة

كتب الزميل العراقي طالب الشطري مقالا، ننقله بتصرف قال فيه: زرت بلاد الاغريق ووقفت على اطلالهم، وزرت الرومان وشخصت في هياكلهم، وزرت بلاد الفرس وجلست بافياء تخت جمشيدهم، وزرت سومر وبابل ورأيت مدنا تعلن عن نفسها وهي مطمورة، وتساءلت: كيف عمرت دولتا الأمويين والعباسيين لمئات السنين، في عهد51 خليفة، ولا نجد لحكمهم أثرا هندسيا؟ وكيف عاشت بغداد عصرا ذهبيا، وأصبحت عاصمة العالم العلمية والثقافية والفنية؟ لندع المسلمات التاريخية جانبا ونتحاسب: من بين اكثر الابنية صمودا عبر التاريخ دور العبادة بحكم قدسيتها وخوف الناس من التعرض لها، ولنفترض هنا ان القصور الفخمة والقلاع المهيبة والجامعات العلمية المتطورة والبيوت والحمامات والمعسكرات خربتها الحروب ونهبها الناس فأين هي المساجد؟ ولماذا نرى صمود المسجد الاموي، الذي سبق أن كان كنيسة، حولوها عنوة الى مسجد، ولا نرى سواه؟ ولماذا بقيت آثار فرنسا والمانيا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا ودول العالم الأخرى من قصور وقلاع وابنية حكومية واهلية واختفت آثار الدولتين الاموية والعباسية؟ الجواب يكمن بأن العرب لم يكونوا اهل بناء، وأنهم استغلوا الدين لمهاجمة الشعوب حولهم، وكان العراق الحلقة الأضعف. كما أن مكونات الدولتين الاموية والعباسية هما مجموع الهجمات التي ظل العرب يشنونها على الشعوب وينهبون ذهبها ويسرقون فتياتها، ويقتلون رجالها او يجبرونهم على الدخول في دينهم. ولا توجد دولة اموية او دولة عباسية بمعنى دولة عمران في الصناعة والزراعة والبناء والتجارة والعلوم. كما أن من غير المعقول أن تبقى آثار «طاق كسرى»، تقاوم الهدم وتظل شامخة، فيما كل الذي تبقى من بغداد حائط مدرسة! وكيف نقول إن سامراء، تعني «سر من رأى»، وليس فيها ما يسر! كما أن بناء الملوية لايمكن ان يكون من العصر العباسي، وذلك لتعارضه مع عقيدة المسلمين في معنى قتل النفس. وبالتالي فإن الأمويين والعباسيين لم يتركوا تراثا عمرانيا، وأهملوا حتى بناء الكعبة، إلى أن جاء العثمانيون، الذين تأثروا بالعمارة الرومانية، وجددوا بناءها، علما بأن بداية العثمانيين كانت تحويل الكنائس الى مساجد. ان الدولتين الاموية والعباسية في صورتهما الواقعية نموذج للامبراطورية المنغولية التي طبعها العنف في اذهان الناس، وليس العمران على الارض. واننا نسمع بواسط، التي اسسها الحجاج ولا نراها، ونسمع بالكوفة ولا نراها، علما بأن قصر الامارة فيها كان بناء أسسته دولة اخرى، وهو ما منع الامام علي من النزول فيه، فلو كان هذا ملكية اسلامية لما امتنع الخليفة من النزول فيه. وعندما نسأل عن الكوفة يقال لنا ان قبيلة خفاجة دمرتها في هجمات متلاحقة، ولكن سور الصين بقي شاهدا على الاباطرة الذين بنوه وكذا الاهرامات وآثار سومر وآشور وآكاد! فلماذا اختفت آثار حضارة حديثة عمرها بضع مئات من السنين؟ ولو كان للدولتين الاموية والعباسية وجود مادي لرأيناه قد انعكس على ملكية الارض واعمارها وعلى استقرار الشعوب. ولو افترضنا أن صناعة الحرير والورق انتشرت بفعل الصينيين، وانتشرت صناعة السفن بفعل الاغريق والرومان وانتشرت اللغة الانكليزية نتيجة سيادة الامبراطورية البريطانية، وهذه ثقافة الجينز والموسيقى والكمبيوتر تغزو العالم بقوة أميركا، فلم لم ينتشر اللباس العربي او اللغة العربية او عادات العرب واخلاقهم وتصبح موضة عالمية، حتى لفترة قصيرة من الزمن تتناسب وتمكنهم يوما من حكم نصف العالم؟
وعليه فإن الاسلام دين أصلح حياة العرب وقومها، لكنه لم يدع يوما أن وظيفته اقامة دولة. والكتب التي قالوا ان المغول ألقوها في دجلة، وجعلوا ماءه حبرا ازرق، تجدها في مكتبة الكونغرس الاميركي.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

