احمد الصراف

مجموعة نقاط (2/1)

يجب أن نعترف أن من حكم مصر خلال السنة الماضية لم يكن محمد مرسي، فقدرات الرجل السياسية والاجتماعية المتواضعة لم تؤهله يوما لإدارة شركة صغيرة، فكيف ببلد بحجم مصر وتعقيدها، بل ان تنظيم الإخوان، بقيادة المرشد ومكتب الإرشاد، هو الذي أدارها، وبالتالي فحكم مرسي لم يسقط، بل الذي سقط هو حكم الإخوان بكل ما يحمله ذلك من تبعات.
ثانيا: كما سبق أن ذكرنا في أكثر من مناسبة، فقد كان ضروريا إفساح المجال لفكرة أو مقولة «الإسلام هو الحل» لكي تأخذ نصيبها من التطبيق، وضرورة إعطاء حزب «الإخوان المسلمين»، أو اي حركة دينية أخرى، فرصة ممارسة الحكم لكي يعرف العامة والبسطاء، ومن في حكمهم، هشاشة أفكار هذه الأحزاب وسذاجة «حلولها» لمشاكل العصر، وأن الموضوع يتعلق أصلا برغبة الاستيلاء على السلطة باسم الدين وليس إعلاء شأن الدين. ولو كان في الأديان حلول للمشاكل المستعصية أو المعقدة جدا التي تواجهها المجتمعات الإنسانية لما بقيت دولة غير دينية على الأرض، فالغرب، بما يتصف به من برغماتية، لا يمكن أن يتردد في اتباع أي دين يرى فيه صلاح مجتمعاته! وهو لم يختر العلمانية، بعد صراع ديني دامٍ وطويل، لو لم يجد فيها الحل لمشاكل مجتمعاته! ومن قلة العقل الاعتقاد بأن المجتمعات الغربية، الأفضل منا خلقا وأدبا وتقيدا بالاصول والمواعيد والتزاما بالعقود، والمتقدمة عنا بمراحل في كل نشاط صناعي وتعليمي وزراعي وطبي، أغبياء ولا يعرفون ما نعرفه عن الدين!
ثالثا: تسلم الفكر «الإسلامي» للحكم، وفشل الأفراد الذين يقفون خلف الفكرة في إدارة البلاد، طبقا لمعطيات وأفكار معينة، كلاهما يعني بصورة تلقائية فشل الفكر الديني الذي حاولوا الترويج له، وهذا ما كنا نحذر من خطورته دائما!
رابعا: عدم نجاح الإخوان المسلمين في تجربة الحكم لم يعن فقط أنهم كانوا طوال أكثر من 80 عاما منشغلين بتجميع الأموال والانتشار عالميا، وفتح المكاتب وزيادة أعضاء الحزب واستثمار مدخراته في مختلف المشاريع وحياكة المؤامرات، وبذل كل جهد وحيلة للوصول الى اللحكم في أي بلد، بل إن عدم نجاحهم يعود إلى أن غالبية الأفكار التي آمنوا بها لم تكن تصلح لحل مشاكل أي مجتمع عصري!
خامسا: مشكلة الإخوان الأساسية لم تكن تكمن فقط في نقص «خبرات الحكم لديهم، وهو ما سبق ان اشرنا اليه في مقال سابق م.ن أن مَن يحلم باقتناء قارب طوال 80 عاما كان حريا به الاستعداد لذلك اليوم، وليس الجلوس ببلاهة وعدم تعلم شيء عن السباحة والملاحة، بل وتكمن أيضا في عدم وجود المياه اللازمة لتعلم السباحة!
وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

