أنظر إلى المتهمين اليوم في قضايا شراء ذمم الناخبين على أنهم "ضحايا" النظام وليسوا أفراداً فاسدين. هم "ضحايا" بمعنى أنهم شاهدوا طريق سوق الجمعة لشراء وبيع الذمم ممهداً وسالكاً، فلم يفعلوا غير أنهم سلكوه وساروا عليه، وتحدثوا مع أنفسهم مقتنعين أن حالهم كحال غيرهم (بفرض تأكُّد الاتهامات ضدهم بأحكام نهائية)، وأنهم لم يصنعوا غير ما صنعه غيرهم الذين سبقوهم والذين سيأتون من بعدهم، فهم لم يأتوا بجديد، ولم يضعوا عرفاً جديداً في تاريخ الدولة النفطي الريعي، فلماذا أضحت "جريمة" اليوم بحقهم، بينما كانت من الأمور المسكوت عنها و"باردة مبردة" حين ارتكبها الآخرون في مجالس سابقة وأمام عيون السلطة وبمباركتها، لا وبأكثر من المباركة، ولنقل بمشاركتها… ولماذا يتهمون اليوم؟ ولماذا ترفع الصحافة اعلام "فضائح" الرشا وصناديق شراء الذمم كأنها وجدت فانوس علاء الدين أو خاتم سليمان في قضيتهم الآن، بينما هناك قضايا فساد أكبر وأخطر، تمت "الصهينة" عنها وسكت عنها الكثيرون؟!
المتهمون اليوم هم، حالة عرضية، هم مجرد مظهر لطفح جلدي لمرض مستوطن في عظام الدولة تُغذى فيروساته من ممارسة مستقرة للسلطة الحاكمة، فهل وقفت زوبعة شراء الأصوات على زيد البائس وعبيد الساذج من الناس؟ أين الصحافة وأين عين الأمن الساهرة؟ وأين دولة القانون في شراء ليس الناخبين، بل شراء نواب برمتهم ومواقفهم السياسية في مجالس الأمة الشكلية بأغلى الأسعار، وبأثمان باهظة اقتُطعت من صناديق "خير" مجهولة وعبر ثقوب كبيرة في جلباب المال العام؟!
هل نسينا الإيداعات المليونية في حسابات عدد من النواب؟ وكيف انتهت بغير مفارقة وضع النائب السابق فيصل مسلم بقفص الاتهام حين قام بواجبه الوطني بالكشف عن جرائم سلطة المؤلفة قلوبهم؟ وبماذا انتهت قبلها "فضائح هاليبرتون" المليارية ومن اتهم فيها ومن لم يتهم وإلى أين انتهت ملفاتها؟ وماذا عن طوارئ الكهرباء 2007؟ وكيف تم نزع مناقصاتها عن شركات معروفة، ثم تفصيلها على مقاس وكلاء شركات جديدة أصحابها يتحلقون في الدائرة الضيقة للسلطة؟! وهل نتذكر، مثلاً، وأكرر مثلاً، مرة ثانية وثالثة ورابعة وللمرة الألف قضية اللوحات الإعلانية لمرشحي مجلس 2008 (على ما أذكر فقد تاهت ذاكرتي بعدد المجالس التي عاشت أعماراً صغيرة وحلت)، وكيف خصص لها أكثر من خمسة ملايين دينار، بينما تم الكشف عن حقيقة مناقصة اللوحات الإرشادية لمجلس الأمة والمجلس البلدي. فيما بعد، بما لا يزيد على ٩٥ ألف دينار؟… وهل نتذكر كيف وقف أحد النواب (إياهم) وصرخ بأعلى صوت في ذلك الوقت: "اذيتونا على خمسة ملايين… شنو يعني خمسة ملايين"!
ليتها كانت قضية واحدة بخمسة ملايين او بخمسين مليوناً… بل هي أكثر وأكثر دون سقف… ليست هي "لوحات إعلان" لمرشحي مجلس ما، بل هي لوحة كبيرة تختصر منهج الدولة بمثل "من صادها بالأول، عشى عياله"… وما أكثر الصيادين اليوم في زمننا الأغبر، بينما يقبع الخيرون أهل الضمير في أقفاص الاتهام ينتظرون محاكمات لا عد ولا حصر لها… هل عرفتم لماذا أشعر بالتعاطف مع المتهمين بجرائم الانتخابات وأقول إنهم ضحايا بيت العز الكويتي؟!
الشهر: يوليو 2013
حلاوة بالسمّ!