الرئيس مرزوق علي الغانم

لا أخفي سراً حينما أعبر عن سعادتي بوصول النائب مرزوق الغانم إلى سدة رئاسة مجلس الأمة، ولي أسبابي في التعبير عن هذه السعادة مصحوبة بقلق محدود، وقد عقدت العزم منذ مدة على أن أكتب عن هذا الرجل لكن لم أجد فرصة أنسب من اليوم للكتابة عنه. فما يحسب لهذا الرجل هو ثباته على مبدئه وإن اختلفنا معه أحياناً، فنجده يقف ضد الحكومة في مواقف عدة دون الولوج في أي حسابات سياسية قد تضره، ومنها موقفه بإعلان عدم التعاون في استجواب رئيس الوزراء السابق على خلفية أحداث ديوان الحربش  ورفضه تأجيل أو سرية أو إحالة أي استجواب كي لا ينتقص من حق النائب في الرقابة، وحاول مع بعض زملائه في مجلس 2009 الوصول إلى حقيقة قضية "الإيداعات"، لكن انسحاب النواب ورفض الحكومة حالا دون تحقيق ذلك، فما كان منه هو وزملاؤه إلا أن أعلنوا عدم قبولهم باستمرار تلك الحكومة رغم ما قيل حينها عن الصفقات التي يعقدها مرزوق وزملاؤه معها. كما أنه لم يركب موجة الأغلبية المبطلة في فبراير، والتي خلطت الحق بالباطل، بل فضل البقاء منفرداً رغم ما سيواجهه من هجوم على أن يكون ضمن مجموعة إقصائية ترفض الآخر، وحينما واتته الفرصة لأن يكون بطلاً في نظر البعض بعد مرسوم "الصوت الواحد"، بل كان من السهل جداً أيضا أن ينال رئاسة مجلس ديسمبر المبطل، رفض المشاركة في تلك الانتخابات انتصاراً لمبدئه وقناعاته، فلجأ إلى المحكمة الدستورية إيماناً منه بدولة المؤسسات كي تفصل في الأمر، وهو ما حدث. قد يكون مرزوق الغانم أكثر سياسي هوجم وأطلقت عليه الإشاعات خلال الفترة الماضية، سواء مما يسمى بالمعارضة أو الموالاة إلا أن ذلك لم يثنه عن المضي في طريقه وفي ما هو مقتنع به، وهو أمر نادر الحدوث في أيامنا هذه للأسف الشديد. لم يجامل أو يهادن أو يتنازل من أجل الوصول إلى منصبه، ولم يرض بإقصاء أي طرف للوصول إلى ما يريد، بل سار وفق قناعاته دون تزييف أو تجميل سواء أعجبتنا أم لم تعجبنا، وإن كانت لأسرته الكريمة مصالح تجارية مع الحكومة، فهو لم يكيف مواقفه السياسية من أجل الحفاظ على تلك المصالح، وهو أمر قد يفعله الكثيرون غيره، وما قام به الرئيس مرزوق الغانم يعد نموذجاً مميزاً للثبات على المبدأ أتمنى لو يحتذي الساسة به. لهذه الأسباب أعبر عن سعادتي بوصول شخص ثبت على مبدئه طوال تجربته السياسية، وأصبح اليوم الرجل الثاني في الدولة، أما القلق فهو من أن يقلل هذا المنصب من نشاطه السياسي في الإصلاح بحكم طبيعة المنصب، وأتمنى ألا يكون لهذا القلق مبرر في المستقبل. ضمن نطاق التغطية: اختلفت مع الرئيس مرزوق الغانم بشدة في قضيتين هما: ما سمي بـ"القرض العادل"، والأخرى المتعلقة بإعدام المسيء وفي الحالة الثانية تحديداً ناقشته بضرورة إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية للبت فيه، إلا أن رد سمو الأمير لذلك القانون أنهى الموضوع.

