يتكون العالم الإسلامي من عدد كبير من الدول، ولأسباب عاطفية ومادية، تأتي الدول العربية على رأسها، وهو وضع مستجد واستمراره مرهون باستمرار ثروتها النفطية، خاصة مع التقدم المطرد الذي تحققه دول إسلامية أخرى كتركيا واندونيسيا، و.. إيران! ولو تأملنا في أوضاع هذه الدول من النواحي الاقتصادية والصحية والتعليمية وحتى الأمنية لوجدنا أنها، مع استثناءين لا أكثر، تشكو من اختلالات هيكلية مزمنة (chronic) يصعب علاجها، مع احتمال تفاقمها، ولنا في أوضاع مصر وسوريا ونيجيريا أسوة غير حسنة. ولا يبدو أن أحدا في هذه الدول يملك فكرة أو حلا سحريا لمشاكل هذه الأمم في ظل استمرار سيطرة الأنظمة الدكتاتورية على مقدرات الكثير منها، مع دورانها في حلقة جهنمية من الفقر والجهل والمرض. وقد اثبت فشل الإخوان المسلمين في حكم مصر، بعد سنة كاملة، إن بسبب غياب الرؤية لدى قياداتها أو لكثرة أعدائها، أن شعار «الإسلام هو الحل» ليس بالعملي، وغير قابل للتطبيق، دع عنك استحالة نجاحه في عالم اليوم. فمشاكل الجوع لا تحل بالأحاديث وقضايا التنمية لا تتقدم بالوعظ، والفقر لا يختفي بطلب من مرشد أو حتى آية من آيات الله، فالدولة الدينية عادة ما يتحكم في مقدراتها رجال دين، وهؤلاء يفترض أنهم يعرفون في قضايا الزواج والطلاق والنفقة أكثر من التجارة والاقتصاد والسياسة وقضايا التنمية. وفي هذا يقول الكاتب المصري محمد خالد إن مسيرة الإخوان، خلال 80 عاما بينت أنهم عادة ما ينتجون من المشكلات أكثر بكثير مما يستطيعون حله منها! وهذه نتيجة متوقعة، فمن لا يملك غير فكر خاوٍ، كفكر الإخوان، يصعب عليه إيجاد الحلول للمشاكل! فمصر مرسي كانت تدار من مكتب الإرشاد، ووزراء مرسي كانوا جميعا من متواضعي القدرات! وفي وصف بليغ لوصول الإخوان الى الحكم وخسارتهم، يقول الكاتب نفسه إن الحركات السياسية عادة ما تمر بثلاث مراحل: المهد، المجد ثم اللحد! أي أنها تنمو وتكبر ثم تصل لقمة المجد، وبعدها بفترة تتحلل وتنتهي. إلا أن تجربة الإخوان كانت من الاستثناءات، حيث مروا، بعد انتظار طويل، بمرحلة المهد، ثم وصلوا الى الحكم، ولكن لأسباب منطقية، أو لحتمية التاريخ، بلغوا اللحد، من دون أن يعرفوا المجد! فلو نظرنا لفترة حكمهم، التي لا يمكن أن توصف بالقصيرة جدا، لما وجدنا إنجازا أو تصرفا أو تشريعا يمكنهم الافتخار به! وبالتالي أضاعوا 365 يوماً ثمينا من عمر مصر، من دون إنجاز شيء غير الخراب، فالإخوان، بنظر الكثيرين، حركة سياسية متخلفة، أو رجعية، لا يمكن أن تتحلى بالفكر المتقد المتقدم، بل تؤمن بنمطية معينة مضادة بطبيعتها للثورية، ويضمن موقع المرشد استمرارها من دون تغيير، وهذه الاستمرارية كفيلة بقتل كل إبداع، وفي أي مجال حيوي كان! وعليه يمكن اعتبار خروج الإخوان من الحكم في مصر علامة على فشل الدولة الدينية، مرة وإلى الأبد، وإن حدث ووصل الإخوان ثانية الى الحكم في أي دولة فلن يكون ذلك بغير طريق القتل والإجرام، والدم والنار!
أحمد الصراف