كتب بيتر أورزاك Peter Orszac مقالاً في «بلومبرغ» ذكر فيه، نقلا عن الرئيس الأميركي روزفلت قوله: إن أفضل جائزة يمكن أن تمنحنا إياها الحياة هي الفرصة في أن نجد عملا نقوم بأدائه بصلابة، ويستحق أمر القيام به! وقد أثبتت التجارب الحديثة أنه كان على حق في قوله، ربما أكثر مما أعتقد. فأفضل جوائز الحياة هي القيام بعمل ما، فهذا يطيل في الأعمار! فوفقا لمفهومنا العام أن التقاعد هو وقت أخذ الراحة من العمل المستمر لكي نعتني بأنفسنا أكثر بعد حياة عملية مستمرة، ولكن ماذا لو تبين لنا أن العمل هو ما سيفيد صحتنا، وليس التخلي عنه بالتقاعد؟ فقد بينت دراسة لــ Jennifer Montez من جامعة هارفرد، وزميلة لها من جامعة وايومنغ، عن سبب التسارع الأخير في اتساع الهوة في العمر المتوقع للمتعلمين عاليا، والأقل تعليما في الولايات المتحدة، حيث لوحظ مثلا أن المتعلمات من النساء، واللاتي لم ينقطعن عن أداء وظيفة أو مهنة ما، كان متوسط أعمارهن أطول بكثير من الأقل تعليما، واللاتي حصلن على وظائف لفترة اقل، أو فضلن التقاعد المبكر والبقاء في البيت! كما تبين من الدراسة أن السبب لم يكن له علاقة بقلة عافية أو تدهور صحة الأقل تعليما، بل كان العامل المرجح في الغالب هو استمرار المتعلمة أكثر في العمل لفترة أطول. كما بينت دراسة أخرى في معهد الشؤون الاقتصادية في بريطانيا المساوئ الصحية للتقاعد المبكر، ودور التقاعد في الإصابة بالكآبة، وأن التأثير السلبي كان يتزايد مع تمضية فترة أطول في التقاعد. كما بينت دراسة نشرت عام 2008 في National Bureau of Economic أن التقاعد يزيد من صعوبات الحركة والأنشطة اليومية بنسبة %5 – %16 كما أن للتوقف عن العمل وتقليل التواصل الاجتماعي تأثيرات سلبية في القدرات العقلية. وعلى الرغم من وجود دراسات معاكسة تقول بفوائد التقاعد، إلا أن هناك شبه إجماع على أن توقف المخ عن أداء الوظائف الصعبة المصاحبة عادة لعمل جاد له تأثير سلبي، وبالتالي فالاعتقاد السائد والخاطئ، أن فوزنا بـ«يانصيب» كبير مثلا سيتيح الفرصة لنا لقضاء ما تبقى من حياتنا على شاطئ بحر جميل في جزيرة أجمل، وأن هذا سيطيل من أعمارنا، بدلا من اللهث وراء عمل مضنٍ. وبالتالي فما يدعيه البعض من أن عمله سيقضي عليه قد يكون العكس أكثر صحة، بالتالي فإن ما سعى إليه بعض متخلفي مجالس الأمة، وباستماتة واضحة، في حث النساء العاملات إلى العودة لبيوتهن، من خلال إقرار نظام تقاعد مبكر، سيقضي عليهن في نهاية الأمر، ولن يطيل أعمارهن! كما أن هدف هؤلاء المشرعين واضح، فبقاء المرأة في بيتها «أستر» لها، ولو كان في ذلك تأثيرات سلبية عدة عليها! فيا نساء العالمين العربي والإسلامي، والكويت بالذات، يكفينا وإياكن تخلفا باختيار البقاء في البيت من دون عمل، بل عليكن واجب أداء اي وظيفة أو عمل تجاري، ولو كان بسيطاً، وإشغال أذهانكن بالتفكير في الحلول العملية أو التجارية للمصاعب التي تواجهكن يوميا، وعدم الالتفات الى دعوات التقاعد المبكر، فحلاوة مكافآت البقاء في البيت تحتوي على سمّ فتّاك، وبالتالي عليكن اختيار المرشح أو المرشحة التي أو الذي يسعى لرفع مستوياتكم، وليست التي أو الذي يسعى لإبقائكن في البيت.. من دون عمل!
أحمد الصراف
الطلبة بين نسبة 99% والمستقبل المجهول!
منذ عقود طويلة وأنا أتابع نتائج الثانوية العامة وخاصة القسم العلمي وأكاد أحفظ عبر تلك السنين أسماء أبرز الحائزين المراكز الاولى فيها من أصحاب نسبة 99.9% من كويتيين وعرب، وألاحظ أن تلك الاسماء تختفي فيما بعد في دهاليز الحياة ولا تتصدر الجموع في الانجاز، كما تصدرت قبل ذلك تلك الجموع في الدراسة، بل ان البعض منهم ينتهي بالفشل الذريع فلا يستطيع إنهاء حتى دراسته الجامعية وأرى أن لذلك أسبابا عدة.
***
من تلك الأسباب أن الانظمة الدراسية الكويتية والعربية لا تؤهل الطالب لاكتشاف حقيقة ميوله ورغباته، بل يختار الطالب مستقبله طبقا لمعادلة، هذه النسبة تعني الذهاب لذلك التخصص، والنسبة تلك تعني التخصص الآخر، ليكتشف هؤلاء المبرزون والعقول النادرة وبعد سنوات طوال من الدراسة المضنية أنهم لم يختاروا الاختصاص المناسب لميولهم، ولا يمكن بالطبع الإبداع والنجاح والتفوق في مجال يدرسه أو يعمل به الانسان مرغما.