سامي النصف

صيروا عبيداً لمخططاتنا أو.. نشتمكم!

كنت قد اعتزمت الرد بسلسلة مقالات مليئة بالوثائق والحقائق على من شتم بوقاحة شديدة الشعب الكويتي بأسره عبر اعتباره من الرقيق السخرة المملوكين لاسيادهم، وما اسهل شتم الشعب الكويتي عندهم كونه لم يقبل بخداعهم واستعبادهم له وعصيانه لامرهم بمقاطعة انتخابات الصوت الواحد مما اخرجهم من طورهم وما تسلموا الاموال الطائلة لتحقيقه.

***

وكل ذلك الشتم كرد فعل لزيادة عدد الوزراء الشيوخ من 6 الى 7 (يا للهول!)، وكأن الشعب الكويتي الحر حسب منطقهم الساقط كان عبدا «طوال تاريخه» عندما كان الشيوخ ينفردون بادارة شؤون البلد حتى عقود قليلة ماضية، وكأن صكوك عتق الشعب الكويتي الأبي لم تصدر ونصبح جميعا «الطلقاء» الا عندما انخفض عدد الوزراء الشيوخ ذات مرة الى 3 قبل سنوات قليلة.

***

وحسب ذلك المنطق الغريب نصبح شعبا عجيبا وفريدا من نوعه في العالم، فالآخرون ينتظرون رؤية هلالي رمضان والعيد ونحن ننتظر صدور مرسوم تشكيل الوزارة، فشيوخ اكثر فيها يعني عودتنا مطأطئي الرؤوس لقيود الحديد والسخرة والعبودية الموجودة في بيوتنا وحول اسرّة نومنا، وتصبح نساء الكويت ورجالها مما ملكت ايمان هؤلاء الشيوخ الوزراء كما اتى في المقال الشاتم، وفي المقابل شيوخ اقل في الوزارة، حينها فقط لا قبلها يحق لنا ان نرفع رؤوسنا ككويتيين وندعي اننا احرار ولسنا «كونتا كونتي» جددا وتبقى تلك الحرية «مؤقتة» بالطبع بانتظار رؤية هلال الوزارة التالية.

***

والمعلومة التي يعلم بها الجميع هي ان عائلة الصباح هي ضمن النسيج الكويتي والذي يسمح الدستور الذي نلتف حوله بتوزيرهم بكثرة او توزيرهم بقلة، او حتى عدم توزيرهم بالمرة، فالمحاسبة تقوم على الكفاءة والامانة والعمل الجاد لا على الشخوص والاسماء قبل اعطائهم فسحة للعمل، خاصة اذا اتت محاسبتهم من شخصيات وقوى اعتادت على نحر الوزراء الاكفاء المخلصين بالاستجوابات الكيدية الدامية المتتالية القائمة على «الهوية» لا على «القضية»، ليبدلوهم بمنضويهم ممن سرقوا وزارات بأكملها في وضح النهار، وكأن عيونهم المبحلقة دائما قد اصابها الرمد والعشى.. النهاري عن رؤية سرقاتهم!