العلمانيون وسقوط الأقنعة

رغم ان الاوضاع في مصر ما زالت قاتمة، والصورة فيها غير واضحة، فإن احداث الايام الثلاثة الماضية كانت كفيلة بتثبيت بعض الحقائق الدامغة، التي لا تحتاج الى مزيد من الاثبات ونوجزها بما يلي:
– الجيش يقوم بخلع الرئيس المنتخب انتخابا حرا وفقا للدستور في انقلاب عسكري نتج عنه منعه من ممارسته لسلطاته الدستورية.
– الجيش في بيانه الانقلابي يعين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد بدلا من الرئيس المنتخب، ثم يتبين ان المحكمة الدستورية ليس لها رئيس، فيتم تعيين نائب الرئيس الذي يقسم اولا كرئيس للمحكمة ثم يذهب ليقسم كرئيس للدولة!
الغريب ان الرئيس الجديد قال في قسمه انه يحترم الدستور (..!!) ثم يتبين ان الدستور الذي اقسم تواً على احترامه دستور معطل بنص القرار، الذي عينه رئيساً للدولة! لذلك لم يتردد السيد أحمد السعدون من التصريح بان قسم هذا الرئيس باطل!
– في بيان الانقلاب صرح وزير الدفاع، رئيس الانقلاب العسكري، انه لن يتم اقصاء احد من المشهد السياسي المقبل، وان الجميع مدعوون للمشاركة في الانتخابات المقبلة، بمن فيهم الاخوان المسلمون! ولكن ما الذي حدث بعد ذلك؟!
بعد تلاوة البيان الانقلابي بدقيقة واحدة تدخل قوات الجيش والشرطة مبنى عدد من القنوات الفضائية المحسوبة على التيار الاسلامي وتغلقها، وتقبض على عدد من العاملين فيها! ثم ماذا؟! ثم يتم الاعلان عن القبض على عدد من القيادات الاسلامية ومطاردة آخرين! ويقوم النائب العام العائد للسلطة باصدار عدد من القرارات قبل مغادرته لمكتبه، معتذراً عن المنصب، واهم هذه القرارات احالة الرئيس محمد مرسي الى النيابة بتهمة اهانة القضاء، واحالة المرشد العام ونائبه الى النيابة بتهمة قتل المتظاهرين في المقطم، (طبعا يقصد الثوار الذين ذهبوا الى اطراف القاهرة، حيث المقر الرئيسي لجماعة الاخوان المسلمين، حاملين معهم المولوتوف والخرطوش، والذين أحرقوا المقر ونهبوا ما فيه بعد ان قتلوا ستة من الاخوان المتواجدين هناك لحراسته، لذلك النائب العام لم يوجه التهمة لقيادات جبهة الخراب لتحريض المتظاهرين على التدمير والحرق والنهب والقتل، بل ازعجه وقض مضجعه ان احد هؤلاء قد قُتل)!
– اثناء حكم الرئيس مرسي لم تغلق أي صحيفة، وكان الرئيس يُشتم صباحا ومساء من سبع عشرة قناة فضائية من بعض القنوات الممولة من اموال بعض الخليجيين، ولم يحل احدا الى النيابة، وان تم ذلك، فانه يخرج مباشرة وبكفالة مالية من احد القضاة الذين تمتلئ بهم محاكم المحروسة!
– اثناء حكم الرئيس مرسي لم يُسجن أي من خصومه السياسيين بسبب موقفه السياسي، بينما مع اول ساعة من الانقلاب العسكري يصبح عشرات القياديين في الحزب الذي فاز بالانتخابات مطلوبين للعدالة!بتهم ملفقة ومعلبة.
– أغرب ما سمعت ان الرئيس مرسي يتهم بأنه فشل في حل مشاكل مصر في اول سنة، بينما يطالب البعض الآن باعطاء الحكومة الانتقالية فترة من سنتين الى ثلاث سنوات كي تتمكن من الاعداد لانتخابات برلمانية!
– يتحجج المؤيدون للانقلاب العسكري بان خروج الشعب المصري بهذه الاعداد كاف لاعطاء شرعية للاطاحة به كما فعل مع نظام حسني مبارك! والحقيقة ان هذا الكلام صحيح لو كان مرسي قد جاء للحكم كما جاء مبارك، ولكن عندما يتم انتخاب رئيس للدولة انتخابا حرا ونزيها من قبل اغلبية الشعب، الذي ذهب للادلاء بصوته، فان اقالته لا تتم الا بالطريقة نفسها! وهنا نتذكر ما قاله الرئيس مرسي في خطابه ان المعارضين ما دام ان لديهم اغلبية شعبية، فلينتظروا حتى تتم انتخابات البرلمان، والمتوقع لها اكتوبر المقبل، وان حصلوا على ثلثي الاصوات فبامكانهم وفقا للدستور ان يخلعوا الرئيس فورا!
– تم تعطيل الدستور الجديد! وهو الدستور الذي تم الاستفتاء عليه شعبياً وتمت اجازته باغلبية ساحقة ممن ادلى بصوته، ثم يأتي العسكر ليعطلوه بقرار انقلابي!
الخلاصة…..
المخجل ان التيار الليبرالي والعلماني في الكويت والخليج بارك الانقلاب! وأيده منذ اللحظة الاولى، وبارك تعطيل الدستور واغلاق الصحف وتقييد الحريات وملاحقة الخصوم السياسيين، ولقد اطلعت على كتابات كبارهم وتعليقاتهم، ولم استغرب فرحتهم وتهليلهم للانقلاب على مرسي، ولكن كنت أتمنى لو انني سمعت تحفظهم على تقييد الحريات الصحفية واقصاء الخصوم السياسيين، وهي المبادئ التي تقوم عليها فلسفة فكرهم وايديولوجيتهم، ان كان ما زالت لديهم بقية من الايديولوجية المعتبرة!
اقول للرفقاء هؤلاء، لا تستعجلوا قطف الثمرة، فقد فقدتم مصداقيتكم عند اتباعكم وعند الناس، وهذه النتيجة الاهم من نجاح انقلابكم او فشله!

سامي النصف

فضيحة مبنى الكويتية ـ غيت

من يشاهد مظاهرات ميدان التحرير في مصر يعلم انها تتم في منطقة أغلب مبانيها القائمة بنيت في عصر الخديوي توفيق منتصف القرن التاسع عشر الذي جعل من قاهرة المعز باريس أفريقيا، والحال كذلك مع من يزور عواصم ومدنا مثل لندن ونيويورك واسطنبول وروما وغيرها حيث يشاهد مبانيها التاريخية التي يسكنها كبار المسؤولين والموظفين دون ان يدعي أحد كذبا انها آيلة للسقوط رغم مرورها بحروب طاحنة وحرائق هائلة وقرون عدة على انشائها.