***
إن حل ذلك الاشكال يكمن في جملة حلول منها قيام وزارة التعليم العالي بإعداد دورات تأهيل للطلبة قبل الابتعاث تتضمن دروس تقوية في اللغة الانجليزية (امتحانات توفل) وزيارات ميدانية لكليات الطب والهندسة والعيادات والمكاتب الهندسية وغيرها من التخصصات والاستماع لمحاضرات من دكاترة في التخصصات المختلفة وتجربتهم في الغربة، حيث ان سبب فشل بعض الطلبة النابغين عدم القدرة على التكيف مع المجتمعات الحضارية الجديدة أو الدخول بمشاكل مع الأمن بسبب إشكالات مرورية أو الاستمرار في حياة عدم الانضباط في مجتمعات منضبطة.
***
وبودنا أن يرسل جزء من النوابغ لدراسة الاقتصاد والقانون في أرقى جامعات العالم وألا يكتفى فقط بمجالات الطب والهندسة والصيدلة، ومثل ذلك ذهاب البعض منهم لدراسة علوم الجيش والشرطة في أرقى الأكاديميات العسكرية والأمنية، فالكويت بأمسّ الحاجة لتوجه أرقى وأفضل العقول لتلك المجالات ثم خلق نظام ترق سريع «Fast Track» لهم بعد تخرجهم فليس بالطب والهندسة وحدهما تحيا الأمم.
***
آخر محطة: (1) صديق من رجال الأعمال الكبار كانت لديه قبل يومين رحلة عمل مهمة لتركيا، عندما وصل الى المطار تم إخباره بصدور حكم غرامة عليه لا يعلم به، ما تسبب في سفر الطائرة من دونه، السؤال: لماذا لا يخبر الناس بالقضايا والأحكام عن طريق البريد الالكتروني والرسائل النصية؟
(2) هل يقصد من المخالفات المرورية جني الأموال أم تخفيف حوادث المرور وإنقاذ الحياة؟ إذا كانت الاجابة هي الثانية فيجب ربط نظام المخالفات برسائل نصية تخبر صاحب السيارة بالمخالفات المسجلة عليه أولا بأول كي يمكن معرفة موطن الخطأ وتصحيحه لا انتظار عدة سنوات ثم دفع مبالغ خيالية لمخالفات لا يعلم بصحتها أحد.
حازم المزوّر.. وسرّاق الكيبل!
كاد حازم أبوإسماعيل، وهو واحد من كبار سلف مصر، أن يصبح رئيساً للجمهورية، بعد ثورة 25 يناير، لولا أن كشفت جهات مناوئة له تزويره في إقرار جنسية والدته الأميركية! وعلى الرغم من ثبوت تهمة التزوير عليه، فإن حكومة «الإخونجي» مرسي اختارت التغاضي عن التهمة الخطيرة، إرضاء لحلفائهم السلف، في حينها. ولكن ما ان عاد الوعي للجزء المغيّب من الشعب المصري، وقرروا التخلّص ممن جاء ليصلح حالهم فخربها، وحزبه التعيس أكثر، حتى قرر المحامي العام في النظام الجديد حبس المرشح الرئاسي السابق أبوإسماعيل، رئيس حزب «الراية» السلفي، لفترات متفاوتة على ذمة اتهامات بالتزوير في إقرار رسمي، الذي سبق أن قدمه للجنة الانتخابات الرئاسية، والذي أثبت فيه، خلافاً للحقيقة، عدم حمل والدته لأي جنسية أجنبية أخرى. كما اتُّهم وآخرون بالتحريض على القتل والشروع فيه في محيط جامعة القاهرة وميدان النهضة، وتهديد الأمن والسلم العامين، والتحريض على «البلطجة» وتأليف عصابة لمقاومة السلطات وترويع السكان. كما قام ممثل النيابة بمواجهته بمستندات رسمية من الحكومة الأميركية تبين حمل والدته لجنسية أميركية!
وحازم أبوإسماعيل هذا هو نفسه الذي كتبنا عنه مرات وحذّرنا من ألاعيبه عندما حرم في «فتاواه»، يوم كان يلبس الجبة والعمة على التلفزيون، قبل أن يخلعهما ليرتدي البدلة وربطة العنق، لزوم الترشح لرئاسة مصر، حرم تناول «البيبسي»، بحجة أن الاسم يمثل الحروف الأولى من كلمات «ادفع كل بنس لدولة إسرائيل»! وقلنا إن شركة البيبسي ظهرت للوجود قبل إعلان إسرائيل بنصف قرن تقريبا، وأن ادعاءه هذا خير دليل على خواء فكره ومن يشبهه! كما أن أبوإسماعيل هذا، بأتباعه المستعدين للموت في سبيله، هو عنوان السلفي المزيّف، وهو بالطبع ليس حالة شاذة، فالمتاجرون بعواطف الجماهير الدينية كثر، وأكثر من هَمّ الكويت وأحوالها الصعبة على قلب المحبّ لها! فقد سبقه العشرات من الذين أطالوا لحاهم وحفظوا بضعة سطور، وكوّنوا ثروات من أموال السذّج، والمغرر بهم، ولكنه يمثل بحق قمة التزييف والخداع، فقد كاد يصبح رئيساً لأكبر دولة عربية، بالتزوير المتعمَّد! ولا ننسى هنا قرار الشؤون الأخير في الكويت (جريدة الجريدة 16يوليو)، الذي سحبت بموجبه إشهار مبرتي وليد الطبطبائي ونبيل العوضي، بسبب تكرار استخدامهما سندات قبض مخالفة لقوانين جمع التبرعات، ومخالفاتهما السنوية المتكررة، وتجاهلهما لكل التقارير والتوصيات الحكومية!
