يقول الزميل المثقف السعودي إبراهيم نَتّو إن الموسيقى ليست مجرد أنغام، بل هي وسيلة تواصل لارتقاء الذهن والروح عند الإنسان. وهي – أيضاً – وسيلة فاعلة اجتماعية وتربوية تساهم في عمليات التفاهم وتنمية الحس الشخصي، وإدخال البهجة إلى النفوس، وتجميل العالم من حولنا، أو كما غنّت فيروز «أعطني النايَ وغَنّ.، فالغ.نا س.رُّ الوجود»! أو كما صدحت أم كلثوم: «المَغْنَى حياة الروح، يسمعه العليل ي.شفيه»! كما تُساهم الموسيقى مساهمةً فعالةً في تبادل التآخي الثقافي الحضاري وتوثيق الصلات وتقوية عُرى الصداقة والمودة وتسهيل التعاون والتقارب بين مختلف المجتمعات على مستوى الكون. ولهذا نجد أن جميع الفرق المتصارعة في أي بلد تتشارك في الاستماع والاستمتاع بالأغاني نفسها، ولعل من الممكن لنا تكوين صورة أو فكرة عن أي بلد بوقوفنا على نوع موسيقاه ومستواها! وكلام الأستاذ إبراهيم جميل صحيح، وقد اثبتت التجارب أن النباتات تتجاوب إيجابيا مع الموسيقى، وتزيد البقر انتاجها من الحليب عندما نُسم.عها الموسيقى، وهنا نتكلم عن الكلاسيكية، وليس دق الصاجات والدفوف. ويعتبر كثير من خبراء الفنون في العالم أن الموسيقى الكلاسيكية هي أكثر رفعة بينها، وتأتي السمفونية التاسعة لبتهوفن في مستوى أرقى قطعة فنية أنتجها العقل البشري، والتي استمع إليها، على مدى السنوات القليلة الماضية. وعلى «اليوتيوب» – فقط – مئات الملايين، وهذا أمر لم يحدث لأي عمل فني آخر. ولم يطلق على الموسيقى الكلاسيكية صفة «العالمية» جزافاً، فهي الوحيدة التي تقبلتها أذواق كل الشعوب. فالتجاوب البشري نحو روائح ومذاقات وأصوات أو نغمات معينة تتفاوت من بيئة لأخرى، فما اعتاد مجتمع تناوله من طعام وسماعه من نغم وتنشقه من روائح يختلف من مكان لآخر! وبالتالي، وجدنا ان شعوبا قليلة جدا نجحت في تسويق أطعمتها وجعلها عالمية تنافس حتى الطبق المحلي لأي شعب آخر، كالطعام الإيطالي، الفرنسي، اللبناني، الهندي، الصيني، التايلندي، المكسيكي، والياباني، وإلى حدٍّ ما الإيراني. بينما فشلت شعوب ذات تاريخ طويل وحضارة بينة في أن تخلق طبقا عالميا مقبولا من الآخرين، كمصر والعراق وبريطانيا وغيرها كثير جدا. الأمر ذاته يسري على العطور، حيث نجحت فرنسا – من دون بقية العالم – في ان تبهرنا بما تنتجه مصانعها من «روائح»! ويقال إن سبب أسبقية الفرنسيين في مجال العطور على غيرهم، يعود إلى أنهم لم يكونوا في السابق يميلون كثيرا الى الاستحمام، وبالتالي غطوا روائح اجسادهم بالروائح الاصطناعية، أو العطور. ولا ننسى أن بعض الشعوب لا تزال تميل، أو تفضل ما ينتجه الشرق الأقصى من روائح، كالبخور وزيت العود، مقارنة بغيرها.
أحمد الصراف