أعتقد بأن كل من يناصر حزب الإخوان المسلمين، سواء من خلال فرعهم في الكويت، أو تنظيمهم العالمي، هم إما جهلة أو سذج أو منتفعون كبار منه! فلو حاول أي فرد استعراض تاريخ الجماعة، خلال الثمانين سنة الماضية، لما وجد غير المؤامرات والدماء والفساد المالي والفضائح. فهم لم ينجحوا قط في التعايش طويلاً مع أي جهة منذ أن سمح الإنكليز لهم بتأسيس حزبهم، ثم بالتوسع فيه لاحقاً، ثم اصطدموا بهم. بعدها تقربوا للقصر، وبلغ الحماس بهم للمناداة بفاروق خليفة للمسلمين، ثم انقلبوا عليه وقتلوا اثنين من رؤساء وزرائه، وأحد كبار قضاته، قبل تحالفهم ودخولهم، مرحلياً، مع محمد نجيب وعبدالناصر، ودخولهم مرحلة الانقلابات. ثم جاء حكم السادات، الذي أخرج قادتهم من السجن، فتعاونوا معه فترة وانقلبوا عليه، وكان مصيره الاغتيال. ثم بدأ عهد مبارك، حيث حصلوا في آخر «انتخابات» مزورة في عهده على حصة كبيرة من المقاعد، ولكنهم، كدأبهم للميل الشديد لبسط سيطرتهم وإعلاء كلمتهم وتمكين أنفسهم في كل مجال، قرروا في اللحظة الأخيرة التخلي عن تحالفهم معه واللحاق بركب الثورة الشبابية وخطفها. وبالرغم من أن «الإخوان»، قالوا إنه لا أحد منهم سيترشح لمنصب الرئيس، فإن شهوة الحكم تغلّبت عليهم، فبعد سيطرتهم على مقاليد حكم مصر، خدعوا غيرهم لبضعة أيام بفكرة مشاركة الآخرين، ولكن طبعهم لم يسمح لهم، حيث عادوا إلى فكرة «المغالبة» والانفراد بالحكم لأنفسهم، وهذا ما أثار بقية فئات الشعب عليهم، علماً بأن تاريخهم السياسي كان يتسم دوماً بالفشل بسبب سعيهم للهيمنة، وهذا أمر متوقع، «فمبادئهم» السياسية لا تسمح لهم أصلاً بقبول الممكن أو الحلول الوسط، لعلمهم أن في ذلك نهايتهم.
لقد أعطي الإخوان المسلمون فرصة تولي حكم واحدة من أكبر الدول العربية والإسلامية، وكان بإمكانهم البقاء في الحكم لسنوات طويلة، لو كانوا يؤمنون حقاً بأن للآخرين، ليبراليين ومسيحيين ومعتدلين ومستقلين وحتى شيعة وشيوعيين، حقوقاً في المواطنة والإخاء، ولكنهم فشلوا 360 مرة خلال 360 يوماً من الحكم الغبي. وبالتالي، يجب ألّا تتاح لهم فرصة الحكم مرة أخرى، فإن حصلوا عليها فسيكون وضع مصر أسوأ بكثير من وضع إيران، وأكثر دموية ودكتاتورية منها، وسيحكمون بالبندقية والسجن والنفي، فهم يعلمون جيداً أن ما منوا به من هزيمة لم يكن اندحاراً سياسياً، بل هزيمة فكرية وعقائدية واضحة، وهم لن ينسوا ذلك لكل من وقف ضدهم. ويكفي النظر إلى وجوه وخلفيات كبار «الإخوان» وصغارهم ووسطهم، ومن وقف معهم، ومقارنتها بخلفيات ومواقف وأدوار وتاريخ من وقف ضدهم لتعرف من الذي يقف مع الحق، ومن الذي يقف مع الباطل!
أحمد الصراف