كما أن هناك الكثيرين ممن ربوا لحاهم وأرخوا أغطية رؤوسهم وسرقوا نتاج فكر غيرهم، ونسبوه لأنفسهم. كما شاركوا أمثالهم في جمع التبرعات باسم دعم «الثورة السورية» ولاجئيها، ولكنهم بدلا من ذلك دعموا أرصدتهم في المصارف الأوروبية!
* * *
• ملاحظة: مساحة الكويت 18 ألف كيلو متر فقط، أكثر من %90 غير مأهول! ومع هذا استطاع مجرمون سرقة كيبل منطقة مشرف، مما تسبب في انقطاع الكهرباء عن أجزاء كبيرة منها! فهل هناك مؤشر خراب وانحدار أخلاقي، وليس أمنياً فقط، أكثر وضوحاً وخطورة من هذا؟! وهل نستبعد يوماً إقدام الأشخاص أنفسهم على سرقة أثاث مجلس الوزراء؟!
أحمد الصراف
أمسكتم الذيول فقط
الأخلاق الكهربائية المطاطة
أثار تصريح لوزير الكهرباء اهتمامي، عندما ذكر أن للوزارة في ذمة الشركات والمواطنين 300 مليون دينار، وهذا يعادل 300 مليار، لو كان الأمر يتعلق بأميركا، وذلك عن فواتير استهلاك كهرباء غير مدفوعة. وقال ان اجهزة الوزارة (وهي خربة أصلا) تمكنت من تحصيل 128مليون دينار من فنادق ومحطات غسيل ومجمعات تجارية وغيرها، وأنها باشرت بملاحقة كبار قياديي الدولة، قبل مطالبة بقية المواطنين، لتحصيل الباقي. وقد تناقض تصريحه مع منظر اكتظاظ المساجد بالمصلين، الذي قد يكون في ظاهره دليل على مدى عمق الإيمان، ولكنه يدل من جانب الى أمور غير طيبة! فحتما هناك بين هؤلاء من هو مدين للدولة بثمن استهلاكه للكهرباء على مدى عشرين سنة أو اكثر، ولكن لا أحد يود أن يلتفت لديون الدولة عليه، وكأنها أموال سائبة! ومؤسف أن نلاحظ أنه على الرغم من الكم الرهيب للفتاوى التي صدرت، من عشرات المشايخ، كبيرهم وصغيرهم، فإن لا أحد منهم صدر منه تحريم لأكل المال العام، وربما كان العكس هو الصحيح. فقد رأينا في أكثر من مناسبة كيف غض كبارهم في الكويت بصرهم عن سرقات مال عام ضخمة، حدثت قبل وأثناء وبعد احتلال وتحرير الكويت، وكانت بعضها غير مسبوقة في ضخامتها، بحجة أنه ليس في الأمر حرمة واضحة، فلكل مسلم نصيبه من بيت المال، ومن أخذ او هبش من مال الدولة كأنه هبش من «بيت مال المسلمين»!
وقد انتشر على اليوتيوب رابط يبين قيام أحد مفتشي وزارة الكهرباء بالكشف عن سرقة تيار كهربائي لمطعم معروف، يقع في ميناء «….»، حيث قام اصحاب ترخيص المطعم بمد كيبل كهرباء له دون ترخيص! والغريب في هذا الخبر ليس السرقة بحد ذاتها، التي تتكرر كل يوم، بل في الجهة السارقة وطريقة السرقة، حيث تبين أن أصحاب المطعم قاموا، مع سبق الاصرار، بتركيب صندوق كهرباء وهمي لا يحتوي على شيء، لكي يبعدوا النظر، وعندما فتح الصندوق وجد خاليا! كما أن الترخيص وملكية المطعم يعودان للجهة المنوط بها تحصيل أموال الدولة، وهي «نقابة العاملين في وزارة الكهرباء»، الذين يتحملون مسؤولية إيصال تيار كهربائي مسروق من مال الدولة لمطعمهم! ومعنى ذلك أيضا أن بعض الموظفين قد ساهموا ليس فقط في سرقة أموال الدولة، بل في التقاعس عن تحصيل فواتير الكهرباء، وتراكمها، معتقدين أنه كلما كبر المبلغ على المواطنين والمقيمين وطال تقادمه، كلما زاد احتمال قيام «المعازيب» بإلغاء هذه المبالغ عن «كاهل» الشعب، المسرف والكسول! وهذا ما طالب به أكثر من نائب سابق! للمزيد، يمكن الرجوع للرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=JX8RpMHTmZM&feature=youtu.be
أو البحث في اليوتيوب عن: «فضيحة نقابة العاملين في الكهرباء»!
