كان من الممكن لمقاطعة الانتخابات الماضية أن تنجح لو استمر الحراك السياسي المواكب لها وازداد زخما، ولكن للأسف تفرغت المعارضة السياسية الكويتية لتسوية خصوماتها الداخلية حتى وصلت للعلن، فضعف الحراك إن لم يمت، وضاعت على المواطنين المقاطعين فرصة إيجاد معارضة بديلة ولو كانت متواضعة داخل البرلمان السابق، مقاطعة الانتخابات البرلمانية لم ولن تكون هدفا سياسيا بحد ذاتها، بل هي لا تتعدى أن تكون مظهرا من مظاهر المعارضة السياسية، ولن تؤتي المقاطعة أُكلها إذا لم تساندها ممارسة كل أعمال الاعتراض السياسي السلمي.
لقد خلا الشارع السياسي في الكويت من التظاهرات الاحتجاجية السلمية والتي كان يدعو لها رموز المعارضة، وكان حريا بهم أن يبقوا في الشارع حتى تنفيذ مطالبهم المشروعة، ولكن اختفاء رموز المعارضة في دواوينهم والاكتفاء بإطلاق التهديد والوعيد وممارسة المفاوضات من تحت الطاولة، جعل شباب الحراك السياسي في الكويت يفقد الثقة بالمعارضة.
لا بديل سياسيا ومنطقيا تطرحه المعارضة لمؤيديها لحل الإشكال السياسي، بل ربما وصل اليأس بهم الى انهم كانوا يعولون على عودة مجلس 2009 المنحل الذي وصفوه بأبشع الصفات ليضع لهم قانونا انتخابيا جديدا ولو بصوتين لكل ناخب لكي يزول الحرج عنهم ويعودوا للترشح لعضوية مجلس الأمة.
لا تملك المعارضة السياسية رؤية واضحة ومتكاملة للإصلاح الشامل لتقدمه لشباب الكويتي، حتى يمكنهم أن يبدأوا حراكا سياسيا واضح الأهداف والوسائل.
لا يمكن أن تمنع الناس من حق الانتخاب، وفرصة إيجاد نواب يدافعون عن قيمهم وأفكارهم ويسعون لتحقيق جزء من أهدافهم بل ان المتظاهرين في المستقبل بحاجة إلى نواب يحمون ظهرهم في البرلمان، وكلنا يتذكر الضغوط التي مارسها بعض النواب والنائبات في المجلس المبطل الثاني على وزير الداخلية ليتعامل بعنف مع المتظاهرين، ولولا حكمة الوزير الحمود لحدث ما لا تحمد عقباه، وأنا لست راضيا عن أوضاعنا السياسية، والإصلاح عمل شاق ومتواصل وجماعي، يجب ألا تنفرد به قيادات المعارضة بل يجب أن تشاركنا جميعا ذلك العبء.
في الختام، شاركوا أو لا تشاركوا في الانتخابات غدا، فلقد أصبحت المشاركة نوعا من أنواع الأعمال الاجتماعية وليست من أعمال السياسة.