البشرية كلها، من باراك أوباما إلى سعود الورع، عيونها على ميدان التحرير وميدان رابعة العدوية، تقارن الأعداد بالأعداد والصيحات بالصيحات والثبات بالثبات، وتترقب قرار القوات المسلحة.
وأنا من هذه البشرية، وعندي شهود ثقات على ذلك، وكنت أزعم أنني سأموت قبل أن أؤيد الإخوان المسلمين، أو قبل أن أؤيد كل من ألبس السياسة جلابية دينية، لكنني وجدت نفسي مع بقاء مرسي على كرسي الرئاسة، ليش؟ لأن معارضيه لو نجحوا في خلعه، فلن تنتهي اللعبة المميتة عند هذه اللحظة، ولن يطلق الحكم صافرته، بل ستستمر إلى اللانهاية، فينجح البرادعي، فيتظاهر الإخوان والسلف وكل المتدينين احتجاجاً، فيسقط البرادعي، فينجح السلفي حسان، فيحتج الليبراليون فيسقط حسان، فينجح صباحي، فيتظاهر المتدينون، فيسقط صباحي، ووو… ثم ماذا؟
سأجيبك عن السؤال "ثم ماذا؟": سينصرف ذهن قيادات الجيش إلى ما يحدث في ميادين مصر على حساب حدود مصر، وعلى حساب خطط تطوير الجيش، وستتأثر الروح المعنوية لعساكر الجيش إذا ما أريقت دماء الناس في الشوارع والميادين، وسيجد لصوص المال العام الفرصة سانحة لعمل كل ما يخطر وما لا يخطر على البال، وسيتضاءل الأمن الداخلي في الشوارع والبيوت وسيتلاشى كدخان سيجارة، وسينهار الاقتصاد المصري، المرتبط طبعاً بالأمن الداخلي والخارجي، وستنهار البورصة، وسيسحب المستثمرون الأجانب الكبار أموالهم، وستنهار الأنشطة التجارية المتوسطة، وتزداد البطالة، وتنهار مؤسسات الدولة، الواحدة تلو الأخرى، وتنشغل المستشفيات بمصابي المظاهرات على حساب المرضى الاعتياديين، وستتأثر الحركة الفنية سلباً، ووو… وسيسيطر البوم النعاق على الأجواء.
طيب ما الحل لو كنت مكان المعارضة وأنت ترى الإخوان المسلمين يعبثون بقواعد اللعبة الديمقراطية، ويكتبون على غلاف الدستور "أملاك خاصة"، بل و"يؤخونون مفاصل الدولة"، وغير ذلك من الألاعيب أو "الأعابيث"… ما الحل؟
الحل سهل جداً، دعوا الشرعية التي جاءت عبر الصناديق تحكم، لتبرهنوا على إيمانكم بالديمقراطية، ولا تخففوا قبضتكم الرقابية والإعلامية على تصرفات الإخوان المسلمين، كي لا يمددوا أرجلهم على الطاولة ويتصرفوا كالقياصرة، ورصوا صفوفكم لانتخابات مجلس الشعب، والانتخابات الرئاسية القادمة، واستغلوا فرصة ضعف التيار الديني وتدخل القوات المسلحة واضغطوا في اتجاه إقرار قوانين تحظر (تمنع قيام) الأحزاب الدينية، كي تؤسسوا نهجاً يفيد مصر المستقبل وأجيالها القادمة.