أحمد الصراف
أنا محبط..!
قد يتبادر الى ذهن القارئ انني محبط بسبب ما يحدث في مصر من انقلاب على الديموقراطية وعودة للنظام القمعي السابق، وهذا الظن قد يكون فيه شيء من الصحة، الا ان «الشق عود»! فانا مواطن عربي مسلم اعيش في دولة الكويت، لكنني محبط من اوضاع الامة العربية والاسلامية وأخص اوضاع الحريات العامة في دول الخليج العربي!
انا محبط لانني ارى بعيني كيف تتطور المجتمعات الاخرى بالتحول الديموقراطي والانفتاح على الرأي الآخر، بينما مجتمعاتنا العربية، وبالاخص الخليجية منها، تنحدر الى اسفل سافلين في هذا المجال، وتبدأ بمحاربة الرأي المعارض واستخدام النظام البوليسي القمعي في مواجهة الخصوم السياسيين، ولعل ما ذكره المرشح مرزوق الغانم في ندوته بالامس من تدبير اتهام له من امن الدولة حول ارتباطه بالتخطيط لاعمال تخريبية في الكويت اكبر دليل على ما نقول، اضف الى ما صدر بالامس من حكم قاس على فتاة كويتية وناشطة سياسية هي سارة الدريس بسبب تغريدات لها في تويتر..! والامثلة على الانتكاسة التي تعيشها دول المنطقة في مجال الحريات كثيرة ومتعددة الاشكال، فها هو احد المسؤولين في المكتب التنفيذي لمنتدى وحدة الخليج والجزيرة العربية يصل الى مطار احدى دول المنطقة -غير الامارات- ويحتجز بالمطار لمدة ست ساعات يحققون معه بتهمة ارتباط المنتدى بجماعة الاخوان المسلمين..! وكلنا يعلم ان واقع المنتدى ومكتبه التنفيذي يؤكد استحالة ارتباطه بالاخوان، لكن الاسلوب البوليسي المرتبط بالتخيلات اوجد هذه الصورة وبنى عليها تهمته. ومادمنا نتحدث عن المنتدى فها هو احد رموزه يلقى في السجن بالامس القريب بسبب آرائه السياسية! وليت الامر توقف عند حدود دولنا في الخليج، بل اننا بدأنا نصدر شرنا وبلاوينا الى الآخرين..! فها نحن نتسبب في دعم الانقلاب العسكري في مصر، وها هي بعض دولنا تدعم نظام بشار الاسد في سوريا، كما اننا سمعنا – والله اعلم – ان سد اثيوبيا، الذي اثار جدلاً واسعاً في مصر والسودان، انه بتمويل خليجي!
وانا محبط لان بلدي الكويت، الذي كنت أفاخر بديموقراطيته وحدود الحريات فيه عند اقراني الخليجيين،لم يعد كذلك، بل انني اصبح مسخرة ان تحدثت عن الكويت كبلد للحريات! بعد التمكن من ايجاد نظام انتخابي يأتي ببرلمان مروّض ترويضاً محترماً..!؟
كما اصبحت المحاكم ملأى بقضايا الرأي، ولاول مرة لدينا سجناء سياسيون!
وانا محبط لان المثقفين عندنا من اصحاب الفكر القومي والليبرالي هللوا وأزبدوا عندما أسقط رئيس منتخب بانقلاب عسكري، وكنت اتوقع منهم احترام مبادئهم ومنطلقاتهم الفكرية، لا تبرير هذه الانتكاسة وفقاً لاهوائهم ورغباتهم،،!
وانا محبط لان الكويت اصبحت بين فكّي كماشة دولتين طائفيتين – العراق وايران – وجماعتنا هنا ولا كأن الامر يعنيهم..! فها هي العلاقات الثنائية بين ايران ودول مجلس التعاون في اوجها، حتى قيل في الاخبار ان هذه الدول تدرس منح ايران عشرة مليارات دولار!! نعم لايران وليس لأي دولة اخرى، ايران التي اصبح معلوماً لدينا انها تسعى من خلال خلاياها التجسسية الى زعزعة الوضع لدينا..! والتي تحتل جزر الامارات والتي تهدد باحتلال البحرين بين فترة واخرى.
واخيراً وليس آخراً.. انا محبط من فجور وسائل الاعلام عندنا في نقل الخبر..! فهي تنشر الخبر وفقاً لهواها وليس وفقاً للامانة الصحفية! والامثلة في ذلك اوضح من ان تُذكر!
>>>
البعض مازال يتهم الحركة الدستورية الاسلامية بانها زجت بالصف الثاني من شبابها لخوض الانتخابات البرلمانية مع انها اتخذت قرارا معلنا بالمقاطعة..! والحقيقة استغرب تصديق مثل هذه الاشاعات، فهم يتحدثون عن مرشحين بعيدين اليوم عن الحركة، بل ان واحدا ممن يضربون بهم المثل، كان قد ترشح في انتخابات 2/2012 في الدائرة نفسها التي ترشح فيها الحربش ومطر ممثلا الحركة آنذاك في تلك الدائرة!
