يجب أن نعترف أن من حكم مصر خلال السنة الماضية لم يكن محمد مرسي، فقدرات الرجل السياسية والاجتماعية المتواضعة لم تؤهله يوما لإدارة شركة صغيرة، فكيف ببلد بحجم مصر وتعقيدها، بل ان تنظيم الإخوان، بقيادة المرشد ومكتب الإرشاد، هو الذي أدارها، وبالتالي فحكم مرسي لم يسقط، بل الذي سقط هو حكم الإخوان بكل ما يحمله ذلك من تبعات.
ثانيا: كما سبق أن ذكرنا في أكثر من مناسبة، فقد كان ضروريا إفساح المجال لفكرة أو مقولة «الإسلام هو الحل» لكي تأخذ نصيبها من التطبيق، وضرورة إعطاء حزب «الإخوان المسلمين»، أو اي حركة دينية أخرى، فرصة ممارسة الحكم لكي يعرف العامة والبسطاء، ومن في حكمهم، هشاشة أفكار هذه الأحزاب وسذاجة «حلولها» لمشاكل العصر، وأن الموضوع يتعلق أصلا برغبة الاستيلاء على السلطة باسم الدين وليس إعلاء شأن الدين. ولو كان في الأديان حلول للمشاكل المستعصية أو المعقدة جدا التي تواجهها المجتمعات الإنسانية لما بقيت دولة غير دينية على الأرض، فالغرب، بما يتصف به من برغماتية، لا يمكن أن يتردد في اتباع أي دين يرى فيه صلاح مجتمعاته! وهو لم يختر العلمانية، بعد صراع ديني دامٍ وطويل، لو لم يجد فيها الحل لمشاكل مجتمعاته! ومن قلة العقل الاعتقاد بأن المجتمعات الغربية، الأفضل منا خلقا وأدبا وتقيدا بالاصول والمواعيد والتزاما بالعقود، والمتقدمة عنا بمراحل في كل نشاط صناعي وتعليمي وزراعي وطبي، أغبياء ولا يعرفون ما نعرفه عن الدين!
ثالثا: تسلم الفكر «الإسلامي» للحكم، وفشل الأفراد الذين يقفون خلف الفكرة في إدارة البلاد، طبقا لمعطيات وأفكار معينة، كلاهما يعني بصورة تلقائية فشل الفكر الديني الذي حاولوا الترويج له، وهذا ما كنا نحذر من خطورته دائما!
رابعا: عدم نجاح الإخوان المسلمين في تجربة الحكم لم يعن فقط أنهم كانوا طوال أكثر من 80 عاما منشغلين بتجميع الأموال والانتشار عالميا، وفتح المكاتب وزيادة أعضاء الحزب واستثمار مدخراته في مختلف المشاريع وحياكة المؤامرات، وبذل كل جهد وحيلة للوصول الى اللحكم في أي بلد، بل إن عدم نجاحهم يعود إلى أن غالبية الأفكار التي آمنوا بها لم تكن تصلح لحل مشاكل أي مجتمع عصري!
خامسا: مشكلة الإخوان الأساسية لم تكن تكمن فقط في نقص «خبرات الحكم لديهم، وهو ما سبق ان اشرنا اليه في مقال سابق م.ن أن مَن يحلم باقتناء قارب طوال 80 عاما كان حريا به الاستعداد لذلك اليوم، وليس الجلوس ببلاهة وعدم تعلم شيء عن السباحة والملاحة، بل وتكمن أيضا في عدم وجود المياه اللازمة لتعلم السباحة!
وإلى مقال الغد.
أحمد الصراف