***

في الكويت بقي مبنى «الكويتية».. شامخا في قلب البلد كرمز من رموز الصمود وإظهار لوحشية النظام الصدامي ضمن تجربة فريدة في تاريخ الانسانية تظهر شركة طيران تجول طائراتها مشارق الأرض ومغاربها حاملة علم بلدها المحتل، ولم يتأثر مبنى «الكويتية» ومثله بقية فنادق العاصمة القائمة بعملية الحرق الصغيرة والغبية التي قام بها الصداميون كونهم أحرقوا تلك المباني من أعلى وليس من الأسفل، حيث الأساسات ولم يحدث لاحقا شيء لتلك المباني والفنادق حالها حال مباني القاهرة على سبيل المثال التي مر عليها الحريق الهائل في يناير 1952 وبقيت حتى يومنا هذا.

في يناير 2012 قامت وزارة المالية بتوظيف مكتب هندسي «خاص» وارساله لمبنى لاحق لها أصلا بفحصه كونه ملكا لـ «الكويتية»، حيث كتبت تقريرا لا أسماء ولا تواقيع عليه يفيد بأن مبنى «الكويتية» آيل للسقوط مما نتج عنه إخراج المؤجرين وبالتالي خسارة المال العام للملايين وقد أحضرت «الكويتية» لاحقا مهندسين من البلدية الجهة المختصة و«الرسمية» في الدولة المعنية بكتابة تقارير عن سلامة المباني حيث وقع مهندسوها الأفاضل وبالأسماء على تقرير يفيد بسلامة المبنى وعدم وجود أي شروخ أو دلالات على عدم أهليته ويخطئ التقرير الشركة الخاصة ومن أرسلته لتركيزهم على أخذ كريات خرسانية من عمود واحد مما يضعفه ويدل على النية المسبقة للإضرار بالأموال العامة التي يمثلها المبنى الوطني والتاريخي القائم.

***

ويستمر مسلسل فضيحة مبنى الكويتية ـ غيت الى حد يتم من خلاله الادعاء بأن مبنى الكويتية ملك لوزارة المالية التي تريد هدمه، ثم القيام -وهنا الفضيحة الكبرى- بإرسال كتاب رسمي الى مجلس الوزراء الموقر بتاريخ 9/1/2013 يتضمن تقارير الشركة الخاصة غير الموقّع بعدم أهلية المبنى الصادر في 8/1/2012 وإخفاء وعدم ذكر تقرير البلدية الرسمي الصادر في 14/5/2012 أي اللاحق والذي يثبت صلاحية المبنى والذي أكدته الأيام، حيث مر ما يقارب العامين على تقرير الشركة الخاصة ولم تظهر اي تشققات في المبنى،وقد أحيل الأمر لمعهد الأبحاث للتحكيم بين قرار شركة خاصة غير موقّع وبجهل شديد لأدنى أساسيات اجراءات فحص المباني، وتقرير الجهة الرسمية الذي عززته المدة اللاحقة، وهل بات مقبولا بعد ذلك الطعن في تقارير الجهات الرسمية لصالح جهات غير معروفة؟

***

آخر محطة: (1) ثقتنا كاملة بتقرير معهد الأبحاث وانه سيأتي معززا ومطابقا بتقرير البلدية القاضي بسلامة المبنى، حيث لا يمكن تصور ما سيحدث في حال التناقض بين التقريرين من فوضى عارمة نتيجة اظهار عدم أهلية تقارير سلامة المباني الصادرة من البلدية الموقرة.

(2) يخبرنا بعض الراسخين في العلم بأن محاولات نزع وسحب الملكيات من القطاعين العام والخاص لا يقصد منها الصالح العام وإلا تحولنا الى دولة شيوعية عاتية تمتلك الدولة فيها كل شيء، يقول هؤلاء ،والعهدة على الراوي، ان القصد هو نزعها من مالكيها ومطوريها وتسليمها لأصحاب الحظوات والخطوات الراسخة.

 