لكن لماذا لا يتحدثون عن المنبر الديموقراطي الذي اعلن مقاطعته للانتخابات بينما هناك اثنان من رموزه مشاركان هذا العام، حيث احدهما مرشح في الروضة والآخر في الضاحية؟! أم ان الحركة هي فقط صاحبة المبادئ وغيرها (زقمبية)؟!
أخطاء قاتلة!
في 2013/4/13 سقطت طائرة ليون اير الاندونيسية ب – 737 الرحلة 904 في بحر جزيرة بالي، وكتبنا في 2013/4/15 ان السبب الاول المرجح للحادث هو خطأ الكابتن «غزولي» أو مساعده، وقد أتى التقرير الاولي لذلك الحادث ليوضح أن الحادث سببه خطأ الاثنين، حيث قام المساعد الذي كان يقود الطائرة بتسليمها للكابتن على ارتفاع 45 مترا فوق سطح البحر بسبب عدم رؤيته للممر بسبب الامطار الغزيرة، وكان الاجراء الصحيح الذي تفرضه أنظمة السلامة أن يعاود الارتفاع «Go Around» وهو ما حاول الكابتن متأخرا القيام به، إلا أن الطائرة اصطدمت آنذاك بالبحر وتحطمت في غياب وجود أنظمة النزول الآلي في مطار دينبسار «ILS» الذي كان سيساعدهم في استخدام أفضل لأجهزة الطائرة المتطورة.
***
في 2013/7/6 تحطمت في حادث مماثل طائرة شركة «اشيانا» الكورية الجنوبية ب – 777 الرحلة 214 قبيل هبوطها في مطار سان فرانسيسكو قادمة من انشون في كوريا وعلى متنها 291 راكبا، ومرة أخرى تؤدي أخطاء بشرية فادحة لذلك الحادث، فقد كان على المقعد الشمال محلقا بالطائرة الكابتن لي كانغ كوك الجديد على الطائرة، والذي مازال تحت التدريب ولديه 43 ساعة فقط خبرة على نوع الطائرة المنكوبة، وعلى الكرسي اليمين جلس الكابتن المدرب لي جونغ من وهو مدرب جديد كذلك، وكانت تلك رحلته الاولى كمدرب، بينما جلس على المقعد الاحتياط بالكابينة مساعد الكابتن.
***
كان الجو جميلا والساعة تقارب 11.30 صباحا، إلا أن نظام النزول الآلي في المطار «ILS» لم يكن يعمل بشكل كامل، حيث ان الجزء الخاص بالحفاظ على الارتفاع الآمن «Glide Slope» كان معطلا، وقد عوض عن ذلك بتشغيل نظام إضاءة على جانب الممر يدعى «PAPI» يقوم بنفس الدور، فظهور أربعة أضواء حمراء تعني الانخفاض الشديد وأربعة أضواء بيضاء الارتفاع الشديد وظهور اثنين حمر واثنين بيض يعني الارتفاع الصحيح.
***
واضح أن الاجهاد وقلة الخبرة بالتدريب والطائرة والمطار ومعهما عطل محتمل أصاب الجهاز الاتوماتيكي للحفاظ على السرعة «AUTO THROTTLE»، وما قاله الكابتن كوك ولم يؤكده زملاؤه من أن ضوءا باهرا أعمى عينيه وجعله لا يرى الممر (كحال حادث الاندونيسية!) تسبب بانخفاضه الشديد عن الارتفاع المقرر مع انخفاض شديد في سرعة الطائرة من 137 عقدة كما يفترض الى 106 عقد «Too Slow وToo Low»، وقد تأخر الكابتنان في تصحيح الوضع والارتفاع مرة ثانية بالطائرة «Go Around» تماما كحال الاندونيسية، فاصطدمت الطائرة بالحواجز التي تفصل الممر عن البحر وانشطرت الطائرة وتوفي اثنان من الركاب وذهب 180 للعلاج و…
أنا والخميني
وصلتني على التويتر صورة قديمة للسيد روح الله الخميني (1902/1989)، وهو يتوضأ استعدادا للصلاة. وذكر تحت الصورة أنها التقطت على الحدود الكويتية أثناء انتظاره موافقة سلطاتها على الدخول قادما من العراق! وقد أعادتني الصورة لأكثر من 40 عاماً إلى الوراء، عندما قمت، من دون ان ادري أو أرغب، بدور هامشي في محاولة السيد الخميني دخول الكويت، وطلب الإقامة فيها.