***

كنت كما ذكرت أنتوي الرد عليهم بسلسلة مقالات كاملة الدسم لولا علمي بعلمهم ان شعبنا الكويتي حر أبي لا يقبل السخرة والعبودة، فلم يخضعه مضيفهم صدام لحديده وناره وعبوديته وآلة قتله حتى امتلأت مقابره الجماعية بجثامين البررة من مقاومتنا الطاهرة التي لم يكونوا ـ وكما يذكر التاريخ ـ منها، وكيف للعبد ان يحارب سيده ولمن استضاف (بقصد او من دونه) ان يحارب مضيفه؟!

***

آخر محطة:

(1) لم نستغرب على الاطلاق عمليات «إسقاط» ما في النفس على الآخرين، ألم يخرجوا على الدستور جهارا نهارا رافعين راية «إلا الدستور»؟ وألم يرفعوا راية محاربة من يلقبونهم بسراق المال العام ثم يقومون بالتحالف المالي والاعلامي المفضوح معهم؟! ألم يدعوا عشق الكويت والولاء الوطني لها ويعملوا على هدمها وتفتيتها عبر محاولة خلق ربيع مدمر في مناطقها وشوارعها؟! ألم يترجموا اخلاصهم للشباب من اتباعهم بتحريضهم ورميهم للمحاكم والسجون وابقاء ابنائهم في احضانهم؟!

(2) واخيرا، ألم يشتموا الشعب الكويتي في وطنيته وادعاء عبوديته للمال لاخفاء حقيقة واضحة جلية تظهر انهم رغم الاسماء الرنانة عبيد اجراء مسخرون للمال السياسي ولمن يدفع دينارا اكثر في الداخل.. او سلة عملات اموال الخارج.. وما اكثر ولاءاتهم البديلة؟!

احمد الصراف

تصريح د. مساعد والمختلس

أعلنت جمعية إعانة المرضى، وهي جمعية تسعى إلى تقديم ما يمكن من مساعدات مادية ومعنوية للعديد من المحتاجين، سواء من متلقي العلاج، أو أهاليهم إن لم يكن لديهم معيل غيره، أعلنت أنها تكفلت بمساعدة أكثر من عشرة آلاف حالة، وأنها صرفت في سبيل ذلك 2.5 مليون دينار خلال عام 2013! وهذا جهد تشكر عليه، على افتراض أنها لم تتحيز لنوعية من المرضى وتتجاهل غيرهم. وقد ذكّرني إعلانها الصحفي بالخسارة الكبيرة التي تعرضت لها الجمعية قبل سنوات، عندما قام محاسبها باختلاس ما يقارب الأربعة ملايين دولار من حسابها المصرفي، وعلى مدى أربع سنوات، دون أن «ينتبه» أحد إلى النقص الكبير في أرصدة الجمعية أو يقدم أمين صندوقها أو رئيسها استقالته بعد ثبوت التهمة بحق المحاسب المختلس، الذي هرب من البلاد، قبل أن ينكشف أمره، بعد أن اكتفى. وقد حاول «البعض» في حينه اعتبار الأمر سرقة وانتهت، ولا داعي لزيادة خسائر الجمعية على المحامين ورسوم التقاضي. ولكن آخرين في الجمعية، وبإيعاز من «الشؤون» قرروا في حينه عدم الطمطمة على القضية وملاحقة المختلس وإصدار حكم بحقه، وهذا ما حصل! وبعد سنوات ضبط الجاني في قطر، التي قبلت بتسليمه إلى الكويت، وكتبنا وقتها بأن البعض سيسعى إلى منع عملية التسليم، فليس في مصلحتهم استرداد المختلس، فقد يكشف الطريقة التي تمكن بها من سرقة مثل ذلك المبلغ الكبير وعلى مدى أربع سنوات دون أن ينكشف أمره، واحتمال وجود جهات داخل الجمعية تعاونت معه! وهذا ما حصل، حيث لا يزال أمره معلّقاً، ولم تقم قطر بتسليمه إلى الكويت!
والآن، نتمنى على الدكتور مساعد السعيد، رئيس اللجنة الطبية في الجمعية، أن يلحق إعلانه بأنشطة الجمعية الطبية بآخر يبين فيه ما تم في قضية المحاسب المختلس وسبب تأخر جلبه إلى الكويت ليواجه ما صدر من أحكام بحقه، ولتبرئة من تلطخت سمعتهم من أعضاء مجلس الإدارة نتيجة لتلك الجريمة، ومحاولة كشف من احتمل مشاركته في الجرم من الأعضاء!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ومن الحقد ما قتل