احمد الصراف

تساؤلات مهندسة يهودية

تقول نجاة النهاري في مقال نشر على أحد المواقع، وهي مهندسة يهودية من أصل يمني! ان كثيرين من أصدقائها دعوها لترك دينها وتصبح مسلمة! وأنها اقتنعت الى حد ما بالفكرة بعد أن ارسلوا لها قصة النبي مع جاره اليهودي، الذي كان يلحق بالنبي الأذى، وعندما مرض اليهودي زاره النبي فخجل هذا من تصرفاته ودخل الاسلام! وتقول إنها فهمت من القصة أن تصرفات محمد واخلاقه كانت هي مقياس اعجاب اليهودي بالاسلام، قبل أن يقرأ ما في القرآن! وانها تساءلت هنا: يا ترى بماذا سيغري المسلمون غيرهم لدخول الاسلام؟ وأي اسلام ستختار هي الدخول فيه وهناك مذاهب متعددة وكل مذهب يعتبر الآخر «كافرا» يحل قتله، وكيف تضمن أن المذهب الذي ستختاره سيضمن لها العيش بسلام ولا يحلل أحد قتلها لأنها من مذهب مخالف؟ وقالت إنها عرفت من صديق أن حديثا قدسيا مفاده أن المسلمين سيتفرقون الى سبعين فرقة كلها ستذهب للنار باستثناء فرقة واحدة ستدخل الجنة. وقالت إنها سألت صديقتها عن اسم تلك الفرقة فقالت إنها لا تعرفها ولا يوجد مسلم يعرفها لكن كل فرقة تدعي أنها هي المقصودة! وقالت: من من علماء المسلمين يعطيها ضمانا أكيداً بأنها ستنضم للفرقة الصحيحة التي لا يعذبها الله؟ فهذه مغامرة كبيرة وخطرة جدا! وتستطرد بأن المسلمين اليوم كثير منهم يتقاتلون فيما بينهم في كل مكان، ويذبح بعضهم بعضا بطرق بشعة جداً، فكيف يقتنع الآخر بدخول الاسلام اذا وجد المسلم يقتل اخاه بسبب الدين نفسه، بينما لا يمكن أن يحدث له ذلك ان بقي على دينه، فاليهود لا يقتل بعضهم بعضا بسبب الدين! وكيف يمكن تبرير قتل 80 ألف مسلم في سوريا خلال سنتين فقط بأيدي المسلمين، سواء من النظام أو المعارضة؟! هذا غير أكل بعضهم قلوب بعض، دع عنك قتلى الصراعات المذهبية في العراق وباكستان ولبنان وحتى مصر مؤخرا! ولنر كيف يمكن لليهودي أو المسيحي أن يقتنع ويطمئن قلبه لدخول الاسلام اذا كان هذا حال المسلمين؟ كما أن اغراءات الدخول للاسلام في بداياته من حرية وعدل وخلاص من الظلم والجهل والفقر اصبحت كلها الآن عملة نادرة في دار الاسلام، التي تكتظ بكل ما يخالف ذلك تماما! فالفقر والجهل والظلم وانتهاكات حقوق الانسان تعمها جميعا، وجميعها تفتقد التنمية والقوة الاقتصادية، وهو عكس حال الدول التي يديرها «الكفار»! وتستمر نجاة في تساؤلاتها الجادة أحيانا والساذجة أحيانا أكثر غير عالمة بأنهم سيجيبونها بأن الهدف هو الحياة الاخرى وليس الدنيا الزائلة، ولكننا نجد أن من يجيبها هو أكثر تكالبا منها على ملذات الدنيا ومتعها، ولا يود أن يموت لا في أنفاق القصير ولا حواري حلب!.

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

المصري مرسي وأربكان التركي

طغى المشهد المصري على كل ما سواه من أحداث عربية وعالمية، فمصر بلاشك دولة إقليمية كبرى ولها وزنها في السياسات العالمية. فبعد ازاحة الرئيس مرسي هدأت نوعا ما حرب الميادين في مصر، فـ«الإخوان المسلمين» وصلوا الى السلطة أخيرا بعد كفاح سياسي طويل ومكلف ولن يتنازلوا عنها بسهولة، فلا أحد يجادل في شرعية الرئيس مرسي الدستورية، ولكن في نهاية المطاف انقلب مزاج الشارع ضده، وكان لابد أن يرحل، فالأمة دائما وأبدا هي مصدر السلطات والشرعية.

لا أحد يتنازل عن الحكم طواعية لخصومه، ولكن عندما يكون الخيار بين الخروج طواعية وحقن دماء المصريين وتفويت الفرصة على من يراهن على الاقتتال الداخلي وتشويه سمعة الإخوان المسلمين، وبين التمسك بسلطة زائلة لا محالة ـ وحكم بلد ممزق بعد أن تشتعل فيه لا سمح الله ـ الحرب الأهلية والدينية.

يجب أن يستوعب إخوان مصر الدرس من إخوان تركيا، حيث لم يسمح الجيش التركي والقوى العلمانية المتطرفة من أن يحكم الإخوان في تسعينيات القرن الماضي ولم يقاوم إخوان تركيا تلك السياسة الإقصائية بالقوة والعنف بل بالحكمة، فتنحوا جانبا من الرئاسة في زمن نجم الدين أربكان، وقاموا بتدعيم شبكة حزبهم الإسلامي في البرلمان والبلديات وعن طريق نشر أفكارهم وطرحهم العقلاني حتى أصبح إخوان تركيا الآن أقوى بكثير من العلمانيين والجيش معا.

يبدو أن الخيارات المتاحة أمام الإخوان في مصر محدودة، فإما التمسك بالسلطة الآنية مع خراب البلاد والعباد أو التنازل عنها مؤقتا وترتيب الأوضاع وتسجيل موقف مشرف.