بدأ صراع الخميني مع نظام بلاده الملكي الفاسد مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي عهد الشاه رضا. واستمر الصراع مع الابن محمد رضا، الذي وعد شعبه بإصلاحات دستورية ومحاربة الفساد، إلا أنه لم يفعل ما يكفي لإرضاء القوى الدينية. وقد بذل الشاه جهودا كبيرة لتحجيم الخميني، ولكنه فشل، واضطر عام 1963 لسجنه لعدة أشهر، بعد أن ألقى هذا خطاباً هاجم فيه النظام وأميركا وإسرائيل، ولكن أفرج عنه تحت ضغطٍ جماهيري، ليعود الخميني ويطلب من رجال الدين ترك التقية والكشف عن مواقفهم، وعدم مهادنة النظام، فاعتقل ثانية ونفي إلى تركيا، لينتقل عام 1965 للعيش في العراق. وبقي من دون نشاط لبضع سنين، إلى أن وصل البعث وصدام للحكم، فالتقت مصالح أو عداء الاثنين للشاه، فبدأ الخميني نشاطه مرة أخرى وبزخم ودعم كبيرين. ولكن التسويات السياسية بين البلدين تاليا دفعت صدام للضغط على الخميني لوقف نشاطه السياسي، ولكن الخميني رفض، فطلب منه مغادرة العراق، فاختار الذهاب إلى الكويت، وهنا بدأت علاقتي غير المباشرة بالخميني، فقد اتصل بي قبلها بيومين محمد ابن المرحوم رئيس غلوم أشكناني، وطلب مني استخدام الخط الدولي في بيتنا للاتصال بهاتف في العراق، والسؤال عن موعد وصول السيد، وكان الجواب الذي تلقيته بأن علينا الانتظار قليلا. اتصلت ثانية، وفق طلب محمد، فأخبرونا بأن السيد غادر وفي طريقه للكويت، واستمر الاتصال بعدها كل ساعة تقريبا، وعندما تأخر وصوله اتصلت للمرة العاشرة، فكان الجواب مقلقا بأن اخباره قد انقطعت عن أهله في النجف. وبعد عشر مكالمات دولية أخرى، تبين أن السلطات في الكويت رفضت استقبال السيد الذي عاد ادراجه! وهنا فقط سألت من هو السيد؟ فقيل لي بأنه الخميني، المعارض الكبير لنظام الشاه، وأن الكويت رفضت استقباله لعدم التورط في صراع الكبار، وفرضت عليه شروطا لم يقبلها فرفض وعاد إلى العراق ليبقى فيها بضع سنين قبل أن يغادرها في اكتوبر 1978 إلى باريس، ليبدأ منها ثورة «الكاسيت» التي أطاحت في نهاية الأمر بنظام الشاه الفاسد في فبراير 1979!
لقد فكرت، بعد نجاح الثورة الإيرانية، في إرسال فاتورة بالمكالمات الدولية التي أجريتها للعراق إلى سفارة إيران في الكويت، لكي تعوضني عما دفعت! الطريف، أو المحزن، في الأمر أن السيد الخميني صرح وهو في باريس لغالبية تلفزيونات صحف أوروبا، وهو يرى نظام الشاه يتهاوى، أنه سيعود ليؤسس جمهورية إسلامية ديموقراطية، وأنه لن يتدخل في إدارتها، بل سيكتفي بالتوجيه! وأن الجميع، حتى الشيوعيين، سيكون لهم الحق في التعبير عن آرائهم! وأن الصحافة ستكون «حرة»! وسيكون لكل فرد حق التعبير عن آرائه وعقائده، وأنه لن يفرض آراءه على الشعب. ورجال الدين لن يحكموا، فوظيفتهم شيء آخر! وأنه يؤمن بان الضغط والقمع لن يكونا سببا للتنمية والتطور!
والآن، ألا تذكرنا تلك الوعود بوعود الإخوان، ومحمد مرسي، ومحمد بديع، قبل تسلمهم الحكم؟ لا أدري لماذا يصر بعضهم على تكرار الأجزاء السخيفة من التاريخ، وببلادة، المرة تلو الأخرى!
للاطلاع على الصورة يمكن الضغط على الرابط التالي:
https://twitter.com/najla_alhomaizi/status/343168465030492162/photo/1
أحمد الصراف
مشايخ «الطين» حين يبكون!
أشد علامات القبح التي تبدو على وجوه أولئك الذين لا علاقة لهم بالدين الإسلامي، هي تلك التي يحاولون فيها تغيير ملامحهم وهم يتظاهرون بالبكاء حرصاً وقهراً وكمداً وغيرةً على الدين الإسلامي!
عشرات اللحى والعيون الحمراء والوجنات المنتفخة والقبضات تتوالى على رؤوس المشاهدين المساكين، وخصوصاً أولئك الذين يصدقون، طبقاً لعقولهم الصغيرة، كل ما يصدر من ألسنة وعقول وبطون وصدور وآذان وجباه من اعتقدوا فيهم أنها أولياء الله الصالحين… حتى أن بعض المجتمعات الخليجية، شهدت في الآونة الأخيرة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، حملات ضد مجموعة من كبار (مشايخ الطين) الذين يحلف برؤوسهم الملايين بعد أن اكتشفوا سوءات فتاواهم التحريضية والتخريفية والتجارية التي يضحكون بها على أبناء المجتمع الإسلامي.