«دوخنا مبارك الدويله بتوسلاته للناس لكي يصدقوا أن ما يعيشه قطاع التعليم من تخلف ليس مآله جماعة تيار الإخوان المسلمين -فرع الكويت- إنما هو بسبب القوى الليبرالية الوطنية» بتصرف – مقدمة مقال الزميل الأستاذ سعود السمكه في القبس عدد الاحد الموافق 2013/8/11. بعد هذه المقدمة توقعت أن أقرأ للزميل الفاضل تفنيدا لما ورد في مقالتي التي أشار اليها، والتي ذكرت فيها بالأدلة القاطعة أن سبب تخلف التعليم في الكويت هو سيطرة الفكر الليبرالي العلماني على وزارة التربية منذ عهد ما قبل الاستقلال إلى اليوم! وأوردت فيها أسماء الوزراء والوكلاء الذين تناوبوا على الوزارة خلال تلك العقود الطويلة! ولكنني لم أجد غير تلك المقدمة التي تتكلم عن الموضوع بل إنه سرعان ما انتقل الى موضوع آخر من المواضيع التي يكررها الليبراليون صباحاً ومساء ويفترون فيها على الاسلاميين، دون أي اعتبار لعقلية القارئ التي تميز بين الغث والسمين أو بين الحق والباطل!
يقول زميلنا الفاضل في محاولة للهروب من مقدمته التي بدأ بها مقالته «حيث تمكن الإخوان منذ الانقلاب الأول على الدستور عام 1976 من عقد حلف مع رموز السلطة في العهد السابق تحت شعار – لكم السلطة ولنا الادارة -……»؟! ويلاحظ القارئ الكريم أنها كذبة اخرى كبيرة يكررها زميلنا الفاضل، لأنه سمعها من جلسائه الليبراليين دون أن يتحقق من مصداقيتها وتوافقها مع أحداث التاريخ المسجل والمدوّن، الذي اصبح في متناول كل باحث. إن الكويتيين يا أستاذي الفاضل يعلمون جيداً مَن الذي شارك في حكومة الحل عام 1976! فإن كنت أنت تقصد بالانقلاب على الدستور مشاركة فضيلة الشيخ يوسف الحجي وزيراً للأوقاف آنذاك، فلماذا تغض النظر عن رموز الوطنية آنذاك، الذين شاركوا في الحكومة نفسها؟ ام ان مشاركة يوسف الحجي انقلاب على الدستور ومشاركة عبدالله يوسف الغانم وحمود النصف وعبدالعزيز حسين وعبدالله المفرج ومحمد العدساني وسليمان حمود الخالد تعتبر دعماً للدستور؟! أليس هؤلاء رموزا للعمل الوطني في تلك المرحلة؟ أليس بعضهم من استقال من المجلس المزور عام 1967؟ أليس من بينهم من أصبح من الرموز الوطنية في غرفة التجارة والصناعة؟! لا أعتقد أن عاقلاً يشكك في وطنية هؤلاء، ولكنه الحقد الأعمى، والعياذ بالله، الذي يجعل الإنسان يرى الحق باطلاً والباطل حقاً!
زميلي الفاضل.. عرفك الكويتيون في بداياتك الإعلامية والسياسية شخصية محافظة ذات توجهات إسلامية متوازنة، وترشحت عام 1992وحصلت على المركز الرابع وانتقلت للعمل قريبا من الليبراليين، وتحوّلت توجهاتك 180 درجة وأصبحت تزايد عليهم في الليبرالية، وأنا أعلم أنها ليست من ثوبك، وشاركت في عدة انتخابات برلمانية كانت نتيجتك في آخر مشاركة قبل أقل من شهر حصولك على المركز الحادي والثلاثين! وهي نتيجة كافية لإعطائك مؤشرا على تقبل الناس لأفكارك، لذلك أنصحك كزميل لك أن تراجع نفسك وخطك السياسي، فوالله لا يليق بمثلك أن يسير في هذا الاتجاه وأنت تعلم أن نهايته «سكة سد»، وإن أبيت إلا الاستمرار فأتمنى عليك أن تترفع عن توافه الأمور التي يعتمد عليها بعض أتباع العلمانية مثل المعلومات المغلوطة والشبهات المضللة لتشويه صورة خصومهم وأصدق مع الله ثم مع القراء تجد أبواب القبول لك مفتوحة، ولعل أقرب مثال على ما أقول جماعة الإخوان المسلمين، حيث تم تشويههم إعلاميا لمدة ستين عاما وفي أول انتخابات فازوا بها باكتساح، ثم توالت انتصاراتهم إلى أن أدرك خصومهم أن لا مجال لهزيمتهم إلا بالانقلاب العسكري، الذي مع الأسف الشديد، كنت أنت مع من باركه في سقطة كبيرة للفكر الليبرالي والعلماني ما يغسله المطر سبعين عاماً!
دعوتي لي ولك ولأمثالك بالهداية والصلاح!

