منذ عقود طويلة وأنا أتابع نتائج الثانوية العامة وخاصة القسم العلمي وأكاد أحفظ عبر تلك السنين أسماء أبرز الحائزين المراكز الاولى فيها من أصحاب نسبة 99.9% من كويتيين وعرب، وألاحظ أن تلك الاسماء تختفي فيما بعد في دهاليز الحياة ولا تتصدر الجموع في الانجاز، كما تصدرت قبل ذلك تلك الجموع في الدراسة، بل ان البعض منهم ينتهي بالفشل الذريع فلا يستطيع إنهاء حتى دراسته الجامعية وأرى أن لذلك أسبابا عدة.
***
من تلك الأسباب أن الانظمة الدراسية الكويتية والعربية لا تؤهل الطالب لاكتشاف حقيقة ميوله ورغباته، بل يختار الطالب مستقبله طبقا لمعادلة، هذه النسبة تعني الذهاب لذلك التخصص، والنسبة تلك تعني التخصص الآخر، ليكتشف هؤلاء المبرزون والعقول النادرة وبعد سنوات طوال من الدراسة المضنية أنهم لم يختاروا الاختصاص المناسب لميولهم، ولا يمكن بالطبع الإبداع والنجاح والتفوق في مجال يدرسه أو يعمل به الانسان مرغما.
***
إن حل ذلك الاشكال يكمن في جملة حلول منها قيام وزارة التعليم العالي بإعداد دورات تأهيل للطلبة قبل الابتعاث تتضمن دروس تقوية في اللغة الانجليزية (امتحانات توفل) وزيارات ميدانية لكليات الطب والهندسة والعيادات والمكاتب الهندسية وغيرها من التخصصات والاستماع لمحاضرات من دكاترة في التخصصات المختلفة وتجربتهم في الغربة، حيث ان سبب فشل بعض الطلبة النابغين عدم القدرة على التكيف مع المجتمعات الحضارية الجديدة أو الدخول بمشاكل مع الأمن بسبب إشكالات مرورية أو الاستمرار في حياة عدم الانضباط في مجتمعات منضبطة.
***
وبودنا أن يرسل جزء من النوابغ لدراسة الاقتصاد والقانون في أرقى جامعات العالم وألا يكتفى فقط بمجالات الطب والهندسة والصيدلة، ومثل ذلك ذهاب البعض منهم لدراسة علوم الجيش والشرطة في أرقى الأكاديميات العسكرية والأمنية، فالكويت بأمسّ الحاجة لتوجه أرقى وأفضل العقول لتلك المجالات ثم خلق نظام ترق سريع «Fast Track» لهم بعد تخرجهم فليس بالطب والهندسة وحدهما تحيا الأمم.
***
آخر محطة: (1) صديق من رجال الأعمال الكبار كانت لديه قبل يومين رحلة عمل مهمة لتركيا، عندما وصل الى المطار تم إخباره بصدور حكم غرامة عليه لا يعلم به، ما تسبب في سفر الطائرة من دونه، السؤال: لماذا لا يخبر الناس بالقضايا والأحكام عن طريق البريد الالكتروني والرسائل النصية؟
(2) هل يقصد من المخالفات المرورية جني الأموال أم تخفيف حوادث المرور وإنقاذ الحياة؟ إذا كانت الاجابة هي الثانية فيجب ربط نظام المخالفات برسائل نصية تخبر صاحب السيارة بالمخالفات المسجلة عليه أولا بأول كي يمكن معرفة موطن الخطأ وتصحيحه لا انتظار عدة سنوات ثم دفع مبالغ خيالية لمخالفات لا يعلم بصحتها أحد.