 

محمد الوشيحي

اللعبة المميتة في مصر…

البشرية كلها، من باراك أوباما إلى سعود الورع، عيونها على ميدان التحرير وميدان رابعة العدوية، تقارن الأعداد بالأعداد والصيحات بالصيحات والثبات بالثبات، وتترقب قرار القوات المسلحة.
وأنا من هذه البشرية، وعندي شهود ثقات على ذلك، وكنت أزعم أنني سأموت قبل أن أؤيد الإخوان المسلمين، أو قبل أن أؤيد كل من ألبس السياسة جلابية دينية، لكنني وجدت نفسي مع بقاء مرسي على كرسي الرئاسة، ليش؟ لأن معارضيه لو نجحوا في خلعه، فلن تنتهي اللعبة المميتة عند هذه اللحظة، ولن يطلق الحكم صافرته، بل ستستمر إلى اللانهاية، فينجح البرادعي، فيتظاهر الإخوان والسلف وكل المتدينين احتجاجاً، فيسقط البرادعي، فينجح السلفي حسان، فيحتج الليبراليون فيسقط حسان، فينجح صباحي، فيتظاهر المتدينون، فيسقط صباحي، ووو… ثم ماذا؟
سأجيبك عن السؤال "ثم ماذا؟": سينصرف ذهن قيادات الجيش إلى ما يحدث في ميادين مصر على حساب حدود مصر، وعلى حساب خطط تطوير الجيش، وستتأثر الروح المعنوية لعساكر الجيش إذا ما أريقت دماء الناس في الشوارع والميادين، وسيجد لصوص المال العام الفرصة سانحة لعمل كل ما يخطر وما لا يخطر على البال، وسيتضاءل الأمن الداخلي في الشوارع والبيوت وسيتلاشى كدخان سيجارة، وسينهار الاقتصاد المصري، المرتبط طبعاً بالأمن الداخلي والخارجي، وستنهار البورصة، وسيسحب المستثمرون الأجانب الكبار أموالهم، وستنهار الأنشطة التجارية المتوسطة، وتزداد البطالة، وتنهار مؤسسات الدولة، الواحدة تلو الأخرى، وتنشغل المستشفيات بمصابي المظاهرات على حساب المرضى الاعتياديين، وستتأثر الحركة الفنية سلباً، ووو… وسيسيطر البوم النعاق على الأجواء.
طيب ما الحل لو كنت مكان المعارضة وأنت ترى الإخوان المسلمين يعبثون بقواعد اللعبة الديمقراطية، ويكتبون على غلاف الدستور "أملاك خاصة"، بل و"يؤخونون مفاصل الدولة"، وغير ذلك من الألاعيب أو "الأعابيث"… ما الحل؟
الحل سهل جداً، دعوا الشرعية التي جاءت عبر الصناديق تحكم، لتبرهنوا على إيمانكم بالديمقراطية، ولا تخففوا قبضتكم الرقابية والإعلامية على تصرفات الإخوان المسلمين، كي لا يمددوا أرجلهم على الطاولة ويتصرفوا كالقياصرة، ورصوا صفوفكم لانتخابات مجلس الشعب، والانتخابات الرئاسية القادمة، واستغلوا فرصة ضعف التيار الديني وتدخل القوات المسلحة واضغطوا في اتجاه إقرار قوانين تحظر (تمنع قيام) الأحزاب الدينية، كي تؤسسوا نهجاً يفيد مصر المستقبل وأجيالها القادمة.