احمد الصراف

وهم الدولة الدينية

ربما كان وصول التيار الديني المتمثل في الإخوان للحكم، وسقوطهم السريع، أفضل ما حصل عليه الوطنيون في صراعهم السلمي مع قوى التخلف والظلام، كما كشف سقوطهم وصوليتهم، وعقم كل ادعاءاتهم بالاستقامة والزهد، فقد طمأنوا الجميع في البداية بأنهم لا يسعون للفوز بالأغلبية البرلمانية في مصر، ولا شغل مقعد الرئاسة! ولكن ما ان حانت الفرصة حتى قفزوا للحكم، متناسين وعودهم، غير عابئين بالأبرياء الذين تعرضوا للدعس والموت تحت اقدامهم، كما فضح فشلهم الكثير من غلاة مؤيديهم، وكشف سطحيتهم وبذاءة حججهم ودمويتهم، ومن هؤلاء يوسف القرضاوي، رئيس ما يسمى بــ «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، عندما طالب في عدة خطابات «ساذجة»، تمتلئ بالحقد والضغينة، جميع المصريين، بالخروج من بيوتهم لمناصرة المعتصمين بميداني رابعة والنهضة، لافتا إلى أن هذا الأمر فرض على كل مسلم، مطالباً الجنود بعدم سماع الأوامر بضرب المعتصمين بالنار. وقال، في كلمته التي بثت من قناة الجزيرة، إن على مسلمي العالم أجمع أن يخرجوا في هذه الليلة، ويدعوا الله لإخوانهم المسلمين في كل دول العالم، وأن يصلوا، والله يسمع السر، وأن يذهبوا للسفارات المصرية في كل دول العالم ليوصلوا أصواتهم! وقال: فبعد أن حلمنا سنوات طويلة بالحكم، وعندما وصلنا بعد عام واحد فقط أخذوا «مننا» هذا الحلم! (هل هذا اسلوب رئيس علماء؟)، وبالطبع لم تستجب أي جهة لأدعيته، كما حلم، أو توقع. وفي خطاب آخر بث من الجزيرة هاجم القرضاوي، وبلهجة غير مقبولة، مواقف زعماء السعودية والكويت والبحرين والإمارات، من أحداث مصر الأخيرة، ووقوفهم بجانب النظام الحالي في مصر، وصدرت منه، وهو في قمة تحزبه البغيض، كلمات ما كان يجب ان تصدر من شخص مثله يدعي كل هذه «المعرفة»! أما في الكويت فقد تباكى بعض «مشبوهي» الإخوان والمتسترين منهم على المصير الذي لقيه «إخوانهم» في مصر، ولم يكتفوا بالتباكي عليهم، والمناداة بإعادة تنصيب شخص متواضع الإمكانات على كرسي الحكم، بل ولم يترددوا في تسطير المقالات في مناقب الإخوان وفضائلهم، والدفاع عن المخزي من مواقفهم اثناء الغزو والاحتلال، متناسين أن إخوان الكويت لعبوا على أكثر من حبل، فتواجد البعض منهم في مؤتمر الطائف، الذي سبق ان شاركت فيه، وتواجد غيرهم في مؤتمرات معادية للكويت كلاهور واجتماعات عمان!
لقد ذهب السحر وانكشفت ألاعيب السحرة، ولن تفيد محاولات البعض التغطية على الفتق الكبير الذي أصاب سمعة الإخوان، وما كان يشاع عن قدراتهم التنظيمية، فقد تبين ان كل ما كان يقال عنهم كان مبالغا فيه، وهم لم ينجحوا في غير مجالات حياكة المؤامرات والمشاركة في عمليات الاغتيال وتصفية الخصوم، وتشويه سمعة مناوئيهم، وتكوين الشركات لتحقيق الشخصي من مصالحهم.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سامي النصف