وعلى أي حال، فإن المد الإعلامي التقني الهائل، جعل الناس في تواصل دائم مع كل حركة تمرد ضد الأفكار الرجعية، أو تلك التي يحاول أصحابها المتاجرة وجمع الثروات من خلال إثارة الفتن الطائفية، ولم تعد مهمتهم محصورةً في الخطب والمحاضرات الفتنوية الطائفية، بل أصبحوا يتحدثون عن دعوات الجهاد والخروج على «ولاة أمر» ليسوا هم ولاة أمرهم لأنهم من أمصار أخرى. والعجب العجاب، حين تجد أساتذة جامعيين ومثقفين وشباباً في مستويات متقدمة من التعليم يصدّقون أولئك الجهلة! وحين تصدمهم بالحقائق، فإن أول ردة فعل لهم هي اتهامك بالزندقة! وهم بالطبع يقولون ذلك حين يعجزون عن مقارعة الحجة بالحجة لا سيما في شأن ما يتم كشفه من حسابات بنكية وعلاقات وتجارة وشيكات من تحت الطاولات يتم دفعها لمشايخ الطين من أجل أن يتحدثوا حديثاً قبيحاً سيئاً بالملايين. لا هم لهم سوى إشعال الفتن والطائفية من جهة، وكيل المديح للمستبدين والمستكبرين والظلمة من جهة أخرى كونهم ولاة أمر، حتى نظرية ولي الأمر لديهم، تختلف حسب من يدفع أكثر.
البعض من الزملاء الإعلاميين، كان قبل أشهر عدة، حين ناقشنا مع مجموعة من الإعلاميين الخليجيين والعرب موضوع أسلوب ومنهج وخطاب بعض القنوات الفضائية الدينية، كان بعضهم يرى في ازدياد تلك القنوات فائدة للأمة، بينما لم أرى في غالبها إلا منطلقاً لشن حملات العداء المشحونة بالكراهية. وليس من الضرورة بمكان إجراء استطلاع ميداني لتثبيت الفكرة، فيكفي أن تقرأ لمدة ساعة زمن الشريط الذي يتحرك في أسفل الشاشة لتعلم أن هناك مشاركة فاعلة من قبل مجموعات من المتشددين، من الطائفتين، ولابد من التأكيد على أنهم من الطائفتين، كل يدعي حاكميته على الأمة.
ذلك الخطاب هو الأسوأ على الإطلاق، ولعل الكثير من الناس لا يعلمون أن مثل هذه النزاعات تصبح أجمل وأروع عندما يزداد عدد المشاركين فيها عبر خدمة الرسائل الإلكترونية التي تدر مالاً وفيراً يملأ بطون القائمين على القناة، ممن يدّعون «صدق الدعوة لله والدفاع عن الدين الإسلامي».
كثيرة هي الصور القاسية التي تسود المجتمعات الإسلامية اليوم، في مقدمتها الظلم والتخلف والأمراض السياسية والثقافية والاجتماعية، ونزعات التعصب الطائفي والعرقي المقيتة، وتطغى عليها مشاكل وصراعات متعددة في مختلف ميادينه ومجالاته بما في ذلك ميدان الثقافة والفنون، وتبرز صورها المؤسفة في التضييق على حرية الفكر والنشر ومحاصرة الثقافة ومصادرة الرأي الآخر، وشن الحملات العدائية المشحونة بالكراهية والحقد الطائفي.
لا يمكن أبداً التغاضي عن تهاون الحكومات، وفي أغلب حالات تلك التهاون، يظهر الاتهام واضحاً بلا تبطين في أن بعض الدول تغذّي هذا النوع من الحملات لإشغال الناس، ولذلك، ليس عجيباً أن يتفرغ ذوو النزعات العدائية، سواءً كانوا مشايخ وعلماء أم برلمانيين أم وعاظ سلاطين، ومعهم أولياء نعمهم من المستبدين أرباب الرأي الواحد والنفوذ والمال، ليضيفوا إلى الأمراض الاجتماعية ما يسهم في مضاعفة الداء والمرض في جسد الأمة.
وأخطر ما في الأمر هو استهداف الثقافات الحرة النيرة ومجالات العلوم والفنون الرائدة لضربها بأفكارهم ونزعاتهم ومشاريعهم المشبوهة، منتزعين من تلك الجوانب وأنشطة الإبداع الفني طابعها وعطاءها الإنساني، والأهداف التي يمكن أن تخدم أمم وشعوب المعمورة على اختلاف دياناتها وطوائفها وانتساباتها العرقية.
أعجبتني حملة جميلة أطلقها بعض الشباب الذين قطعوا شوطاً طويلاً في التحاور مع «مشايخ الطين»، فلم يجدوا منهم إلا إسفافاً وسقوطاً في معالجة الكثير من القضايا. ووجدوا منهم فناً وإبداعاً وجهداً عظيماً في المتاجرة بالدين ونشر العداء الطائفي والتحريض العقائدي، فتلك الحملة وقعت تحت مسمى (الشرق_الأوسط_للأمراض_العقلية_) وبالفعل، نجد أن تلك العبارة القصيرة، هي التلخيص الدقيق لما يعاني منه وعاظ السلاطين ومشايخ الطين المتاجرين في القنوات ومن لف لفهم… مستودع أمراض عقلية ونفسية.