حسن العيسى

نصيحة في مكانها وغير مكانها

نصح الرئيس أوباما الرئيس محمد مرسي حتى تتجاوز مصر محنتها، وأخبره بأن الديمقراطية ليست صندوق انتخابات فقط، بل هي أكثر من ذلك، فهي تعني أن تستمع الحكومة لصوت الجميع (واشنطن بوست عدد ٢ يوليو)، نصيحة في مكانها الصحيح، وبمثل هذا تصف الأستاذة سمر شحاتة الغليان المصري اليوم بأنه مواجهة بين ديمقراطيين غير ليبراليين (الإخوان والقوى الإسلامية المتحالفة معهم) ضد ليبراليين غير ديمقراطيين، (نيويورك تايمز ٢ يوليو) وهذا صحيح نوعاً ما، وليس بالإطلاق، وهو يعيدنا لكتاب فريد زكريا الذي نشر قبل بضع سنوات بعنوان الديمقراطية (غير الليبرالية)، فلا نتصور أن توجد ديمقراطية حقيقية لا تقوم على أساس الليبرالية، أي مبدأ التسامح وفتح المجال للقوى السياسية غير الفائزة في الانتخابات للمشاركة في صنع القرار السياسي مع الحزب الفائز، وهذا ما لم يفعله الرئيس مرسي، فهو وإن كان يمثل "الشرعية" القانونية كرئيس منتخب من الأغلبية مهما كانت نسبة نجاحه ضئيلة، إلا أنه بإعلانه الدستوري وباختياراته للقيادات السياسية همش الآخرين من ليبراليين ويساريين، وترك "جماعته وعشيرته" تهيمن على مفاصل الدولة، وفي الوقت ذاته تحدى سلطة القضاء و"حصن" (وأعوذ بالله من شرور تحصين ما لا يصح تحصينه) قراراته من الرقابة القضائية.
أخطاء كبيرة ارتكبها الرئيس الشرعي محمد مرسي، والذي قوضت شرعيته القانونية بعد أن انتفضت عليها "الشرعية الجماهيرية"، فهل توجد حقيقة شرعية جماهيرية، أو "شرعية ثورية"! تلك التعابير تذكرنا بأيام الانقلابات العسكرية التي عصفت بالمنطقة العربية بعد الاستقلال، حين تذرعت تلك الجماعات العسكرية بالشرعية الثورية، وقوضت الملكيات الحاكمة التي كانت رغم حجم فسادها الكبير وإهمالها لشرائح عريضة من البؤساء أفضل تمثيلاً للشرعيات الدستورية من الأنظمة العسكرية التي انتزعت السلطة من الملكيات التابعة للمستعمر الإنكليزي أو الفرنسي.
من هنا يظهر أكثر من كاتب غربي يشبه واقعنا العربي اليوم بأوروبا عام ١٨٤٨، وهي أوروبا الثورات التي شملت معظم القارة الأوروبية –باستثناء إنكلترا وبلجيكا- وامتدت حتى البرازيل، وكانت سنة ميلاد البيان الشيوعي لماركس وانغلز. فقامت ثورات ليبرالية برجوازية وأزاحت أنظمة الحكم الملكية، إلا أن قوى الثورة المضادة، في ما بعد، لم تمكنها وعادت الملكيات بعد فترات اختلف زمنها في كل بلد، الآن عودة الملكيات كانت بصورة غير السابقة، فقد عادت لتتطور في ما بعد بشكل الملكية الدستورية. نلاحظ أن ثورات ١٨٤٨ ولدت ومعها وقبلها دعاة فكر متميز ثقيل، مثل ماركس وانغلز وبرودن وتوكفيل وغيرهم، بينما في ثوراتنا لم تنجب الأرض ولم تخلق الظروف التاريخية مثل تلك الأسماء المبهرة التي غيرت مسار التاريخ في أوروبا وما بعد أوروبا، بل حبلت الأرض العربية برجال مثل بن لادن والظواهري ومن على شاكلتهما.
كما أن البعض الآخر من الكتاب يشبه حال مصر الآن ومعها تركيا (والبرازيل اليوم) بأوروبا ١٩٦٨ (ثورة الطلبة أو الثورة الجنسية)، وهذا تشبيه غير دقيق، ففرنسا ومعظم دول أوروبا في تلك السنة كانت تحيا رخاء اقتصادياً ما بعد الحرب الثانية، والصراع انفجر ليس لأسباب اقتصادية وعدالة اجتماعية فقط، كان صراع أجيال عند المؤرخ اليساري الراحل المؤرخ توني جودت، ولا تشابه في النهايات بين الرئيس مرسي اليوم وديغول الأمس، فهما وإن اشتركا في "فردانية" الإدارة السياسية نوعاً ما، إلا أن محرر فرنسا بعدما جاء الاستفتاء العام لغير صالحه تقدم باستقالته ورحل، ولا يظهر أن مرسي سيفعل مثله… وبكل حال ففرنسا ٦٨ أقرب لتركيا "أردوغان" اليوم منها إلى مصر، فالأخيرة تعاني أسوأ أوقاتها الاقتصادية بعد الثورة، فمعدلات البطالة تزايدت، وانخفضت السياحة إلى أدنى مستوياتها… وليس في جيب مرسي إلا وصفات قديمة من تراث مبارك لحل معضلة مصر الاقتصادية بعد الثورة، كان هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ألم يكن من المتصور أن يرد الرئيس المصري على نصيحة أوباما، ويسأله: ماذا فعلت أميركا للربيع العربي، هل مدت يد العون لدوله وانتشلتها من دوامة الفقر…! هل خطر ببال العم أوباما مثل مشروع مارشال الذي أنقذ الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب كي ينقذ اليوم روح الربيع الذاوية…! فقط وقف الرئيس الأميركي يتفرج ويقدم النصيحة عن الليبرالية الديمقراطية لرئيس دولة تختنق اقتصادياً… وتمهد أرضها والأرض العربية حولها لعودة أشباح بن لادن وطائراته والزرقاوي وسكاكينه…!