للفائدة والتعميم.. مقال يستحق القراءة!

ما رزئت الأمة العربية بالنكبات والنكسات إلا عندما أصبح أبطالها وقادتها خريجي «سجونها» ممن لا يملكون شهادة «حسن سير وسلوك» بدءا من صدام وانتهاء بمرسي الذي يقبل بتدمير اتباعه لبلده لأجل العودة للكرسي، ومازال الوعي الغائب يجعل هؤلاء الأبناء يعيبون على أرض الكنانة أن رئيسها هذه الأيام قاض جليل ليس رد سجون بل يرسل المنحرفين والمجرمين لها، ونائبه دكتور حائز على جائزة نوبل الإنسانية العالمية.

***

بلدنا العزيز كان ذاهبا لنفس المصير الأسود عندما بدأنا نرفع على الأكتاف أصحاب السوابق ومن يدخلون السجون ونصدر في المقابل أصحاب الألسن الطويلة والأصوات العالية ممن لم يرفعوها قط إبان غزو صدام لنا أو يوجهوها لجلاوزته وشرطته ورجال أمنه، كما لم نسمع لهم ـ للحقيقة والتاريخ ـ صوتا إبان حربنا الإعلامية الشرسة ضد فيالقة صدام الإعلامية طوال 12 عاما (عدا يتيمة الدهر.. اسكت يا تراب الخالدة) بل اختصوا بشتائمهم القائمين على بلدنا ورجال أمننا وحتى شعبنا قبل وبعد الغزو وحتى اليوم وآخر الشتائم أن شعبنا أصبح من .. الارقاء!

***

نشر الزميل مظفر عبدالله مقالا نشرته أمس جريدة «الجريدة» يستحق القراءة والاطلاع وننشر مقاطع منه تعميما للفائدة، حيث قسمه لأربع فقرات عكست وجهة نظر الكاتب قال فيها:

1 ـ لاحظت على «دهاقنة» الحريات العامة وعرابيها الصمت المريب تجاه من همز ولمز بكل خبث وانعدام للذوق في مخاطبة المقام السامي ومساس بقيم رسخها الدستور بنصوص واضحة للمواد (54، 55، 65).

2 ـ كانت هناك مخالفة قانونية جسيمة من قياديين في التيار المقاطع ومغردين شباب تمثلت بضغطهم على القضاة أثناء سير عملية التحقيق مع من أحيلوا للجهات القانونية.

3 ـ باعتقادي أن كثيرا من الاحالات الخاصة بموضوع الإساءة للذات الأميرية افتقدت التكييف القانوني الجيد مما ادى إلى صدور أحكام البراءة.