احمد الصراف

ملاحظات نزار وسعود

امتلأت وسائل الإعلام الإقليمية في الأشهر القليلة الماضية، بدعوات لمقاطعة الشيعة وتخوينهم وتخويف الجماهير منهم والدعوة لقتلهم، لأنهم، وليس المجاعة ولا الفقر ولا المرض ولا أميركا ولا حتى إسرائيل، يمثلون الخطر الأكبر المقبل!! وهذا المقال شبه رد على هذا الشحن الطائفي السخيف الذي لا يهدف لغير إشعال المنطقة بحروب طائفية مدمرة!
عاد صديق ورجل أعمال معروف من زيارة استغرقت أسبوعا لمدينتي النجف وكربلاء، حيث أنهى عدة صفقات تجارية. وقال انه تألم لوضع المدينتين، وهو المختلف مذهبيا عن سكانهما! فبالرغم من أنه وجد ترحيبا جميلا، ومناخا استثماريا جيدا، إلا أنه لم يرتح لا في نومه ولا تنقله ولا طعامه بسبب افتقار المدينتين لكل شيء يليق بمكانتيهما، الدينية والتاريخية! وقد ذكرتني ملاحظاته تلك بمقال كتبه الزميل العراقي نزار أحمد، تطرق فيه لما تعرضت له المناطق الشيعية، طوال عقود، من إهمال الحكومات المتعاقبة لها، بالرغم من أن الشيعة شاركوا في تلك الحكومات بشكل مميز وقوي. واشتكى الزميل من هيمنة السنة على الوظائف الحكومية، وتطرق لسبب ذلك تاليا. وقال ان المجتمع الشيعي، ومنذ ولاية الدولة العثمانية، يختلف عن المكونين السني والكردي، حيث تتحكم به مؤسستان: الدينية والعشائرية، فالأولى دفعت ولا تزال باتجاه إبقاء اتباعهم تحت سيطرتهم، لاستمرار استفادتهم منهم ومن ضعفهم. وقال انه عند نشأة الدولة العراقية عام 1921 قامت المؤسسة الدينية الشيعية بمقاطعة العملية السياسية وحرمت الانتماء الى مؤسسات الدولة العراقية او حتى التعامل معها، وهذا مهد الطريق لهيمنة المكون السني! كما حرمت المؤسسة الدينية الشيعية، او لم تشجع الانتساب الى الكليات العسكرية، وبالتالي رأينا أن غالبية من قاموا بالانقلابات العسكرية، على مدى نصف قرن تقريبا، كانوا من السنة، وليس في هذا طبعا ما يدعو للفخر!! كما كان للمرجعيات دور في إفقار المجتمع من خلال تأييدها للاقطاع الزراعي والنظام العشائري. كما أن المرجعية لم تكن بطبيعة الحال تؤيد الانتماء للأحزاب الليبرالية والتقدمية، والغريب ان في مرحلة ما كان المكون الأساسي للأحزاب الشيوعية من الشيعة!
ويستطرد زميلنا في القول انه، وبعد ثماني سنوات من وصول الحكومات الشيعية الى دفة الحكم، لا يزال السؤال واردا: ماذا قدمت للمكون الشيعي غير الفقر والتشرذم والتخلف والامراض والبطالة ونقص الخدمات والركود الاقتصادي والفقر الثقافي واغتصاب الأنشطة الترفيهية وتقسيم المجتمع الشيعي الى بؤر دينية متناحرة واعادة هيمنة النظام العشائري؟ ويورد الزميل سؤالا مهما آخر: لماذا لا يمثل الشيعة غير صاحب العمامة؟ ويجيب بأن السبب يكمن في تحكم المؤسسة الدينية، وسياستها في ابقاء المجتمع الشيعي متخلفا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا، وبالتالي لم يتجرأ غيرهم على تمثيل الشيعة! ملاحظات صديقي رجل الأعمال، وكلمات الزميل نزار، دفعتني للتساؤل عن مصير مليارات الدولارات التي دفعت، على مدى نصف القرن الماضي على الأقل، من «الخمس» والمساعدات، لكبار الشخصيات السياسية والدينية؟ وهل حقا يمثل العراق أو حتى إيران المنهكة بمشاكل ومصائب لا تعد ولا تحصى، بفضل حكم متخلف، خطرا على أمن المنطقة وسلامتها؟

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

666 فلساً

لو قيل لي أن أعيش بمبلغ 666 فلساً يوميا؛ فسوف أقسّمها بالشكل التالي: 300 فلس، هي عبارة عن وجبات الإفطار والغداء والعشاء، بمعدل 100 فلس لكل وجبة، 200 فلس أجمعها يومياً ولمدة شهر كامل كي أتمكن من جمع 6 دنانير أضمن بها إمكانية شراء الحاجات الأساسية الشهرية كالمنظفات ولباس يقيني البرد للشتاء وغيرها من مستلزمات، فيتبقى لي 166 فلسا، 100 فلس أوفرها لنفسي لأي طارئ صحي أحتاج إليه كعمل أشعة أو شراء الدواء و66 فلساً أجمعها لأهلي، فتصبح مع نهاية الشهر ديناراً و980 فلساً، أذهب إلى أي شركة لتحويل الأموال فتطلب مني دينارين عمولة تحويل، وهذا يعني أنني سأجمع أموال الشهر الأول لضمان التحويل، وأقوم الشهر التالي بتحويل دينار و980 فلساً، بمعنى أن أهلي سيعيشون على دينار و980 فلساً لمدة شهرين بمعدل 33 فلساً يوميا، هذا بالطبع في حال أنني أسكن بالمجان. هذا المبلغ، الذي لا يستطيع أي مخلوق العيش به، هو المبلغ الذي يتقاضاه الآلاف من العمالة في الكويت، فهم يتقاضون 20 ديناراً فقط شهرياً… والله العالم كم يخصم منها، بسبب بعض الجشعين الذين لم يجدوا ما يغنيهم سوى سرقة قوت البشر ممن جعلتهم الفاقة والبحث عن لقمة العيش يقعون بين فكّي بعض مصّاصي الدماء، أملاً في أن يجدوا بدولة كالكويت مسلمة ومسالمة العيش الطيب الهانئ، لكن هيهات أن يتحقق لهم ما يريدون وبيننا من يعيشون على الظلم، وتفتح لهم أبواب الجشع كلها، كي يهنؤوا بما يسرقونه من الفقراء الضعفاء. المشكلة أننا نريد من هؤلاء المساكين غير المتعلمين أن يتصرفوا بحضارية في مجتمعنا، وأن يساهموا في ارتقائه ونحن نحرمهم أبسط حقوق العيش وأدنى متطلبات الحياة، فليتفكر كل منا ماذا سنفعل لو كان نظام حياتنا على طريقتهم، ومع ذلك نعامل بازدراء واحتقار من الكثيرين في الأماكن الحكومية كالمستشفيات أو المخافر أو غيرها من مؤسسات الدولة. «من أنت؟ وماذا تكون؟ ومن أين أتيت؟ هذا لا يعني شيئا في الكويت، أنت في الكويت وهذا يفي بالغرض، مستشفيات، ومستوصفات، وعيادات أطباء باطنية، وجراحون واختصاصيو نظر، ومدارس مزودة بمطابخ، وجامعات… كل ذلك تحت تصرفك التام وبلا شروط أو مقابل، وحين تتماثل للشفاء بعد أشهر من الإقامة في المستشفى تتلقى بدلا من الفاتورة أصدق التهاني». «الله وهبنا هذا الثراء الطائل… وأنت أيها الغريب لك أن تشاركنا ذلك، فأنت ضيفنا… بذلك يضرب الكويتيون مثلاً للعالم ولا يفرضون شروطا لقاء ذلك". الاقتباس السابق هو ما كتبه جون هنري ميلر في منتصف القرن الماضي عن الكويت، ولكننا للأسف أفضل وأسرع دولة في التخلف والرجوع ولا أعتقد أن يضاهينا بالعالم أحد. ضمن نطاق التغطية: ما سبق هو مقال كتبته ونشر قبل خمس سنوات تقريبا بتصرف محدود وللأسف، فإني أجد نفس المعاناة مستمرة، وما زال الإنسان في الكويت لا قيمة له، مبارك عليكم الشهر.

سامي النصف

أيها السادة.. مصر في خطر!

ما يحدث في العزيزة مصر يهدد بخطر شديد، وما بناه الاخوان المسلمون في اكثر من 80 عاما يهدمونه وبكفاءة شديدة في اقل من عام عبر اختياراتهم الخاطئة للاشخاص والسياسات، وفهمهم القاصر للعملية الديموقراطية، وقلة خبرتهم بالحكم ورفضهم مشاركة الآخرين لهم ورغبتهم القوية في احتكار العمل السياسي لهم وحدهم، والعند والمكابرة والتحجج بالشرعية الدستورية امام ثورة شعبية عارمة، وهو منطق لو صح لما سقط النظام الشرعي والدستوري للرئيس حسني مبارك.

***

والرئيس د. محمد مرسي هو اول رئيس في تاريخ مصر يؤدي قسم الرئاسة امام الجماهير بميدان التحرير، وهو ما يدل على انه اختار بمحض ارادته ان يستمد «شرعيته» من الميدان، والرئيس د.محمد مرسي هو من اختار بمحض ارادته كذلك ان يجيب ابان حملته الانتخابية عن سؤال للزميل خيري رمضان على قناة CBC حول ما سيقوم به فيما لو اختير رئيسا للجمهورية واحتشدت الجموع تطالب برحيله، فأجاب نصا «حينذاك انا اول من سينزل عند ارادة الشعب ويستقيل»، وقد لقيت اجابته التصفيق الحاد من انصاره من الاخوان.

***

واذا كان عدم قول الحقيقة قد اسقط الرئيس نيكسون اعظم رئيس لأعظم امة، فقد تكررت تناقضات ما كان لها ان تحدث في عصر «التويتر» و«الفيسبوك» والانترنت التي تلحظ وترقب حتى دبيب النملة، فمن الادعاء بالعمل لدى وكالة «ناسا» للفضاء الى الانكار التام لذلك، ومن القيام بقطع العلاقات مع سورية بقصد اظهار عدم الرضا عنها الى القول ان مواقف مصر تتطابق مع مواقف روسيا فيما يخص الوضع السوري (!)، ويمتد الامر للاتهام العلني للفريق احمد شفيق الذي كذبته شركة «بوينغ» للطائرات مما دعا البعض الى القول: يا ليت من ألقى الاتهام دون بينة ان ينجز لمصر 1% مما انجزه الفريق شفيق لقطاع الطيران في مصر.

***

وقد زاد الطين بلة زيادة العجز في الميزانية من 135 مليار جنيه الى 225 مليارا وانهيار السياحة وتدهور سعر العملة وانقطاع الكهرباء وزيادة البطالة واختفاء المحروقات وحرق مقار الاخوان في وضع اشبه بحرق مقار الحزب الوطني قبل عامين والتمسك بحكومة قنديل رغم تزايد اعداد الوزراء المستقيلين منها، وبوادر التصادم مع الجيش والقوى الامنية حتى بات المراقبون يرون ان الحل يكمن في تشكيل حكومة ائتلافية جديدة ترأسها شخصية غير اخوانية تمهد لانتخابات برلمانية ورئاسية جديدة على ان يصدر عفو عام وحصانة دائمة وملاذات آمنة للرئيسين الحالي والسابق ومن معهما.

***

آخر محطة: أصبحت السفارة الفلبينية في الكويت مكتب عمالة آخر، حيث يتم تشجيع العمالة الفلبينية على اللجوء للسفارة بدعاوى زائفة، وبدلا من الاتصال بمن يعملون عندهم او تسفيرهم يتم توظيفهم بالعمولة وبطرق غير قانونية لدى الآخرين.. ومنا للخارجية!