4 ـ يؤسفني أن أصف من صمت وتجاهل ما قيل في الذات الأميرية بأنه يخشى نقد الخطأ لمصالح انتخابية، كما يؤسفني صمت بعض جمعيات النفع العام من غمز ولمز المغردين وإشادتها لاحقا بالعفو الأميري، وهذه «انتهازية» وليس موقفا.. انتهى!

***

آخر محطة: أرجو أن يكون قادة الرأي في الكويت مستقبلا من خريجي أرقى الجامعات في العالم لا من قاع سجوننا وسجون الآخرين التي تخرج أدنى ما في الإنسان من حقد وكذب ونفاق.

احمد الصراف

الجمل الثامن عشر وقصة الميراث

ترك رجل كهل ميراثاً مكوناً من 17 جملاً، وطلب في وصيته توزيع الجمال على أبنائه الثلاثة حسب نسب محددة، فالأكبر له نصف التركة. والأوسط له الثلث. أما الأخير، فيأخذ التسع، أي حصة من تسع حصص! وبما أنه يصعب قسمة 17 جملاً إلى أي من النسب التي ذكرت، فقد دبّ الخلاف بينهم، وقرروا الذهاب إلى حكيم ليفصل بينهم، فقام هذا بإهداء الاخوة الثلاثة جملاً من عنده، فأصبح عدد الجمال 18، وقام بقسمة العدد على 2، فحصل الابن الأكبر على 9 جمال، وقسم العدد على 3، فحصل الثاني صاحب الثلث على 6 جمال، وحصل الأخير صاحب نسبة التسع على جملين! وبجمع عدد الجمال التي حصل عليها كل ابن (9+6+2) تبين أن المجموع 17 جملاً، وبقي جمل واحد استرده الرجل الحكيم، لأنه كان أصلاً جمله! وهكذا حل معضلة الاخوة الثلاثة بحكمته دون أن يخسر أي طرف شيئاً!
وبالرغم من المغزى العميق لهذه القصة، التي تتعلق بإيجاد الحلول لأكثر المشاكل تعقيداً، والإيمان بوجود حل، بالتفكير خارج الصندوق، كاقتراح بيع الجمال مثلاً وقسمة حصيلة البيع بينهم حسب الحصص المحددة، وهذا ما لم تمنع الوصية القيام به، إلا أن البعض فضّل نسبتها لأحد «الأئمة»، وكيف أن «حكمته» وعبقريته هما اللتان أنقذتا الموقف، متجاهلين أن الدين الإسلامي يسير على قاعدة «لا وصية لوارث»! أي أن المسلم، ربما بخلاف بقية أهل الأرض، لا يحق له ترك وصية يقسم فيها تركته بعد موته، بنسب يختارها على هواه، فهنا لا خيار له، فالقسمة شرعية وتخضع لقواعد محددة، وبالتالي يمكن الافتراض أن قصة الـ17 جملاً ليست من التراث الإسلامي، وقد تكون قصة هندية.
ومن جانب آخر، نجد أننا لو قمنا بمراجعة نظام الوراثة في الإسلام، فإننا نواجه معضلات كثيرة في قضايا توزيع التركات، وكانت هذه سبباً في اختلاف كبار المفسرين عليها، ونتج عن خلافاتهم تفرقهم إلى شيع ومذاهب شتى. فالابنة، التي لا اخوة لها مثلاً، تحجب عند الشيعة الميراث عن غيرها ويكون جميعه لها، بعد موت والدها، بينما في المذاهب السنية، فإن الابنة لا تحجب عن غيرها، وبالتالي يشاركها آخرون في التركة، كعمومتها. وهذا مثال من عشرات الأمثلة الأخرى. ولو قمنا بمراجعة ما كتب عن قضايا الميراث وطرق توزيع التركات، وما دون في عالم الإنترنت عن هذا الموضوع، لهالنا كل هذا التعقيد والاختلاف على أمور كان من المفترض أن تكون بديهية، ولا تكون سبباً لاختلاف المسلمين عليها، ولا أدري لماذا لا نكون كغيرنا، ولكن هل يعتقد غالبيتنا بأننا.. «كبقية» البشر؟

أحمد الصراف